كتب د. عبد الرحيم ريحان
تجلى سبحانه وتعالى عند شجرة العليقة المقدسة " موقعها حالياً داخل دير سانت كاترين " لنبى الله موسى حين رحلته الأولى فى سيناء وحيداً فأنار من وراء العليقة المقدسة " إني أنا ربك فاخلع نعليك إنك بالوادي المقدس طوى "وتجلى سبحانه وتعالى لنبى الله موسى وشعبه فى رحلته الثانية للجبل فدك الجبل .
"فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا "وكان انشقاق البحر لنبى الله موسى ونجاته بمعجزة إلهية وليست كما تدعى الدراسات التى تتناقلها المواقع الإلكترونية من وقت لآخر و المنقولة عن مصادر غربية وقد أشارت إلى إنحسار البحر بواسطة رياح قوية هبت من الشرق ليلا ودفعت المياه إلى الخلف مما أدى إلى انشقاق البحر.
وطريق خروج بنى إسرائيل فى سيناء له قيمة لدى كل الأديان حيث بنى أشهر أديرة العالم فى القرن السادس الميلادى عند الجبل المقدس جبل طور سيناء وشجرة العليقة المقدسة وأطلق عليه دير طور سيناء وتحول اسمه لدير سانت كاترين فى القرن التاسع الميلادى وبنى جامع فاطمى داخل الدير تبركاً بالجبل المقدس وحظى بزيارة الحجاج وكتابة توقيعاتهم فى طريقهم إلى مكة المكرمة عبر سيناء إلى مكة المكرمة .
أوهام تاريخية
هناك أوهام تاريخية وقصص وهمية فى دراسات عديدة عن فرعون الخروج حتى أصبح كل ملوك مصر فراعنة للخروج ليس إلا لتشويه تاريخ مصر القديمة والبحث عن دور زائف لشعوب أخرى فى بناء أعظم حضارة باقية ومكتشفة على وجه الأرض وهى الحضارة المصرية القديمة مع أن المذكور فى القرآن الكريم هو فرعون واحد فقط ومن هذه الخرافات البحث عن مخرج علمى لمعجزة واضحة بنص القرآن الكريم بذكرهم أن نجاة نبى الله موسى تمت بحركة جزر أدى لانحسار مياه البحر وغرق فرعون تم بحركة مد وأن حركة المد والجزر هذه كانت ببحيرة البردويل مؤكدين أن عبور بنى إسرائيل تم عن طريق شمال سيناء.
وتنفى كل الحقائق الأثرية والتاريخية والدينية عبور بنى إسرائيل عن طريق شمال سيناء من الأساس وبخصوص بحيرة البردويل أو بحيرة "سربنيوس" فهى علمياً لا تبقى على حال فإذا سدت الأفواه التى تربطها بالبحر المتوسط تبخر ماؤها وبقى فى الطريق عدة برك موحلة تغطيها الرمال فتخدع المسافرين فيغوصون فيها ولكن نبى الله موسى عليه السلام وبنى إسرائيل رأوا بحراً بالفعل وخشوا أن يعبروه ولم يخدعوا برمال فوق ماء " فلما تراءا الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدركون " الشعراء" 61 البحر أمامنا وفرعون وقومه خلفنا فما هو السبيل فرد عليهم نبى الله موسى " قال كلا إن معى ربى سيهدين" الشعراء 62 والمعجزة جاءت واضحة بنص القرآن " فأوحينا إلى موسى أن أضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم" الشعراء 63 أى انشق البحر وكان كل جزء كأنه جبل مانع يحمى نبى الله موسى وقومه وعندما عبر فرعون وقومه عاد البحر كما كان.
العبور بطريق جنوب سيناء
هناك نصاً بالتوراة يهدم نظرية المد والجزر من أساسها حيث يؤكد أن العبور من مصر للأرض المقدسة كان عن طريق جنوب سيناء وليس شمال سيناء " أنه لما أخلى فرعون السبيل للشعب فإن الرب لم يسمح لهم بالمرور من الطريق المعهود إلى فلسطين ولو أنه قريب جداً لأنه قال لئلا الشعب إذا رأى حرباً فإنه يعود ثانية إلى مصر " خروج 13 : 14 وهذا طبيعى لأن قبضة الفراعنة كانت أقوى بشمال سيناء حيث الطريق الحربى لكل الحملات العسكرية فى مصر القديمة وبه حصون لحماية الطريق تبدأ من ثارو (القنطرة شرق) إلى غزة وهو طريق معروف منذ الدولة الوسطى لذلك كان من الطبيعى أن يبتعدوا عن طريق شمال سيناء ويتجهوا بطريق جنوب سيناء مما يهدم نظرية الرياح والمد والجزر النشط ببحيرة البردويل بشمال سيناء .
مكان العبور
وكان عبور بنى إسرائيل عند أقرب نقطة مرئية عند رأس خليج السويس وموقعها حالياً " نقطة الشط " بنص القرآن الكريم الذى ذكر أن بنى إسرائيل شاهدوا بأعينهم غرق فرعون وجنوده مما يؤكد أن العبور كان عند أقرب نقطة على مستوى النظر للفريقين (وإذ فرقنا بكم البحر فأنجيناكم وأغرقنا آل فرعون وأنتم تنظرون) البقرة 50 وقد قام الدكتور ريحان بدراسة علمية حددت المواقع التى مر بها نبى الله موسى وشعبه بجنوب سيناء ومنها منطقة عيون موسى وهى الموقع الحالى الذى يبعد 35كم جنوب نفق أحمد حمدى والموقع الذى طلب فيه بنى إسرائيل أن يكون لهم معبوداً من الأصنام وهو معبد سرابيت الخادم ومكان عبادة العجل قرب بحر وليس داخل جبل كما يعتقد البعض الآن أنها البقرة المسخوطة كما يزعموا بوادى الراحة بسانت كاترين وهو مجرد شكل نحتته الطبيعة كمعظم الأشكال الموجودة بجبال سيناء بل بل كان موقع طور سيناء حالياً التى تشرف على خليج السويس مكان عبادة العجل حيث ذهب نبى الله موسى لتلقى ألواح الشريعة عابراُ طريق وادى حبران من طور سيناء إلى منطقة الجبل المقدس وهو الوادى الممتد من طور سيناء للجبل المقدس (منطقة سانت كاترين حالياً) وتغيب 40 يوماً فعبد بنى إسرائيل العجل الذهبى .
محطات الخروج
تبدأ رحلة خروج بنى إسرائيل فى سيناء بمنطقة عيون موسى 35كم جنوب شرق السويس وأثبتت الدراسات الحديثة التى قام بها فيليب مايرسون أن المنطقة من السويس حتى عيون موسى منطقة قاحلة جداً وجافة مما يؤكد أن بنى إسرائيل استبد بهم العطش بعد مرورهم كل هذه المنطقة حتى تفجرت لهم العيون وكان عددها 12 عين بعدد أسباط بنى إسرائيل.
وتعتبر المحطة الثانية هى منطقة معبد سرابيت الخادم 138كم جنوب شرق السويس الذى مر عليها بنو إسرائيل طبقاً لنص القرآن فى سورة الأعراف آية 138وهى المنطقة الوحيدة النى تقع فى طريقهم من عيون موسى بها تماثيل حيث طلب بنو إسرائيل من نبى الله موسى أن يجعل لهم إلهاَ من هذه التماثيل والمحطة الثالثة هى طور سيناء 280كم جنوب السويس وهى مدينة ساحلية عبدوا فيها العجل الذى صنعه السامرى وكانت هذه المنطقة تشرف على بحر فلقد خاطب سبحانه وتعالى السامرى بأن هذا العجل سيحرق ثم ينسف فى اليم (سورة طه آية 97) .
عبادة العجل
و يمكن تحديد مكان عبادة العجل طبقاً لنص القرآن الكريم بأنه موقع متسع يقع قرب بحر وهو البحر الذى نسف فيه العجل وقد ترك نبى الله موسى شعبه فى موقع مدينة طور سيناء الحالية القريبة من وادى حبران مدة 40 يوماً وهى المدة الذى توجه فيها نبى الله موسى منفرداً ليتلقى ألواح الشريعة وترك شعبه وراءه استجابة لأمر الله سبحانه وتعالى وقد عبر طريق وادى حبران وهو الوادى الممتد من طور سيناء إلى منطقة الوادى المقدس وتلقى الألواح فى الوادى المقدس طوى من جانب الجبل الحالى وهو جبل موسى بمنطقة سانت كاترين حالياً وهى المنطقة التى تجلى فيها سبحانه وتعالى مرتين مرة لنبى الله موسى فى رحلته الأولى وحيداً قبل خروج بنى إسرائيل وفى هذا المرة تجلى فأنار عند شجرة العليقة والثانية حين تجلى لنبى الله موسى وبنى إسرائيل حين طلب أن يرى الله جهراً فتجلى سبحانه وتعالى للجبل فدك الجبل.
وادى حبران
وادى حبران يبعد 11كم شمال شرق مدينة طور سيناء يحوى العديد من النقوش الصخرية الخاصة بالأنباط والعديد من النواميس وهو الطريق الذى استخدمه أهل سيناء لنقل البضائع والغلال من ميناء الطور فى العصر المملوكى (648- 922هـ ، 1250- 1516م ) إلى دير سانت كاترين وتتوفر فى وادى حبران المياه بغزارة حيث يوجد ثلاثة عيون هى عين الواطية وعين الرّديسات وعين الحشا وبالوادى كثير من النخيل ويعتبر هذا الوادى واحة للجمال بما فيه من عيون طبيعية كعين الحلوة وحدائق ونخيل لأهل سيناء ونباتات طبية عديدة منها الساموا الذى يستخدم فى علاج السكر واللصف لعلاج الأمراض الصدرية والحبق وأشجار السدر والرمان .
جبل طور سيناء
وطبقاً لخط سير الرحلة فإن المحطة الرابعة هى منطقة الجبل المقدس (سانت كاترين حالياً) وهى المنطقة الوحيدة بسيناء التى يتجمع فيها عدة جبال مرتفعة مثل جبل موسى 2242م فوق مستوى سطح البحر وجبل كاترين 2642م وجبل المناجاة وهذا طبيعى فبعد نسف العجل أخذ نبى الله موسى شعبه وسار بهم فى الطريق الذى عبره وحيداً وهو وادى حبران لعلمه بمميزاته وهو الطريق إلى الجبل حيث تلقى التوراة وقد عبر بنى إسرائيل بعد ذلك من الوادى المقدس إلى منطقة حضيروت (عين حضرة) 70كم فى الطريق من سانت كاترين إلى نويبع وهى عين ماء طبيعية مشهورة بسيناء وذكرت فى سفر العدد إصحاح 3 :4 باسم حضيروت ثم اتخذوا الطريق الساحلى الموازى لخليج العقبة حتى وصلوا إلى برية فاران أو باران نسبة إلى وادى باران فى جنوب فلسطين غرب وادى عربة الذى يصل البحر الميت بمدينة العقبة ولرفض بنى إسرائيل دخول الأرض المقدسة حرمت عليهم أربعون عاماً يتيهون فى سيناء متخبطين فى عدة أماكن غير مستقرين فى مكان واحد.
فترة التيه
وقد كان خط سير رحلة خروج بنى إسرائيل انت منتظم حتى الوصول لأعتاب الأرض المقدسة وأما فى فترة التيه بعد رفضهم دخول الأرض المقدسة فكانت رحلتهم بسيناء غير منتظمة بل متخبطة فى عدة أماكن لأنهم لا يعرفون لهم مقصد للاتجاه إليه أما رحلتهم بعد خروجهم من مصر فكانت محددة المقصد إلى الأرض المقدسة وقد خرج نبى الله موسى فى رحلة منفرداً قبل ذلك لحكمة إلهية للتعرف على الطريق قبل الخروج مع بنى إسرائيل حين قتل خطأ خباز ملك مصر وهرب إلى سيناء وتزوج هناك من إبنة العبد الصالح شعيب وليس نبى الله شعيب واسمها صافوراء وظل بسيناء عشرة أعوام وفى طريق عودته لمصر تجلى سبحانه وتعالى عند الشجرة المقدسة ليأمره بخروج بنى إسرائيل من مصر.