بقلم : جلال دويدار رئيس جمعيةالكتاب السياحيين
استطيع ان اقول بالتجربة وتكرار الزيارة وآخرها هذه الايام ان العاصمة البريطانية لندن التي اشتهرت بمدينة الضباب لها مذاق خاص دونا عن بقية عواصم العالم السياحية. انها ما زالت المقصد المحبب لكل الجنسيات القادمة عبر البحار لممارسة نوعيات كثيرة من هواية السياحة والسفر.
ليس هذا فحسب وإنما هي ايضا واحدة من اكبر عواصم العالم التي يعيش فيها العديد من الاعراق الذين استوطنوها وأصبحوا يحملون الجنسية البريطانية. ان معظمهم ينتمون لدول كانت ضمن مستعمرات الامبراطورية البريطانية التي لم تكن تغرب عنها الشمس قبل ان تتحلل ولا يبقي منها غير الذكريات.
ان بريطانيا التي كانت عظمي اصبحت تعيش ومنذ عدة قرون بعد استقلال هذه المستعمرات محصورة داخل حدود الجزيرة المطلة علي المحيط الاطلسي. رغم أفول نجمها الاستعماري فانها ما زالت تحتفظ بخبرتها السياسية التي تستحق وصفها بالداهية علاوة علي الممارسة والتخطيط حتي الان لكل المؤامرات التي تعاني منها الكثير من دول العالم.
هذا الواقع يتمثل في تسلطها علي جانب كبير من سياسات أمريكا وريثتها الاستعمارية. هذا لا يمنع من المشاركة المباشرة في بعض مقامرات ومغامرات الدولة الامريكية العسكرية كما حدث في حرب العراق ٢٠٠٣ ويضاف الي ذلك وعلي ضوء ماضيها الاستعماري لدول الشرق الاوسط. فإنها تجد في استضافتها للعناصر المتمردة والمعارضة للانظمة الحاكمة بمثابة مسمار جحا الذي تستخدمه في ممارسة الضغوط. أحد الامثلة علي ذلك رموز جماعة الارهاب الاخواني الهاربة التي سمح لها باتخاذ لندن مركزا لمواصلة نشاطها وتآمرها.
> > >
ان لندن وبعيدا عن السياسة تعد مركزا مهما لجذب السياحة العالمية التي تتميز بارتفاع معدلات الانفاق. ان ذلك يعود الي رواج سياحة المشتروات بشكل كبير وهو الامر الذي يعود الي انها مدينة تجارية تاريخية من الطراز الاول. كان ذلك دافعا للقائد الفرنسي نابليون الذي تطور الخلاف مع دولتها الي التفكير في غزوها حيث وصفها بأنها دولة من اصحاب الحوانيت.
ولا يمكن ان نقول ان السياحة في هذه المدينة العريقة الشاسعة المتعددة الجنسيات تعتمد فقط علي سياحة المشتروات الرائجة بشكل كبير ولكن في نفس الوقت تزخر بالعديد من المزارات التي تحظي باهتمام واعجاب زوارها. علي هذا الاساس فان سياحها وزوارها دائما ما تطول اقامتهم بها من اسبوع الي عدة اسابيع وهو ما يعني مزيدا من الدخل الذي يشمل كل انشطة الحياة بها.
إذا تحدثنا عن المزارات الجاذبة للسياحة في لندن فإنها تشمل المتاحف وقصر »باكينجهام» مقر الملكة اليزابيث وما يشهده يوميا من استعراض لنوبات تغيير الحراسة وقلعة وندسور ولندن »بريدج» ورحلات نهر »التيمس» النهارية والليلية.
هذا النهر يتم استخدامه الي جانب الرحلات السياحية في عمليات النقل بين الاحياء البريطانية بصورة منتظمة بسفن جاهزة وسريعة وموانئ مجهزة بكل وسائل الراحة.. يضاف الي ذلك ساعة بيج بن ومبني مجلس العموم البريطاني والهايدبارك وكنيسة »ويستمنستر» الشهيرة.
> > >
ان الهنود والباكستانيين يعدون اكثر المهاجرين المتجنسين المتواجدين في بريطانيا. بالطبع فإن ذلك يعود الي العلاقة القديمة التي كانت تربطهم ببريطانيا ابان استعمارها لبلادهم لعدة عقود. انهم يمارسون التجارة والعمل في البنوك والخدمات ومنهم مليونيرات واعضاء في مجلس العموم البريطاني بل ان عمدة لندن نفسها باكستاني الاصل.
كما يأتي المهاجرون الافارقة ضمن الجنسيات الاكثر تواجدا في بريطانيا. هذه الحقيقة يكشفها وبصورة ظاهرة تواجدهم المكثف في فرق كرة القدم بالنوادي البريطانية وبالمناسبة فإن هذه الفرق بالاضافة الي الدوري الانجليزي تحظي بجاذبية علي مستوي العالم وبالتالي من حركة السياحة الوافدة الي بريطانيا. حجم هذه الحركة يصل إلي ٣٥ مليون سائح يوفرون عشرات المليارات من العملات الاجنبية للخزينة البريطانية.
هذه الاعداد من السياح تعد قليلة بالمقارنة بالسياح الوافدين الي فرنسا (٧٨ مليون سائح) وإلي اسبانيا (٦٥ مليون سائح) وإلي ايطاليا ٥٠ مليون سائح ترجع هذه الزيادة الي ان هؤلاء السياح يستخدمون السيارات في رحلاتهم الي هذه الدول الثلاث بعكس بريطانيا التي يستخدم معظم سائحيها الطائرات والسفن للوصول اليها.
(للحديث بقية)