بقلم : جلال دويدار رئيس جمعية الكتاب السياحيين
قرار وقف تراخيص شركات السياحة هو أول قرار إيجابي لوزير السياحة لمواجهة بيع مصر سياحيا بتراب الفلوس.. لا فاعلية للأهمية لهذا القرار إذا لم يلحق به قرار آخر بوقف عمليات التوسع الفندقي حتي تتعافي السياحة ويزداد الطلب والإقبال السياحي.
مع انحسار الحركة السياحية وتراجع ايراداتها نتيجة الأحداث التي تعرضت لها مصر منذ ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١ كان من الطبيعي أن يصاحب هذا الوضع المأساوي لجوء شركات السياحة والفنادق إلي تخفيض أسعارها لجذب ما يمكن من الزبائن ضمانا لاستمرار التشغيل.
نتيجة لاستمرار وتعاظم الانخفاض في أعداد السياح ووفقا لقاعدة العرض والطلب للغرف المتاحة في فنادقنا خاصة في المقاصد الشاطئية فقد وصلت هذه الاسعار إلي درجة يرثي لها من التدني.
بلوغ هذا المستوي المفزع في أسعار الاقامة بالنسبة للفنادق التي لم تغلق أبوابها جاء نتيجة المنافسة بين أصحابها علي الخفض بصورة مزرية دون أي إدراك لمخالفة ذلك للفكر الاقتصادي والحسابي السليم.
هذا الفكر يقول إن تكلفة الاقامة العادية لسائح واحد بالسعر العادي يمكن أن تساوي تكلفة إقامة ثلاثة سياح بالاسعار المتدنية علاوة علي أن زيادة الاعداد في هذه الحالة تضيف المزيد من الاستهلاك لمنشآت الفندق وهو ما يعني في النهاية المزيد من الخسائر.
بالطبع فإن الذين ينتهجون سياسة البيع بأي سعر مهما كان متدنيا إنما يشير إلي أن أصحابها من الدخلاء علي صناعة السياحة والفندقة الذين دخلوا هذا المجال وهم يفتقدون الخبرة اللازمة تحت تأثير نزعة »اخطف واجري» التي تسيطر عليهم.
كانت محصلة هذا السلوك إلحاق المزيد من الخسائر لهذه الفنادق إلي جانب تحويل السياحة في هذه الحالة إلي عبء علي الدولة بدلا من أن تكون دعما لاقتصادها.
> > >
حتي يمكن الحد من تفاقم هذه الحالة وانعكاساتها السلبية كان لابد من التدخل للحد من حالة السعار في تخفيض الاسعار من جانب شركات السياحة نتيجة قلة الطلب وهو اجراء تنعكس آثاره السلبية علي الفنادق الجناح الثاني للخدمات السياحية.
هذا يؤدي إلي وقوعها تحت رحمة الاسعار المتدنية التي يتم فرضها عليها من جانب شركات السياحة المتصارعة المتعاظمة الاعداد علي الحركة المتواضعة جدا للسياحة الوافدة.
انطلاقا من هذا الواقع الذي فرضته التطورات وتراكمات السنوات الماضية كان لابد من اجراء يستهدف الحد من زيادة شركات السياحة لمواجهة عملية تنافسها علي بيع مصر سياحيا بأرخص الاسعار وبما لا يتناسب ولا يتوافق مع امكاناتها ومقوماتها السياحية.
علي هذا الاساس فإنه لا يسعنا سوي الترحيب بالقرار الإيجابي الوحيد الذي صدر لصالح السياحة منذ سنوات. هذا القرار يقضي بوقف اصدار تراخيص جديدة للشركات السياحية.
كان الدكتور أمين عبدالحافظ وزير السياحة الأسبق في فترة الثمانينيات قد أصدر مثل هذا القرار في ذلك الوقت كسابقة أولي لمواجهة حالة الاقبال غير الطبيعي علي تأسيس الشركات السياحية خاصة من جانب الذين لا علاقة لهم بالصناعة علما وخبرة بحثا عن التربح من حالة الرواج التي كانت في بدايتها.
> > >
بالطبع وحتي يمكن أن يكون لهذا القرار فائدة وعائد لصالح السياحة والاقتصاد الوطني أقول ليحيي راشد وزير السياحة أن التأثير المأمول مرهون بأن يلحق به قرار آخر بوقف إقامة الفنادق الجديدة لفترة من الزمن.
أعتقد أن تفعيل مثل هذين القرارين سوف يحسب له كعمل إيجابي نحو تحسن أسعار البرامج السياحية وبالتالي العوائد الاقتصادية التي يمكن أن يجنيها الاقتصاد القومي المصري من وراء الحصول علي التكلفةالعادلة والمنافسة للبرامج السياحية إلي مصر.
في هذا الشأن أقول إن أهمية قرار وقف تراخيص الشركات السياحية لا قيمة له إلا بتوقف الزيادات العشوائية في عدد الغرف الفندقية المتاحة .
من المؤكد أن تعافي وتنقية السوق من سلوكيات الشركات السياحية التي لا عمل لها سوي الحط من قيمة مصر سياحيا بالاسعار التي تعرضها سيكون أكثر فائدة وتأثيرا اذا انخفضت اعداد الغرف الفندقية لتتناسب مع ازدياد الطلب علي زيارة مصر.
هذا الحظر يمكن أن يرفع تدريجيا وعلي مراحل وفقا لتطور العرض والطلب علي المنتج السياحي المصري.