المسلة السياحية
كتب د. عبد الرحيم ريحان
القاهرة – ارتبطت أكلات معينة بعيد شم النسيم لها أصول مصرية قديمة لأن العيد نفسه هو عيد مصرى قديم ولا علاقة له بأى دين ،وكان البيض يرمز إلى خلق الحياة كما ورد فى متون كتاب الموتى وأناشيد إخناتون ، ونقش البيض وزخرفته ارتبط بعادة قدماء المصريين نقش الدعوات والأمنيات على البيض ثم يعلق فى أشجار الحدائق لتحقيق الأمنيات مع الشروق طبقاً لما جاء فى دراسة علمية للدكتور على الطايش أستاذ الآثار الإسلامية بكلية الآثار جامعة القاهرة .
وكان الفسيخ (السمك المملح) من بين الأطعمة التقليدية فى شم النسيم منذ الأسرة الخامسة عندما بدأ الاهتمام بتقديس النيل نهر الحياة، حيث ورد فى متونه المقدسة أن الحياة فى الأرض بدأت فى الماء ويعبر عنها بالسمك الذى تحمله مياه النيل من الجنة حيث ينبع حسب المعتقد المصرى القديم ، وقد ذكر المؤرخ الإغريقى هيرودوت أن قدماء المصريين كانوا يأكلون السمك المملح فى أعيادهم ويرون أن أكله مفيد فى وقت معين من السنة ،وكانوا يفضلون نوعاً معيناً لتمليحه وحفظه للعيد أطلقوا عليه اسم (بور) وهو الاسم الذى حور فى اللغة القبطية إلى (يور) وما زال يطلق عليه حتى الآن.
وطبقًا لما جاء فى الدراسة بأن البصل ضمن أطعمة عيد شم النسيم منذ أواسط الأسرة السادسة ، وارتبط ظهوره بما ورد فى إحدى أساطير منف القديمة أن أحد ملوك الفراعنة كان له طفل وحيد وكان محبوباً من الشعب وقد أصيب بمرض غامض أقعده عن الحركة وعجز الأطباء والكهنة والسحرة عن علاجه ولازم الفراش عدة سنوات، واستدعى الملك لعلاج الطفل الكاهن الأكبر لمعبد آمون فنسب مرضه إلى وجود أرواح شريرة تسيطر عليه وتشل حركته بفعل السحر … وأمر الكاهن بوضع ثمرة ناضجة من ثمار البصل تحت رأس الطفل فى فراشه عند غروب الشمس بعد أن قرأ عليها بعض التعاويذ ثم شقها عند شروق الشمس ووضعها فوق أنفه ليستنشق عصيرها.
كما طلب منهم تعليق حزم من أعواد البصل الطازج فوق السرير وعلى أبواب الغرفة وبوابات القصر لطرد الأرواح الشريرة وشفى الطفل، وأقام الملك الأفراح فى القصر لأطفال المدينة ولما حل عيد شم النسيم بعد أفراح القصر بعدة أيام قام الملك وعائلته وكبار رجال الدولة بمشاركة الناس فى العيد وتعليق حزم البصل على أبواب دورهم.
وقد عرف الخس منذ الأسرة الرابعة وكان يقدم فى سلال القرابين وعلى موائد الاحتفال بالعيد وكان يسمى بالهيروغليفية (حب)، كما اعتبره المصريون القدماء من النباتات المقدسة الخاصة بالمعبود (من) إله التناسل، ويوجد رسمه منقوشاً دائماً تحت أقدام المعبود (من) فى معابده ورسومه ، وأما الملانة وهى ثمرة الحمص الأخضر أطلق عليها (حور – بيك) أى رأس الصقر لشكل الثمرة التى تشبه رأس حور الصقر المقدس، وقد ذكر الخس والملانة فى البرديات الطبية وكانت الفتيات يصنعن من حبات الملانة الخضراء عقوداً وأساور يتزين بها فى الاحتفالات بالعيد كما يقمن باستعمالها فى زينة الحوائط ونوافذ المنازل فى الحفلات المنـزلية .
ومن بين تقاليد شم النسيم المصرية القديمة التزين بعقود زهور الياسمين وهو محرف من الاسم المصرى (ياسمون) ،وكانوا يصفون الياسمين بأنه عطر الطبيعة التى تستقبل به الربيع ، وكانوا يستخرجون منه فى موسم الربيع عطور الزينة وزيت البخور الذى يقدم ضمن قرابين المعابد عند الاحتفال بالعيد .