Al Masalla-News- Official Tourism Travel Portal News At Middle East

5 أشخاص يتحكّمون بمطار النجف ولا يسمحون للدولة بإدارته

 

بغداد ….. فيما أعلن رئيس الوزراء حيدر العبادي موافقة حكومة إقليم كردستان على إعادة السلطة الاتحادية الى مطارات الإقليم واستئناف الرحلات الدولية اليها عقب حظر استمر أكثـر من 5 أشهر، ما يزال مطار النجف القريب من العاصمة بغداد خارج نطاق سيطرة الحكومة.

 

المطار الذي أنشئ قبل 10 سنوات بأموال كانت مخصصة في الاساس لمشاريع خدمية في النجف، يتحكم به 5 أشخاص تابعين الى أحزاب سياسية معروفة، ويمنعون منذ ذلك الوقت أي رقابة مالية أو إدارية على المطار. ووصل تحكم مجموعة الخمسة بالمطار الى حد رفض أوامر رسمية صدرت عن العبادي قبل عدة أشهر بتعيين إدارة جديدة للمطار، ومنعوا المدير الجديد من ممارسة عمله أو حتى دخول المطار.

 

وتجهل الحكومتان الاتحادية والمحلية في النجف مصير إيرادات المطار التي تقدر بنصف مليار دولار ، حيث يستقبل المطار أكثر من 100 رحلة يومياً في أوقات الذروة بأجور تفوق مطارات بريطانيا.

 

وفي تطور لاحق، حلّ مجلس محافظة النجف الإدارة القديمة (الأشخاص الـخمسة)، وبدأ مرشح تسوية بين الحكومة والمجموعة القديمة بإدارة المطار.

 

حادثة تكشف المخبوء

اكتشف العراقيون ما يحدث في مطار النجف، لأول مرة بشكل واضح العام الماضي، بعد تسرب معلومات عن عملية مسلحة لاغتيال زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر يمكن تنفيذها في المطار.

 

حدث ذلك بعد نحو 9 سنوات من افتتاح المطار في 2008 حين نزل رئيس الوزراء السابق نوري المالكي في صيف ذلك العام من طائرة تابعة للخطوط الجوية العراقية قادمة من بغداد ليعلن الافتتاح الرسمي للمطار.

 

وفي ربيع 2017 طوّق أتباع الصدر المطار بذريعة تعرض زعيمهم الى عملية اغتيال. وكان الصدر، الذي يسكن في النجف، قد أعلن قبل شهر من الحادث، في تظاهرة وسط بغداد، بانه قد يُقتل في أي لحظة. وتزامن حادث المطار ، مع شبهات تدور حول تآمر ممثل للتيار الصدري في إدارة مطار النجف (جواد الكرعاوي) على الصدر.

 

وكان أربعة اشخاص يديرن المطار الى جانب الكرعاوي منذ عام 2013 بعدما أخلّت شركة استثمارية (العقيق الكويتية) بشروط العقد وتركت المنشأة الحيوية بعد عام من افتتاحها، وقرر مجلس المحافظة بعد ذلك في 2013 فسخ العقد مع الشركة واختيار 5 ممثلين عن الاحزاب الرئيسة لإدارة المطار.

 

ومع مزاعم محاولة اغتيال الصدر، طالب رئيس كتلة الاحرار في النجف، إدارة المطار بإعفاء ممثلهم (الكرعاوي) من منصب نائب رئيس مجلسإ المطار.

 

وتسربت معلومات في ذلك الوقت من أوساط قريبة من زعيم التيار الصدري، بأن مطار النجف قد غيّر خط سير الطائرات بشكل مفاجئ، وحذرت من خطورة الإجراء على أمن مرقد “الإمام علي بن أبي طالب”، ومنزل الصدر، لأن الطائرات حينها ستمر من فوقهما.

 

ذلك الحادث سلط الضوء على ما يحدث في المطار، وقال رئيس كتلة الاحرار في مجلس محافظة النجف وسام الزجراوي لـ(المدى)، أمس، ان تعليمات سياسية من مراجعه (الصدر) قد وصلته في 2017، تفيد بأن جواد الكرعاوي لم يعد ممثلا للتيار الصدري في إدارة مطار النجف.ورفض الصدر وقتذاك تلك الإجراءات، وقالت مصادر حينها لـ(المدى) ان ما حدث في المطار كان ذريعة اختلقها مجلس إدارة مطار النجف لـ”حرف الأنظار عن حجم الفساد الذي يسيطر على المطار”.

 

إنشاء المطار

في عام 2006 بدأ العمل في إنشاء مطار النجف الذي ينفرد بأنه المطار الوحيد الاستثماري في العراق، بشراكة بين حكومة النجف والجهة التي ساهمت في إنشائه وإدارته بعد ذلك (العقيق الكويتية).

 

وأنفقت المحافظة، بحسب النائب عن النجف صادق اللبان ، على توسيع المطار في 2009-2010 نحو 116 مليار دينار من أموال تنمية الاقاليم المخصصة للمحافظة كمشاريع خدمية.

 

وبدل أن تذهب تلك الاموال الى مشاريع لا تنفذ في العادة فتعاد المبالغ في كل عام الى خزينة الدولة، قررت المحافظة استثمارها في بناء المطار.

 

وقع الاختيار على الشركة الكويتية، بأن تساهم بمبلغ 50 مليون دولار في إنشاء المطار ليكون الاستثمار مناصفة مع المحافظة، على أن تدير وتشغل المنشأة بعد ذلك الى عام 2013.

 

بعد فترة قصيرة من افتتاح المطار، بدأت الشكوك تحوم حول طريقة إدارة الشركة للمطار، وأوفد مجلس المحافظة في عام 2009 صادق اللبان، قبل أن يفوز بمقعد في البرلمان عن المحافظة في 2010، كممثل عن الحكومة المحلية في المطار.

 

يقول اللبان لـ(المدى): “كان هناك تلكؤ في إدارة المطار من قبل الشركة الكويتية. وخلال فترة إشرافي خرجت الشركة ،لأنها لم تستطع الإيفاء بالتزاماتها”.

 

وأنفقت الشركة نحو 3 ملايين دولار فقط، وهو أقل من 10 % من الملبغ الذي كان من المفترض أن تخصصه لتوسيع المطار وبناء منشآت خدمية في محيطه، ودخلت المحافظة بعد ذلك في قضايا تسوية لباقي المبالغ.

 

وكان المطار في ذلك الوقت يغلق قبل المساء، لعدم وجود أجهزة استقبال الطائرات في الظلام أو في الضباب، كما اكتشف حينها أن الشركة المستثمرة كانت لديها سوابق سيئة مع إدارة مشاريع في بلدان اخرى.

 

مجلس الإدارة من 5 أحزاب

بعد أن انتخب اللبان في 2010 نائباً في البرلمان، قرر محافظ النجف السابق عدنان الزرفي الذي واجه 20 تهمة فساد أدت الى إقالته من منصبه في 2015، تكليف نائبه حسن الزبيدي بإدارة المطار بالوكالة، لكن في نهاية 2012 اعتذر الزبيدي، بسبب تدخلات سياسية من أطراف عدة، وبقي المدير الفني للمطار هو الذي يدير المنشأة حتى قرر مجلس المحافظة إدارته بطريقة جديدة.وفي 2013، وهو وقت انتهاء العقد الاستثماري مع الشركة الكويتية وعودة المطار إلى حكومة النجف، لم تقم الاخيرة بطرح المطار الى الاستثمار مرة أخرى، وإنما قررت انتداب ممثلين عن الاحزاب.

 

وكانت الخلافات السياسية داخل المحافظة قد وقفت في ذلك الوقت وراء منع عرض المطار للاستثمار. وفي ذلك العام تم اختيار 5 أشخاص يمثلون الاحزاب الرئيسة في النجف وهي (الدعوة، المجلس الأعلى – قبل انشقاق الحكيم-، الوفاء، التيار الصدري، وتيار الدولة العادلة) لمجلس إدارة المطار.

 

وظلت هذه المجموعة التي تعاقدت مع نفسها لإدارة المطار، في المجلس حتى نهاية الاسبوع الماضي، حيث فشلت عدة محاولات وأوامر حكومية في تنحيتها أو استبدالها بأشخاص آخرين.

 

لجان تحقيقيّة

بعد حادثة الكرعاوي، أقنع صادق اللبان، وهو رئيس كتلة مستقلون التابعة لوزير التعليم السابق حسين الشهرستاني، التحالف الوطني بتشكيل لجنة لزيارة مطار النجف والوقوف على ما يحدث هناك.

 

وخرجت اللجنة التي ضمت وقتذاك الى جانب اللبان، النواب صادق المحنا، كامل الزيدي، أبو عقيل الموسوي وأزهار الطريحي، بتقرير عن حال المطار بعد الاجتماع مع الإدارة، أكدت فيه وجود مخالفات مالية وإدراية في إنشائه وإدارته.

 

وحصلت (المدى) على نسخ من الكتب الرسمية والتقارير الصادرة عن اللجنة البرلمانية، وقرارات مجلس محافظة النجف والهيئة الاستثمارية في المحافظة، تؤكد تلك المخالفات.

 

وأبرز ما جاء في تلك المخالفات، أنه منذ افتتاح المطار قبل 10 سنوات، لم يُعرف مصير الإيرادات المتحققة من أجور هبوط الطائرات والتذاكر ومحطة الوقود والخدمات الاخرى.

 

ويقدر النائب اللبان أن ما حققه المطار خلال تلك السنوات يصل الى 500 مليون دولار. ويتابع قائلا: “المطار يستقبل 150 طائرة يومياً في وقت الذروة. كما أن أجور هبوط الطائرات أغلى من مطار هيثرو في بريطانيا”.

 

بدوره قال وسام الزجراوي رئيس هيئة النزاهة في مجلس محافظة النجف لـ(المدى) إن “المحافظة لم تحصل على أية أموال من إيرادات المطار”.

 

وبحسب رئيس هئية النزاهة في مجلس النجف فإن مجلس الإدارة (الأشخاص الخمسة) أخذ كل الاموال بدعوى تطوير المدرج وبناء منشآت خاصة داخل المطار، لكنه قال ان هناك “شبهات فساد تدور حول تلك المشاريع”. وأضاف ان “كلفة المشاريع أقل من الواردات، كما أن مجلس إدارة المطار يحيلها دون مصادقة المجلس”، مشيرا إلى قيامه بإرسال ملفات الى النزاهة للتحقيق، لكنها لم تسفر عن أي نتيجة حتى الآن.

 

وإثر ذلك حاول مجلس المحافظة الكشف عن الأسرار المالية للمطار فشكّل لجنة خاصة للكشف عن الإيرادات، لكن الزجراوي يقول إن “اللجنة فشلت ولم تقم بأي شيء”.

 

وجرى في غضون تلك الاحداث تداول اسم نجل محافظ النجف الحالي لؤي الياسري، الذي اعتقل لاحقاً مع شخصين آخرين في كانون الثاني الماضي بتهمة تجارة المخدرات. وعرضت مواقع إلكترونية في عام 2015، وثيقة تؤكد أن جواد لؤي الياسري كان يدير قسم الرحلات في المطار وهو في عمر 19 سنة.

 

إلى ذلك كشف اللبان، بحسب تقارير متعددة درست أوضاع المطار، أن مدرج المطار كان من المفترض أن يحال بمبلغ 36 مليون دولار، لكنه أحيل بمبلغ 72 مليون دولار، فيما يقول ان “المدرج بحسب مواصفاته في مطارات اخرى لا تتجاوز قيمته بين الـ 10 و الـ16 مليون دولار”.

 

كذلك أظهرت الوثائق ان كلفة صالة وصول المسافرين بلغت 109 ملايين دولار، فيما قيمتها الحقيقية لا تتجاوز 49 مليون دينار (40 ألف دولار). كما ضمت التقارير مخالفات تمثلت بتوقيع عبد الحسين عبطان محافظ النجف السابق (وزير الرياضة الحالي)، على تخصيص مبلغ 50 مليون دولار، لأن ذلك من صلاحيات مجلس الوزراء، كما لا توجد موافقة من وزراة التخطيط على التخصيص.

 

كذلك رصدت اللجنة البرلمانية مخالفات في العقد حول التحكيم الدولي في المنازعات بأن يكون في دبي، وهو أمر مخالف للعقود الحكومية التي تنص على ان “جميع المنازعات تحال الى المحاكم العراقية المختصة”.

 

وطالبت اللجنة التحقيقية المكونة من البرلمانيين في 2017، بحل مجلس الإدارة فوراً واختيار إدارة جديدة، بعد أن تتم مراجعة كل الحسابات خلال السنوات الماضية، ومعرفة مصير الاموال.

 

ويقول اللبان انه على الرغم من أن كل أجهزة ودوائر الدولة موجودة في المطار من أمن وكمارك وجنسية وجوازات، لكن لم يكن يسمح بدخول هيئة النزاهة او ديوان الرقابة المالية الى المطار.

 

ولجأت الادارة (مجموعة الخمسة) الى التعاقد مع موظف سابق في ديوان الرقابة كمحاسب قانوني للمطار، وهو أمر غير قانوني بحسب النائب لأن “المحاسب يراقب تجاراً، ومنشآت الدولة تراقبها النزاهة وديوان الرقابة”.

 

مرشّح التسوية

في أواخر العام الماضي، وجّه رئيس الوزراء حيدر العبادي، بحل إدارة مطار النجف وتسليم إدارته الى سلطة الطيران المدني. وكلفت وزارة النقل بعد ذلك، علي جواد كاظم بإدارة مطار النجف الدولي، لكن الادارة السابقة التي رفضت اوامر العبادي منعت المدير الجديد من الدخول الى المطار! وعلى إثر ذلك اضطر العبادي لإصدار أمر آخر في 31 كانون الثاني 2018، يقضي بتسليم إدارة مطار النجف للمدير الجديد بالقوة.

 

ورشح مجلس المحافظة النجف علي خليل لإدارة المطار. والاخير هو مدير عمليات المطار وغير تابع لحزب سياسي، بحسب رضوان الكندي رئيس كتلة الوفاء في المجلس.

 

وأكد الكندي لـ(المدى) أن “المجلس حل الإدارة السابقة، وبدأ المدير الجديد عمله منذ الاسبوع الماضي”، لكنه كشف عن اعتزام الادارة السابقة الطعن بقرار إقالتهم.

 

وتتصارع القوى السياسية الخمسة الرئيسة الممثلة في المجلس على ايرادات المطار، بحسب مصدر مطلع في المحافظة طلب عدم ذكر اسمه.

 

وأكد المصدر لـ(المدى) ان “كل الاحزاب تتنافس لتنال حصة الاسد من المطار ولا تكتفي بوضع ممثل لها”. واشار الى ان الإدارة السابقة سوف تعطي المدير الجديد تعليمات من بعيد.

 

بدوره، أكد اللبان، ان عضوين اثنين من الخمسة (الادارة القديمة) مازالوا متواجدين في المطار، مبيناً ان هذين الشخصين هما الاكثر تاثيراً على إدارة المطار وهما (جواد الكرعاوي) الذي كان وراء حادثة 2017، وحسين الزاملي ممثل تيار الحكمة في المطار.

 

وكان التيار الصدري قد أوفد ممثلاً بديلاً عن الكرعاوي، على إثر محاولة اغتيال الصدر الفاشلة، لكن اللبان أكد ان الاخير لم يترك منصبه، وتواجد الممثلان الاثنان بعد ذلك في إدارة المطار.

 

وكانت وثيقة رسمية نشرت نهاية العام الماضي، صادرة عن محكمة جنح النجف، قد قضت بتغريم جواد الكرعاوي مبلغ 750 ألف دينار!. واوضحت الوثيقة أن قرار المحكمة جاء بناء على دعوى أقامها رئيس كتلة الأحرار ورئيس لجنة النزاهة في مجلس محافظة النجف، وسام الزجراوي، ضد الكرعاوي في وقت سابق.

 

وعلى الرغم من التغيرات الاخيرة في إدارة المطار، لا يبدو المدير الاسبق متفائلا، إذ يقول اللبان ان المدير الجديد هو ضمن الطاقم القديم “الذي لا يُعرف حتى الآن سرّ قوته ورفضه القرارات الحكومية”، مبيناً ان الاخير تم اختياره كمرشح تسويه بعد ان رفضت الإدارة السابقة مرشح الحكومة (علي كاظم).

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله