كتب :د. عبد الرحيم ريحان
القاهرة “المسلة” ….. ألقت الدكتورة هند على الآثارية بمنطقة آثار الدقهلية ورقة بحثية تحت عنوان ” دراسة لسجاجيد عشاق العثمانية من خلال مجموعة من جديدة محفوظة بمتحف المتروبوليتان بنيويورك خلال القرن الحادى عشر الهجرى /السابع عشر الميلادى ” ضمن فعاليات مؤتمر “الفن الإسلامى فى مواجهة التطرف” الذى نظمته إدارة المشروعات الخاصة – مكتبة الإسكندرية الذى يرأسها الدكتور خالد عزب فى الفترة من 21- 23 مارس 2018 تحت رعاية الدكتور مصطفى الفقى مدير مكتبة الإسكندرية.
وتشير الدكتورة هند على إلى أن فن السجاد العثماني بلغ مكانة مرموقة بين فنون السجاد العالمي، فقد اعتمد في مرحلته المبكرة على أصول وتقاليد قوية ورثها من الأتراك السلاجقة الذين كانوا قد وصلوا بهذا الفن إلى مكانة مرموقة، واستطاع العثمانيون تطوير هذه الصناعة بفضل مهارتهم وحفاظهم على التقاليد الفنية والصناعية الموروثة الخاصة بهذا الفن لمئات السنين.
فخلال القرن 11هـ/ 17م حدثت طفرة كبيرة وثراءً فنيًا لامعًا في صناعة السجاد العثماني عامة وسجاد عشاق بشكل خاص وذلك نتيجة الفتوحات والتوسعات التي شهدتها الدولة العثمانية شرقًا وغربًا خلال القرنين (10- 11هـ/ 16- 17م) مما حقق مفهومًا تقنيًا وزخرفيًا جديدًا، واستمر انتاج سجاد عشاق حتى القرن 12هـ/ 18م.
هدف البحث
وتوضح الدكتورة هند على أن البحث يهدف إلى دراسة مجموعة من سجاجيد عشاق المحفوظة بمتحف المتروبوليتان وتصنيفها وحصر طرزها وإظهار مميزات وخصائص كل نوع، وإلقاء الضوء على المادة الخام، وأساليب الصناعة والزخرفة، والعناصر الزخرفية التي شاع استخدامها على كل نوع وما أضافه الفنان العثماني من ابداعات على سجاد عشاق، وتكمن أهمية البحث أنه يلقي الضوء على سجاد عشاق العثماني خلال القرن 11هـ/ 17م هذا النوع من الفنون الزخرفية التي ضنت عنه المراجع العربية والأجنبية فالدراسات التي تناولت هذا النوع قليلة جدا .
وهذه المجموعة مقسمة إلى مجموعات حسب طرزها الفنية ما بين سجادتين من ذات الميدالية، وثلاث سجاجيد ذات السرر النجمية، وثلاثة سجاجيد من ذات الطيور، وخمس سجاجيد من طراز ترانسفانيا، سجادة ذات الزهور، والمجموعة التي نحن بصددها متنوعة الأشكال والأحجام، تعود للقرن 11هـ/ 17م، وجميعها بحالة جيدة من الحفظ.
مدينة عشاق
تنوه الدكتورة هند على إلى أن مدينة عشاق أحد أشهر وأهم المدن التركية العثمانية التي اشتهرت بصناعة السجاد وذلك لموقعها الجغرافي الممتاز فهي تقع على مفترق الطرق بين منطقة وسط الأناضول ومنطقة إيجة هذا فضلا عن كثرة المراعي الطبيعية، وكان قرب مدينة عشاق من ميناء إزمير سبب شهرة هذا النوع من السجاد لأنه المنفذ الرئيسي لتصديره لسائر أنحاء أوروبا لذا ذاع صيته، يتميز إقليم عشاق بجمال الموقع وطيب المناخ وجودة الهواء، وفي مثل هذه الطبيعة احترف أهلها مهنة الرعي حيث تنبسط المساحات الخضراء على قمم الجبال وسفوحها وينشط الرعاة بسوق القطعان إلى الجبال في الصيف طلبًا لبرودة الجو وفي الشتاء يهبطون إلى الوديان للتمتع بالجو الدافيء وهكذا تعيش الأغنام في جو صحي ويتميز صوفها بالجودة والغزارة، توافرت في مدينة عشاق كل العوامل التي ساعدت على انتاج أجود أنواع السجاد بوصفها جزء من هضبة الأناضول، واشتهرت عشاق خلال العصر العثماني بصناعة السجاد بأشكال وأحجام مختلفة، كما عرفت بصناعة الكليم.
نتائج البحث
أضافت الدراسة عدد أربعة عشر سجادة لم يسبق نشرها محفوظة بمتحف المتروبوليتان جميعها بحالة جيدة من الحفظ وتم تناولها بشكل علمي دقيق، مقسمة إلى مجموعات حسب طرزها الفنية كالتالي سجادتين من نوع عشاق ذات الميدالية أو البخارية، وثلاث سجاجيد من نوع ذات السرر النجمية، وثلاثة من نوع ذات الطيور ، وخمسة سجاجيد من نوع ترانسلفانيا ، وسجادة واحدة من نوع ذات الزهور، ومجموعة البحث متنوعة الأحجام والأشكال وجميعها مصنوعة من الصوف، وبخطط لونية مختلفة.
وسيطرت الزخرفة النباتية والهندسية على سجاد عشاق بشكل عام، وحل مبدأ اللانهائية محل مبدأ التقسيم إلى مجموعات الذي كان متبع في السجاد المملوكي والسجاد العثماني المبكر، وكذلك سيطرت زخرفة الميداليات والسرر المقتبسة من السجاد الإيراني.
أكدت الدراسة إن صناعة السجاد العثماني لا سيما سجاد عشاق كانت عالية الجودة والتقنية خلال القرنين 10- 11هـ/ 16- 17م ، والفضل في ذلك يرجع إلى توافر الإمكانات الضخمة للمواد الخام اللازمة للنسيج والصباغة وطريقة عمل العقد، فأصبح لسجاد عشاق طابع خاص مميز يؤثر في الإنسان تأثيرًا مريحًا وجذابًا، عكس الزخارف المألوفة في السجاد الإيراني التي تعتمد على الظل والضوء والحليات المرسومة رسما طبيعيا، وهي صور لا توحي بالإحساس الذي تحدثه الوحدات الزخرفية الاصطلاحية في بساطة مع قوة الألوان وتباينها، وهذا أحد أسرار جمال سجاد عشاق بكل أنواعه.
الزخارف والتصميمات
يتميز سجاد عشاق بأركان إطاره حيث تظهر الزخارف مقطوعة لا اتصال بينها، والنساج هنا لا يتدبر المسافات المعنية لرسم الوحدات الزخرفية فهو يبدأ من أحد الأركان وعندما ينتهي في الركن المقابل ويجد أن المسافة الباهية لا تكفي لنسج وحدة زخرفية كاملة فينسج جزءً منها فقط ليملأ هذه المسافة ويظهر هذا بوضوح في أركان أغلب سجاجيد عشاق، ولا يخرج عن هذه القاعدة سوى أنواع السجاد التي كانت تصنع في البلاط.
تميزت سجاجيد عشاق بغنى وتنوع في التصاميم وتفردت بالبعد الجمالي لهذه القطع موضوع الدراسة حيث نجد بعضها تفردت بأسلوب تصميمها المكون من ثلاث سرر نجمية متشابهة في تكرار متصل بالإضافة إلى نوع آخر تفرد بتصميم تتخذ فيها الساحة شكلًا سداسيًا يضم خمس وحدات من زخرفة الرومي والهاطاي تجرى ترتيبها بشكل مبتكر يشغل ساحة السجادة، كما أن الابداع الجمالي يظهر في الإطار أو الكنار الذي يحيط بقطع السجاجيد حيث تميز بتصميم من باقات الأزهار من القرنفل واللاله في تكرار متصل داخل تشكيل هندسي يعبر عن الأناقة والدقة في الترتيب التشكيلي لهذا التصميم.