التعامل مع القطع الأثرية النادرة يتطلب خبرات وقدرات متخصصة
الرياض “المسلة” ….. يعتبر تركيب وتجهيز القطع الأثرية في المعارض المتخصصة بالآثار الأصلية والثمينة تخصصاً مهماً وحساساً تعمل عليه فرق ومراكز متخصصة ومحدودة على مستوى العالم تتم الاستعانة بها لتجهيز المعارض، حيث يتم التعامل مع القطع الأثرية بشكل دقيق جداً لا يؤثر عليها، بدءاً من استخراجها من الصندوق وتنظيفها ووضعها في مكان العرض، إضافة إلى طريقة العرض والتركيب المتوائم مع سيناريو العرض المتحفي.
وفي إطار تركيزها على معارض الآثار المتخصصة في الفترة الأخيرة عملت الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني على تدريب وتأهيل شباب سعوديين من خريجي كليات الآثار للعمل في تجهيز معارض الآثار وتركيب قطعها، حيث نجحت في تخريج فريق متخصص من الجنسين، تعتمد عليهم في تجهيز هذه المعارض والتي كان آخرها معرض كنوز الصين وقبلها المعارض المصاحبة لملتقى آثار المملكة والتي أقيمت جميعها في المتحف الوطني بالرياض.
وتبدأ مهمة الفريق باستلام القطع ومروراً بجميع مراحل عملية العرض من فرز والتأكد من سلامة القطع حتى عرضها في خزانة المعرض.
دعم الآثاريين السعوديين
وعن هذا الفريق يقول رئيس قسم المعارض في المتحف الوطني بالرياض، مبارك آل مسفوه:” تعلمت تركيب القطع الأثرية من خلال عملي في المتحف الوطني لمدة 14 سنة، بداية من إشرافي على قاعة (الإنسان والكون) في المتحف الوطني بالرياض حيث كنت أمين القاعة في عام 1424هـ أشرفت خلالها على العروض الداخلية في القاعة، وطريقة العرض، والإضاءة، وكيفية وضع القطعة الأثرية في الخزانة، والمعلومات التي تصف القطعة وصورتها ” الكابشنز” ، مشيرا إلى مشاركته في معرض ( طرق التجارة في الجزيرة العربية – روائع آثار المملكة العربية السعودية عبر العصور) الذي أقيم في المتحف الوطني بالرياض ضمن المعارض المصاحبة لملتقى آثار المملكة العربية السعودية الأول.
كما شارك في معرض ” كنوز الصين ” حيث قال: ” بدأت مشاركتي في معرض “كنوز الصين ” عن طريق تعييني رئيسا لقسم المعارض كأول رئيس لقسم المعارض، ثم بدأنا مع الادارة العامة للمشاريع والشؤون الهندسية بالهيئة إعداد مخطط المعرض وتقييمه من الناحية الفنية والناحية الأثرية والتخصيصية وارتباط القطع الأثرية في المعرض التي تبرز الحضارة الصينية مع الجزيرة العربية، ثم دخلنا في عملية استلام القطع من خلال مجموعة من الفنيين الصينيين وتقييمنا لتلك القطع إذا كان فيها حالات كسور أو حالات ترميم، بعد ذلك شاركناهم في عملية تركيب القطع الكبيرة التي لا تحتاج إلى نقل يدوي لكن تحتاج إلى معدات كبيرة ، ثم بدأنا في تركيب القطع الصغيرة في عملية وضع القطع على اللوح الذي توضع عليه القطعة ” الاستاند” ووضعية الإضاءة “، لافتا إلى أن معرض ” كنوز الصين” أول معرض يقام في المملكة يطبق خاصية ( QR Code ) أو الـ ” كيو آر كود” الموجودة على كل قطعة أثرية لتقديم جميع المعلومات والشروح الخاصة بالقطعة .
وأشاد بدعم الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني للأثريين السعوديين من خلال زياراته لمواقع التنقيب الأثري التي تنفذها بعثات سعودية دولية مشتركة في عدد من المواقع في مختلف مناطق المملكة، وحرصه على أن يكون الشاب السعودي يداً بيد مع الأثري الأجنبي بل ويتفوق عليه.
إتاحة الفرص
ونوهت الجوهرة الجديع، إحدى منسوبات الفريق وقسم المعارض بالمتحف الوطني، بدعم الأمير سلطان بن سلمان للأثريات السعوديات ما أتاح لها الفرصة لدخول هذا المجال الذي يساعد في إبراز مكونات التراث الوطني، مشيرة إلى مشاركتها في تجهيز معرض (طرق التجارة في الجزيرة العربية – روائع آثار المملكة العربية السعودية عبر العصور) الذي أقيم في المتحف الوطني بالرياض ضمن المعارض المصاحبة لملتقى آثار المملكة العربية السعودية الأول، ومشاركتها أيضا في محطة المعرض الرابعة عشرة في المتحف الوطني الياباني بالعاصمة اليابانية طوكيو.
وشاركت الجوهرة في معرض ” كنوز الصين”، حيث قالت:” شاركت في معرض “كنوز الصين” من بداية عملية فرز القطع التي نحصي فيها القطع من خلال قائمة القطع الأثرية والبحث عنها عن طريق رقم القطعة أو الصورة، ثم البحث عنها في الصناديق التي أُحضرت فيها القطع من الجانب الصيني إلى تركيبها وتنظيمها في المعرض “، داعية الشابات السعوديات إلى العمل في هذه المهنة التي سيتعرفون ويُعرفون العالم من خلالها على تاريخ وتراث المملكة المتنوع عبر الحقب التاريخية المختلفة.
مشاركات خارجية
وعن مهام العمل في مجال العرض المتحفي، قال وليد البديوي عضو الفريق وأخصائي الآثار وأمين قاعة (المماليك العربية) في المتحف الوطني:” أساس مهمتنا في القاعات هو العرض المتحفي للقطع الأثرية في الخزائن بطريقة علمية وفنية محترفة”، مشيرا إلى أنه بدأ بالتعرف على مجال تركيب القطع الأثرية من خلال مواد العرض المتحفي التي تدرس في الجامعة، ثم الممارسة العملية عن طريق مشاركاته في العديد من المعارض التي أقيمت في المتحف الوطني، إضافة إلى مشاركاته الخارجية في عدد من المحطات الدولية التي أقيم فيها معرض (طرق التجارة في الجزيرة العربية – روائع آثار المملكة العربية السعودية عبر العصور)”.
وعن معرض ” كنوز الصين” قال البديوي:” عملت في المعرض على استلام القطع ومعرفة سلامتها وطريقة إخراجها من الصناديق والتأكد أنها صالحة للعرض ولا تحتاج إلى ترميم او إصلاح قبل عرضها، ثم بدأنا نعرض حسب المراحل الموجودة في سيناريو العرض المتفق عليه بين الجانبين السعودي والصيني”.
وأضاف:” قبل المعرض الصيني شاركت مع مجموعة مع الشباب السعوديين في تركيب القطع في معرض (طرق التجارة في الجزيرة العربية – روائع آثار المملكة العربية السعودية عبر العصور) الذي أقيم في المتحف الوطني بالرياض ضمن المعارض المصاحبة لملتقى آثار المملكة العربية السعودية الأول، حيث قام الأمير سلطان بن سلمان بزيارتنا قبل الافتتاح وكان له تشجيع لنا وطلب توفير جميع الاحتياجات والمعدات اللازمة لتركيب القطع وكان وجوده بيننا أكبر حافز للعمل”.
وحث البديوي، الشباب السعودي أن يستفيد من الخبرات الأجنبية المتواجدة في المملكة والتي تعمل ضمن البعثات الدولية المشتركة في أعمال التنقيب الأثري أو المشاركين في المعارض الأجنبية التي تقام في المتحف الوطني بالرياض، كونها فرصة للتطوير وتعلم عملية اخراج القطة والمراحل التي تمر بها القطعة حتى تصل الى الخزانة بطريقة جمالية ومحترفة.
توفير التدريب
من جهتها قالت مريم عبدالله أبو حسين، إحدى منسوبات قسم المعارض بالمتحف الوطني عن بداياتها في مجال العمل الأثري:” بدأت في تعلم المهنة عن طريق الدورات التدريبية التي تقدمها الهيئة لمنسوبيها، ثم انتقلت إلى مرحلة الممارسة من خلال عملي في المتحف الوطني، وكانت اول مشاركة لي في معرض (طرق التجارة في الجزيرة العربية – روائع آثار المملكة العربية السعودية عبر العصور) الذي أقيم في المتحف الوطني بالرياض ضمن المعارض المصاحبة لملتقى آثار المملكة العربية السعودية الأول”.
وأضافت:” كما شاركت في معرض “كنوز الصين” من خلال فرز القطع، وإعداد الواجهة الزجاجية ” فاترينة “، وترتيبها بالصندوق وصورة القطعة نفسها، وإعداد الشروحات الخاصة بكل قطعة “الكابشنز” “، مشددة أن زيارة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز لهم قبل افتتاح المعرض وكلماته وتشجيعه كانت أكبر داعم ومحفز لنا.
الاهتمام بتاريخ المملكة
بدورها أكدت جميلة الرشيد إحدى منسوبات الفريق وقسم المعارض بالمتحف الوطني، أن العمل الأثري تكمن أهميته في الاهتمام بآثار وتاريخ المملكة والمحافظة عليها والتعريف بها لجميع الأجيال، مشيرة إلى أنها اكتسبت خبرة في ممارسة العمل الأثري من خلال عملها في المتحف والمشاركة في عدة معارض، منها معرض صور الملك سعود بن عبد العزيز – يرحمه الله -، ومعرض الملك فيصل بن عبدالعزيز – يرحمه الله – ” الفيصل شاهد وشهيد “، ومعرض (طرق التجارة في الجزيرة العربية – روائع آثار المملكة العربية السعودية عبر العصور)، إضافة إلى مشاركتها الأخيرة في معرض “كنوز الصين”.