Al Masalla-News- Official Tourism Travel Portal News At Middle East

جانبى طويل

مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية ومكتبة الإسكندرية ينظمان حلقة نقاشية حول مستقبل الوطن العربي

 

 

الإسكندرية “المسلة” …. شهدت مكتبة الإسكندرية أمس حلقة نقاشية بعنوان “مستقبل الوطن العربي: الثقافة، التنمية، المواطنة”، نظمها مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية بالتعاون مع مكتبة الإسكندرية.

 

وقال الدكتور مصطفى الفقي؛ مدير مكتبة الإسكندرية، إن هذه الحلقة النقاشية جاءت في وقتها تمامًا، فالمجتمعات العربية تمر بتحولات هائلة، ومن هنا تأتي أهمية توظيف العلم والفكر من أجل التقدم والنهوض، وضمان المزيد من الحريات للمواطنين، وتمكين المرأة والتأكيد على دورها، ودراسة مصادر وأبعاد الفكر المتطرف. وتوجه الفقي بالشكر إلى الأمير تركي الفيصل وجهوده لإقامة هذه الحلقة وغيرها من المشروعات المشتركة مع مكتبة الإسكندرية. وأشار إلى أن الأمير تركي الفيصل هو عضو مجلس أمناء المكتبة، وله تقدير خاص لديها.

 

التقسيمات الطائفية

وأكد الفقي أن الوطن العربي يعاني من التقسيمات الطائفية التي مزقت الأمة، وهو أمر قائم على خلافات تاريخية وليست دينية، ومن هنا تأتي أهمية هذه اللقاءات لبحث سبل نبذ هذا العنف والتطرف، والدعوة لتدعيم الدولة العصرية والوطنية التي تقوم على المواطنة وتسعى للديمقراطية.

 

من جانبه، أكد الدكتور سعود السرحان؛ أمين عام مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، أنه لا يمكن الإيغال في محاور الحلقة المطروحة عن التنمية، والثقافة، والمواطنة دون أن نعترف باختلافاتنا كمجتمعات عربية، فلكل مجتمع خصوصيته النابعة من طبيعة أرضه التي تراكمت عليها ثقافته ووجوده وحضوره الديني والدنيوي، مؤكدًا أن هذا الاعتراف هو الخطوة الأولى نحو تأسيس أرضية مشتركة، ورغبة عميقة مخلصة في الانعتاق من حاضر شديد البؤس، رغبة تقودنا إلى مستقبل مشرق نتمناه جميعاً لنا ولأجيالنا القادمة.

 

وأضاف: “أحيي في مكتبة الإسكندرية هذا التنوع في اختيار المتحدثين والمشاركين في هذه الندوة من دول عربية عدة، ليتشاركوا رؤاهم وتحليلاتهم، ويضيفوا بتنوعهم وخبرتهم رؤية أعمق وصورة أدق”.

 

وأكد أنه لا يمكن أن نتحدث عن المستقبل دون أن نُقَيِّمَ الواقع، ثم نُقَوِّمَه، فنحن جميعاً متفقون على أن الموجات الإرهابية الحادثة الآن تكاد تعصف بالعالم كله، وليس هناك مجتمعٌ، عربي أو غير عربي، في مأمن منها، وكان من نتيجتها المباشرة أن “الدولة الوطنية” انتابها الضعف، كما أن استقواء المجموعات المسلحة غير الحكومية زاد الدول العربية وهناً على وهن، حيث تغلغلت في مفاصل المجتمع وهمَّشت الدولة، وأصبحت لها اليد الطولى في تسيير الأمور.

 

الهُويِّة الوطنية

 

ولفت إلى أن الحفاظُ على الهُويِّة الوطنية بات من أشقِّ الأمور، والاتحادات الإقليمية والمناطقية التي قامت في عالمنا العربي، على مدار الستين عاماً المنصرمة، لم تستطع أن تحقق شيئاً من آمال الشعوب المنضوية تحت لوائها، والفساد قد ضرب بأطنابه، واستطاع أن يَغُلَّ يد التنمية في معظم أرجاء الوطن العربي، والفضاء الإعلامي -في أكثر إنتاجه- لا قضية له سوى تحويل الشعوب العربية إلى مجتمعات مستهلكة.

 

دولة القانون

 

وأكد أن الحل يكمن في تفعيل دولة القانون في مواجهة التطرف في القول والفعل. دولة تؤمن أن الشفافية والمصارحة وتقبُّلَ الآخر وإفساحَ الصدر له، وتحقيق مبدأ التعايش السلمي بين أطياف المجتمع، والإيمان بأن ليس كل من يعارضك هو عدو لك، هي سبيل النجاة من تفريخ كيانات غير شرعية تعمل في الخفاء، كما أنها ستكون من أعظم العوامل المساعدة على تقوية الدولة الوطنية في مواجهة الجماعات الإرهابية والمجموعات المسلحة المؤدلجة التي تريد سرقة قرار الدولة والاستيلاء على شرعيتها السياسية.

 

وقال الدكتور خالد عزب؛ رئيس قطاع المشروعات والخدمات المركزية بمكتبة الإسكندرية، إن موضوع هذا الحلقة يأتي انطلاقًا من أهداف مكتبة الإسكندرية منذ افتتاحها لتكون ساحة للحوار وعرض الرأي والرأي الآخر، كما توجه بالشكر والتقدير لمركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية للمشاركة في تنظيم هذه الحلقة، مؤكدًا أنه من المراكز الأولى التي أنشأها المجتمع المدني العربي، ويعد سابقًا لعصره في التأكيد على دور المجتمع المدني في ترسيخ الثقافة والعلوم والفنون، كما أن اهتماماته تتنوع بين التراث والحضارة الإسلامية ثم الثقافة الإسلامية والترجمات، ويعد أيضًا رائدًا في إقامة المعارض الفنية.    

 

ولفت عزب إلى أن المركز انتقل بجهود الدكتور سعود السرحان لمرحلة التعاطي مع الواقع العربي، خاصة فيما يخص الاهتمام بدراسات الإسلام السياسي، والخوض في هذا المجال خوضًا نقديًا عميقًا. وقد اختارت مكتبة الإسكندرية مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية شريكًا لها في مشروعات عديدة، وسيصدر قريبًا كتاب “تاريخ الجبرتي” وهو موسوعة من ستة مجلدات تؤرخ للعرب في القرنين التاسع عشر والعشرين، ويعد هذا المشروع ثمرة التعاون بين الجانبين.    

 

حروب

 

وأكد عزب أن موضوع مستقبل وهوية المجتمعات العربية من الموضوعات الملحة التي تفرض نفسها على ساحة النقاش في ظل الضغوط السياسية والحروب الأهلية التي أثرت على المنطقة بشكل كبير، والإزعاج الكبير الذي سببه الطموح الإيراني، وهي كلها أمور تحتاج إلى وقفة ونقاش جاد حول مستقبل الوطن العربي في ظل هذه التحديات.   

 

وجاءت الجلسة الأولى بعنوان” التنمية ومستقبل الوطن العربي”، تحدث فيها الدكتور سامح فوزي؛ نائب رئيس قطاع الخدمات والمشروعات المركزية بمكتبة الإسكندرية، والدكتور مصطفى نصر؛ باحث يمني ومدير مركز الدراسات اليمنية، والدكتور قدري إسماعيل؛ عميد كليه العلوم السياسية بجامعه الإسكندرية. وترأس الجلسة الدكتور محمد شومان.

 

وتحدث الدكتور سامح فوزي عن مفهوم التنمية وأهميه العنصر البشري، وطرح نموذجًا تنمويًا عربيًا له خمسة أبعاد؛ وهي: التصدي للتهميش في المنطقة العربية، الاهتمام بالتنمية الذاتية وتقدير الذات والابتعاد عن فكره نقل المعارف، استدعاء المواطن للمشاركة الدائمة وليس بطريقه موسمية، بناء رأس المال الاجتماعي حيث يتلاقى المواطنون نحو هدف واحد، وبناء الانسجام داخل المجتمعات العربية خاصة بعد تدمير هويه الثقافة العربية.

 

من جانبه، أكد الدكتور مصطفى نصر أنه هناك ترابط كبير بين الوضع السياسي والاقتصادي، متحدثًا عن وضع اليمن كحاله للدول العربية التي سقطت ولم تستطع أن تتجاوز الصراع القائم.

 

وأكد الدكتور قدري إسماعيل في حديثه أن كل النماذج الأوروبية مختلفة عن واقعنا العربي وبالتالي لا نستطيع تطبيقها، مبينًا أنه لكي ننهض بالمجتمعات العربية مرة أخرى علينا أن نكسب المعركة بالإنسان، فبناء الإنسان هو بناء المجتمع، ثم يأتي بعده بناء الاقتصاد والدولة. وأكد على أهمية تدعيم القدرة التنظيمية والمشاركة داخل المجتمع، وبناء المجتمع بطريقه حديثه تساعد على تحدي كل الصعوبات والنهوض بالدولة.

 

وجاءت الجلسة الثانية في الحلقة النقاشية بعنوان” مستقبل الثقافة في مجتمعاتنا العربية”، تحدث فيها كل من الدكتور خالد عزب، والإعلامي العراقي الدكتور صلاح نصراوي، والدكتور أحمد الفاتش. وترأس الجلسة الدكتور أشرف فراج.

 

وقال الدكتور خالد عزب إن هناك جدل عميق على الساحة الدولية حول مستقبل الثقافة، خاصة حول دور المثقفين ودور الثقافة في بناء خصوصية المجتمع والدولة. وأوضح أن المثقف هو من يعمل في أي مجال من مجالات انتاج المعرفة أو نشرها.

 

وذكر أن الفجوة الرقمية تتزايد يوما بعد يوم في وقت يثير فيه منتجو المعرفة الرقمية مشكلات مستمرة، مثل إخضاع الشبكات الرقمية لرقابة صارمة، وإثارة عقبات مثل حقوق الملكية الفكرية، وفرض أسعار مبالغ فيها على البرمجيات مما يحرم من لا يملك المال من امتلاك المعرفة العصرية. وشدد على أهمية تنمية صفة الإبداع في الإنسان، فنشر الإبداع بين كل الناس من كل المواقع والفئات الاقتصادية والأصول العرقية ضروري للمصلحة العامة. وقال إنه يجب إعادة النظر في منظومة الثقافة العربية الرقمية لكي تنتقل من العشوائية إلى الإبداع واكتشاف المبدعين لتعزيز الثقافة العربية.

 

وعن مستقبل الثقافة في الوطن العربي يتوقع عزب ميلاد المثقف المستقل عن المنظومة التقليدية نتيجة لشبكة الإنترنت التي خلقت فضاءً أوسع للنشر غير المكلف ماديًّا، كما سيشكل بعض المثقفين تيارات فكرية جديدة، وسيظل البعض يعمل بصورة منفردة. وأضاف أن الوطن العربي افتقد المدارس الفكرية ومراكز الأفكار والدراسات المستقبلية، لكن هذه النوعية من المدارس والمراكز ستشهد تحولاً جذريًّا خلال السنوات القادمة، فسيطرة العلم والثقافة والرؤى الاستراتيجية المخططة مستقبلاً على صناع القرار في العالم، ستدفع صناع القرار في الوطن العربي إلى الإيمان بقوة المعرفة كسبيل للتواجد في عالم لا يعرف إلا المعرفة كأداة للحياة والبقاء.

 

من جانبه، تحدث الدكتور صلاح نصراوي عن تعريف الثقافة وكيف يواجه الخطاب الإعلامي الإرهاب، مشددًا على أهمية المعرفة والنقاش وتبادل الآراء في مواجهة التحديات في الوطن العربي.

         

وتحدث الدكتور أحمد الفاتش عن التعليم في دولة اليمن واسهامات دول الخليج من السبعينات في اليمن ودور منظمات المجتمع المدني للعمل على الحد من الانتهاكات المستمرة بحق التعليم.

 

وجاءت الجلسة الثالثة بعنوان “آفاق المواطنة في الوطن العربي”، وتحدث فيها كل من الدكتور سعيد المصري، والدكتور شبل بدران، والدكتورة وسام باسندوة. وترأس الجلسة الدكتور عبد الحكيم الطحاوي.

 

وقال الدكتور شبل بدران إن الوطن العربي يواجه العديد من التحديات التي تلقي بظلالها على قضية المواطنة، ومنها الضغوط الخارجية، وانخفاض الاستثمارات الأجنبية، والطائفية، والعولمة وثورة المعلومات، وأخيرًا تحدي الإرهاب. وأكد أن المواطنة في الغرب هي العلاقة بين الفرد والدولة، وتنطوي على عدد من القيم الأساسية؛ ومنها الحرية والمساواة وتكافؤ الفرص والعيش المشترك، إلا أنه في الوطن العربي فإن العلاقة بين الفرد والدولة أصبحت علاقة راع ورعية، وغابت الحقوق والواجبات.

 

وشدد على ضرورة اهتمام الدول العربية بالقيم التي تدعمها المواطنة وأن تعمل على نشرها، خاصة من خلال التعليم، وأن يتم التدريب على فكرة المساواة وتكافؤ الفرص، وتعليم الأطفال نظام الحقوق والواجبات والعيش المشترك. وأضاف أنه يجب على النظام السياسي العربي أن يدعم مؤسسات المجتمع المدني ويعمل على بناء دولة المؤسسات والقانون ومجتمع الجدارة والاستحقاق.

من جانبه، تحدث الدكتور سعيد المصري عن التحول الديمغرافي في العالم العربي وآثاره المتعددة في المستقبل، مبينًا أن التحول الديمغرافي هو انتقال المجتمع من معدلات مرتفعة في المواليد والوفيات إلى معدلات مستقرة. ولفت إلى أن دول الخليج تشهد هذا التحول الآن، الأمر الذي يعرضها لعدد من التحديات؛ ومنها: خلل في التركيب الديمغرافي، خلل في منظومة التشغيل، وصراعات اجتماعية وسياسية.

 

وأضاف أن كبر حجم فئة الشباب يصاحبه حالة من عدم الاستقرار الاجتماعي والسياسي، وزيادة في الصراعات المدنية، خاصة في حالة ضعف القدرة الاقتصادية، وارتفاع معدلات البطالة. وأكد أن التحول الديمغرافي يفرض إجراء تحولات اجتماعية وسياسية عاجلة لتقدير أعراضه وتفادي سيناريو عدم الاستقرار؛ من خلال: تطوير جودة التعليم، تطوير سياسات اقتصادية قادرة على مواجهة البطالة ودعم حق العمل اللائق، تفعيل الشراكة المجتمعية في التنمية من خلال زيادة مشاركة القطاع الخاص والمدني، تعزيز فرص الشباب في المشاركة التطوعية، ومواجهة تداعيات التحول الديمغرافي والطفرة الشبابية عن طريق الاستثمار.

 

وفي كلمتها، تحدثت الدكتورة وسام باسندوة عن تحديات المواطنة في اليمن، مبينة أن الحديث عن المواطنة يعد رفاهية الآن في ظل ما يعانيه المجتمع اليمني من تهميش وانعدام المساواة، مؤكدة أن الحل يكمن في استعادة الدولة والسلطة الشرعية.

 

وفي ختام الحلقة؛ عرض الدكتور سعود السرحان مجموعة التوصيات التي خرج بها المشاركون؛ وهي: أهمية الاعتراف باختلافاتنا كمجتمعات عربية، تقييم وتقويم الواقع العربي في ظل ضعف الدولة الوطنية وتفشي الجماعات المتطرفة، إقامة دولة وطنية وتفعيل دولة القانون وترسيخ قيم الشفافية والمصالحة والتعايش السلمي، الاهتمام بالدراسات الاستشرافية لرسم سيناريوهات مستقبلية والخروج من الخطاب التنموي التقليدي، الاهتمام بالعنصر البشري ورفع كفاءة التعليم واصلاح الثقافة، الحاجة الماسة للتغيير السياسي وفصل السلطات، دراسة تطور الفكر الإرهابي وكيفية مواجهته، حماية الأطفال من المشاركة في النزاعات المسلحة وتمكين المرأة.    

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله