بقلم: جلال دويدار رئيس جمعية الكتاب السياحيين
أشعر بالدهشة والاستغراب من شيوع عدم المبالاة تجاه الفتنة التي تضرب السياحة.. صناعة الأمل. ألا توجد عقلانية تدفع إلي التحرك الإيجابي لاحتواء »ولملمة» هذا الوضع المتفجر؟
ما تشهده الساحة السياحية من بلبلة وصدام وتلاسن واستقطاب بين جناحيها الرسمي والخاص أمر حزين ومؤسف. لا يخفي علي أحد أن أي خلل في علاقة الطرفين هو بمثابة كارثة تقضي علي البقية الباقية لما يمكن أن يحققه هذا النشاط للدولة وللمستثمرين والعاملين. الشيء المؤكد وعلي ضوء ما يجري أن هناك فجوة يزداد اتساعها نتيجة غياب الفهم والتفاهم والعقلانية.
بالطبع فإن مسئولية ما يحدث يتحمله وزير السياحة يحيي راشد، يأتي ذلك بحكم أنه صاحب السلطة التي تعتمد السياحة صناعة الأمل علي ادائه وسياساته وتخطيطه لضمان الانطلاق والنهوض. فاعلية كل هذا مرهون بقدرته علي جمع ولم الشمل للتعظيم والترشيد بهدف التوصل الي التفاهم المشترك والتعاون لخدمة السياحة والمصلحة العامة التي من المفروض أنها هدف جميع الاطراف.
ما نشهده حالياً عكس هذه المتطلبات تماماً حيث الصدام والتخبط والاختلاف السلبي القائم علي العند والمعاندة. المصلحة العامة المغلوبة علي أمرها هي ضحية كل هذا وهو الامر الذي يؤدي إلي مزيد من الاضرار للدولة والانهيار لقطاع السياحة.
>>>
الشيء المثير والغريب أن الدولة وحكومتها اختارت الوقوف في شرفة المتفرجين علي ما يجري وكأن لا علاقة لها بالأمر من قريب أو بعيد. هذا الموقف إن دل علي شيء فإنه يدل علي عدم المبالاة بما هو في صالح هذه الدولة. مراقبة ومشاهدة هذه التطورات والأوضاع تفسر لنا الاسباب التي تقف وراء تعطيل مسيرة هذا الوطن.
لا جدال أن ما يحدث يقوض طموحات وأهداف القيادة السياسية والشعب في ارساء دعائم الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي سعياً إلي الحياة الكريمة. المحصلة في النهاية لما يجري هو اجهاض وتحطيم امكانية تعافي صناعة السياحة بالصورةالمأمولة وقتل أمل استئناف دورها كقاطرة للاقتصاد القومي الذي كانت عليه في نهاية عام ٢٠١٠.
هذا السلوك يؤكد أن لا اعتبار للمليارات الثلاث عشرة من الدولارات التي حققتها هذه الصناعة لميزانية الدولة وهي في قمةازدهارها، هذا الخير كان من المتوقع أن يتضاعف لولا النكسة التي تعيشها الصناعة منذ بداية عام ٢٠١١.
ألا يوجد عاقل في هذه الدولة يقدر وتهمه مصلحتها.. يبادر بدافع من المسئولية الوطنية.. إلي التدخل لانهاء هذا الوضع المأساوي الخلافي. ليس هناك حجة لهذا التجاهل السائد خاصة بعد أن اصبح كل شيء علي الملأ معلنا ومتداولا من خلال كل وسائل الاتصال والنشر.
>>>
الحقيقة أنني ومن واقع متابعتي ومعايشتي لأنشطة القطاع السياحي علي مدي سنوات وسنوات.. اشعر بالاحباط الذي يصل إلي حد الصدمة لما يدور حالياً علي الساحة.
وسط هذه الأجواء الملبدة بالغيوم والصدامات يبرز لدي شعور بأنه كان هناك »تبطر علي النعمة» من جانب بعض ممثلي قطاع السياحة. تمثل ذلك في تحاملهم علي مع من كانوا يتولون مسئولية وزارة السياحة من قبل تجسد ذلك في الخروج عن حدود النقد الهادف لدرجة التشويه والاساءة. يبدو أن الله قد أراد ان يجازيهم علي تجاوزهم متمثلاً فيما يتعرضون له الآن والذي وصل الي حد التسفيه والتهميش والتبكيت..
لا تفسير لما يلاقونه حالياً وجعل اصواتهم تتعالي بالصراخ والشكوي سوي ان الله اراد ان يقول لهم.. هذا ما جنته ايديكم في حق الدولة وحق الصناعة وحق أنفسكم.
أخيراً اقول وأنا اتضرع إلي الله ان تضع ارادته نهاية للفتنة التي تجتاح القطاع السياحي. لا وسيلة للخروج من هذه المحنة سوي بالتوحد والاتفاق والتوافق بين كل اطراف القطاع السياحي خاص ورسمي. مطلوب من الدولة أن تتحرك لانقاذ ما يمكن انقاذه.
اللوم فيما يحدث لا يتحمله وزير السياحة والدولة فقط نتيجة عدم تحركهما لرأب الصدع.. وإنما يشمل ايضا وبشكل مثير للدهشة والعجب.. تنحي وتغاضي ما يسمي بلجنة السياحة في مجلس النواب عما يجري.
إنها بهذا الموقف المريب تؤكد عدم قيامها بمسئولياتها كان عليها التصدي للمشكلة بأمانة ودون تحيز وبحث أبعادها والعمل علي ايجاد حل لها حتي تنفي عن نفسها وجود نزعات ومنافع شخصية وراء استمرار هذا الوضع المتفجر.