Al Masalla-News- Official Tourism Travel Portal News At Middle East

جانبى طويل

تعز.. الحرب والسلام بقلم. ماجد التميمي

ألقت الحرب بظلالها الثقيل على الحياة في المدينة فدُمرت منشآتها السياحية تباعا، بعد أن تحولت المدينة إلى ساحة حرب مفتوحة

 

 

 

مضى عام ونيف وسعير الحرب يشتد على مدينة تعز ،تلك الحرب التي أشعل فتيلها عدوان بربري قادته جارتنا الكبري السعودية  ،ولم تكن هذه المدينة الموسومة بمدينة الثقافة والعلم والروح المدنية بمنائ عن ذلك العدوان ، إذ ما لبثت أن وجدت نفسها تخوض غمار تجربة هي الأقسى والأعنف في تاريخها .

 

 

أسلمت هذه المدينة – التي تحيا بروح شفافة وبضمير نقي-  نفسها للفوضى بعد أن صارت ساحة لصراع مفتوح تفنن العدوان في تغذيته طوال هذا الشهور ،وكان سببا مباشرا في إحداث هذه الفجوة الاجتماعية وهذا الفراغ الأخلاقي والإنساني المخيف .

 

تقرير : ماجد التميمي

 

وفي الوقت الذي كان فيه الجميع ينظر إلى تعز كمدينةٍ صهرت كل المتناقضات واستوعبت النظام والقانون وقدمت للوطن أجيالا يتقنون صنع الأوطان بمختلف المهارات فإنها اليوم تغرق في مستنقع الفوضى والدمار ، ولم يكن ذلك خيارا اختارته بقدر ما هو فعل إنساني عابث غابت عنه كل تصاريف الشجاعة والأخلاق والروح الوطنية ، تحولت على إثر ذلك إلى بيئة احتضنت العنف والموت العبثي وصارت إحدى الحواضن للجماعات المتشددة الموسومة بالإرهاب والتخلف .

 

 

الحرب وتداعياتها كانت السبب في نزوح وتشريد الآلاف من سكانها بعد أن دمُرت منازلهم وانقطعت بهم سبل الحياة ،وكانت السبب في تعطيل كل المصالح العامة والخاصة ما أدى إلى غياب كلي لشكل الدولة ،ووسط كل هذا شقت صحيفة السياحة طريقها لاستقصاء ودراسة ما آلت إليه منشأتها السياحية وما فعلت بها هذه الحرب ضمن مخططها في رصد الأضرار التي تسبب بها العدوان على هذا القطاع الاقتصادي المهم .

 

 

مناخ سياحي

 

لمدنية تعز وجود سياحي ،فهي واحدة من أهم المدن اليمنية بل وعاصمة لبعض الدويلات في الماضي ، كان للدولة الرسوليه حضورا كبيرا  فيها إذ اتخذت من مدينة تعز عاصمة لها لاكثر من قرن ونصف، هذا التواجد القديم كان سببا في احتضانها لكل هذا الإرث من التاريخ ، قلعتها الكبيرة ،مساجدها القديمة ،كل ذلك يعد جزء من نسيج تاريخي قديم امتازت به هذه المدينة .

 

 

تشكل قلعة القاهرة الوجه السياحي الأبرز للمدينة، إذ استحضرت إلى الذهنية تلك الحقبة القديمة من التاريخ التي عاشتها المدينة ،ولم يكن وجودها الكبير آنذاك قد أعطى للناس هذه الميزة التي نراها اليوم بقدر ما كانت تشكل رمزا للسطوة وواجهة لترسيخ دعائم تلك الدويلات ،شيئا فشيئا أخذت هذه القلعة تقترب من الحاضر وتطوي في جنباتها صفحات عديدة من التاريخ ،وهاهي اليوم تطل على المدينة كتاريخ وحضارة وموقع سياحي معاً ،ولان الحرب لا تحسن التقدير ولا تكترث لماض أو حاضر أو إنسان – إلا بالقدر اليسير من الأخلاق الذي يتمتع به أسيادها فان غابت كان كل شي مشاعا – فان هذا الأمر هو الذي تسبب في دمار هذه القلعة من قبل عدوان يفتقر لأبسط مقومات تلك الأخلاق .

 

 

على أن قلعة القاهرة التي استهدفها العدوان بعدة غارات في مايو من العام المنصرم ،والتي يعود فترة بنائها إلى الفترة مابين (1138- 1045م) لم تكن وحدها المستهدفة لكنها شكلت بداية الانخراط اللا أخلاقي والسعي الممنهج لتدمير ارثنا التاريخي والسياحي التي تزخر به المحافظة واليمن عموما .

 

جوامع وقباب أثرية مدمره

 

 

جاء الصحابي الجليل معاذ بن جبل إلى اليمن حاملا معه رسالة الرسول الكريم ، ومنذ تلك اللحظة بداء ما يسمى بالتأسيس الفعلي للحضارة الإسلامية في بلاد اليمن ،وكان قد سبق ذلك بناء الجامع الكبير بصنعاء ، وفي محافظة تعز حط الصحابي الجليل رحالة وشرع في بناء جامع في منطقة الجند لايزال حتى يومنا هذا قائما ويسمى باسمه .

 

 

  يعد جامع معاذ بن جبل الذي بني في السنه السادسة للهجره في منطقة الجند بتعز مزارا سياحيا ومكانا مهما لقراءة جانبا من الحضارة الإسلامية في أزهى تجلياتها الدينية ،وأصبح هذا المكان مركز أشعاع ديني أضاء كل جنبات المدينة ،راحت بعده الجوامع تنتشر طبقا لانتشار الإسلام وتمكنه كدولة ومنهج ومعتقد ،لكن القليل من هذه الجوامع هي التي خلدتها ذاكرة المدينة وصارت مع تتابع القرون جزء من ارث لتلك الحضارة وأصبحت متنفسات للسياحة الدينية من خلال التطلع إلى عظمة معمارها ونسيجها القديم .

 

 

وكما اشرنا سابقا فقد كان للعدوان اليد الأولى في التسبب بهذا التدمير الذي طال مثل هذه المقدسات في تعز وغيرها من المحافظات ،فالمحسوبين على تنظيم القاعدة المتشدد عمدوا إلى تدمير بعض هذه الجوامع – كما أشارت بذلك التقارير الواردة – وكان من أبرزها قبة الإمام عبدالهادي السودي وقبة الشيخ المعيني بالإضافة إلى إحداث بعض الأضرار بجامع الاشرفيه الاثري ،ولم تكن دواعي استهداف مثل الأماكن سياسية بقد ما مثلت تحلل أخلاقيا وتزمتا دينيا مقيتا .

 

 

انتشار القاعدة في المدينة التي كانت تعد المنطق الحضري والمدني للدولة مبعثه العدوان السعودي الذي لم يكتفي بالغارات بل عمد إلى تفخيخ المدينة عبر خلاياه الإرهابية المتجردة من كل نوازع الضمير .

 

 

دمار المنشآت السياحية

 

لم يكن بمقدور أي احد التنقل وسط أحياء المدينة ،ذلك ما احسست به انا على الأقل حين أردت المغامرة لرصد بعض الأضرار التي طالت المنشآت السياحية كالفنادق وغيرها ،وسبق لي التواصل بمدير مكتب السياحة بالمحافظة الذي ترك المدينة هو الأخر مع عائلته واستقر في محافظة أب المجاورة بعد أن تحولت المدينة بأكملها إلى ساحة حرب مفتوحة ،صلاح أكد لي إن الخوض في هذا الأمر الآن نوعا من المستحيل في مثل هذه الظروف ،معللا قوله أن القيام بمهمة مثل هذه تستلزم جهدا ومغامرة طائشة ولن تؤتي ثمارها .

 

وأضاف “سيكون من الصعب الآن تقدير حجم الخسائر في المنشآت الفندقية والأماكن السياحية الأخرى ،ولن تكون هناك أرقام صحيحة ،لكن ذلك سيكون يسيرا إذا ما انجلت هذه الحرب وعادت الحياة للمدينة .

 

 

الصحفي عبدالملك الجرموزي استبعد مسألة النجاح واعتبرها مغامرة خطيرة جدا وقال ” لو نجحنا في عمل حصر ورصد للأضرار في الحي الذي نسكنه فإننا بالتأكيد لن نتمكن من دخول الأحياء الأخرى ومن اجل ضمان هذا الرصد يتطلب منا التواصل مع أشخاص يقطنون كل هذه الأحياء وهذا في تقديري يتطلب وقتا وجهدا مكثفا ناهيك عن أن إيجاد كل هولاء الأشخاص يبدو امرا صعبا بعض الشي “

 

 

أحد المقاتلين علق على هذا الموضوع حين سألته ” كل المنشآت تضررت ، ولا تبحث عن التفاصيل في الوقت الحالي ” واعتقد انه كان صادقا في توصيفه ،فلو أن هناك بعض الفنادق قد سلمت من القصف والدمار إلا أنها قد أغلقت وهجرت ما يعني أن هناك أضرارا غير مباشره قد حدثت من خلال توقف أعمالها وتشرد العاملين فيها ،ولكن هذا الموضوع لم يكن غايتنا في الوقت الحالي لأننا ببساطة نعلم أن الأضرار غير المباشرة هي اكبر مما نتصور .

 

 

المعلومات القادمة من المدينة تؤكد تضرر فندق السعيد – الذي يعد واحدا من أهم الفنادق في اليمن – أضرارا كبيره نتيجة قصف الطيران للاماكن المجاورة له ،بالإضافة إلى منتزه الشيخ زائد الواقع في جبل صبر ،وهاذان الممعلمان هما ابرز المنشآت التي يمكن القول أن تدميرها هو ضربة موجعة في خاصرة السياحة بهذه المحافظة .

 

 

ما يجعلنا على ثقة بأن نسبة كبيره من المنشآت الفندقية والاستراحات قد أصابتها الأضرار هو بسبب توسع دائرة الحرب وانتشارها الفوضوي واستخدام اغلب هذه الاماكن كمواقع للتمترس من قبل مقاتلي الطرفان مما جعلها بالتأكيد عرضة للقصف والتدمير.

 

 

في إستراتيجية الحروب يرى الماريشال الفرنسي ديجول أن الحرب في المدن والاستيلاء عليها تصنع ضجيجا إعلاميا مدويا لكنها – أي المدن – تبتلع الجنود بعد أن تكون الحرب قد دمرت كل شي فيها حتى الإنسان .

 

تعز.jpg">تعز.jpg" alt="" width="425" height="336" srcset="https://arabtourismnews.com/wp-content/uploads/2017/02/جامع-الاشرفيه-في-تعز.jpg 425w, https://arabtourismnews.com/wp-content/uploads/2017/02/جامع-الاشرفيه-في-تعز-300x237.jpg 300w" sizes="(max-width: 425px) 100vw, 425px" /> تعز-اليمن.png">تعز-اليمن.png" alt="" width="448" height="253" srcset="https://arabtourismnews.com/wp-content/uploads/2017/02/مدينة-تعز-اليمن.png 448w, https://arabtourismnews.com/wp-content/uploads/2017/02/مدينة-تعز-اليمن-300x169.png 300w" sizes="(max-width: 448px) 100vw, 448px" /> تعز.jpg">تعز.jpg" alt="" width="336" height="448" srcset="https://arabtourismnews.com/wp-content/uploads/2017/02/قلعة-القاهره-تعز.jpg 336w, https://arabtourismnews.com/wp-content/uploads/2017/02/قلعة-القاهره-تعز-225x300.jpg 225w" sizes="(max-width: 336px) 100vw, 336px" />

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله