المسلة السياحية
من باب الافتراء
بقلم :أشرف الجداوى
لا لوم ولا عتاب اليوم على من فرح وسعد واقسم ان يقيم الافراح والليالى الملاح بمجرد خروج الوزير السابق من الوزارة ، لا لوم ولا عتاب على من قرر ان يذبح العجول فى ميادين المحروسة من اقصاها الى ادناها لينال لحومها ودماؤها فقراء مصر المحروسة “وهم كثر” ابتهاجا وغبطة وفرح فى الوزير الجاحد الذى شتت ابناء القطاع السياحى ،وظلم بسيف القانون البتار الصالح والطالح ،واستكبر وتجبر على وكالات السياحة على حد زعمهم ، ولم يسعى لتحقيق امالهم واحلامهم بعد سنوات عجاف اكلت الاخضر واليابس فى حقول السياحة المصرية ..! لا لوم ولا عتاب على من اسكرتهم “بغير خمر” نشوة قدوم الاقتصادية النابهة الى وزارة السياحة وتفاؤلهم الشديد لحد “البلاهة ” بالوزيرة الجديدة ، بالرغم من عدم اقتناعنا بالمرة بفكرة الاختيار المظلى “الباراشوت ” للوزارء ،ونحن على اعتاب القرن الثانى والعشرين من عمر الزمان ، وبعد ما بات التخصص فكر ومنهج وعقيدة فى شتى مناحى الحياة الحديثة ،ولطالما قلنا وكتبنا وبح صوتنا مررا وتكررا فى ان السياحة “صنعة ” ولابد ان من يتولى شئونها ” “صنايعي” يعرف اسرار الصنعة ومدخلاتها ومخرجاتها ليحقق الاهداف المرجوة من اقصر الطرق .. بدلا من العودة كل مرة من نقطة البداية ..!
وانا هنا لا الوم ولا اعاتب الحكومة الرشيدة والقيادات المسئولة عن البلاد والعباد ،ولكن اتوجه باللوم والحسرة والاسف على أبناء قطاع السياحة المصرى ، الذين لم يسعوا فى كل الاحوال وكل الظروف للذود عن مصالحهم ، ولم يثبت فى يوم من الايام الماضية ان كان لهم “قصب السبق ” لتوصيل وجهة نظرهم وافكارهم واحلامهم الى الحكومة عبر منهج فكرى ثابت وعقيدة لاتلين امام كل الظروف والتحديات التى مر ويمر بها قطاع منكوب بأبناءه لسبب وحيد فى تقديرى هى نظرية ” الاناليزمية ” التى لطالما تحدث وكتب وحذر منها تشيخوف العرب الطبيب “يوسف إدريس ” وسيطرت بشكل كبير على ابناء هذا القطاع خلال ال30عاما الماضية .
وهذه ” الاناليزمية ” التى دفعت الحكومة على مدار سنوات طويلة وحقب سياسية مختلفة على عدم الاعتداد بتلك الصناعة المهمة ولا بأهلها ولاتعيرهم بالا ،لانهم ببساطة مختلفون على انفسهم ،ومصلحتهم الفردية دوما جل ما يصبون اليه ،وبالتالى لايهم على الاطلاق ،ولاتؤرق صانع القرار المصرى فكرة اختيار وزيرا للسياحة .. وهو ما شاهدناه خلال الفترة الماضية ” وزير يتم اختياره كترضية لحزب من الاحزاب الكبرى ابان احداث يناير 2011 كأستحقاق سياسي ويتم استدعائه ،ولايتحرك القطاع البائس او ينبس ببنت شفا .. ويسعى السياسي البارز جاهدا فى تعلم بعض الخبرات السياحية من اهل الخبرة والصنعة، ولكنه سرعان ما يغادر منصبه بعد ما سيطرت عليه الرؤية السياسية لحزبه العتيد وعقيدته الفكرية التى لايحيد عنها ، مقررا فى النهاية عدم التعاون مع دولة الاخوان فى زمن الغفلة الثورية ،
واخر تسوقه الاقدار للكرسى دون استعداد منطقى ليقفز من مدير سابق لمكتب دولى من مكاتب هيئة تنشيط السياحة بالخارج ويزين له شيطان ما بديوان الوزارة وغروره الشخصى الفكرة ليصعد الى كرسى الوزير دون سابق تجهيز واعداد ثم سرعان ما يلبث ان يختفى غضون شهور قليلة “اقل من سنة واحدة ” ويتم تغييره ، ومازال البحث جاريا حول سر صعوده للمنصب وتسريحه سريعا لينل لقب “اسرع وزير سابق” من نوعه ،ثم تفاجئنا الاقدار بوافد جديد من رحم المجهول يسمى وزيرا دون سابق انذار ، ويستوزر بلا اسباب منطقية ،ولم يكلف احد ابناء القطاع نفسه عناء البحث فى الاسباب الخفية لتوليه المنصب بكل اريحية لفترة عامين شل فيهما القطاع بدعوى اعداد استراتيجية مغايرة عرفت باسم حركى لدواعى الامن والسرية “6*6 ” والحقيقة الوحيدة التى نعرفها فى اطار التصاقنا صحفيا بالسياحة المصرية، ان الخطة كانت ضمن احلام مكبوتة لشخص ما مر من هنا ، ومجرد افكار من نوعية “بابا جاب موز”، من اجل الاستمرار فى الالتصاق بالكرسى المسحور اطول فترة ممكنة ..!
واخيرا تقع القرعة على من لم نتصور ان تفد الينا من منطلق مهارتها فى سياسة مصر النقدية وباعتبارها خبيرة لايشق لها غبار فى الامور النقدية والمالية ،وفنون التفاوض مع المؤسسات المالية العالمية والدولية فى امور اقتصاد مصر المحروسة بحكم عملها كوكيلة للبنك المركزى المصرى .. اما عن خبراتها فى صناعة السياحة المصرية فلا استطيع ان اقول سوى الحكمة العربية القديمة ( السكوت عن المعلوم بلاغة ) ..!
وكفى مسلسل لاينتهى من الاخطاء او ان شئت الدقة” الجرائم الكارثية ” فى حق صناعة مهمة كانت ترفد لمصر ما يفوق ال12 مليار دولار طبقا لاخر ارقام مدققة من البنك المركزى عن عام الاساس 2010 قبيل انهيار السياحة نتيجة لاحداث يناير 2011 ،واذا اضفنا الى هذا الرقم نحو 12مليار دولار اخرى او تزيد قليلا تذهب مباشرة الى الصناعات والخدمات المكملة للعملية السياحية فى بر مصر “اكثر من 72 صناعة مكملة وخدمة غير مباشرة لصالح السياحة والفندقة باختلاف انواعها” الامر الذى يعنى فى النهاية ان المحصلة النهائية لصناعة السياحة كانت لاتقل عن 25 مليار دولار سنويا ..!
ولم تكن فى يوم من الايام صناعة هشة او ضعيفة الموارد كما يحاول ان يروج بعض قصار النظر الجهلاء ممن يدعون العلم ببواطن الامور فى اقتصاد المحروسة ” اولئك الذين يتيهون بجهلهم كما وصفهم يوما ما “طه حسين” …. وللاسف ان هؤلاء باتوا مرشدين للحكومة المصرية فيما يتعلق بالتعامل مع المواطن المغلوب على امره ،المجبور والصابر كما نشاهد ونلمس ونتابع عمليات الصب المباشرة فى مصلحته المستمرة من دولاب الحكومة من اجل مستقبل بهية وعيون أولادها ومصلحتهم فى القادم من الايام ..
وبدلا من تذود حكومة “الصب فى المصلحة ” عن المواطن فيما يتعلق بالرسوم التى قررتها السلطات السعودية على مكررى العمرة منذ نحو عام ونصف عام وهى ” الفى ريال” وهورقم مبالغ فيه ،ورفضته الدول الاسلامية شكلا وموضوعا مما اجبر السلطات الموسم الماضى على ارجاء تطبيقه بعد ما ضج وكلاء العمرة وقطاع الفنادق والتجار فى الاراضى الحجازية من انهيار وتراجع حاد فى حركة المعتمرين بسبب هذه الرسوم الباهظة . . تفاجئنا الحكومة المصرية بعد ما استمعت لنصائح مستشاريها الجهلاء بقرار” صب جديد “هذه المرة فى مصلحة من ينوى العمرة او يحلم بها من المصريين ، ويوضع بصفة رسمية فى ضوابط تنفيذ رحلات العمرة من خلال شركات السياحة المصرية .. وتبشر بها وتوافق عليه اللجنة العليا للعمرة والحج ” المنوط بها رعاية امور شركات السياحة التى ضجت بالشكوى للسماء من سوء الاحوال خلال السنوات السبع العجاف الماضية ،والتدابير لله ..!
واللجنة العليا للعمرة والحج تضم كل من وكيل وزارة السياحة المسئول عن الرقابة على الشركات وعددا من مسؤولى الحكومة ،وعددا اخر من الوكلاء السياحيين المعينين فى اطار لجان تيسير اعمال الغرف السياحية لحين انتخاب مجالس لها ” .. وتوافق العليا للعمرة على فرض “اتاوة” “عشرة الاف جنيه” على مكررى العمرة ايضا من المصريين خلال ثلاثة سنوات .. لانها تصب فى مصلحة المعتمر المصرى..عفوا يا حكومة عفوا يا وزيرة السياحة الجديدة هل بات تكرار العمرة تهمةوجريمة يعاقب عليها القانون ، وعلى المكرر تدور الدوائر وليس على” الباغى” …
ولاحول ولا قوة الا بالله.. اتاوة ” نحو 20 الف جنيه (الفى ريال سعودى و10 الاف جنيه مصرى ” بالتمام والكمال هذا بخلاف سعر رحلة العمرة نفسها ،والتى لاتقل باي حال من الاحوال عن 15 الف جنيه اخرى.. لتصبح النتيجة ان اقل سعر للعمرة للمكرر لها وهم كثر حوالى “35” الف جنيه .. تصب فى مصلحة المواطن ،كما يرى مستشارو الحكومة بحجج ما انزل الله بها من سلطان .. وباتت مسألة “الصب” هذه امر ممجوج غير مستحب وغير منطقى، وبحاجة الى وقفة مجتمعية شاملة لتفسير ما وراء الصب المتكرر فى مصلحة المواطن والمعتمر لو نوى اداء المناسك المقدسة ..!
والغريب والمثير للحزن والاسى ان تخرج تصريحات الوزيرة الجديدة للسياحة للفضائيات ابان الازمة التى خلفتها ضوابط العمرة الجديدة على الشركات وراغبى اداء العمرة من المصريين ومكرريها مدافعة عن “الاتاوة” ، ولم تلقى بالا خلال اسابيع اليد الواحد التى مضت على توليها المنصب بباقى ملفات قطاع السياحة المصرى الكثيرة وقضاياها المتنوعة للخروج من نفق الازمة الكبرى، وهى قلة حركة السياحة الوافدة الى مصر التى باتت علة مزمنة فى زمن الصب فى مصلحة المواطن..!
ترى هل كنت متجاوز عندما سئلت هل السياحة المصرية بحاجة الى اقتصادى ام الى “صنايعى ابن كار” يحاول اصلاح بعض ما افسده الدهر ..!