Al Masalla-News- Official Tourism Travel Portal News At Middle East

جانبى طويل

منارة تلوح بيدها بقلم د. عصام الطابوني

منارة تلوح بيديها بقلم د. عصام الطابوني

 

 بقلم د. عصام الطابوني

 

 

 

 

عرفت المدن و الحضارات التي إرتبطت بالبحر ، بتشييد الموانئ والمنائر البحرية، ففي ليبيا مازال ميناء لبدة الأثري مثلا شاهد على مدى الإبداع والمهارة التي وصلت إليها المدينة العريقة  في بناء الموانئ ، حيث ضم  ميناء لبدة الأثري  أرصفة صخرية   ومبان إضافة إلى منارة لإرشاد السفن ، ولكن تعذر حتى الآن  اكتشاف أي أثر بميناء طرابلس، ويرجع البعض ذلك إلى التوسعات و التطوير المستمر  التي شهده ميناء طرابلس على مر الزمن ، بحيث أخفت هذه التوسعات أي أثر للميناء القديم .

 

 

حيث يمكن حصر أهم أعمال التطوير الذي شهدها ميناء طرابلس في العهد العثماني الثاني في مشروعين رئيسيين ، نفذا في العشرين سنة الأخيرة من القرن التاسع عشر، المشروع الأول كان بناء منارة طرابلس لإرشاد السفن للميناءز

 

 

ونفذ هذا المشروع بناء على تعليمات الوالي أحمد عزت باشا 1880-1879 م   ، وقد شيدت هذه المنارة ملاصقة لأحد جدران حصن  التراب  ، بحيث عرف هذا الحصن فيما بعد ببرج الفنار .

 

 

وعشية الغزو الإيطالي  في يوم 3 أكتوبر 1911 م كان  الأسطول الإيطالي يقصف مدينة طرابلس ومينا ءها ، بعد أن حاصرها لمدة خمسة أيام، وما هي إلا ساعات حتى دمرت جميع التحصينات والقلاع المحيطة بالميناء والمدينة، بما في ذلك منارة الميناء التي دمرت تدميراً تاماً مع الحصن الذي بنيت عليه (حصن الفنار )، وعند نزول القوات الإيطالية  المحتلة بالمدينة، بادروا بإقامة منارة مؤقتة للميناء مكان المنارة المدمرة .

 

 

وبين سنتي 1924 م و 1926 م، شيدت منارة للميناء على قاعدة برج المندريك ، وهي  عبارة على شكل إسطواني، وبارتفاع 63 م، ويبلغ قطرها من الأسفل ثمانية أمتار، يتناقص قطرها تد ريجياً بالارتفاع ليبلغ 3.5 م في أعلى المنارة، ، وقد زودت المنارة بجهازين للإشعال، الأول يصدر ضوء أحمر ثابت بقوة 20 ألف شمعة، والثاني يصدر ضوء متقطع بقوة 25 ألف شمعة، وكانت هذه المنارة في عشرينيات وثلاثينيات القرن العشرين، تعد من أعلى منائر البحر المتوسط، فهي أعلى من منارة ميناء جنوا، وتتساوى في الارتفاع مع منارة باري  Bari .

 

و تأتي سنة 1941 م  لتحمل معها الحرب العالمية  و معها الخراب مآسي جديدة لمدينة طرابلس و أهلها حيث كثف الطيران الحربي البريطاني غاراته الجو ية على مدينة طرابلس ومينائها ، مما تسبب في تدمير وإغراق الكثير من السفن الراسية بالميناء ، وتدمير بعض منشآت الميناء الحيوية كالمنارة  .

 

 

وفي نهاية سنة 1971 م كُلف المكتب الإنجليزي بإعداد دراسة نهائية لتطوير ميناء طرابلس وتقيمه على أسس اقتصادية لمعرفة حجم التوسعات المطلوبة، وقدم المكتب د راسته سنة 1972 م حيث  تضمن المخطط الجديد تطوير ميناء طرابلس على مرحلتين ، وزيادة حجمه بالتوسع في بناء الأرصفة خارج حدود الميناء القديم ،، و نفذت المرحلة الأولى ما بين سنتي 1974 م و 1979 م  حيث تضمنت إنشاء منارة الميناء مكان المنارة المدمرة و ذلك بارتفاع 59 م، وبقوة 50 ألف شمعة،  ليصل  مدى إنارتها إلى 12 ميل بحري ( 21.6 كم).

 

 

كانت المنارات البحرية الليبية ، هي الأدلة التي لوحت بالخير و السلام لمن عبروا البحار مرورا بالسواحل الليبية ، كان الكثير منهم تجارا مسالمين و منهم بالتاكيد غزاة مدمرين ، اليوم و غدا سوف تكون للمسالمين بالتأكيد ، وستكون أدلة تلوح بأياديها بالسلام والآمان لزوار ليبيا و زوار طرابلس التاريخ و الأصالة ،  إطرابلس عروس البحر الأبيض المتوسط .

 

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله