Al Masalla-News- Official Tourism Travel Portal News At Middle East

جانبى طويل

المدينة العتيقة بالدار البيضاء تحتضن لأول مرة مهرجانا ثقافيا دولياً

الدار البيضاء "المسلة" ….. في مبادرة فريدة، تستعد المدينة القديمة بالدار البيضاء لاحتضان تظاهرة ثقافية وفنيّة تروم إعادة الاعتبار للمدن العتيقة، يقودها ثلّة من الفنانين والمثقفين بالعاصمة الاقتصادية، بعد أزيد من سنة ونيّف من العمر والتفكير في الصيغة التي ستخرج بها التظاهرة إلى حيّز الوجود.

 

يتعلّق الأمر بالمهرجان الدولي للمدن العتيقة، الذي كان ذات لحظة فكرة وحُلما انبثق من مخيّلة الفنان زكرياء الحلو، رئيس الجمعية المنظمة للمهرجان، في لقاء مع مجموعة من الفنانين، فلقيت الفكرة صدى وترحيبا، ونمتْ رويدا رويدا إلى أن صارتْ حقيقة ملموسة، ستشهد أسوار المدينة العتيقة بالدار البيضاء ولادتها.

 

تقول الإعلامية سناء الزعيم إنّ المهرجان الدولي للمدن العتيقة بالدار البيضاء لم يأتِ اعتباطا، بل كان نتاج أزيد من ثمانية عشر شهرا من التفكير والتحضير، وتضيف بنبرة ملؤها الثقة والتفاؤل: "سنقدم لساكنة مدينة الدار البيضاء حدثا ثقافيا سيروقها، وسنعمل على تحقيق انتظاراتها في كل ما يتعلق بالمجال الثقافي".

 

حين انبثقت فكرة إقامة المهرجان، ووجدتْ من يحتضنها، امتدّ مجراها ليتبنّاها فنانون وأدباء ومثقفون ومهندسون معماريون وممثلون ومخرجون سينمائيون، من بينهم المخرج والممثل إدريس الروخ، والممثلة سامية أقريو؛ أمّا الهدف الأول فهو "تعزيز التراكم الثقافي الحاصل، والانخراط في المشروع الملكي لتأهيل المدن العتيقة"، يقول زكرياء الحلو.

 

رئيس الجمعية المنظمة للمهرجان الدولي للمدن العتيقة وزملاؤه في اللجنة التنظيمية لا يَرَوْن في المُدن العتيقة للمغرب تلك الفضاءات المتّسمة بالكثافة السكانية، والضجيج، والبنايات الآيلة للسقوط، والمشاكل التي لا تنتهي، بل يَرَوْن فيها قيمة إنسانية ومخزونا للذاكرة، ورابطا بين الماضي والحاضر، لذلك اختاروا للمهرجان شعار: "حضارة منفتحة على مستقبل أفضل".

 

ولأنّ المستقبل تبْنيه الأجيال الصاعدة، فإنّ الجمعية المنظمة للمهرجان الدولي للمدن العتيقة بالدار البيضاء ارتأت ألّا يكون المهرجان مناسبة للمرح كما هو حال كثير من المهرجانات التي تُنظم في عدد من مدن المملكة، بل مناسبة لتعزيز قدرات شباب المدينة العتيقة في كل ما هو ثقافي، وهكذا تم خلق أكاديمية، واستفاد الشباب من ورشات كثيرة في مختلف المجالات، أطرها متخصّصون.

 

"هؤلاء الشباب الذين استفادوا من الورشات سيُساهمون مساهمة أساسية في تنظيم مهرجان مدينتهم العتيقة، فنحن بدأنا من الأسفل، وكانت الأكاديمية الانطلاقة الأولى للعمل مع ساكنة المدينة العتيقة"، يشرح زكرياء الحلو، وتضيف زميلته في اللجنة التنظيمية سامية أقريو: "لا نريد إسقاط مهرجان من أعلى كما جرت بذلك العادة، بل مهرجانا يقوم السكان أنفسهم بإعداده".

 

ونوّه المنظمون بالترحيب الذي لقيته فكرة تنظيم المهرجان من طرف مسؤولي مدينة الدار البيضاء وشركاء القطاع الخاص؛ ترحيب قال نائب عمدة الدار البيضاء المكلف بالشؤون الثقافية، عبد المالك حيلي، إنه ليس سوى قيام بالواجب، موضحا أن المجالس الجماعية لا يقتصر دورها على توفير الإنارة والنظافة وغيرها من المهامّ الكلاسيكية، بل إنّ من مهامّها الأساسية النهوض بالثقافة أيضا.

 

وتنطلق فعاليات المهرجان الدولي للمدن العتيقة بالدار البيضاء يوم 23 مارس القادم. وينقسم المهرجان إلى ثلاث مراحل، الأولى تمتدّ إلى يوم 26 مارس، وهي مخصصة لكلّ ما هو ثقافي، من ندوات ولقاءات وأمسيات أدبية وشعرية، فضلا عن إنجاز عملية "عز المدينة"، المستوحاة من تزيين أزقة وحارات عدد من الأحياء بمدينة طنجة، إذ ستشهد أزقة المدينة القديمة بالبيضاء بدورها عمليّات تزيين.

 

وتحلّ مدينة لشبونة البرتغالية ضيفٓ شرف على الدورة الأولى للمهرجان الدولي للمدن العتيق بالدار البيضاء، ممثلة في عُمدتها الذي سيحضر إلى المهرجان.

 

وجاء اختيار المدينة البرتغالية ضيف شرف، حسب زكرياء الحلو، لكونها تعتبر من أحسن مشاريع إعادة تأهيل المدن العتيقة في العالم، من أجل الاستفادة من تجربتها، خاصة أن المدينة يقام فيها مهرجان مماثل للمهرجان الذي ستحتضنه المدينة القديمة بالبيضاء بحسب هسبريس.

 

وثمّة سبب آخر لاختيار مدينة لشبونة ضيف شرف، وهو أنّ ما هو مدوّن في كتب التاريخ عن علاقة المغرب بالبرتغال "كان مطبوعا بالحروب والغزو، ونحن نريدها علاقات سِلم وتبادل ثقافي"، يقول زكريا الحلو، ويشير بسبّابته إلى الزقاق الذي تقع فيه دار الثقافة بالمدينة القديمة، والتي كانت في الأصل كنيسة، قائلا: "هذا الزقاق يضمّ كنيسة، ومعبدا يهوديا ومسجدا، ولا تفصل بين دور العبادة هذه غير بضعة أمتار، وهذه أبلغ رسالة نريد تقديمها للعالم".

 

وستحضر شخصيات وازنة افتتاح المهرجان الدولي للمدن العتيقة بالدار البيضاء يوم 23 مارس، إذ يرتقب أن يشارك في الندوة الافتتاحية كل من المستشار الملكي أندريه أزولاي، ووزير التعمير وسياسة المدينة محمد نبيل بنعبد الله، ووزير الشؤون الخارجية والتعاون السابق، رئيس منتدى أصيلة محمد بنعيسى.

 

وبعد انتهاء المرحلة الأولى من المهرجان، ستحضّر اللجنة المنظمة للمرحلة الثانية، والتي ستنطلق في شهر يوليوز، وستخصص للموسيقى، ثم المرحلة الثالثة، في شهر نونبر، وستخصص للسينما.

 

وإن كان المهرجان سيخطو أولى خطواته انطلاقا من مارس، فإن أعضاء اللجنة المشرفة على تنظيمه يطمحون إلى أن يمتدّ المشوار. ويلخّص زكرياء الحلو هذه الرغبة بقوله: "هناك من يقول لنا إنكم تحلمون، ونحن نريد أن نحلم، لأن الحلم لا شواطئ تحده".

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله