خبراء : مليون ونصف طائر يعبر المملكة سنويًا منها الصقور
الرياض …. أكدت الأدلة الأثرية قِدم أزل ممارسة الصيد بالصقور في المملكة حيث تعود إلى أكثر من 9000 سنة قبل الميلاد، وعدت الصقور رمزًا من رموز الحضارات البشريّة التي تعاقبت على الكرة الأرضية لاسيما في الجزيرة العربية، وحظيت بمكانة كبيرة عند العرب، وارتبطت بحياتهم، لتتحول العلاقة مع الزمن إلى ثقافة شعبية عُرفت بـ”القنص”، ومن ثم إلى تجارة عصرية تدر على بلدان عديدة ملايين الدولارات سنويًا. ويبلغ عدد الصقور المملوكة لدى الصيادين في المملكة أكثر من (16929) صقرًا، وعدد الصقارين 20000 صقار، ويُصنف الصقر من طيور الصيد الجارحة بجانب نظيريه: العقاب، والباز، وكان العرب أول من درب واستخدم الصقور في الصيد، وُعرفت بـ “الصقر الحر Saker Falcon“، وتتميز الصقور عن غيرها من الطيور الجارحة بسواد عينيها، وسرعتها التي تفوق 300 كيلومتر في الساعة عند الانقضاض على الفريسة، وحدة بصرها التي تزيد من 4 إلى 8 أضعاف حدة بصر الإنسان، ويصل عمر الصقر – بقدرة الله عز وجل – إلى 25 عامًا.
وتفرّخ الصقور بأنواعها ” الشاهين، الحر، الوكري، الجير” مرة واحدة في العام، وفي كل مرة تفرّخ خمسة صقور أسماها العرب (قديمًا) : النادر وهو (أقواها وأكبرها حجمًا)، الوسط (وهو أقل حجم من النادر) اللزيز، المحقور وهو (أصغرها وأقلها قوة)، وتحتضنهم الأم لما يقارب 32 يومًا داخل العش ” الماكر”، فيما يجلب الذكر الطعام لها، ويكتمل ريش الفرخ بعد 45 يومًا من تفقيص البيض للطيران والتحليق بأجنحته في السماء، حيث يرفض الأبوان إطعام الفراخ فيطيران في الأعلى ويقذفان بالطعام في الهواء، ومن ثم تطير الفراخ مسرعة لالتقاطه قبل السقوط في الأرض. وتهاجر الطيور الجارحة سنويًا من مناطق التعشيش في أقصى الجزء الشمالي من روسيا (سيبيرا) إلى المناطق الأكثر دفئًا في أفريقيا، قاطعة مسافة تقدر بأكثر من 8000 كيلومتر، ويعبر منها ما يقرب من (مليون ونصف طائر) سنويًا أجواء المملكة خلال شهر أكتوبر من كل عام بما في ذلك “الصقور” بنوعيها : الشاهين البحري، والحر، بينما تعيش في المملكة صقور : الحر، والشاهين الجبلي، والوكري، والجير، والهجين ( أي المهجن) . وعُرف الصقر منذ حقب بعيدة بعلاقته القوية بالعرب، وذكر في كثير من قصائدهم، وأطلق بعضهم أسمه على أبنائهم وأسرهم، لكن العلاقة برزت أكثر من خلال ممارسة الصيد بها “القنص” التي امتهنها الآباء والأجداد كأسلوب معيشة لهم، ولتوفير القوت لتتحول مع الوقت إلى هواية ورياضة يعتز بممارستها محبوها، وأصبح لها عاداتها وتقاليدها وآدابها وأنواعها من حيث : سرعة الصقور، وقدرتها على الطيران والمناورة، والانقضاض على الفريسة.
وكما حبى الله تعالى المملكة العربية السعودية بالحرمين الشريفين، وجعلها قبلة للمسلمين، حباها أيضًا – عز وجل- بموقع جغرافي شغل ما يقرب من ثلثي شبه الجزيرة العربية، وعدت نقطة اتصال جغرافي بين ثلاث قارات، وتضمن تكوينها الجيولوجي إقليمين من الأقاليم الثمانية المعروفة هما: الإقليم الأوروبي، الآسيوي، والإقليم الأفريقي الإستوائي، مما أهلها إلى امتلاك مكونات بيئية خاصة استقطبت مجموعات من الكائنات الحية البحرية، والبرية، والطائرة. يأتي ذلك فيما أعلنت فيه الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني مؤخرًا عن اكتشاف آثار للصقور في الجزيرة العربية نسبت لحضارة قديمة تجاوز عمرها 9000 سنة قبل الميلاد عاشت في منطقة متوسطة ما بين محافظة تثليث ومحافظة وادي الدواسر جنوب مدينة الرياض، ووجد فيها ما يشير إلى رموز الثقافة العربية الأصيلة من : (الفروسية، والصيد بالصقور، والكلاب السلوقية).
ومن منطلق ذلك التنوع الإلهي البديع، اهتمت المملكة العربية السعودية بهذه الثروات الطبيعية، لاسيما ما يتعلق بالحياة الفطرية، وعملت عبر أجهزتها المعنيّة خاصة ” الهيئة السعودية للحياة الفطرية” على حماية هذه الثروات، وتنميتها، بجانب الجهود الأخرى التي تسعى لاستثمارها بالشكل الأمثل بما يكفل بقاءها الطبيعي من جهة، ويعزز من قيمتها التراثية والثقافية لدى أبناء الوطن، ويُحقق منها العائد الاقتصادي المثمر للبلاد.
واهتم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله – بالمحافظة على البيئة والتنمية المستدامة، وتمخض عن ذلك الاهتمام ـ أن صدرت أوامره الكريمة في 7 مايو 2016م بإنشاء (وزارة البيئة والمياه والزراعة) بعد تعديل اسم وزارة الزراعة، ونقل المهام والمسؤوليات المتعلقة بنشاطي البيئة والمياه إليها، وذلك انسجامًا مع متطلبات رؤية المملكة العربية السعودية 2030. وفي إطار اهتمامه – رعاه الله – بالبيئة، أُعلن في 21 يناير 2016 م عن تنفيذ مبادرة برنامج الملك سلمان للتوعية البيئية والتنمية المستدامة الهادفة إلى تعزيز مشاركة المجتمع في توطين التنمية المستدامة بالمملكة، بالإضافة إلى تنفيذ برنامج وطني لبناء قدرات الجهات الحكومية في رصد وقياس مؤشرات توطين التنمية المستدامة بالمملكة. وشهدت المملكة مؤخرًا الأمر الملكي الذي أصدره خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، بإنشاء “نادي الصقور”، نظير ارتباط الصقر بتاريخنا، وتراثنا، وثقافتنا، كما أمر – أيده الله – في ذلك السياق بأن يكون صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع مشرفاً عاماً على النادي، ورئيس مجلس إدارته صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سعود بن نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية.
ولم يأت ذلك الأمر من فراغ، فالمملكة ولله الحمد ليست طارئة على التاريخ كما أكد صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني في كلمة ألقاها العام الماضي في الأكاديمية الفرنسية للنقوش والآداب في باريس، بل هي امتداد لإرث حضاري عريق، ووريثة لسلسلة الحضارات العظيمة التي صنعها وشارك في صنعها وحمايتها وتطوير اقتصادها، إلى جانب دورها كخادمٍ أمين لأقدس المواقع الإسلامية التي انطلقت منها رسالة الإسلام إلى العالم. ويعزز الأمر الملكي بإنشاء نادي للصقور، جهود صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود – رحمه الله – التي وجه فيها بإطلاق مشروع صندوق الأمير سلطان بن عبدالعزيز للمحافظة على الصقور في29 نوفمبر 2005م بإشراف الهيئة السعودية للحياة الفطرية، وذلك لدعم برامج الحد من تدهور وفناء الصقور محليًا وعالميًا، وإعادة تأهيل أعداد الصقور المهددة بالانقراض إلى مستويات مقبولة بيولوجيًا، مع تطوير برامج تحسين الاستخدام الأمثل للصقور لضمان استمرارية بقاء حياتها، والحفاظ على رياضتها النبيلة للأجيال الحاضرة والمقبلة.
وفي ذلك السياق، أوضح نائب رئيس الهيئة السعودية للحياة الفطرية الدكتور هاني بن محمد تطواني، أن المملكة العربية السعودية بذلت جهودًا دولية متميزة في المحافظة على الصقور، مبينًا أن مشروع صندوق الأمير سلطان بن عبدالعزيز هو امتداد لما قدمه سموه من دعم ورعاية لمشروع إعادة إطلاق الصقور المستخدمة في الصيد لبيئاتها الطبيعية في جمهورية كازاخستان بمرحلتيه الأولى والثانية. وأفاد في حديثه لـ”واس” أن المملكة دعمت اقتراح اللجنة الحكومية الدولية الخاصة بحماية التراث الثقافي غير المادي في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة – اليونسكو – في 16 نوفمبر 2010م، بغية تسجيل الصقارة (الصيد باستخدام الصقور) على لائحة التراث العالمي غير المادي، وجرى اعتماد هذا التسجيل ليسهم بلا شك في رؤية أفضل لهذا الإرث الثقافي غير المادي وإبراز أهميته ويشجع الحوار الذي يحترم التنوع الثقافي للشعوب . إضافة إلى ذلك، فقد بادرت الهيئة السعودية للحياة الفطرية في إطار اهتمامها بالصقور بتقديم اقتراح إنشاء “جمعية الصقارين السعوديين”، وأكد الدكتور هاني تطواني أن وجود “نادي الصقور” سيسهم بشكل فاعل في إيجاد السبل المثلى لتنظيم برامج وفعاليات ومناشط تراثية وثقافية ذات طابع ترفيهي تنافسي داعم لبرامج قطاع السياحة التي تسعى الدولة تنميتها، إضافةً إلى تمثيل المملكة في هذا المجال دولياً. وشدد تطواني على أهمية رياضة الصيد بالصقور “القنص” بوصفها تمثل جانبًا مهمًا من حضارة وتراث الإنسان العربي، ويشمل لفظ “الصقارة” كل ما يتعلق بهواية القنص والصيد بالصقور، ومن هذه الأمور شبك الصقر، وطرق التعامل معه وتدريبه، ودراسة طباعه ونفسيته، وحالته الصحية، والوقوف عليها، ومعرفة كل ما يحتاج إليه من أدوات تضمن الحفاظ عليه لدى الصقار، وأيضاً أوقات الصيد وأوقات الطيور المهاجرة، وأماكن الصيد وكيفية الوصول إليها والأجواء المناسبة لإطلاق الصقر سواء للتدريب أو الصيد الحقيقي.
ولفت النظر إلى أنه برع في المملكة العديد من ممارسي رياضة “القنص” وعبر أجيال متعاقبة، وتمكنوا من معرفة أساليب شبك الصقور وحسن آداب تدريبها وترويضها والتعامل معها، وتوارثوها جيلا بعد جيل، وأصبحت لهم وسائل خاصة بهم في التدريب تعتبر من أحسن الطرق بين مثيلاتها عند أصحاب الهواية والممارسين لهذه الرياضة في العالم، موضحًا أن رياضة “القنص” تعد رياضة مهمة ووسيلة من الوسائل التي تعلم الإنسان حب الطبيعة، والخصال الحميدة مثل: الصبر، والجلد، والقوة، وتنمي الفراسة، والذكاء.
وفيما يتعلق بالقيمة الاستثمارية لرياضة “القنص”، أفاد الدكتور هاني تطواني أن ممارسي هذه الرياضة يمكنهم الاستفادة من صقورهم واستثمارها في منافسات المهرجانات السنوية التي تقام لاستثمار ما يزخر به التراث الثقافي الفطري في المملكة بمقومات عديدة، ولتكون متنفساً لممارسة الهوايات والرياضات المتصلة بالحياة الفطرية ومن أبرزها الفعاليات المتصلة بصقور الصيد، ويمكن أن يحتوي المهرجان على مناشط تجارية تتعلق بالصقور ومستلزماتها، مما سيزيد من حركة البيع والشراء، وينظمها، ويرفع معدل توظيف العاملين في مجالات رعاية الصقور. وأصدرت الهيئة السعودية للحياة الفطرية تراخيصًا لاستيراد وإعادة تصدير الصقور في المملكة، بلغ عددها ما بين أعوام 2007م – 2016م (5153) ترخيصًا، كما بدأت منذ عام 2011م بإصدار جوازات خاصة بتنقلات الصقور، وبلغ عددها منذ عام 2011م – 2016م (4942) جوازًا.
وتعكف الهيئة السعودية للحياة الفطرية على تنفيذ دراسة بحثية مع عميد البحث العلمي في جامعة الطائف المستشار في الهيئة عضو اللجنة العلمية لمذكرة التفاهم للطيور الجوارح المهاجرة بين أفريقيا وأيوروآسياالبروفيسور محمد بن يسلم شبراق، تحت عنوان (متابعة حركة وهجرة الصقور والجوارح بالمملكة)، وذلك تطبيقاً لخطة العمل العالمية للمحافظة على الصقر الحر، وتمشياً مع خطة الإدارة العامة للدراسات والأبحاث في الهيئة لمتابعة الأنواع ذات الأهمية العالمية والمحلية للتعرف على تحركاتها. وبين أنه سيجري تنفيذ الدراسة خلال الثلاث سنوات القادمة بعد تم تحديد مشروعين فيها الأول: الصقور، وتشمل “الصقر الحر” و”صقر الشاهين”، والثاني يتعلق بنوعين من الجوارح التي لديها مجموعات معششة في محميات الهيئة السعودية للحياة الفطرية، ومهددة بالانقراض، وموجودة في الملاحق للاتفاقيات الدولية وتشمل: نسر الأذون بعروق بني معارض، والنسر المصري في محمية جزر فرسان. ووصف البروفيسور محمد شبراق من جهته في حديث مماثل لـ”واس” الأمر الملكي القاضي بإنشاء “نادي الصقور” بأنه خطوة مهمة في توحيد الجهود للمحافظة على تراثنا، بجانب أنه خطوة عملية نحو تحقيق رؤية المملكة 2030 التي تدعو إلى الاستفادة من المصادر الطبيعية في المملكة مع استدامتها، واستفادة الوطن من المداخيل الناتجة من البرامج التي ينبغي الاهتمام بها في إطار الحرص على الصقور من مسابقات ومهرجانات وبيع لمستلزمات الصيد بالصقور، لتبقى للأجيال القادمة قيمة الجمال الكامن في تراثنا الفطري. وأضاف أن مشروع صندوق الأمير سلطان بن عبدالعزيز للمحافظة على الصقور نفذ برامج إطلاق عدد من صقور الصيد في مواطنها الأصلية، مثمنًا في ذلك الإطار جهود مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل الذي أنشأ أول مركز للصقور في مدينة أبها عندما كان اميرًا لمنطقة عسير.
وأشار إلى أن إنشاء نادي الصقور في هذا الوقت وإشراف سمو ولي العهد عليه يعد أمرًا مهمًا للغاية، خاصة مع تدهور أعداد الصقور على مستوى العالم، وبشكل خاص صقور الصيد البرية المسجلة في المملكة سواء المهاجرة منها أو المقيمة، منبهًا إلى وجود تحديات كبيرة أمام المحافظة على الأنواع البرية المحلية التي بدأت بالتناقص بشكل كبير جداً، حتى أدرج أنواع منها بقائمة الأنواع المهددة بالانقراض دوليًا، وأنواع أخرى دخلت مرحلة قريبة من الانقراض، وأدرجت ضمن قوائم عدد من الاتفاقيات الدولية، مثل: اتفاقية الإتجار الدولي بأنواع الحيوانات والنباتات البرية المعرضة للانقراض ويرمز لها باتفاقية سايتس (CITES) التي انضمت إليها المملكة عام 1417هـ، وتتولى الهيئة السعودية للحياة الفطرية مهام تطبيقها على المستويين الوطني والدولي.
وبين أن مذكرة التفاهم حول المحافظة على الأنواع المهاجرة من الطيور الجارحة في إفريقيا وأوروبا وآسيا التي انضمت إليها المملكة وضعت الصقور المهددة بالانقراض ضمن الملحق الأول في قوائمها، ودعت للمحافظة على الصقور البرية المهاجرة خلال عبورها أراضي المملكة، مفيدًا أن “نادي الصقور” سيسهم في دعم تطبيق المعاهدات والاتفاقيات الدولية ذات الصلة بالصقور، ومنها: معاهدة الأنواع المهاجرة من الحيوانات الفطرية التي انضمت إليها المملكة عام 1411هـ، وتتولى الهيئة السعودية للحياة الفطرية أيضًا مهام تطبيقها على المستويين الوطني والدولي. وفيما يتعلق بأنواع صقور الصيد البرية المسجلة في المملكة أفاد البروفيسور محمد شبراق أنه يوجد حسب التصنيف الحديث للطيور ثلاثة أنواع: منها المهاجر مثل الصقر الحر Falco cherrug، وصقر الشاهين البحري Falco peregrinus، وهذا النوع توجد منه مجموعة مقيمة متكاثرة بالمملكة تعرف بالشاهين الجبلي، لكن الدراسات الجينية أشارت إلى ضم صقور الشواهين في نوع واحد مع تصنيف المجموعات المختلفة كسلالات أو تحت نوع، والسلالة التي تتكاثر بالمملكة (الشاهين الجبلي) تعرف علميا F.p. pelegrinoides. وأكد أهمية نادي الصقور للصقارين في المملكة ممن لديهم خبرة كبيرة برياضة “القنص”، إذ سيمكنهم من المشاركة في أندية الصقور الموجودة في أوروبا وبعض دول أفريقيا ودول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ودعمهم في المحافظة على هذه الرياضة العريقة وتنظيمها لمزولتها بالطريقة الصحيحة التي تحافظ على الطيور أولاً، والصقارة ثانياً، ولتلعب دورًا فاعلاً في تثقيف الجيل الحالي بعراقة هذه الرياضة التاريخية.
وذكر أن نادي الصقور سيكون حلقة الوصل بين الجهات المعنية بتطبيق الاتفاقيات الدولية ذات العلاقة بالصقور والصقارين، مع توثيق كل ما يتعلق بالصقارة في المملكة، وتوفير المعلومات للأعضاء عن الأنظمة وطرق الرعاية بالأسر وتنظيمها، والعمل على تقديم وضع الاشتراطات اللازمة لاستخراج تصاريح لمراكز القرنسة لصقور الصيد، ومراكز الإكثار والإيواء للصقور المهددة بالانقراض.
وحول ذلك الموضوع، تحدث لـ”واس” الباحث السعودي في طب وجراحة طيور حماية السلالات المهددة بالانقراض الطبيب البيطري البراء بن محمد العثمان، الذي يكمل دراسته لنيل درجة الدكتوراه في بحث علمي بعنوان ( تقييم صقور الجزيرة العربية باستخدام علم النظائر والخرائط الجينية) في جامعة ولاية أوريغون بالولايات المتحدة الأمريكية، وقال : إن نادي الصقور، سيفتح آفاق واسعة في مجال تربية وتدريب الصقور ناهيك عن الاستثمار فيها من خلال تنظيم عمليات “القنص” التي يسافر لأجلها العديد من القناصين إلى خارج المملكة، على الرغم أنها تملك العديد من المقومات الطبيعية التي تستقطب هواة القنص، وتتيح الفرصة للشباب السعودي لا سيما من محبي رياضة صيد الصقور للعمل في مواسمها.
وأفاد أن تجارة “الصقور” تجارة مربحة للغاية وحققت مبالغ هائلة لفتت أنظار الدول إليها، ومن أجلها أنشئت الأندية والجمعيات المعنية بالصقور، إضافة إلى الاتفاقيات الدولية التي تنظم عملية الاتجار بها في العالم، موضحًا أن وجود نادي الصقور سيعزز من حضور المملكة في المحافل الدولية المعنية بالصقور من جهة، والترويج لصقورها العربية النادرة في العالم من جهة أخرى، مع تأهيل الصقارين وتدريبهم التدريب العالمي بالشكل الذي يسهم في صناعة سياحة وطنية معنية بالصقور.
وأشار إلى أنه في العام الماضي فقط تم بيع (1114 صقرًا) في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بمبلغ تجاوز 24 مليون دولار، من أنواع : السنقر( الجير الوحش)، والحر، والشاهين ( البحري والجبيلي)، والوكري، منها “الصقر الحر” الذي بيع عام 2014م بمبلغ 761000 ألف دولار. أما عن دراسته التي يجريها في الولايات المتحدة، فقد أفاد الباحث البراء العثمان، أنها تتعلق بمعرفة وتحديد سلالات الصقور المهددة بالانقراض وطريقة انقاذها، ومتابعة تحرك أسراب الطيور في العالم، والسموميات والأمراض التي قد تؤثر على الكائنات الحية والإنسان، مبينًا أن بحثه العلمي يعد الوحيد في منطقة الشرق الأوسط لانفراده في دراسة هذا الموضوع. وأشار إلى أن “نادي الصقور” يعبر عن تاريخ وحضارة الآباء والأجداد الذين عاشوا على الجزيرة العربية عبر حضارات عريقة متنوعة، وسيجمع الصقارين في المملكة ويوحّد جهودهم، ويضبط عملية الصيد، فضلا عن إتاحة الفرصة لمعرفة الأوضاع الصحية للصقور ومتابعتها، وحفظ بعض سلالاتها من الانقراض مثل: الصقر الحر الذي يعتد بها العرب كثيرًا، وتوظيف الصقارين في مختلف مناطق المملكة خاصة في المناطق التي يعرف فيها تواجد الصقور، مع إقامة محميات صيد للصقور لتكون عامل جذب سياحي للصقارين خلال الصيد موسم الصيد.
وأكد أن حجم الاستثمار المتوقع من تنظيم عملية وجود الصقور في المملكة يزيد عن مليار دولار في العام، حيث سيتيح فرصة لتوظيف المواطنين في مجالات : الأبحاث, تربية، وتطبيب، وتدريب وإكثار الصقور وتجارتها وبيع مستلزماتها، كذلك إكثار طائر الحبارى والحيوانات البرية، فضلا عن العمل في محمياتها كمرشدين سياحيين لهواة القنص، والمهتمين برؤية الصقور أو المتخصصين فيها، كما سيكون مجالاً جاذبًا لهواة الصيد بالصقور خليجيا وعالميا لإتاحة الفرصة لهم لممارسة هوايتهم في محميات المملكة المتنوعة بيئاتها الجغرافية في أمن وأمان. وحصلت “واس” خلال هذا التقرير على صور متنوعة لعدد من الصقور من مركز “العرادي” لحفظ وإنتاج الصقور، ومن المصور باتريك بايات من مركز الأمير سعود الفيصل للحياة الفطرية في محافظة الطائف.
نقلا عن واس