القاهرة "المسلة" المحرر الاثرى …. أكد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان أن الآثار هى أرقى العلوم الإنسانية وأن رجل الآثار فى الدول المتقدمة له مكانة رفيعة وقد قابل بنفسه أمين متحف بمتحف بناكى بأثينا فى مكتب فخم يخصص لوكيل وزارة بل وكان فى مصر حتى الستينات من القرن الماضى يطلق على مفتش الآثار صاحب السعادة وكان يخصص له دابة وحارس حين نزوله للتفتيش فى أى منطقة وكان يحظى باحترام كل أهل القرية موضع التفتيش وممن أطلق عليهم هذا اللقب وسجل فى كتبهم هو صاحب السعادة مفتش الآثار المرحوم حسن عبد الوهاب الذى توفى عام 1967 وقد حصل على جائزة الدولة التقديرة فى العلوم الإجتماعية عام 1963 ومن أشهر كتبه تاريخ المساجد الأثرية.
ويضيف د. ريحان بأن الآثارى بمصر يتعرض لمخاطر شديدة لممارسة عمله الذى يبدأ من مرحلة المسح الآثارى لاكتشاف الشواهد الأثرية للقيام بأعمال الحفائر لاكتشاف آثار عظيمة غيرت مجرى التاريخ وهو أول من يكتب شهادة ميلاد هذا الأثر بتوثيقه والآثارى هو من يشرف على ترميم الأثر وتطويره لفتحه للزيارة وهو أفضل من يتحدث عنه علمياً وإعلامياً لكل زواره من مصريين وغير مصريين وهو الأمين على الأثر وحارسه طيلة حياته لأن حياته تفنى فى سبيله ويبقى الأثر وهو الذى يسجل الأثر فى ذاكرة التاريخ ويبحث ويدرس فى مكنوناته وينشره فى كل المحافل العلمية ومقابل ذلك يتعرض لمخاطر أثناء مروره على الآثار ربما تصل للقتل خصوصاً الآثار الإسلامية التى تقع فى مناطق شعبية وكلها مرتبطة بأرزاق الناس من محلات وبازارت وخلافه فى نطاق تعمل الآثار به بمفردها وفى ظروف إيرادات متدنية ويبقى الوضع على ما هو عليه لأن الآثار لا تملك مال قارون لرفع التعديات الجسيمة على الآثار وتنفيذ قرارات الإزالة وتعويض أصحاب المحلات والبازارات والشركات إلا بتعاون الداخلية والإسكان والمحليات وكافة الوزارات المعنية .
ويوضح د. ريحان بأن الآثاريين يتعرضون فى مناطق الحفائر فى المواقع الصحراوية لمخاطر الثعابين والعقارب والطريشة مع عدم وجود أمصال بهذه المناطق وظروف جوية سيئة أثناء العمل من رياح عاصفة تنقل رديم الحفائر بكل ما يحمله من بكتيريا وغيرها لأعينهم وقد عانى بنفسه فى حفائر سيناء حتى أكتشفت أعظم آثار أكدت هوية سيناء المصرية ويتعرض الآثارى لظروف عمل فى مناطق ألغام كما حدث مؤخراً فى تل دفنة بالقنطرة غرب أو ظروف تعدى على مخازن الآثار كما حدث بالمنيا وحادث متحف ملوى قبل ذلك وحارس الآثار وعامل الحفائر أركاناً رئيسية فى العمل الأثرى.
ويشير د. ريحان أن الدولة تحمّل الآثارى أمانة كبرى وتفوضه فى الحفاظ على آثار لا تقدر بثمن فهو حافظ أمانة الوطن حارس لتراثها أمين على هويتها لذا فهناك حاجة عاجلة وماسة لأن تتعامل الدولة بمنهجية جديدة فى إعادة قيمة وهيبة صاحب السعادة ورعايته وتوفير الحماية له من المخاطر ورعايته صحياً بتوفير تأمين صحى كريم لتعرضه للأمراض الخطيرة من مخاطر العمل وتبنى الدولة بكل مؤسساتها لقضايا الآثار باعتبار أن مسئولية حمايتها وتطويرها وتضمينها كمادة للتنمية ومصدر رئيسى من مصادر الدخل القومى لا تقع فقط على عاتق وزارة الآثار بل هى مسئولية عدة وزارات لها علاقة بذلك وأولها وزارة الداخلية متمثلة فى شرطة السياحة والآثار وهى فى حاجة لآليات جديدة ومعدات خاصة وتفويضات معينة لوقف أعمال التعدى وسرقات الآثار والحفر خلسة كما أن وزارة الإسكان منوط بها المساهمة فى إيجاد أماكن ومحلات بديلة للقاطنين بجوار المواقع الأثرية فى مبانى يزيد ارتفاعها عن الأثر نفسه وبشكل يشوه معالم الأثر ويهدد سلامته وكذلك المحلات التى تمارس أنشطة تهدد الأثر بالحرائق أو السقوط.
ويتابع بأن المحليات عليها دور مهم فى حماية الآثار باستكمال شبكات المرافق بالمواقع الأثرية وإصلاح الشبكات القائمة والمتسببة فى ارتفاع مناسيب المياه الجوفية ببعض المواقع الأثرية المحاطة بالسكان وكذلك عدم منح تراخيص بناء ملاصقة للمواقع الأثرية ومراقبة تراخيص المبانى المرتفعة وإزالة المخالف كما ينوط بالمحليات معالجة مشاكل الآثار بالمواقع الساحلية بالتعاون مع الوزارات المعنية وعوامل النحر التى تهدد سلامتها وتأثير ملوحة البحر بدخول المياه للمواقع الأثرية مما يؤدى لتآكل أحجارها ومعظمها أحجار رملية وجيرية.
ويؤكد د. ريحان أن وزارة الثقافة عليها دور فى كيفية توظيف الآثار ثقافياً لخدمة الحركة الثقافية والتوعية الأثرية وإنشاء متاحف تعليمية مع ضمان الحفاظ على الأثر وكذلك حصر شامل لكل القصور التاريخية بمصر ووضع خطة لإعادة استغلالها كفنادق تاريخية تحقق أعلى الإيرادات كما هو معروف دولياً ووزارة السياحة عليها أن تساهم ممثلة فى هيئة التنمية وهيئة التنشيط فى تنمية المواقع الأثرية وتطويرها وإحياء طرق تاريخية هامة لها زوارها دولياً كطريق رحلة العائلة المقدسة ودرب الحج القديم إلى مكة المكرمة عبر وسط سيناء وقلاعه ومحطاته ما زالت باقية حتى الآن وإحياء السياحة الدينية الإسلامية والمسيحية ولها مردود سريع داخلياً وخارجياً وهى ممثلة فى طريق الرحلة المقدسة للمسيحيين إلى القدس عبر سيناء وزيارات الأديرة ذات الشهرة العالمية كدير سانت كاترين ودير الأنبا أنطونيوس ودير المحرّق وديرالعزب والآثار الإسلامية ممثلة فى القاهرة التاريخية.