بقلم :أشرف الجداوى
اخيرا وليس اخرا بدأت حركة السياحة الى مصر فى التنامى الحركى الصاعد بشكل قد يبشر بالخير، واستعادة نذر يسير من جملة الحركة السياحية غير المسبوقة بشهادة الشهود التى هربت منذ عام 2011 ولم تعود الى مقاصد سياحية اخرى ، وهى مقاصد بالمناسبة لاتقارن بمصر على الاطلاق بالمنطق والورقة والقلم كما يقولون، ولاتصح ان تكون ،ولكنها تتمتع فقط بالاستقرار الذى فقدنا بوصلته لفترة ما ،ونجحنا فى استعادته بعد 30يونيه 2013 وهو ما اكدته الاحصاءات الاخيرة التى كشفت عن زيادة لاتقل عن 50% فى اعداد السياح ، وزيادة اخرى فى الايرادات السياحية بنسبة 210% خلال فترة ال 10 شهور الاولى من العام الحالى .
والمؤشرات هنا قياسا بنفس الفترة من العام الماضى 2016 والذى شهد انحسارا سياحيا كارثيا لم تشهد مصر من قبل ، اذ ان الانهيار بلغ مداه فى حركة السياح وقدرت بنحو 5.3 مليون سائح اجمالا ، والايرادات لم ترقى حتى لحجم ما انفقه المصريين فى رحلاتهم الخارجية والذى بلغ حسب ارقام البنك المركزى المصرى 4 مليار دولار ” شاملة رحلات حج وعمرة ورحلات سياحة الى اوروبا والشرق الاقصى ” ترفية ..لا اجد لها محلا من الاعراب عند “سيبويه وتفسيرا فى معجم مختار الصحاح “فى وقت العسرة واشتداد الإزمة عن “ازمة الاقتصاد المصرى” اتكلم ، وقدرت الايرادات من السياحة الوافدة الينا بنحو 3.4مليار دولاربنهاية العام ….. !!
ولعل الارقام المخيبة للامال تلك كانت المحفز الاول لقطاع السياحة ووزيره لاعادة النظر فى خططه لاستشراف مستقبل قطاع كان واعدا فى لحظة ما من تاريخ مصر الحديث ،ويعيد رسم منظومة تنشيط وترويج سياحى بأدوات غير تقليدية وافكار خارج الصندوق لجذب الحركة السياحية مرة اخرى الى مصر ، وبخاصة وان عام 2017 شهد الغاء حظر سفر رعايا العديد من الدول الى مصر باستثناء الحظر الروسى الكلى ” حسم الاسبوع الماضى بكلمة “بوتين ” عندما وفد للقاهرة لساعات ليشهد توقيع “مشروع الضبعة النووى ” مع الرئيس السيسى “، واما الحظر الانجليزى المحدود الى شرم الشيخ مازال ساريا حتى لحظة كتابة هذا التقرير ..!
ومما لاشك فيه ان المؤشرات المطمئنة التى نحن بصددها اليوم .. نتيجة لجهود مبذولة بوعى وفكر مستنير وارادة لاتلين لاستعادة الحركة السياحية مهما كانت العقبات والتحديات سواء الخارجية او الداخلية ، حتى لو تذمر اهل الصناعة من الوزير ومسئوولى هيئة تنشيط التابعة للوزارة وارتفاع حدة الشكوى من الوزير وافعاله ” وانه فى واد والقطاع فى وادى اخر ” ..!
ولكن نحن امام ارقام لاتكذب ولاتجامل وزير او غفير هناك حركة نمو من اسواق كبرى مثل السوق الالمانى ،والذى كان قد تراجع فى فترة ما امام الغزو الروسى لمصر ، والمتابع والمحلل للحركة على مدار ال 20عاما الماضية يرصد ان الالمان فى فترة التسعينيات من القرن الماضى كانوا المصدر الاول للحركة الى مصر ، وفى حينه احتفلت مصر بكسر الحركة المليونية الاولى للسياح الالمان ” ايام وزارة الدكتور البلتاجى رحمه الله ” .. واليوم كما اعلن هشام الدميرى رئيس هيئة تنشيط السياحة المصرية ، فأن السياحة الالمانية اخذة فى التنامى حتى بلغت نحو 800الف سائح خلال ال 9 شهور الماضية ،ويتوقع ان يلامس عددهم رقم المليون سائح بنهاية العام الحالى .
وايضا هناك ثمة حركة تتصاعد من السوق التشيكى والاوكرانى والبولندى ، وباتت تمثل كبرى الاسواق الاوروبية المصدرة للحركة الى مصر بحسب تصريح رئيس هيئة التنشيط ، وهو الامر الذى يعنى ان الاسواق التقليدية مثل فرنسا وايطاليا وانجلترا مازالت ارقامها متواضعة بالرغم من حجم الدعاية والحملات التسويقية والترويجية التى تنفذها الهيئة ومكاتبها هناك ..!
ايضا ثمة دلائل اخرى تؤكدها مؤشرات رقمية تصاعدية ،ولكنها تتصف ببطء الحركة ممثلة فى اسواق الشرق الاقصى ” الرقم الصعب ” فى جملة الاسواق التى تشكل العمود الفقرى للحركة الوافدة لمصر .. ولها ظروف اخرى يطول شرحها ، بدأت فى التحرك صعودا بنسب متواضعة بالقياس بحجم الحركة التى تصدرها تلك الاسواق ، وعلى سبيل المثال هناك السوق الصينى هذا التنين الواعد وفقا للارقام الصادرة من منظمة السياحة العالمية الاخيرة فقد تصدر الاسواق العالمية للحركة السياحية الى مقاصد العالم بنحو “150مليون سائح ” على مدار العام ..
واذا نظرنا الى حجم الحركة الوافدة الينا من هذا السوق سنكتشف حجم الكارثة وخيبة الامل بالرغم من كافة الجهود المبذولة من الهيئة والوزارة ..فهى لاتتعدى باى حال من الاحوال مئات الالاف ،وغير مأمول فى الوقت الحالى ولا فى المستقبل القريب ان تكسر حاجز المليون عددا .. والاسباب كثيرة ومتنوعة ويطول شرحها ، ولكن المؤسف هنا اننا لاتوجد لدينا الرغبة ولا الارادة للبحث فى مشكلات هذا السوق الكبير ،والسعى لحلها واحدة تلو الاخرى حتى تزول تلك الصعاب ونستطيع ان ننال حصة عادلة من السوق الصينى تغنينا عن شر لائم السوق الاوروبية والامريكية والروسية ايضا التى تحركها صعودا وهبوطا السياسة والساسة والعلاقات الدولية ما ظهر منها وما بطن ..
“الاتجاه الى الشرق” شعار اطلقه “البلتاجى ” منذ قرابة ال 20 عاما كان صاحب رؤية شديدة الخصوصية فى السياحة المصرية ،وكان ينظر اليها على اعتبار انها المرادف الطبيعى للسياسة ، ومن ثم كان يقرأ الاحداث السياسية وعلاقات مصر الدولية الى اين تذهب والى اين تتجه ، ومن النتائج التى يصل اليها يبدأ فى التحرك وفريقه تنشيطا وتسويقا وترويجا لمصر .. واعتقد ان هذه الرؤية كانت واحدة من اهم اسباب نجاح “البلتاجى ” فى ادارة السياحة المصرية فى حينه .
فهل ينتبه الوزير وفريقه من الخبراء وهيئة تنشيط السياحة الى الشرق الاقصى والصين تحديدا عملا وفعلا على ارض الواقع بعد ان بدأت الحركة فى النمو نوعا ما ،ودراسة السوق الصينى دراسة متعمقة جادة ترصد وتحلل بدقة اتجاهات السياحة الصينية خلال ال10سنوات القادمة ، وكيف يمكن ان نتحصل على حصة مناسبة وعادلة من هذا السوق التنينى الواعد .. بعيدا عن التصريحات الاعلامية والصحفية الجوفاء من نوعية فرح “العمدة “،والامال الفكرية التى لاتلامس ارض الواقع ،وحتى لانصدم مرة اخرى وتتبدل الاحوال مع اوروبا وروسيا والعالم الغربى ،وتتراجع الحركة السياحية ،ويتبدل التعافى الى اعتلال وتوعك ومرض لايرجى منه شفاء ………….
فهل يفعلها “راشد “..!