الإسكندرية “المسلة” ….. وجه الدكتور مصطفى الفقي؛ مدير مكتبة الإسكندرية، الدعوة إلى الكاتب الصحفي الفرنسي المعروف روبير سوليه Robert Sole كضيف شرف ومتحدث رئيس في أول ندوة ثقافية يستضيفها “مجلس الطهطاوي” الذي تطلقه المكتبة مساء 16 ابريل 2018.
يشارك في الندوة الكاتب الصحفي شريف الشوباشي، والأستاذة الدكتورة رشيدة الديواني؛ أستاذة الأدب الفرنسي بجامعة الإسكندرية، والأستاذة الدكتورة نادية عارف؛ أستاذة الأدب الفرنسي والترجمة بجامعة فاروس.
ويعد افتتاح ذلك الملتقى الثقافي الجديد إضافة قيمة تأتي في سياق الرسالة التنويرية التي تضطلع بها المكتبة كمؤسسة ثقافية رائدة تسهم بكل عزم ودأب في جهود الدفع بحركة الانفتاح الثقافي والنهضة الفكرية والارتقاء الحضاري على المستويين الوطني والإقليمي.
دعوة
وقد حرص الدكتور مصطفى الفقي على دعوة روبير سوليه الكاتب الصحفي الفرنسي، المصري المولد والنشأة، للمشاركة في أول ندوة يفتتح بها المجلس أعماله، حيث ستكرس لمناقشة مؤلفه الأخير الذي تناول فيه حياة العلّامة المصري الإمام رفاعه الطهطاوي (1801-1874م)، وإسهاماته الغزيرة علماً وفكراً (ألفي عمل في أقل من 40 سنة)، فضلاً عن جهده غير المسبوق في نقل أمهات الفكر الغربي ومآثره إلى وعاء الفكر المصري والعربي عبر حركة هائلة من التعريب والترجمة، كانت لها أبلغ الأثر في إطلاق فكر التنوير والتحديث في مصر القرن الـتاسع عشر.
“تخليص الإبريز في تلخيص باريز”
ومن المتوقع أن يحتل مؤلف “الطهطاوي” الأشهر “تخليص الإبريز في تلخيص باريز” مساحة واسعة من النقاش، وهو المؤلف الذي ضمّنَه وصفاً تفصيلياً دقيقاً للمجتمع الفرنسي وقتذاك في جوانب شتى إبّان فترة استقراره في باريس (1826-1831م)، كإمام أزهريّ مرافق لأولى البعثات الدراسية التي أوفدها الوالي محمد علي إلى باريس، والتي لم يلبث أن انضم الإمام الطهطاوي إلى عضويتها كدارس أسوة بسائر أعضاء البعثة. وليس من شك أن هذا المؤَلف يُعد علامة وضّاءة في تطور الفكر المصري الحديث، حيث كان بمثابة أول دعوة يوجهها عالم مصري أزهري إلى المجتمع المصري وقتئذ للإطلالة على مسار الحياة اليومية في “باريس” كنموذج للعالم الغربي الذي لم يكن مألوفا بالنسبة للشق الغالب من المصريين، وذلك بغية الحث على انتقاء أهم خصائص التقدم والرقي الأكثر اتساقاً مع المحيط القيمي السائد في مصر في تلك الحقبة التاريخية، من أجل النهوض بالمجتمع المصري ودفعه نحو انطلاقة حضارية واعية على دروب التنوير والتحديث.
وكان من الطبيعي أن يفضي التواصل المستمر بين الشيخ الطهطاوي وبين المجتمع الفرنسي، بمفكريه ومثقفيه، إلى صياغة أولى الوشائج الثقافية التي جمعت بين مصر وفرنسا على مدى عقود طويلة في حوار تنويري خلاق تظل أصداؤه تتردد حتى يومنا هذا. كما يُعزى إلى مفكرنا الكبير بناء أول صرح تعليمي للغات الأجنبية والترجمة في مصر والذي تجسد في افتتاحه لأول مدرسة للألسن في البلاد عام 1835م، بغية تنشئة أجيال جديدة من الشباب المتعلم الضالع في الآداب العربية والأجنبية، لاسيما الفرنسية، من أجل ترجمة الإبداعات الثقافية والفكرية في نتاج الحضارتين العربية والغربية، اضطلاعاً بدور حلقة الوصل بينهما.
اللقاءات الفكرية
وعليه، فإن اللقاءات الفكرية ربع السنوية التي سيستضيفها “مجلس الطهطاوي” ويشارك فيها مثقفون ومفكرون وأكاديميون مصريون وأجانب، سوف يدور محورها حول أهم المؤلفات التي تتمازج فيها الحضارتان العربية والغربية بكل ما يشتمل عليه ذلك من أوجه تلاق واختلاف تأكيدًا لمقومات الهوية وانفتاحًا على الثقافات المختلفة.