كتب : د. عبد الرحيم ريحان
القاهرة “المسلة” ….. صدر كتاب جديد لطلبة الإرشاد السياحى للدكتورة نعيمة محمد إبراهيم مدرس التاريخ بقسم الإرشاد السياحى بمعهد الفراعنة العالى للسياحة والفنادق بعنوان “تاريخ مصر الإسلامية” يتناول تاريخ مصر الإسلامية منذ الفتح الإسلامى لها وحتى سقوط الدولة المملوكية (20-922هـ/641- 1517م) أي حوالى تسعة قرون، وهى فترة طويلة عاشتها مصر وتولى حكمها الكثير من الحكام بعضهم كانوا نوابًا للخلفاء المسلمين، فى حين استقل البعض الأخر عن الخلافة الإسلامية.
وقد وقعت خلال هذة الفترة أحداث كثيرة فى العالم الإسلامي لعبت مصر دورًا مهمًا فيها، كذلك ترك هؤلاء الحكام لمصر الإسلامية الكثير من الآثار العظيمة، التى تشهد بتقدم العمارة والفن في مصر في هذة الفترة، ولا يزال بعضها قائمًا حتى الأن، مثل جامع عمرو بن العاص، ومسجد أحمد بن طولون، والجامع الأزهر، وقلعة صلاح الدين، ومدرسة السلطان حسن …الخ.
كذلك أسهم هؤلاء الحكام فى تشجيع شعب مصر على مواصلة إنجازاته الحضارية التى كانت حلقة بارزة فى سلسلة الحضارة الإسلامية بصفة خاصة والحضارة الإنسانية بصفة عامة.
ويلقى الكتاب الضوء على أوضاع مصر قبل الفتح الإسلامي عندما كانت ولاية تابعة للدولة البيزنطية، والتي كانت حقبة محزنة من الاستغلال الأجنبي للبلاد وكانت خلالها مصر “ضيعة” تنتج القمح لصالح الإمبراطورية الرومانية، وأضحى فلاحوها عبيدًا وأقنانًا مسخرين لزراعة وحصاد هذه الضيعة، ليس هذا فحسب وإنما أثُقل كاهلهم بحمل الضرائب الثقيلة التى فرضها عليهم الرومان، وكان نتيجة هذا الظلم واليأس من التخلص منه أن هجر صغار الملاك الزراعيين والفلاحين قراهم ومزارعهم حتى كادت أن تختفى هذة الطبقة.
كذلك عانى المصريون من القهر السياسي وحرموا من المشاركة فى الوظائف الإدارية وكذلك الجيش والأسطول.، وتعرضوا للاضطهاد الديني بسبب اعتناق الديانة المسيحية الذى بلغ أشده فى عهد الإمبراطور البيزنطى دقلديانوس؛ الذى ذاق فيه المصريون كل صنوف العذاب لدرجة أنهم أطلقوا عليه (عصر الشهداء)، لكثرة من قتل واستشهد فيه من المسيحيين، واتخذت الكنيسة القبطية من سنة حكم هذا الامبراطور وهو عام 284م بدءًا لتقويمها الذي أطلقت عليه “تقويم الشهداء”.
وعلى الرغم من إصدار الإمبراطور قنسطنطين مرسوم ميلان سنة 313م واعترافه بالديانة المسيحية كديانة يسمح بممارسة شعائرها داخل الإمبراطورية، وكفل حرية العبادة للجميع، إلا أن المصريين لم يلبثوا أن تعرضوا لاضطهاد آخر وهو الاضطهاد المذهبي نتيجة للاختلاف حول طبيعة المسيح بين آريوس الذي أنكر ألوهية السيد المسيح، وأثناسيوس الذى أقر ألوهيتة ، وأن الأبن(المسيح) مساويًا تمامًا للأب فهما من عنصر واحد.
وقد اعتنق المصريون مذهب الطبيعة الواحدة الإلهية للمسيح والذى عارضته الإمبراطورية. الأمر الذى أدى إلى تعرضهم لموجة شديدة من الاضطهاد لدرجة أنه كان يلقي بهم في مواقد الحمامات العامة لتكون لحومهم وعظامهم وقودًا للنيران.
على أى حال قد ساهمت هذه الأوضاع السيئة في تقبل وترحيب القبط بالفتح الإسلامي لانقاذهم من هذا الظلم والاضطهاد على كافة المستويات.
ويتعرض الكتاب لأحداث الفتح الإسلامى لمصر وخط سير الجيش الإسلامي (العريش-الفرما- بلبيس- ام دنين-عين شمس- حصن بابليون) بقيادة عمرو بن العاص حتى تم فتح مصر بأكملها وتأمين حدودها الغربية والجنوبية.
وكذلك الإدارة العربية لمصر وكيف أدار المسلمين هذة الدولة العظيمة، مع الحديث عن كيف تحولت مصر التي تدين بالمسيحية وتتحدث القبطية إلى دولة غالبيتها العظمى من المسلمين وتتحدث اللغة العربية، والعوامل التي ساعدت على ذلك.
وفى الفصل الثاني يتناول عصر الولاة في مصر، وما هو المقصود به، وفترته الزمنية، وأهم الولاة وأعمالهم، وإدارتهم للبلاد، مع الإشارة إلى النظام الادارى وأهم عناصره ، والنظام المالي والقضائي، وكيف انتعشت الأوضاع الاقتصادية لمصر والعوامل التي ساعدت على ذلك، وقيام الدول المستقلة فى مصر وانفصالها عن الخلافة الإسلامية وكيف تم ذلك، ومنها الدولة الطولونية ومؤسسها أحمد ابن طولون وأهم أعماله، وابنه خمارويه، وأوضاع الدولة بعد وفاته ثم سقوطها، والفترة الفاصلة بين الدولة الطولونية والدولة التي أعقبتها، وهي الدولة الإخشيدية وظروف قيامها وأهم حكامها وأعمالهم فى الداخل والخارج، وأهم الإنجازات الحضارية للدولتين الطولونية والإخشيدية. ثم الدولة الفاطمية مع إلقاء الضوء سريعًا على قيامها في بلاد المغرب، وفتحهم لمصر، التى أرسلت اكثر من حملة للاستيلاء عليها نظرًا لأهميتها بالنسبة لها، وأهم الخلفاء الفاطميين وأعمالهم في مصر، وضعف الدولة في عصرها الثانى نتيجة سيطرة الوزراء على السلطة وأصبح الخلفاء ألعوبة في أيديهم، ثم سقوط الدولة الفاطمية على يد وزير آخر خليفة فاطمي (الخليفة العاضد)،على يد صلاح الدين الأيوبي، مؤسس الدولة الأيوبية التي تحملت عبأ الجهاد ضد الصليبين، وجهود صلاح الدين في تحقيق الوحدة الإسلامية، والتصدى للحملات الصليبية وأحداثها في عهد صلاح الدين وخلفاؤه، والآثار الأيوبية الباقية في مصر.
ويتناول الكتاب كيف انتقلت السلطة من الدولة الأيوبية إلى المماليك ليؤسسوا الدولة المملوكية في مصر(1250-1517م) ومن أين أتوا وكيف أسسوا دولتهم، وأهم حكامهم، على سبيل المثال السلطان قطز وانتصاره في موقعة عين جالوت، وغيره من السلاطين والأحداث في عصرهم، ودورهم فى تصفية الوجود الصليبى في بلاد الشام، وتحدثنا عن دولة المماليك البرجية “الجراكسة”، وأسباب تسميتهم بذلك وأهم سلاطين دولة المماليك الثانية وأبرز أعمالهم، ونهاية الدولة المملوكية والأخطار التي واجهتها وأسباب سقوطها، واهم مظاهر الحضارة للدولة المملوكية في النواحى الاقتصادية والاجتماعية والمعمارية وكذلك الحياة العلمية، التي ظهرت فى انشاء العديد من المدارس.