المسلة السياحية
اليمن : صنعاء
بقلم : ماجد التميمي
مدير تحرير مجلة السياحة اليمنية
تتواصل معارك الساحل الغربي لليمن بين القوى الوطنية ممثلة بالجيش واللجان الشعبية وبين قوى العدوان الذي تقوده السعودية، والحق أقول أن وتيرة تلك المعارك تزداد حدة يوما بعد آخر بسبب الصمود الأسطوري والإستبسال الذي أظهرته القوات الوطنية, الجيش واللجان الشعبية, مما جعل قوات العدوان السعودي تلجأ إلى إستخدام التغطية النارية المكثفة المدعومة بالطيران الحربي، وهذا التفاوت في التسليح قد يحدث فارقا فيما يخص قدرات المواجهه مقارنة بما تملكه قوات الجيش واللجان الشعبية مما قد يعرض مدينة عالمية للتراث مثل زبيد للخطر.
قوى العدوان لا تبدو أنها مكترثة لما تمثله هذه المدينة على صعيد الثقافة الإنسانية والعالمية وما تمثله من تراث عالمي نادر خصوصا وأن مدينة كزبيد قد أصبحت في دائرة الاهتمام العالمي بعد إعلانها من قبل منظمة اليونسكو في العام 1993م كمدينة للتراث الإنساني، كما أنها – دأبت خلال ثلاثة أعوام من العدوان- لا تقيم وزنا للقوانين الدولية التي تجًرم إستهداف المواقع الأثرية والتاريخية السياحية في الحروب، على الرغم من أن القانون الدولي ينص بوضوح على ضرورة تجنب المواقع التراثية والتاريخية في العمليات العسكرية.
خطر الحرب
لا شك في أن إتساع رقعة الحرب ووصولها إلى مدينة زبيد سيشكل خطرا حقيقيا على المدينة والمدنيين على السواء، كما أن معالمها الدينية وأسوارها ومكتباتها التي هي إتصال ثقافي وتاريخي بالماضي ورابط من روابط الثقافة الإنسانية في العالم ستصبح في معرض الخطر وهو ما يثير القلق حول مصير هذا الإرث الثقافي والتاريخي الذي دفع بمدينة زبيد لتصبح واحدة من المدن العالمية للتراث.
خصوصية دينية
لزبيد خصوصيه دينية فقد إشتهرت بوصفها مركزا للعلوم الإسلامية والحضارية، كما أنها لعبت دورا محوريا في الأحداث التاريخية التي جرت في الماضي كونها كانت عاصمة لبعض الدويلات، وتلك الأحداث ساهمت بصورة أو بأخرى في إضفاء الطابع التاريخي للمدينة وأصبح لها حضور تاريخي وديني على السواء، رغم أن الكثير من تلك الأحداث كانت قد تركت تشوهات عديدة بالمدينة وهو ما دفع برحالة عالمي مثل كريستين نيبور الذي زار اليمن في بعثة عالمية إمتدت من العام 1761م – 1767م إلى القول “لم يبق لزبيد سوى ظلال باهته من ماضيها الزاهر” .
اليونسكو والدور المفقود
لعل تجربة هذة الحرب قد أرتنا الوجه القبيح لهذا التحالف الذي لم يميز بين هدف عسكري وبين منشأة مدنيه أو موقع أثري وتاريخي ، فقد إستهدف من قبل مدينة صنعاء القديمة وهي الأخرى مصنفة ضمن قائمة التراث العالمي ، وإزاء ما حدث ضجت الصحف ومواقع التواصل الاجتماعي باحتجاجات كبيرة حيال ما جرى، غير أن المنظمات الدولية بما فيها منظمة اليونسكو لم تتحرك قيد أنملة في سبيل الدفاع عن هذه المكونات الأثرية والتاريخية وحمايتها واحترام معالمها التي تشكل إرثا عالمياً وحقاً إنسانياً، وربما لهذا السبب جاء تصريح رئيس بعثة الصليب الأحمر في اليمن مبكرا حول ضرورة التزام جميع أطراف النزاع حماية المدينة واحترام معالمها التاريخية إذا ما شملتها المواجهات العسكرية التي تدور رحاها، في الوقت الحاضر، في مناطق الساحل الغربي لليمن.