المسلة السياحية
بقلم : مجدي الدقاق
حتي لو لم نكن ممن صوت لصالح النقيب الفائز الزميل الأستاذ ضياء رشوان ، فإننا ووفقاً لتقاليد نقابتنا واحتراماً لها سنقول له وللزملاء الأساتذة أعضاء المجلس الجديد ألف مبروك متمنين لهم كل التوفيق ،وسيكون دعمنا لهم مرتبطا ً بإلتزامهم الصارم بالدفاع عن حقوق الصحفيين المهنية والحياتية، وحل العديد من القضايا والمشكلات التي تواجه المهنة وهي كثيرة ،وفي مقدمتها الحفاظ علي إستقلالية النقابة والحريات الصحفية .
ووفقاً للتقاليد نفسها وحقنا الصحفي في فهم دروس ومعني النتائج التي أظهرتها تجربة انتخابات 2019 ، وبعيداً عن تلك الأصوات التي تحدثت ولأول مرة في تاريخ النقابة عن (الإكتساح ، الإنتصار ، الهزيمة ) وهي تعبيرات دخيلة علي الوسط الصحفي الذي أرسي طوال تاريخه قيم راقية في منافسات نقابية برؤية إنتخابية وبرامج تستهدف الإرتقاء بالمهنة والعاملين بها .. عندما كنا نري الأساتذة الكبار بعد إعلان النتائج يقدمون التحية لمن فاز بمقعد النقيب ، ويتقدم من لم يحالفه التوفيق بالسلام علي النقيب المنتخب محتضناً يده ليرفعها إلي أعلي مع يده ،في إشارة لوحدة أبناء النقابة وانتهاء منافسة شريفة كان بطلها أعضاء الجمعية العمومية صاحبة الرأي النهائي فيها .
من هنا كان غريباً ان يحول البعض منافسة هذا الدورة إلي معركة حربية ذات طابع قبلي أو مؤسسي ، وُسمح لدوائر غير نقابية لاختيار أسماء في قائمة بعينها ، فضلاً عن إرساء مبدأ خطير وهو ترشح “رئيس هيئة حكومية ” علي مقعد نقيب لنقابة رأي وفكر من المفترض ان يكون نقيبها – وبغض النظر عن توجهه الحزبي و السياسي والفكري وهذا حقه – لا يشغل أي منصب غير صحفي ، ولكن يبدو ان بعض الزملاء لم ينتبهوا لمغزي هذه الخطوة التي يمكن ان تكون متوافقة شكلاً مع القانون ، لكن من الناحية السياسية والنقابية والأخلاقية..لا أتصور أن تمر مرور الكرام علي هؤلاء الذين أتصور انهم قبلوا ذلك بحسن نية ، رغم معرفتهم بمصير أصحاب النيات الطيبة !
المشهد الأنتخابي خلال الاسبوعين الماضيين وحتي إجراء الانتخابات لم يكن مبشرا ً ويعكس الأزمة التي تعيشها المهنة، فالجمعية العمومية في دورتها الأولي لم يحضرها سوي نحو 700 صحفي وصحفية ، ومن بين 9 ألاف هم أعضاء الجمعية العمومية حضر الجمعية الثانية وفقا لأرقام اللجنة االقضائية المشرفة علي الانتخابات( 4823) ، كانت الأصوات الصحيحة ( 4587) صوتاً والباطلة ( 235) صوتا ً .
وفاز النقيب المنتخب الزميل الأستاذ ” ضياء رشوان ” ب ( 2810) صوتاً ، وحصل منافسه الأول الزميل الأستاذ ” رفعت رشاد ” علي ( 1585) صوتاً ، ولو جمعنا أصوات الأستاذ رفعت مع الأصوات الباطلة عمدًا، مع أصوات الزملاء الذين ترشحوا علي مقعد النقيب وعددهم 8 مرشحين وهي( 105 ) ، لوجدنا ان الأستاذ النقيب ضياء رشوان فاز بفارق( 884) صوتا ، جازمين وموقنين انها تمت في أجواء ديمقراطية شفافة وقانونية ، شكلا ً وموضوعًا ، ليصبح في تجربة ثانية له النقيب رقم (22) لنقابة الصحفيين .. وفي تقديري أن هذه الأرقام بالرغم من ديمقراطيتها وصحتها فهى تعكس حالة عدم إجماع قوي علي الفائز تلك الدورة والذى بحكم هذه النتائج ستحمل بطاقات عضويتنا عند تجديدها توقيعه عليها .
نحو نصف أعضاء الجمعية العمومية او اقل قليلا لم يحضر الانتخابات ، ونحو ( 45 بالمائة ) او اقل قليلا ممن حضر وصوت فيها لم يصوت لصالح النقيب الفائز ، وصوت لصالحه نحو ( 55 بالمائة ) او اكثر قليلا .
هذة الأرقام تعكس نجاحا ً ، صحيح ، ولكنها لا تعكس إجماعا ً ولا تفويضا ً وبها قدر من الحذر تجاه تجربة النقيب المنتخب السابقة ، وتعكس ايضا مخاوف صحفية علي مستقبل المهنة ودورها ومكانتها وعلي دور النقابة في المستقبل، وربما تكون إشارة أن هذا النجاح مرهون بمدي الدور الذي سيلعبه النقيب خلال العامين القادمين ،والذي سيكون حاسماً في في إعادة إنتخابه لدورة جديدة ، او البحث عن منقذ حقيقي لمهنة تتعرض لمخاطر لم تشهدها من قبل.. !
القاهرة – 16 /3/2019