تعد صناعة الطيران حاليا بين أكبر الصناعات الاستراتيجية في العالم، سواء من حيث عدد العاملين فيها أو القيمة الإنتاجية، فخلال القرن الماضي أشعل عالم الطيران مخيلة عديد من الصناعيين، خاصة أنه عزز الصورة المرتبطة بقوة الدولة وتقدمها التقني والتكنولوجي.
وباتت الصناعة مرتبطة بكثير من الصناعات والخدمات الأخرى مثل السفر والسياحة، والخدمات اللوجستية، والإلكترونيات، والإنشاءات المدنية، وتصنيع عديد من السلع الرأسمالية.
إلا أن المرتبة التي وصلتها صناعة الطيران حاليا، يقبع خلفها تاريخ طويل مليء بمراحل متنوعة من الصعود والهبوط، ومن القدرات الابتكارية الضخمة، والاستثمارات المالية الهائلة، وعلاقة معقدة بين القطاع العام والخاص والدولة، بحيث باتت المؤسسات العسكرية والجيوش الأجنبية أكبر عملاء مصنعي الطائرات، بينما يحتل قائمة المشترين التالين شركات الطيران التجارية، وخاصة شركات النقل الجوي.
في 17 كانون الأول (ديسمبر) 1903 نجح الأخوان رايت في تحقيق أول رحلة طيران، لكن الأمر تطلب خمس سنوات لحصولهما على عقد تصنيع طائرة واحدة للجيش الأمريكي مقابل 25000 دولار، مع مكافأة قدرها 5000 دولار، وبلغت سرعة تلك الطائرة 65 كيلو مترا في الساعة.
في ذات الوقت، رخصت براءات الاختراع للسماح لشركة “أسترا” بتصنيع الطائرات في فرنسا، وحصل رجال أعمال بريطانيون على ترخيص إنتاج طائرات رايت، وقامت شركة شورت برازر المحدودة في جزيرة شيبلي بإنشاء أول خط لتجميع الطائرات في العالم.
لكن الطريف في الأمر أن صناعة الطيران لم تحقق أرباحها منذ بدايات المبيعات، بقدر ما حققته من العروض الترفيهية والتنافسية بين عدد قليل من الطائرات المتاحة في ذلك الوقت.
ففي عامي 1911 و1912 حققت شركة الأخوان رايت أكثر من مليون دولار، معظمها من رسوم المعارض والجوائز وليس المبيعات، إلا أن الطائرات الفرنسية برزت حينها باعتبارها أكثر الطائرات تطورا، رغم التشابه الشديد في بناء وتصميم طائرات تلك المرحلة.
ولم تحظ صناعة الطيران بأي ثقل حقيقي حتى اندلاع الحرب العالمية الأولى، فقد أخذ الأوروبيون زمام المبادرة في تلك الصناعة، وقامت الشركات الفرنسية ببناء نحو 2000 طائرة منها 1500 طائرة عسكرية والشركات الألمانية نحو 1000، والبريطانية أقل من ذلك، بينما لم يتجاوز إنتاج الشركات الأمريكية 49 طائرة، معظمها من نوع واحد، إذ لم تكن السوق المدنية أو العسكرية في الولايات المتحدة كافية للسماح للصناعة بالنمو، وفشل الذين أداروا جهود تصنيع الطائرات في الولايات المتحدة في زمن الحرب في إدراك حاجة الصناعة إلى منشآت خاصة وعمال مدربين.
ويقول لـ”الاقتصادية”، فاندر جاكوب الطيار المتقاعد عضو اتحاد الطيارين البريطانيين، “إدراك القيادة الأمريكية لوضعها الضعيف في المنافسة العالمية في عالم الطيران الواعد، ومخاوفها بشأن قيادة أوروبا لهذا المجال المعرفي، دفع الكونجرس إلى إنشاء اللجنة الاستشارية الوطنية للملاحة الجوية في آذار(مارس) 1915، لدعم بحث وتطوير صناعة الطيران”.
إلا أن الولايات المتحدة كان لديها عدد قليل من المنتجين وافتقدت الخبرة في مجال إنتاج الطيران عندما دخلت الحرب عام 1917، ولذلك قررت الحكومة ترك الإنتاج في أيدي القطاع الخاص خلال فترة الحرب.
وانخرطت صناعة السيارات الأمريكية في مجال إنتاج محركات الطائرات، إلا أن انتهاء الحرب عام 1918 لم يتح الفرصة للإنتاج الأمريكي في أن يكون له تأثير ملحوظ.
وبانتهاء القتال وإحلال السلام، ألغت الحكومة الأمريكية العقود الضخمة التي منحتها للقطاع الخاص، وبذلك أفلست كثير من الشركات، وساد الصناعة حالة من الاكتئاب، بحيث لم يتجاوز الإنتاج الأمريكي من الطائرات 263 طائرة بحلول عام 1922.
ومع هذا، يرى فاندر جاكوب الطيار المتقاعد أن الحرب سمحت بوضع البذور الأولى للبنية التحتية التي تتطلبها صناعة الطيران، ودفعت الحكومات لتمويل المختبرات الوطنية الخاصة بتلك الصناعة المكلفة، وبدأت الجامعات في تقديم شهادات هندسية خاصة بالطائرات، لكن الأهم أن الشركات التي نجحت خلال فترة الحرب امتلكت الآن روح المبادرة، لضخ مزيد من الاستثمارات في تلك الصناعة.
وبدأت الملامح الأولى للطيران المدني تتبلور في عام 1918، ونما البريد الجوي بشكل مطرد، وفي عام 1919 بدأت الخطوط الجوية آيرو مارين بتقديم خدمة محدودة للركاب بين ولاية فلوريدا الأمريكية وكوبا، إلا أن الشركة تعرضت للخسائر وأنهت خدماتها عام 1923.
تدريجيا، توسعت عملية إنتاج الطائرات العسكرية والمدنية، وتشكلت شركات قابضة كبيرة للطيران بتمويل من “وول ستريت”، وتطورت الصناعة لتزداد نموا. وكانت أكبر الشركات “يونايتد إيركرافت آند ترانسبورت كوربوريشن”، وشركة “كورتيس رايت”، و”ديترويت إيركرافت، و”أفييشن كوربورشين”، وشركة “أمريكا الشمالية أفييشن”، وشركة “لوكهيد” التي تأسست عام 1926.
وبدأت تلك الشركات في عمليات دمج واستحواذ، ليشهد القطاع ظاهرة ستواصل التكرر من ذلك الحين إلى اليوم، مدفوعا في ذلك بالتكلفة الباهظة لعملية الإنتاج.
وبحلول الثلاثينيات من القرن الماضي، وعندما أعتقد البعض أن الصناعة في طريقها لتحقيق طفرتها الأولى، أنهى الكساد الكبير تلك الأحلام، وأفلست الشركات، ومن لم يفلس تهاوت قيمة أسهمه، وتباطأ الطلب العسكري على الطائرات.
ومع هذا، يعتقد آدم سميث الصحافي المتخصص في مجال الطيران والفضاء في هيئة الإذاعة البريطانية، أن فترة الثلاثينيات أحدثت تطورات مهمة في هيكل صناعة الطائرات، ويضيف لـ”الاقتصادية”، أن “شركة مثل ديترويت إيركرافت كوبوريشن أفلست بحلول عام 1932، وأدت مخاوف الاحتكار إلى تفكيك الشركات القابضة بحلول عام 1934، وبذلك انفصلت عملية التصنيع عن النقل إلى حد كبير، وانفصلت شركة بوينج عن يونايتد إيركرافت آند ترانسبورت كوربوريشن، وتحولت شركة أمريكا الشمالية إلى التصنيع، ولاحقا تم تأسيس شركات مهمة مثل جرومان وفولتي، ورغم الهزة التي تعرضت لها الصناعة إلا أنها أخذت في التبلور، وسمحت لشركات الإنتاج بتثبيت جذورها في الأرض.
ويواصل سميث قائلا، “بحلول عام 1938 ومع اقتراب الحرب العالمية الثانية كانت القوات الأمريكية ضعيفة وفقا للمعايير العالمية، وظل طلب المؤسسة العسكرية على الطائرات منخفضا. وكان عدد العاملين في الصناعة لا يتجاوز 36000 عامل فقط، وعلى مدار 30 عاما من تاريخها، أنتجت الصناعة نحو 50 ألف طائرة عسكرية ومدنية فقط، وقدمت الطلبيات البريطانية في عام 1938 دفعة كبيرة لتمويل الصناعة والقدرة على الإنتاج. ومع بداية الحرب، وضعت لجان المشتريات البريطانية والفرنسية طلبيات ضخمة. واستفاد الطيران المدني من تأسيس هيئة الطيران المدني المستقلة عام 1938، وروجت الهيئة لتطوير الطائرات”.
ووصلت صناعة الطائرات إلى أعلى مستوياتها خلال الحرب، وأنتجت شركات تصنيع الطائرات نحو 300 ألف طائرة على مدار أربعة أعوام، وبالطبع أسهمت المساعدة الحكومية الضخمة في هذا الإنتاج، عبر بناء مصانع يواصل بعضها الإنتاج حتى الآن، وتحولت كثير من الشركات من إنتاج السيارات إلى إنتاج الطائرات والمحركات.
ويوضح لـ “الاقتصادية”، آر. إم. جيمس الطيار العسكري المتقاعد، أن الحرب حفزت التقدم التكنولوجي السريع، ودفعت شركات إنتاج الطائرات للتعاون بدرجة غير مسبوقة في المسائل الفنية، مثل أجهزة قياس الضغط والرادار ومزيد من التقدم في صناعة المحركات، وفي زمن الحرب حدث تطوران مهمان بشأن مستقبل الطيران وهما إنتاج المروحيات والتوصل إلى المحرك النفاث.
وفي عام 1939 اختبر إيجور سيكورسكي أول طائرة هليكوبتر أمريكية، ودخلت الخدمة الفعلية خلال العام الأخير من الحرب، وحصلت الولايات المتحدة على التكنولوجيا من بريطانيا، وتم منح عقود التطوير الإضافي لشركات مثل إليسون وهي إحدى وحدات شركة جنرال موتورز، ولـ”جنرال إلكتريك”، و”وستنج هاوس”، التي اكتسبت القدرة على تطوير محركات نفاثة جديدة، كما استفادت الولايات المتحدة من التكنولوجيا الألمانية التي تم الاستيلاء عليها من ألمانيا النازية.
وبنهاية الحرب وخروج الحلفاء منتصرين تكرر المشهد الذي حدث بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، تقلصت الصناعة مرة أخرى، لكن هذا لم يدم كثيرا إذ أنعشتها الحرب الباردة.
وخلال سنوات الحرب الباردة تعززت سيطرة الولايات المتحدة على أسواق الطائرات العالمية من خلال شركة لوكهيد كونستيلشن، وسمحت الأبحاث المدعومة من الجيوش في تقدم مثير للإعجاب في عالم الطائرات خلال خمسينيات القرن الـ20، وبمرور الوقت أصبحت صناعة الطائرات أكبر صاحب عمل في الولايات المتحدة، والقطاع الأبرز في مجال التكنولوجيا، إلا أن ريادة الشركات الأمريكية، لا تنفي أن الصناعة خلال ستينيات القرن الماضي، كانت تعاني من أن إنتاجها لم يقترب مما كان عليه خلال فترة الحرب.
وعند هذه النقطة، يقول لـ “الاقتصادية”، ماركوس باترسون أستاذ هندسة الطيران في جامعة شيفيلد، “كان كل جيل منتج من الطائرات الجديدة يزداد تعقيدا وترتفع تكلفة إنتاجه، ما جعل عملية التطوير تفوق قدرات الشركات الصغيرة، بل تكبدت عديد من الشركات الكبرى خسائر مالية فادحة، ومن ثم لم يكن هناك من خيار آخر غير عملية الدمج، لكن تلك العملية كانت لا بد أن تأخذ موافقة المؤسسة العسكرية وهيئة مكافحة الاحتكار، والنتيجة انخفاض عدد الشركات المنتجة، وفي النهاية اختفت شركات مثل دوجلاس، وأمريكا الشمالية، وكونفير، وشانس فوس، بينما خرجت شركة رائدة مثل مارتن من عملية التطوير، وهذا كله كان مؤشرا على تقلص البيئة التنافسية في مجال الإنتاج”.
ويضيف باترسون، أنه “على الرغم من أن البريطانيين كانوا روادا في مجال الطائرات النفاثة، إلا أن صناعة الطائرات الأمريكية سيطرت على السوق العالمية، إذ قامت بتجهيز 90 في المائة من الأسطول العالمي للطائرات خارج الكتلة السوفيتية، وبات الجميع غير قادر عمليا على منافسة الأمريكيين”.
وفي الواقع، فإن صناعة الطائرات تغيرت بشكل كبير نتيجة جهود برامج الفضاء والصواريخ التي تدعمها وكالة ناسا الأمريكية، كما لعبت حرب فيتنام (1964 – 1975) دورا مهما في تحفيز الطلب القوي على المروحيات.
ومع هذا يمكن القول إنه في بعض المراحل كان التقدم التكنولوجي لا يصب في صالح الصناعة أو الشركات المنتجة، فامتداد العمر الزمني الذي يمكن أن تقضيه الطائرة في الخدمة، أدى إلى انخفاض إجمالي الطائرات المنتجة من نحو 18 ألف طائرة عام 1969 إلى 3000 طائرة فقط عام 1987، وبالطبع خرجت بعض الشركات من السوق نتيجة لذلك من بينها شركة فيرتشايلد، ومع تصاعد تكلفة الإنتاج أصبح الاندماج هو الحل مرة أخرى.
وتواصل الاندماج في تسعينيات القرن الـ20، إذ اندمجت شركة جرومان مع شركة نورثروب، وباعت جنرال ديناميكس وحدة إنتاج طائراتها العسكرية لشركة لوكهيد، فيما استحوذت “بوينج” على شركة ماكدونيل دوجلاس.
وتعتقد جورجي سميث الباحثة في مجال صناعة الطيران والفضاء، أن “نهاية الحرب الباردة أدت إلى انخفاض الإنفاق الدفاعي كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي. كما انخفضت برامج الطائرات والصواريخ الجديدة. ولم تعد صناعة الطيران هي صاحب العمل الصناعي الرئيس، حيث انخفض التوظيف لأقل من مليون شخص في عام 1993 واستمر في الانخفاض. وزادت المخاوف من أن القدرات التقنية الأمريكية ستفقد، وأن الطائرات القديمة ستزيد من صعوبات الصيانة وتهدد الاستعداد العسكري. كما اكتسب “كونسورتيوم إيرباص الأوروبي” قوة في الثمانينيات، ما شكل تهديدا موثوقا للهيمنة الأمريكية”.
وتضيف لـ”الاقتصادية”، “باتت صناعة الطيران تتصف بمزيد من العولمة بشكل ملحوظ، حيث تم بناء مكونات لعديد من الطائرات في بلدان أخرى، وتم تطوير عديد من برامج الطيران والمروحيات العامة متعددة الجنسيات أو عبر تمويل أجنبي، لكن الاتجاه العام لصناعة الطائرات سيظل قائما على عدد صغير نسبيا من الشركات الكبيرة وعديد من الشراكات الدولية على كل المستويات”.
وتعد شركة إيرباص الأوروبية لصناعة الطائرات نموذجا على تلك التنافسية والتعاون الدولي في آن واحد في مواجهة الهيمنة الأمريكية المتزايدة على الصناعة، فقد تعاونت الحكومة الفرنسية والألمانية عام 1965 لتشكيل كونسورتيوم لبناء طائرة ركاب أوروبية ذات قدرة عالية، فظهرت “إيرباص” عام 1970 باعتبارها مجموعة اقتصادية.
ولاحقا انضمت إليها دول أوروبية أخرى، وفي عام 1974 دخلت الخدمة أول طراز من “إيرباص” وهو A300، وبعدها بعشرة أعوام جاء الطراز الثاني A310 مدخلا مفاهيم جديدة مثل قمرة القيادة ذات الطيارين، وبفضل ابتكاراتها باتت “إيرباص” ثاني أكبر مصنع للطائرات في العالم بعد شركة بوينج الأمريكية.
وتشير البيانات المتاحة عن صناعة الطائرات أن من بين ما يقرب من 50 دولة لديها واحدة أو أكثر من شركات الطيران، فإن الولايات المتحدة تمتلك أكبر مجمع صناعي في العالم، كما تعد الشركات الأمريكية أيضا المورد المهيمن لكل من أجهزة الفضاء العسكرية والمدنية لبقية العالم، إلا أن الشركات غير الأمريكية تبحث عن جزء أكبر من السوق العالمية وتتحدى الهيمنة الأمريكية.
وتحظى روسيا بموقع رائد في صناعة الطيران، فبعد انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991، استحوذت روسيا على معظم مكاتب التصميم السوفياتي ذات الكفاءة العالية، وبدأت شراكات تجارية مع شركات أمريكية وأوروبية، وبمقتضاها دخلت موسكو للأسواق الغربية لأول مرة.
وحول المنافسين الدوليين الآخرين، يقول لـ”الاقتصادية”، المهندس كريس هاملي من مجموعة الطيران البريطانية، إن “أوروبا الغربية لاعب عالمي قوي في تلك الصناعة خاصة فرنسا والمملكة المتحدة وألمانيا، وذلك من خلال البرامج التعاونية مثل خط الناقل الجوي التجاري إيرباص، ومجموعة إيريان لمركبات الإطلاق الفضائية، أما في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، فاليابان تمتلك صناعة طيران رائدة، لكن مقارنة بالولايات المتحدة وأوروبا الغربية وروسيا، فإنها تملك صناعة محدودة، إلا أن الشركات اليابانية تعمل كمقاول رئيس للشركات الأمريكية والأوروبية”.
وحول الجهود الصينية في هذا المجال، يشير هاملي إلى أن “الصين قامت ببناء طائرة ذات تصميم سوفيتي منذ أوائل الخمسينيات من القرن الماضي، وكانت جهود التصميم المحلية محصورة عمليا في تكييف التكنولوجيا السوفيتية، لكنها الآن بصدد إقامة شراكات مع عدد من المؤسسات الأجنبية في أنظمة الطائرات والمركبات الفضائية، كما طورت قاذفات فضائية وأقمارا صناعية صغيرة ومركبات مخصصة لرحلات الفضاء المأهولة”.
وتعمل صناعة الطائرات الوطنية في جميع دول العالم للحفاظ على مصالحها، وهو ما يتجلى في تأسيسها جمعيات على غرار جمعية صناعة الطيران الأمريكية، وتتألف عضويتها من الشركات الكبرى في هذا المجال، حيث توفر منتدى للقضايا التقنية والسياسات المتعلقة بالصناعة، إضافة للعمل كوكيل ضغط للمصلحة المشتركة للأعضاء، وبصورة موازية أوروبيا هناك الرابطة الأوروبية لصناعات الفضاء الجوي ومقرها بروكسل.
وحول مستقبل الصناعة، يعتقد آدم سميث الصحافي في مجال الطيران والفضاء في هيئة الاذاعة البريطانية، أن “معظم الشركات الأمريكية الصغيرة فقدت استقلالها في الثمانينيات والتسعينيات، وباتت جزءا من تكتلات صناعية كبيرة، أما في أوروبا فإن التغيرات كانت أكثر دراماتيكية، فقد اندمجت 12 شركة مع بعضها بعضا، وشهدت الصناعة عملية استحواذ واضحة، كما تم إعادة تنظيم القطاع بصورة ملحوظة، ما أسفر في نهاية المطاف عن شركة بي إيه إي سيستمز، وهذا الاتجاه هو ما سارت عليه أيضا فرنسا وألمانيا”.
ويضيف سميث أن “مسار الاندماج والاستحواذ في صناعة الطيران سيتعزز كلما ارتفعت التكلفة الإنتاجية أو تعرض الاقتصاد العالمي لهزات ضخمة، فقد أدت الأزمة المالية العالمية في عام 2008 إلى انخفاض السفر التجاري بدرجة كبيرة، واستمرت الخسائر لسنوات، وهو ما يتطلب في كثير من الأحيان اندماج المنتجين أو شركات الطيران ذاتها إذا أرادت الاستمرار”.