Al Masalla-News- Official Tourism Travel Portal News At Middle East

جانبى طويل
جانبى طويل

ديناصورات العصر الجوارسي في شمال اليمن… تحقيق يكتبه ماجد التميمى

الى الشمال من العاصمه صنعاء-حوالي 40كم- تقع مديرية أرحب ، تمتد على مساحة جغرافيه تقدر 1274.6كم

حقل بيئي للديناصورات في اليمن

 

 

 

كتب :ماجد التميمي

 

 مدير تحرير مجلة السياحه

 

الى الشمال من العاصمه صنعاء-حوالي 40كم- تقع مديرية أرحب ، تمتد على مساحة جغرافيه تقدر 1274.6كم مربع أرحب ذات بيئة جغرافيه جبليه ، وتبدو متفاوته من حيث درجة وعورتها ، اذ لايمكن الاحساس بهذه الوعورة الا من خلال تضاريسها الصخريه المتشعبه التي تبدو كما لو كانت خالية من الحياة ،صخورها صلبة ومحترقه في بعض الاماكن ، وزاهيه ونادره في اماكن اخرى ، ملامح بارزة لما كان يعرف ببحيرات كبيره ومجاري مائيه عتيقه ، أحواض رسوبيه ، أسماك متحجره ، وبقايا اثار اقدام لديناصورات في مسارات منتظمه ومتعددة الاتجاهات ، انها حقائق لتاريخ إحيائي عظيم ومتوحش وجميل في نفس الوقت، انه عالم من المستحاثات النادره والاحافير التي لم تكتشف بحجمها الطبيعي،والتي ظلت مطمورة في غياهيبالزمن لملايين السنين .

 

حقائق جيولوجيه مطموره وبداية الاكتشاف :-

 

ننطلق من شمال العاصمه صنعاء حيث نسلط الضوء على المحيط البيئي للديناصورات  والمكتشف حديثا في جنوب الجزيره العربيه ، مديريه أرحب باليمن ، إذ سعت دراسة ميدانيه علميه قام بها استاذ علم البيئة بجامعه صنعاء الدكتور محمد الحيفي الى كشف الحقائق المخباءه عن هذا المحيط الجيولوجي والبيئي الهام .

 

البداية كانت قبل حوالي 66مليون سنه في التقدير الجيولوجي ، حيث عاشت مخلوقات هائله تسمى الديناصورات ، واستوطنت هذه الحيوانات الارض لفترة زمنيه كبيره قبل ان يحدث مايسمى بالانقراض العظيم لهذه المخلوقات العظيمه ، وفي العصر الجوارسي–كما تشير الدراسه- عاشت الديناصورات في منطقة أرحب واستوطنتها قبل حوالي 145مليون سنه ، بالرجوع الى عمود الازمنه الجيولوجيه للارض (اللجنه العالميه للستراتوقرافي).

 

تذهب الدراسه الى ان انواع مختلفه من الديناصورات قد عاشت في هذا المكان بعضها منتميه لفصيله الـــ theropods ، ،وبعضها اكلات النبات وتنتمي لفصيله الــ sauropods ، وهناكماينتمي لفصيلة الاورنيثوبوديات . بعضها  ثنائي القدم diplopodaوبعضها ثلاثي الاصابع tridactyl ومنها ما هو رباعي الاطراف، وهناك انواع مثل الاورنيثوبودياتornithopods ، والساوروبودياتوهي من فصائل ديناصورات الضخمهالتي تزن عدة اطنان .

 

تدلل الشواهد الاثريه للمستحاثات والمتحجرات البيولوجيه ان المنطقه كانت عبارة عن محيط بيئي واسع متعدد البيئات ، فالمنخفضات فيها قد شكلت احواض مائيه كبيره على مدى حقبة جيولوجيه واغلب الظن-كما جاءت نتائج المسوحات – ان بحرا  قد غطى المكان ردحا من الزمن الجيولوجي القديم ، المواقع على اختلاف تكوينها تتمتع بطبقات طينيه حمراء عازله  تختفي تحت كتل هائله من الصخور  ، وقد تركت لنا معالم بيولوجيه واضحه على صعيد هذا الاكتشاف العلمي النادر.

 

تتبع الباحث الدكتور ومعه فريقه مسارات تلك الديناصورات على طول منطقة الدراسة وكانت الخلاصه بروز اقدام واضحه للديناصورات بعد ان تركت اثارها على مسطحات من صخورالحجر الجيري ، وتلك الاثار  قد أظهرت– كما اخبرنا به الباحث – وجود اقدام لديناصورات نباتيه من فصيله الــــ ornithopods ، وبقايا متحجره لمستعمرات الجوفمعويات .

 

تكشف الدراسه ان هذا المحيط البيئي لم يكن نقطة العبور لتلك الديناصورات فحسب ، ولكنها عاشت لفترات من الزمن مستفيدة من ايقاع التنوع الحيوي والغذاء  والمياه بالاضافه الى التنوع المناخي الذي حقق التوازن في هذه العناصر الحيويه .

 

الحقول الميدانيه المكتشفه

 

تسنى للكاتب زيارة بعضاّ من هذا المواقع المكتشفه ، وقد شعرت بالفعل ان حقبة عاشت فيه هذه المخلوقات الهائله لم تختفي الا منذ لحظات ، ثمة تراكم بيولوجي ، التضاريس محفورة بعناية ، اخاديد وكهوف وقباب جبليه تعكس ارثاّ جيولوجيا وبيئيا لزمن طافح بالحياة والعنف ، تتوزع المواقع في  تضاريس متنوعه تقسو احيانا وتتيسر احيانا اخرى ، وقد كان امرا شاقا بالنسبة لباحث اكاديمي وبامكانياته المحدوده ان يستوعب كل تفاصيل الزمان والمكان هناك ، لكنه سخر ما استطاع من جهد محاولا كشف تاريخ طبيعي مجهول املا ان يفتح مثل هذا الاكتشاف العلمي نافذة نحو وعي علمي قائم على البحث والدراسة والتحليل .

 

لعل من اهم وابرز المواقع المكتشفه والتي ظهرت فيها علامات بارزه لهذه الكائنات العملاقه ،موقع صرواح ، الاضايق ، الزيول ، بيت شعفل ، بيت صيفان ، بيت الوشر ، حبار ، الجنادبه وهي مواقع متناثره .

 

يعد موقع صرواح من اهم المواقع الاثريه ويقع على احداثيات  15 46  030 شمالا و 44  13  557شرقا ، وفيه تكمن بقايا اثار لديناصورات بشكل كبير ناهيك عن كونه موقعا لحضارة قديمه لم تسجل تفاصيلها حتى الان رغم تلك البقايا التي تركها الانسان هناك . وقد أشار الباحث في كتابة أن هذا هو اول موقع يتم اعلان اكتشافة من قبل العالم آن شلوب وأخرون.

 

اما موقع الاضايق والزيول فكلاهما متقاربان من حيث نطاقهما الجغرافي ويقعان على احداثيات  15  43  981 شمالا و 44  13  375 شرقا ، وقد اظهرت الدراسه وجود فقرات ذيلية متحجرة وأسماك البيكنودونت الجوارسيه المتحجره .

 

وفي موقع بيت شعفل الذي يقع ضمن احداثيات 15  49  847شمالا  و44  15  877شرقا يمكن ادراك حجم البحيره التي ارتادتها الديناصورات بكثافه نظرا لتعدد مسارات اقدامها وتداخلها ولطول المسارات هناك، وقد عثر على أول مسار لديناصور يافع بعد الفقس, مما يوحيان المكانكان بيئةملائمة للتكاثر ووضع البيوض.

 

ثمة اثار لحيوان يعتقد انه حمار وحشي ، فقد عثر على هيكل كامل في موقع الجنادبة ، وعظام متحجره لكائنات غير معروفه حتى الان ، مما يدلل حسب المؤشرات العلميه ان هذه البيئات كانت سائده في عصر الاوليقوسين ( 28-31مليون سنه ) .

 

هذه البيئات القديمه جديرة بان تكتشف بشكل حقيقي ، فهي تلخص ازمنة جيولوجيه قديمه لشبه الجزيرة العربيه ، وربما يقودنا ذلك الى اكتشاف ماهو اعظم من عوالم احيائيه  قديمه في بيئات لطالما شكلت النواة الاولى للارض .

 

اكتشافات لكائنات مائيه :-

 

لقد تغير شكل الارض منذ ملايين السنين ، اذ ان الظروف والتغيرات البيئية والجغرافيه والتقلبات المناخية قد جعلت الحياة على الارض تاخذ اشكالا مختلفه خلال الحقب والعصور الجيولوجيه ، وهو ما يذهب الى التفسير ان شبة الجزيرة كانت عبارة عن بحر متلاطم ، فالشواهد التي خرجت به هذه الدراسة تؤكد ان المكان قد شهد تغيرات بيئية كثيره كانت الامتدادات النهريه والبحريهبارزه  وواضحه ، هناك هياكل لأسماك عظميه متحجره تعرف بأسماك النايتياknightiaspقد تم ملاحظتها في احد المواقع والتي عثر على عينات منها في الولايات المتحده، وتعرف باسم ( القرين ريفر بيزمنت  green river basement  ) وهي أسماك انقرضت قبل حوالي 55مليون سنه  ولم يعد لها وجود في الارض .

 

وظهرت اثار  لحراشف وزعانف لأسماك عظميه كبيره احتفظت اجسامها كاملة بما فيها القشور في طبقة من رواسب الطفل، وعلاوة على  ذلك عثر الفريق على قشور واشعه زعنفيه وبعض الاجزاء العظميه لسمكه ضخمه يطلق عليها oestichthys متحجره في صخور الحجر الجيري ، وتقول فرضيات الدراسة انها انقرضت بفعل قلة  الاوكسجين الذائب في مياة المنطقة الذي انتهي بفعل اختزال بيئة النهر ،وقد كان هذا واحد من مؤشرات التغيرات المناخيه  الذي صحبه الكثير من موجات الاعاصير ثم الجفاف .

 

أهمية الاكتشاف:-

 

لعل الثراء النفطي الذي تميزت به شبه الجزيره العربيه ماهو الاحقيقة دامغة من انها قد شكلت يوما بيئة خصبة للديناصورات التي استوطنتها قبل ان يحدث ذلك الانقراض العظيم الذي اخفى معالم الحياة لفتره زمنيه ليست قصيره.

 

اكتشافا كهذا يعد مهما في سجل التطور العلمي العربي ، انه – إن حالفنا التقدير- سيؤسس لمتحف بيولوجي طبيعي مفتوح في شبه الجزيرة العربيه، وسيوفر فرصة للباحثين والاكاديمين من كل البلدان العربيه  من خلال قراءة مفتوحهلعالم المستحاثات والاحافير .

 

رغم ذلك فالاكتشاف لايزالفي  طور نموه الاول ، انه كمن ازاح الستار عن عالم مجهول ، ليبقى مجهولا بالفعل رغم كل جهد ايجابي بذله الفريق، لقد اماط هذا الاكتشاف  اللثام عن حضارة الديناصورات رائدة البيئة في تلك الحقبة الصاخبه والمظلمه  من الزمن الجيولوجي البعيد.

 

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله