1،2 مليار سائح
مسقط “المسلة” …. تساهم الثقافة في مختلف أشكالها المدهشة في إلهام ما يزيد عن 1،2 مليار سائح يحزمون حقائبهم ويقطعون الحدود الدوليّة سنويّاً. فإنّها وسيلة هامة لتعزيز الحوار بين الثقافات، وإيجاد فرص عمل، والحد من الهجرة الريفيّة، وتنمية الشعور بالفخر لدى المجتمعات المضيفة. ويمكنها إذا ما حصلت على الإدارة اللازمة أن تلحق الضرر بالتراث الثقافي الذي تقوم عليه السياحة.
وإيماناً بضرورة إيجاد نهج مستدام بمشاركة كافة الأطراف المعنيّة بشأن السياحة الثقافيّة وعملية بناء السلام وحماية التراث، فقد وقّع ممثلو اليونسكو ومنظمة السياحة العالميّة ووفود والقطاع الخاص، وأعضاء من المجتمعات المحليّة والمنظمات غير الحكوميّة، إعلان مسقط بشأن السياحة والثقافة: تعزيز التنمية المستدامة، بتاريخ 12 كانون الأول/ ديسمبر.
وجاءت هذه الخطوة لاختتام المؤتمر العالمي للسياحة والثقافة الذي دام لمدّة يومين بالتنسيق المشترك مع اليونسكو والمنظمة العالمية للسياحة باستضافة سلطنة عمان. وقد قدّم هذا الإعلان الفرصة لقرابة 30 وزير ونائب وزير في قطاعي السياحة والثقافة، بالإضافة إلى 800 مشارك من 70 دولة، للتأكيد من جديد على التزامهم بتعزيز أوجه التآزر بين قطاعي السياحة والثقافة، والنهوض بمساهمة السياحة الثقافيّة في تنفيذ خطة التنمية المستدامة لعام 2030.
وبهذه المناسبة قال الأمين العام لمنظمة السياحة العالميّة، طالب الرفاعي: “يسجّل قطاع السياحة الثقافيّة مستويات نموّ من حيث الشعبيّة والأهميّة والتنوّع لتشمل الابتكار والتغيير. ويترتب على هذا النمو مسؤوليات جديدة لحماية ثقافتنا والأصول الطبيعية التي بحوزتنا، التي تشكّل القاعدة الأساسيّة لمجتمعاتنا وحضاراتنا.”
وشدد مساعد المديرة العامة لقطاع الثقافة،فرانشيسكو بندرين، على أنّنا بحاجة إلى إيجاد تفاعل إيجابي بين قطاعي الثقافة والسياحة “ما يعزّز الاستدامة ويعود بالفائدة على المجتمعات المحليّة. ويجب على هذا التفاعل المساهمة في بناء مدن آمنة ومستدامة، وإيجاد عمل لائق، وتقليل حالات عدم المساواة، بالإضافة إلى البيئة وتعزيز المساواة بين الجنسين والمجتمعات الشاملة والمسالمة.”
وقد ناقش وزراء من كمبوديا وليبيا والصومال والعراق والفيتنام دور السياحة الثقافيّة كعامل من عوامل تحقيق السلام والرخاء، والآراء المشتركة بشأن قدرة السياحة على دعم إنعاش بلادهم.
حيث يدعو الإعلان إلى وضع سياسات تعنى بالسياحة الثقافيّة التي لا تساهم فقط في تمكين المجتمعات المحليّة، بل أيضاً في توظيف نماذج سياحية مبتكرة جديدة تهدف إلى النهوض بالتنمية المستدامة والتفاعل بين الضيف والمضيف، والتبادل الثقافي. كما أنّها تعزّز دمج السياحة الثقافيّة المستدامة وحماية التراث في أطر الأمن الوطنيّة والإقليمية والدوليّة. هذا ويشير الإعلان إلى اتفاقية اليونسكو لعام 1972 المتعلقة بحماية التراث الثقافي والطبيعي العالمي، واتفاقية حماية وتعزيز تنوع أشكال التعبير الثقافي لعام 2005 في ما يتعلق بهذه الأهداف.
وشدّد وزير السياحة في سلطنة عُمان، أحمد بن ناصر المحرزي، على أهميّة تبادل الخبرات والأفكار من أجل تطوير السياحة المستدامة. كما تبادل المشاركون أفضل الممارسات بشأن بعض القضايا مثل إشراك المجتمع المحلي، وإدارة الزيارات واستخدام الموارد السياحيّة في مواقع متنوّعة مثل محميّة نجورونجورو في تنزانيا ورأس الخيمة في الإمارات العربيّة المتحدة وقصر فيرساي في فرنسا. كما تم التطرق إلى جملة من الأمور المتوافقة مع تطوير السياحة المستدامة مثل إقامة المشاريع والشركات صغيرة ومتوسطة الحجم وحماية المعارف التقليديّة مع تقديم بعض الأمثلة من قطاع الفندقة في الهند ومناطق أخرى تعمل على تطوير مبادرات لتقديم الأطعمة التقليديّة. كما قدّمت أمثلة أخرى بخصوص مشاريع البنك الدولي الرامية إلى تنشيط التراث الثقافي من أجل تطوير السياحة المستدامة، والشراكة بين اليونسكو وشركة الملاحة والسياحة Seabourn Cruise Line الرامية إلى زيادة الوعي بالتراث الثقافي لدى ضيوفهم.
ويأتي هذا المؤتمر الثاني امتداداً للمؤتمر العالمي الأول لليونسكو ومنظمة السياحة العالمية بشأن السياحة والثقافة والذي عقد عام 2015، كجزء من الفعاليات الرسميّة للسنة الدولية لتسخير السياحة المستدامة من أجل التنمية 2017 والتي أعلنتها الأمم المتحدة. وتجدر الإشارة إلى أنّ مدينتي إسطنبول (تركيا) وكيوتو (اليابان) ستستضيفان هذا المؤتمر عامي 2018 و 2019 على التوالي.