المسلة السياحية
كتب : د.عبد الرحيم ريحان
حظيت شبه جزيرة سيناء بأهمية كبرى كجزء من الأرض المصرية منذ عصور ما قبل التاريخ وترجع تلك الأهمية إلى كونها معبرًا للاتصال الحضارى مع شعوب الشرق ومصدرًا غنيًا بالثروات الطبيعية حيث استغل المصريون القدماء مناجم النحاس والفيروز, فقد عثر على نقوش ارى – حور ونعر – مر بوادى عميرة ووادى الحمر من الأسرة الأولى تؤرخ لقدم الاهتمام المصرى بسيناء.
توثيق النقوش
وفى هذا الإطار حاضر الآثرى مصطفى محمد نور الدين مدير مركز تدريب جنوب سيناء والبحر الأحمر بوزارة الآثار تحت عنوان “مناطق آثار جنوب غرب سيناء” ضمن فعاليات دورة توثيق النقوش الصخرية الذى أقامها مركز تدريب جنوب سيناء والبحر الأحمر بوزارة الآثار تحت رعاية الدكتور خالد العنانى وزير الآثار فى الفترة من 29 يناير إلى 3 فبراير وأشرف على الدورة الآثارى مصطفى محمد نور الدين مدير المركز.
الملك سنفرو
وقد أشار فى محاضرته إلى اهتمام المصريون القدماء بتنمية سيناء, حيث اهتم الملك سنفرو مؤسسس الأسرة الرابعة بسيناء فقام بحفر الآبار وتأمين الطرق وإقامة القلاع بها وظلت ذكراه باقية بسيناء لآلاف السنين، وتكرر الأمر مع أمنمحات الثالث الأسرة الثانية عشرة الذى أولى عنايتة بسيناء الأرض والبشر، واهتم أمنمحات الثالث اهتمامًا عظيمًا بالتعدين فى سيناء اذ عثر له بسيناء على 59 نقشًا سجلها رؤساء العمال تحمل إسمه، وتقع معظم هذه النقوش فى المغارة وسرابيت الخادم، كذلك أقام مساكن للعمال وحفر الآبار لإمداد العمال بالماء, بل أن أمنمحات الثالث قد اهتم بالبشر فى سيناء حيث اشركهم فى بعثات التعدين وسمح لهم بالاقامة فى شرق الدلتا.
الدولة القديمة
ويوضح مصطفى محمد نور الدين أن قدماء المصريين فى الدولة القديمة شيدوا ميناءً بمنطقة سهل المرخا وأقاموا حصنًا ومنازل وصوامع للغلال, وشيدوا منازل لعمال التعدين فى وادى المغارة ووادى الخريج, وعلى ارتفاع 1100 متر فوق مستوى سطح البحر أقام أمنمحات الأول معبدًا لحتحور سيدة الفيروز فى سرابيط الخادم, ذلك المعبد الذى استمرت أعمال الإضافات والبناء به طوال عصر الدولة الوسطى, واستمر فى الدولة الحديثة حتى رمسيس السادس, بل واهتم قدماء المصريين بتعبيد الطرق وإقامة القلاع على طول الطريق المؤدى إلى جنوب سيناء عبر وادى الطميلات بدءً من بيتوم ( تل الرطابى بالقصاصين, محافظة الاسماعيلية) مرورًا بموقع تكو (تل المسخوطة), سرابيوم, جبل أبو حسة وجبل المر وتل القلزم بالسويس.
خليج السويس
كما شيدوا الموانئ على الشاطئ الغربى لخليج السويس مثل ما كشف عنه حديثًا بالعين السخنة ووادى جرف بالسويس، وكانت منطقة جنوب غرب سيناء ذات أهمية كبيرة منذ عصور ما قبل التاريخ واستمرت طوال العصور التاريخية, كونها المصدر الرئيسى للملاكيت (خام النحاس) بالإضافة إلى الصحراء الشرقية, وأنها المصدر الوحيد للفيروز.
الحضارة النبطية
وينوه مصطفى محمد إلى أن آثار سيناء تشهد بهذه المعالم الحضارية فى وادى المغارة, سهل المرخا, وادى الحمر, وادى عميرة, سرابيط الخادم, روض العير, وادى النصب, وادى الخريج, سدود البنات, وادى أم التمائم, وادى حجية، كما تشهد معالم الحضارة اليونانية الرومانية فى عيون موسى, وادى غرندل, وادى أجلة، وتنتشر معالم الحضارة النبطية بصورة كبيرة فى الكتابات والنقوش النبطية فى كل سيناء ومن أهم مناطقها بجنوب غرب سيناء, وادى الصهو, الركايز, وادى اللحيان, البدع, جبل المكبر, أم رضيم, وادى نسرين, الشلال, الحمريات, وادى مكتب.
خروج نبى الله
وترتكز معالم الحضارة القبطية والإسلامية فى قلعة الجندى, حمام فرعون, حمام موسى, منطقة الكيلانى, جبل الطاحونة, دير البنات, دير محرض, وادى فيران، وقد شهدت تلك المنطقة واحدة من أعظم الحوادث فى تاريخ البشرية وهى قصة خروج نبى الله موسى عليه السلام.
التنمية الاقتصادية
ورغم ذلك لم تنل تلك الناحية من سيناء الجنوبية حظها من التنمية الاقتصادية على الرغم من تنوع مقوماتها الاقتصادية من آثار, طبيعة ساحرة, المعادن والتاريخ, مما يستوجب معه التفكير بنمط غير تقليدى لكيفية الاستثمار الأمثل لمقوماتها الحضارية المتعددة لتحقيق تنمية اقتصادية لسكانها وتوطين آخرين.
وتناقش هذه الدراسة العلمية المقدمة من الآثار مصطفى محمد نور الدين الإمكانيات التاريخية والحضارية لجنوب غرب سيناء وكيفية الاستثمار الأمثل لها