المنوفية، مصر 25 ديسمبر 2018 (شينخوا) في قرية ميت أبو الكوم بمحافظة المنوفية بقلب دلتا مصر، مسقط رأس الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات، ما زال أبناء القرية يحتفظون بالكثير من تفاصيل العلاقة بين السادات وأبناء القرية.
وحلت اليوم (الثلاثاء) الذكرى المئوية لمولد الرئيس السادات، بطل حرب أكتوبر المجيدة، وصاحب قرار السلام مع إسرائيل، والذي ولد في 25 ديسمبر 1918، بقرية ميت أبو الكوم التابعة لمدينة تلا بمحافظة المنوفية، حيث تبعد 100 كلم عن القاهرة.
وتولى السادات مسئولية قيادة مصر في العام 1970، في مرحلة حرجة من تاريخها خلفا للرئيس جمال عبد الناصر، بعد هزيمة مصر من إسرائيل العام 1967 واحتلال سيناء، وتمكن السادات بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة في استعادة سيناء خلال حرب أكتوبر العام 1973، ثم فاجئ العالم بقراره زيارة القدس وعقد اتفاقية السلام مع إسرائيل.
ورغم أن السادات قتل منذ 38 عاما، في أكتوبر من العام 1981، على يد إسلاميين متطرفين، إلا أن الكثيرين مازالوا يحتفظون بالكثير من الذكريات الجيدة للرئيس الراحل، خاصة أبناء قريته.
تقول نادية الفرماوي عضو المجلس القومي للمرأة بالمنوفية مسئول ملف ذوي الاحتياجات الخاصة بالمجلس، وهي من أبناء قرية ميت أبو الكوم، “مازال أهالي القرية يحتفظون ويتذكرون كافة التفاصيل الصغيرة الخاصة بعلاقاتهم بالرئيس السادات ويتناقلونها جيلا بعد جيل، رغم مرور ما يقرب من أربعة عقود على وفاته”.
وأكدت نادية الفرماوي، لوكالة أنباء ((شينخوا))، أن “هذه التفاصيل الصغيرة التي كان يحرص عليها الزعيم الراحل هي ما صنعت التلاقي الإنساني والفكري بين الرئيس السادات والمواطنين، وهي التي ما زالت تبني جسر المحبة له في قلوبهم وعقولهم”.
وأوضحت أن أبناء قرية ميت أبو الكوم لا يعتبرون السادات من أبناء البلدة بقدر ما يعتبرونه فردا من أفراد كل أسرة، لذلك فهم يحملون له كل معاني الحب والتقدير”.
وأضافت أن “ما سمعناه منذ طفولتنا عن الرئيس السادات كرمز تاريخي يشعرنا جميعا بالشرف للانتماء لهذا المكان، ويجعلنا شغوفين دائما للحديث عنه باستمرار”.
وأشارت إلى أن والدها أخبرها أن منزل الرئيس السادات الريفي والذي كان يقضي فيه وقتا طويلا عند توليه للمسئولية، لم يكن حوله أسوار كما هو عليه الأن، وانهم كمواطنين عاديين كانوا يشاهدون ضيوف مصر من رؤساء الدول العربية والأجنبية ويصافحونهم خلال تجولهم بالقرية برفقة الرئيس السادات.
وأنشأ الرئيس السادات منزله الريفي المقام على مساحة 15 فدان الجزء الأكبر منه حدائق، العام 1962، عندما كان رئيسا لمجلس الأمة (البرلمان) في ذلك الوقت.
وسبق للرئيس السادات أن استقبل بمنزله الريفي بميت أبو الكوم عدد كبير من الرؤساء الموجودين في ذلك الوقت منهم الرئيس الأمريكي جيمي كارتر وزوجته، والرئيس الليبي معمر القذافي والرئيس السوداني جعفر نميري، والرئيس جمال عبد الناصر وأعضاء مجلس الثورة، وعدد كبير من القادة والسياسيين المصريين والأجانب، ومن عامة المواطنين أيضا.
كما شهد المنزل أهم مراحل الإعداد لحرب أكتوبر، بعيدا عن كافة العيون، وكذا مشاورات السلام مع إسرائيل والوساطات الأمريكية.
وفي العام 2006، أقيم متحفا للرئيس الراحل أنور السادات على مساحة من 250 مترا، بالمضيفة الملحقة بالمنزل والتي كانت مخصصة لاستقبال ضيوف مصر من القادة والزعماء، ليكون مقصدا ومزارا للجميع للاطلاع على تفاصيل مرحلة مهمة من تاريخ مصر.
يقول عطية عاطف أبو النور مدير متحف السادات بقرية ميت أبو الكوم إن المتحف يحتفظ بنفس الديكورات والأثاث والمحتويات الخاصة بالرئيس السادات والذي استقبل عليه ضيوفه من أنحاء العالم.
وأضاف أبو النور، لوكالة أنباء ((شينخوا))، إن المتحف يضم الكثير من مقتنيات الرئيس السادات منها البدلة التي ألقى بها خطابه الشهير في الكنيست الإسرائيلي وبدلة القوات الجوية والقوات البحرية والعباءة الخاصة به والبيجامات والأحذية الخاصة به.
كما يضم المتحف المصحف الخاص بالرئيس الذي كان يحرص على قراءة القرآن الكريم فيه، والنياشين والأوسمة التي حصل عليها، والبايب، والنظارة والعصاة المصنوعة من الشجر المزروع بحديقة المنزل.
والمتحف مزود بمكتبة تضم الكتب التى كتبها السادات بنفسه مثل البحث عن الذات، قصة الثورة كاملة، هؤلاء عرفتهم، وغيرها، كما تضم المكتبة الكتب التي كان السادات دائم القراءة لها، والكتب التي صدرت عنه من عدد من الشخصيات العامة المصرية مثل سيد مرعي رئيس البرلمان، وفوزي عبد الحافظ سكرتيره الخاص.
ويضم المتحف مكتبة صوتية تضم جميع خطابات وكلمات الرئيس السادات في مختلف المناسبات، بالإضافة للقاءاته التليفزيونية، والتي يتم تشغيلها خلال الرحلات المدرسية للتعرف على ملامح شخصيته وأفكاره.
وأوضح أبو النور أن المتحف مفتوح يوميا لاستقبال الزوار والرحلات المدرسية، بالإضافة للكثير من العرب والأجانب، لافتا إلى أنه يزوره سنويا نحو 10 آلاف زائر.
من جانبه، يقول سليمان الشناوي مهندس زراعي بالجمعية الزراعية بقرية ميت أبو الكوم، “نعتبر الرئيس السادات رمزا للأمة العربية بأكملها، ونحن أبناء القرية نشعر بالفخر لانتمائنا لقريته، وهو في قلوبنا جميعا ولن ننساه ولن ننسى إنجازاته”.
وأضاف الشناوي، لوكالة أنباء ((شينخوا))، إن السادات عندما حصل على جائزة نوبل للسلام خصص مكافأتها وعائد كتاب “البحث عن الذات” الذي أصدره لتطوير قرية ميت أبو الكوم والتي كانت كل مبانيها بالطوب اللبن والطين، فقام بإزالة هذه المنازل واستعان بشركة مقاولات لإعادة بناء المنازل على الطراز الريفي المناسب لسكان القرية واحتياجات الفلاحين من حظيرة مواشي، مخزن للعلف، فرن بلدي.
وأوضح أن السادات كان يحرص على زيارة القرية باستمرار حيث يجمع الناس حوله ويتناول معهم الإفطار، ويفتح المضيفة بعد صلاة المغرب لاستقبال كل أصحاب الشكاوي، ويحرص على التجول بالقرية بدون أية حراسات، ويزور منازل القرية.
وتابع “عقب صلاة الجمعة كنا نحرص على مصافحته فردا فردا، ويحرص على الذهاب للمسجد والعودة سيرا على الأقدام إلى المنزل، موضحا أن المنزل كان بلا أسوار وكان يحرص على ممارسة رياضة المشي في الصباح بحديقة المنزل، وكان الفلاحون يلقون عليه السلام باستمرار.
ويتذكر الشناوي أنه كان يراه باستمرار وهو طفل من بعيد، لأن الرئيس كان محاط بالزوار والكبار، متابعا “كان عمري 14 عاما، وطلبت من جدي أن أصافح الرئيس فأخذني معه إلى المسجد، وعقب الصلاة وقف الرئيس بباب المسجد ليصافح جميع من بالمسجد وصافحته مع جدي”.
ووقع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قانونا يمنح الرئيس الراحل محمد أنور السادات ميدالية الكونجرس الذهبية اعترافا بإنجازاته وإسهاماته من أجل السلام في الشرق الأوسط.
ويؤكد محمد أنور عصمت السادات رئيس حزب الإصلاح والتنمية وهو بن شقيق الرئيس الراحل أنور السادات، ويحمل اسمه، أن تكريم الرئيس الراحل والاحتفاء به ليس فقط على المستوى المحلي، وانما على المستوى الدولي.
وقال السادات، لوكالة أنباء ((شينخوا))، إن “العالم دائما ما يتذكر السادات باعتباره أحد صناع السلام في الشرق الأوسط والعالم، ومن الطبيعي أن يحتفي به الغرب وفي القلب منه الولايات المتحدة الأمريكية، ويشيدون بخطواته الجريئة لتحقيق السلام”.
وتابع قائلا “من هذا المنطلق يأتي قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتكريمه ومنحه جائزة الكونجرس الذهبية في مئوية مولده، كأحد صناع السلام في العالم”.
وشدد على أن مصر أولى بالاحتفال بمئوية مولده واعطائه حقه تقديرا للدور الوطني الذي قدمه منذ ثلاثينيات القرن الماضي وحتى قبل أن يكون رئيسا للبلاد.
وحول ما إذا كان هذا التكريم الدولي يعتبر ردا على ما توجه أحيانا للرئيس السابق من انتقادات، قال “كل رئيس دولة أو زعيم يكون له ماله وعليه ما عليه، ومن الطبيعي أن يكون له معارضين كما أن له مؤيدين فهذه سنة الحياة، ووجود معارضين أو مختلفين في الرأي مع الرئيس السادات أمر لا ينتقص منه ولا يعيبه”.
وأردف قائلا “الرئيس السادات ترك أعمالا عظيمه وقرارته تركت بصمات واضحة على المستوى الوطني والإقليمي والدولي، ومواقفه لا تنسى وغيرت الكثير من تاريخ المنطقة”.