Al Masalla-News- Official Tourism Travel Portal News At Middle East

جانبى طويل

مكتبة الإسكندرية تُعيد إصدار 50 كتابًا من التراث الإسلامي الحديث

الإسكندرية "المسلة" …. أصدرت مكتبة الإسكندرية الكتيب التعريفي لسلسلة "في الفكر النهضوي الإسلامي"، الصادرة عن مشروع "تقديم مختارات من التراث الحديث للمجتمعات الإسلامية في القرنين الثالث عشر والرابع عشر الهجريين/ التاسع عشر والعشرين الميلاديين".


وقام المشروع الذي تنفذه مكتبة الإسكندرية بإعادة إصدار 50 كتابًا من الإسهامات الكبيرة التي قام بها المفكرين والعلماء المسلمين في القرنين التاسع عشر والعشرين الميلاديين. وتتناول الكتب عدة محاور؛ منها: قضايا النهضة، التمدن الإسلامي، التجديد والإصلاح، الشريعة ونظام الحكم، قضايا الحرية والتحرر، وقضايا المرأة.


ويقول الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب؛ شيخ الأزهر الشريف، إن هذا المشروع الذي تقوم به مكتبة الإسكندرية، وهي تستهدف إعادة نشر الإنتاج العلمي والثقافي لأعلام نهضتنا في العصر الحديث، من أهم المشاريع العلمية التي تهدف إلى تأصيل المفاهيم الثقافية في العالم الإسلامي وإعادة تأسيس عقل إسلامي معاصر يستوعب أصوله ويعيش عصره. ودعا شيخ الأزهر إلى ترجمة هذه الأعمال إلى اللغات الحية، وتعميم نشرها، بكل الوسائل الورقية والإلكترونية.


وأكد الدكتور شوقي إبراهيم علام، مفتي جمهورية مصر العربية، أن التجديد ضرورة دينية وبشرية على حد سواء، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال "إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها". وفي ظل توسع الأمة واتساع رقعتها والانفتاح العالمي وارتفاع الأسقف المعرفية للعلوم والمعارف، وتضخم الخلل الموجود في واقعنا المعاصر، فإن إرادة التجديد يجب أن تتم بأيدي الراسخين في العلم وعن طريق المتخصصين كل في مجاله، من أجل إيجاد خطاب ديني واع ومنضبط مرتبط بالأصل ومتصل بالعصر".


وأضاف: "وفي هذا السياق، تأتي هذه السلسلة الهامة التي تصدرها مكتبة الإسكندرية إعلانًا عن أهمية الاجتهاد وضرورة التجديد".
من جانبه، قال الدكتور إسماعيل سراج الدين؛ مدير مكتبة الإسكندرية، إن فكرة سلسلة "في الفكر النهضوي الإسلامي"، الصادرة عن مشروع "تقديم مختارات من التراث الحديث للمجتمعات الإسلامية في القرنين الثالث عشر والرابع عشر الهجريين/ التاسع عشر والعشرين الميلاديين" قد نبعت من الرؤية التي تتبناها مكتبة الإسكندرية بشأن ضرورة المحافظة على التراث الفكري والعلمي في مختلف مجالات المعرفة، والمساهمة في نقل هذا التراث إلى قطاع عريض من القراء والمثقفين من طلاب الجامعات والمعاهد والباحثين والمهتمين بالفكر النهضوي في تراثنا، من خلال إتاحته ورقيًا وإلكترونيًا، كي يتمكنوا من الاطلاع على أفكار هؤلاء الرواد وأعمالهم، تأكيدًا لأهمية التواصل بين أجيال الأمة عبر تاريخها الحضاري.


وأضاف أن السبب الرئيسي وراء اختيار هذين القرنين هو وجود انطباع سائد غير صحيح عن أن الاسهامات الكبيرة التي قام بها المفكرون والعلماء المسلمون قد توقفت عند فترات تاريخية قديمة ولم تتجاوزها، في حين أن استعراض وثائق هذه المرحلة يشير إلى غير ذلك، ويؤكد على أن عطاء المفكرين المسلمين، وإن مر بمد وجزر، قد تواصل عبر الأحقاب الزمنية المختلفة، بما في ذلك الحقبة الحديثة، والتي تشمل القرنين الأخيرين.
والسلسلة لا تهدف فقط إلى تقديم آخر طبعة أصلية صدرت للكتاب في حياة المؤلف وتدقيقها، وإنما الأهم أنه يتم لأول مرة عمل دراسات تقديمية موسعة لكل كتاب، يقوم بها باحثون متخصصون من جيل الشباب والوسط، في محاولة لترسيخ التواصل بين الأجيال. وتقوم اللجنة العلمية للمشروع بمناقشة هؤلاء الباحثين ومراجعة دراساتهم، كما تشترك معهم في حوارات علمية رصينة تضم كاتب التقديم ونظراءه من فريق الباحثين، وذلك قبل إقرار الدراسة التي تخضع لمنهجية علمية صارمة تتضمن تعريفا بالكتاب، وردود الفعل عليه وقت صدوره، وبمؤلفه وأهم ملامح مشروعه الفكري التجديدي، بالإضافة إلى توافر أركان الدقة والضبط والمراجعة.


ويضيف سراج الدين: لقد حاولنا اختيار الكتب التي تعرض للأسئلة والتحديات التي واجهت الأمة، لدى احتكاكها بالعالم الغربي منذ بدايات القرن الثالث عشر الهجري/ التاسع عشر الميلادي، وكيف حاول مفكرو الأمة وعلماؤها الاجتهاد في الإجابة عن هذه الأسئلة والتحديات التي واجهوها في زمانهم. ومازال كثير من هذه الأسئلة والقضايا والتحديات مطروحًا علينا، وهو ما يلقي على علماء الأمة ومفكريها الآن مسئولية استيعاب تلك الأفكار والاسترشاد بها، ومن ثم مسئولية الاجتهاد والتجديد للإجابة عن هذه الأسئلة والتحديات، من منطلق متغيرات العصر في قضايا لا تزال تحتل أهمية كبيرة في حياتنا. ولقد كان هذا المشروع سباقًا في رؤيته لأهمية التجديد في الفكر الإسلامي وضرورته، ولفت نظر المفكرين إليه باعتباره ضرورة دينية وبشرية على حد سواء، وسنة من سنن الله في الكون لا تتبدل ولا تتحول، ومدخلاً محوريًا، كان ومازال مهمًا، لتطوير اجتهاد إسلامي معاصر ينعكس على الخطاب الديني الذي أصبح اهتمام وحديث المجتمعات الإسلامية الآن.
وتبلورت هذه الرؤية التجديدية للسلسلة من خلال مختارات المرحلة الأولى من كتب التراث الإسلامي الحديث (50 كتابًا) ودراساتها التقديمية، التي تعمق هذا المفهوم، وتجعله تجارب حية وممارسات واقعية، وكذلك من خلال ما عُقد من مؤتمرات حول قضايا التجديد، ومنها: "الإمام محمد عبده .. مائة عام على رحيله"، و"اتجاهات التجديد والإصلاح في الفكر الإسلامي الحديث"، و"تعارف الحضارات … رؤية جديدة لمستقبل العلاقات بين الحضارات"، و"قضايا المرأة: نحو اجتهاد إسلامي معاصر". وخلال ذلك كان هناك تواصل وتعاون مع مؤسستي الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية.


وأكد سراج الدين أن مختارات المرحلة الأولى أبرزت التنوعات الجغرافية والفكرية والثقافية للمجتمعات ذات الأغلبية المسلمة، التي تقتضيها مجالات التجديد والاجتهاد المعاصر؛ ومن ثم كانت هناك مختارات من بلاد المشرق العربي كمصر والشام، وشبه القارة الهندية وباكستان وأفغانستان، وبلاد المغرب العربي كتونس والجزائر، وغرب إفريقيا كنيجيريا، والخليج العربي كالعراق، وعمان وإيران، وأوروبا والبلقان وألبانيا وتركيا والبوسنة. وقد تنوعت المحاور الفكرية للكتب المختارة، وقد استدعى حرص المكتبة على هذا التنوع ترجمة بعض المؤلفات والنصوص النهضوية من لغاتها الأصلية كالإنجليزية والأردية والبوسنية إلى اللغة العربية.  
ويأتي ضمن إصدارات المشروع كتاب "العودة إلى الذات" للمؤلف علي شريعتي، وأعده للدراسة زكي الميلاد. هذا الكتاب عبارة عن سلسلة محاضرات ألقيت بالفارسية خلال الفترة من(1389-1393ه- 1969-1973م) بحسينية الإرشاد بإيران، وهو من أهم مؤلفات المفكر الإيراني الدكتور علي شريعتي؛ يشرح طبيعة مشروعه الفكري النهضوي ويلخص فلسفته في الحياة. ومعظم الذين تحدثوا عنه وعن تراثه الفكري لفتوا النظر إلى فكرة "العودة إلى الذات" بوصفها فكرة محورية ومعبرة عن رؤيته لمشروعه الفكري. وفي نظر شريعتي أن قضية العودة إلى الذات من القضايا الأساسية التي يدور حولها الحوار في ساحة المفكرين في آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية، وهي محل جدل وحوار في إيران أخيرًا، وقد تعرف علي شريعتي على النقاشات التي جرت حولها، حينما كان في فرنسا وتحدث عنها واعتبرها من قضاياه الأساسية بعد عودته إلى بلده إيران. وتطرق إليها بوصفه مفكرًا مسئولاً ينهض بواجبه تجاه مجتمعه. وجاء الحوار حول هذه القضية في سياق تأكيد الاستقلال الحضاري ونقد الغرب ورفض التبعية له ولإثبات وجود الذات شرطًا لنهضة الأمة.


أما كتاب "الحياة الرُّوحية في الإسلام" لمؤلفه محمد مصطفى حلمي، ويقدمه محمد حلمي عبد الوهاب، فقد طُبع لأول مرة عام (1364هـ/ 1945م)، وهو يُعيد الاعتبارَ للحياة الروحيّة في الإسلام، بوصفها تحقيقًا أمثل للعقيدة الإسلاميّة الخالصة، الجامعة ما بين الرُّوح والعقل من جهة، وبوصفها الممثلَ الأصيل لمبحث الأخلاق في الإسلام من جهة أخرى، وذلك من خلال الرد على فريق المستشرقين الذين لم يمنحوها حقها من الدّرس والتمحيص، وأغلب الإسلاميين ممن انحصر جل همهم في تقدير قيمتها بميزان الدّين. وفيه يتتبع المؤلف الجذور الإسلامية لنشأة الحياة الروحيّة في الإسلام، ثم تدرجها وتطورها فيما بعد، انتهاءً بتحولها إلى مجرد طرق ودروشة فيما بعد القرن السابع الهجريّ. كما يُعَد الكتاب أيضًا محاولة جادة لاستعادة نهج الشيخ مصطفى عبد الرازق في تكوين الدرس الفلسفيّ في الجامعة المصرية، ليفصله عن كتب الطبقات التراثية من ناحية، وعن مناهج المستشرقين التي نحَّت الجذور الإسلاميّة، وجعلت من التصوف الإسلاميّ محض ميتافيزيقيا من ناحية أخرى.


وأعاد المشروع إصدار كتاب "امرأتنا في الشريعة والمجتمع"، لمؤلفه، الطاهر الحداد، وتقديم محمد الحداد. ففي نهاية عام (1929م/ 1384هـ)، انتهى الشاب التونسي الطاهر الحدّاد من خطّ الفقرات الأخيرة من هذا الكتاب، الذي ربّما لم يدرك هو نفسه ما سيثيره من جدل عندما ينتشر بين الناس؛ داعيًا فيه إلى تحرير المرأة من أصفاد التقاليد البالية التي سجنتها قرونًا طويلة، بين مطرقة الجمود في فهم النصوص وسندان المجتمع، ومن سيطرة القراءات الخاطئة لنصوص الشريعة وأحكام الدين. ونبه المؤلف إلى أن تيار التطور الحديث سيفرض نفسه، فمن الأفضل معالجة ملف المرأة في مجتمعاتنا، بدل الإعراض أو التغافل الذي لا يزيد الأمور إلا تفاقمًا. وفي هذا الكتاب رؤية في قراءة النصّ الديني تختلف عما كان سائدًا، سعى الحداد من خلالها إلى تأسيس خطاب إصلاحي، قوامه الفصل بين الثابت والمتحول، أو بين جوهر الإسلام (رُوح الشريعة) وبين ما هو عَرَضي يمكن أن يطاله قانون التدرج الذي لا يقف عند جيل أو قرن. وتعميمًا للفائدة، فقد ألحقت الدراسة بمقتطفات مطولة من أشهر الردود على الحداد في عصره، وهي للشيخ محمد الصالح بن مراد.


ويأتي ضمن الإصدارات كتاب "الإسلام دين الفطرة والحرية" لمؤلفه عبد العزيز جاويش، وهو تقديم مجدي سعيد. أُلِّف هذا الكتاب خلال فترة وجود المؤلف في جامعة أكسفورد بإنجلترا وذلك عام (1323هـ/1905م)، ثم قدَّمه إلى مؤتمر المستشرقين في مدينة الجزائر، ولم يُطبع إلا في عام (1371هـ/ 1952م) بعد وفاة المؤلف. وفيه قدم عبد العزيز جاويش تجديدًا وتصويبًا لفهم الدين وتأويل مصادره، ومراجعة للأفهام السقيمة والتأويلات الباطلة التي علقت به طوال مسيرته، جاعلاً من ذلك مدخلاً للنهضة؛ حيث إن إعادة ذلك الفهم وتلك التأويلات إلى حقيقتها – التي تقدم الإسلام بحسبانه دينًا للفطرة والحرية – يجعل منه دينًا صالحًا للإنسانية في كل زمان ومكان. والكتاب على قسمان: يتناول الأول منهما بعض السمات المهمة في الإسلام التي تجعل منه دينًا يتوافق مع الفطرة، أما القسم الثاني فيتناول أثر القرآن في تحرير الفكر البشري.


أما كتاب "المرأة والعمل" فهو تأليف نبوية موسى وأعدته للدراسة منى أبو زيد. طُبع هذا الكتاب لأول مرة عام (1338هـ/ 1920م)، وهو أحد الكتب التي حاولت تصحيح وضع المرأة المصرية التي أصابها التخلف والجمود بسبب الحجر عليها، ومنعها من التعليم والعمل بدعوى أن عملها يخالف الدين، وأن خروجها من المنزل يخالف عاداتنا الشرقية. وهذا الكتاب أول كتاب تضعه سيدة للدفاع عن حق المرأة في العمل بعد حقها في العلم، وكانت نبوية موسى مثالاً حيًّا لهذه الدعوة. وساهمت نبوية موسى بكتابها هذا في الدفاع عن حق المرأة في العمل والتعليم الراقي. ودعت إلى ترقية المرأة وفك الحصار عنها، وإعطائها حقوقها المدنية والاجتماعية. إن دعوة نبوية موسى دعوة تجديدية تقدمية، بحثت عن جذورها في التاريخ المصري والإسلامي، وأثبتت أن هذه الدعوة غير بعيدة عن أصالتنا الإسلامية وثقافتنا العربية.

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله