بقلم: معين قائد الصيادي
نائب رئيس التحرير مجلة السياحة اليمنية
قال تعالى (لَقَدْ كَانَ لِسَبَأٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُور) صدق الله العظيم سبأ:15.
سبأ التي وردت في هذا الخطاب الإلهي المنزل على سيد الأولين والآخرين، وخاتم الأنبياء والمرسلين، محمد بن عبدالله، عليه وآله أفضل الصلاة وأزكى التسليم, هي دولة يمنية قديمة، وأرض سبأ هي أرض مأرب، حيث كانت مساكنهم في الوادي،
فأما (الجنتان) هما بستانان على يمينها وشمالها فيهما جميع الثمار، وأما قوله (بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُور)، فهي ليست بسبخة، أنعم عليها وأهلها بالخيرات والثمار، لإيمانهم المطلق بأنه لا إله غيره جل في علاه، وهو من رزقهم هذه الخيرات، فليس اللات والعزة، أو هبل، أو الشمس، أو القمر أو غيره هو الرب الأعلى الذي يرزق ويقبض الأرواح،
وهذا الوصف الإلهي دليل قطعي على أن العلاقة بين أهل اليمن وربهم علاقة روحانية، الأمر الذي ميز أهل اليمن عن الكثير من غيرهم ليكونوا أهل حضارات وفتوحات ودعاة إلى دين الله,
قال العلامة الفضيل الورتلاني رحمه الله في تفسير هذه الآية (بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ): “ومن ميزات كلام الله الخلود والإعجاز، وحظ التذكير لنا في هذه الآية أنه من ناحية الخلود يؤخذ أن طيبة هذا البلد أمر مستمر إلى يوم القيامة، ومن ناحية الإعجاز يؤخذ من كلمة (طَيِّبَةٌ): عدم قدرة أحد من الخلق أن يصفها بكلمة واحدة مثلها، مع شمولها لكل ما تنطوي عليه من خيرات نافعة”.
أهل اليمن كانوا من السباقين بالإيمان بالرسالة التي يحملها الرسول الأكرم علية أفضل الصلاة والسلام، ولأن أهل اليمن أرق قلوبا وألين أفئدة كما قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو ما جعلهم وعلى رأسهم أصحاب حضرموت – أهل حضارة ناطحة السحاب الطينية – أول من دعا إلى دين الله سبحانه وتعالى بالحكمة والموعظة الحسنة،
ففي أوائل القرن 7 هـ وصل العلويون آل عظمة خان حاملين راية الإسلام إلى بلدان جنوب شرق آسيا، وجزرها المترامية الأطراف، وأخذ الإسلام يفرد جناحه في تلك الآفاق الواسعة، حيث يقول د. نجيب صليبي أن زين العابدين، الذي جاء من حضرموت (من آل عظمه خان) وتزوج بنت سلطان ( جهور ) وولدت له 3 أبناء توزعوا في الأرخبيل وحاربوا الأسبان عام 1532م.
ويضيف صليبي: إن دخول الإسلام إلى الفلبين كان على يد ابن زين العابدين ( حسن ) فاسلم ملكها على يده ثم تزوج بنته وازدهر الإسلام بعدها في ( بوايان ومنناو ومقيندناو وسيبو وسولو)، ثم وصل أبناؤه إلى (بروناى) و(سومطرا) وغيرها.
الحديث عن اليمنيين لن يفيه هذا الحيز في هذا العمود الصحافي، الذي لا يكفي حتى لسرد عناوين المجلدات والكتب والمراجع والأبحاث والدراسات التي خصت اليمن بالكثير من الدرس, فتحدثت ودونت التاريخ اليمني المتنوع.
إن العدوان السعودي الأمريكي الذي يُشن على وطني وأهله على مدار عامين من البربرية والوحشية والدمار، هو ما دفعني لأعرج سريعا فأذكر من هم أهل اليمن، الأمر الذي يجعلني في هذه المساحة الضيقة أظلم اليمن بعدم إيفائها حقها من التعريف، بدلا من إنصافها،
إلا أن قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ) يغني عن كل سرد،
فقد روي أنه حينما تلا أبو موسى الأشعري رضي الله عنه هذه الآية عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال الرسول عليه الصلاة والسلام: “هم قومك يا أبا موسى أهل اليمن”.. صدق رسول الله.