بقلم : جلال دويدار رئيس جمعية الكتاب السياحيين
كان الهدف عند إنشاء الهيئة العامة للتنمية السياحية منذ ما يقرب من أربعة عقود أن تكون مهمتها توفير الاراضي اللازمة لإقامة الفنادق والمنشآت السياحية لزيادة الطاقة الفندقية وسد احتياجات السياح من الخدمات الاخري. إدراكا بأهمية الدور المكلفة به هذه الهيئة صدر القرار الجمهوري بأن تكون صاحبة الولاية والتصرف علي كل الاراضي التابعة للدولة في كل المناطق السياحية.
إيمانا بما يمكن أن تمثله السياحة المتنامية من دعم ومساندة للاقتصاد القومي كان قرار الدولة إبان تولي فؤاد سلطان وزارة السياحة أن يتم بيع المتر للمستثمرين السياحيين بدولار واحد. جاء ذلك علي أساس أن ما سوف تحققه السياحة للدولة اقتصاديا واجتماعيا سوف يجعل ما حصلت عليه أضعاف أضعاف هذه القيمة. كان الهدف من هذا القرار الذي يعكس بعد نظر وفكرا اقتصاديا خلاقا هو تشجيع إقبال المستثمرين علي إقامة المشروعات السياحية خاصة في المناطق الجديدة التي شملت البحر الاحمر وسيناء.. تفعيل هذا القرار كان وراء حركة بناء الفنادق والقري السياحية المخصصة لاستقبال السياح في هذه المناطق وأهمها شرم الشيخ والغردقة وسفاجا والقصير ومرسي علم.
>>>
علي ضوء التصريحات الصحفية الصادرة عن سراج الدين سعد الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للتنمية السياحية يثور التساؤل هل مازالت الهيئة ملتزمة بالسياسات التي حددت لها؟ وهل هذا الالتزام يتضمن نفس الشروط والمبادئ والقواعد والضوابط التي كانت سببا في النجاح الذي حققته في تعمير البحر الأحمر وجنوب سيناء سياحيا؟
دفعني إلي هذا التساؤل ما ذكره رئيس هيئة التنمية بأنه سيتم طرح ٦٧ مليون متر مربع من الاراضي السياحية علي المستثمرين في نهاية هذا العام علي أن تدفع القيمة بالعملة المحلية دون تحديد القيمة المطلوبة. كم أرجو ألا يتم تحديد سعر المتر وفقا لما يقوم به تجار العقارات والسماسرة وشركات بناء الوحدات السكنية بغرض التجارة خاصة في الساحل الشمالي. ليس هناك ما يمنع من مراعاة التغيير في اسعار الصرف إلي جانب ارتفاع معدلات التضخم.
المفروض ولصالح السياحة عدم الخضوع لفكر السماسرة واعتبار أن السياحة وعاء منتج لسلعة تصديرية تجني من ورائها الدولة مليارات الدولارات؟
>>>
من ناحية أخري فإن ما أتمناه أن تكون هناك أراض مازالت تحت ولاية هذه الهيئة بالساحل الشمالي للاستثمار السياحي. يأتي هذا التمني علي ضوء تعاظم استيلاء تجار العقارات علي هذه الاراضي لبناء وحدات سكنية خرسانية لتحقيق أرباح بمليارات الجنيهات دون أي مراعاة لصالح الدولة اقتصاديا واجتماعيا.
في ظل هذه الامنيات نتوقع أن تتمكن الهيئة من احياء دورها الذي تلاشي بأن يكون لديها خطة للتصرف بما يمكن أن يكون تحت يدها من اراض بالساحل الشمالي. لابد من العمل علي أن يقتصر التصرف في هذه الأراضي علي اقامة الفنادق والقري السياحية المجهزة لاستقبال السياح الوافدين من الخارج. إن اتخاذ هذا القرار سوف يؤكد أننا جادون حقا في استثمار هذه المنطقة الفريدة سياحيا.
بالطبع فإن الهيئة ستكون عاجزة عن القيام بدورها الصحيح والسليم الذي حقق لها النجاح في جنوب سيناء والبحر الاحمر اذا لم تتوقف الدولة والحكومة عن مطالبتها بأن يقتصر دورها علي التجارة في الاراضي دون مراعاة لانعكاسات ذلك علي الاستثمار السياحي الحقيقي الذي تحتاجه التنمية المتكاملة لدولة مصر. بالطبع فإن توفير الدولة للاراضي بالأسعار المناسبة والجاذبة لبناء الفنادق.. يمثل في مجمله وعوائده الاقتصادية.. كاقدامها علي بناء مصنع يخصص انتاجه للتصدير وجلب العملات الاجنبية