القاهرة “المسلة السياحية” المحرر الاثرى …. أكد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بمناطق أثار جنوب سيناء أن هناك ظاهرة غريبة نظر إليها مؤرخى الغرب بشئ من الدهشة والاستغراب والروعة التى سجلوها فى كتاباتهم وهى وجود جامع داخل دير مسيحى وهو الجامع الفاطمى داخل دير سانت كاترين ومن هؤلاء المؤرخين حجاج مسيحيون زاروا الدير عام 1384م مثل ليوناردو فرسكويالدى الذى أبدى إعجابه بعظم التسامح بين المسلمين والمسيحيين وهذا يدل على أن الغرب لم يعتادوا أن ينظروا بتلك النظرة السمحة إلى موضوعات تتعلق بالعقيدة أو الدين فى بلادهم مما يدل على أن مصر كانت وما زالت منبرًا لتسامح الأديان وأكثر تسامحًا من أوروبا.
ويضيف الدكتور ريحان أن هذا الانبهار دفع مؤرخى الغرب إلى نسج قصص وهمية عن بناء الجامع وهى ربط بناء الجامع بحادثة تعدى على الدير ليس لها أى أساس تاريخى أو أثرى حتى أن كل من ذكر هذه القصة بدأها بكلمة طبقًا للحديث المتواتر بين شخص وآخر كما نقول نحن الآن (بيقولوا ).
وقد بحث الدكتور ريحان عن أصل الحكاية واكتشفها بكتاب نعوم بك شقير عن تاريخ سيناء حيث نسج حكاية ليس لها أصل تاريخى ذاكرًا أنها موجودة بكتاب بمكتبة دير سانت كاترين يسمى (تاريخ السنين فى أخبار الرهبان والقديسين) وهذا الكتاب ليس له وجود لا فى مكتبة الدير ولا فى آى مكان آخر أى أن الأصل الذى نقل عنه الجميع لا أصل له .
ويتابع الدكتور ريحان أن المؤرخ الأجنبى “جالى” ذكر فى بحث له نشره عام 1985 ناقلاً عن نعوم بك شقير أن الحاكم بأمر الله أراد أن يهدم الدير ولكن الرهبان أخبروه أن به جامع وقاموا ببناء الجامع بسرعة داخل الدير لحماية الدير وشاعت هذه الحكاية فى كل المصادر الغربية التى كتبت عن تاريخ دير سانت كاترين ويرددها البعض حتى الآن من مرشدين سياحيين وجهات إعلامية.
ومن هذا المنطلق يقدم الدكتور ريحان الأدلة الأثرية الدامغة التى تفند هذه الرواية وتؤكد أن الجامع لم يبن من الأصل فى عهد الحاكم بأمر الله بل بنى فى عهد الخليفة الفاطمى الآمر بأحكام الله 500هـ 1106م والدليل الأثرى الأول هو وجود كرسى شمعدان من الخشب داخل الجامع عليه نص كتابى من عهد الإنشاء فيه اسم منشئ الجامع وهو أبى المنصور أنوشتكين الآمرى نسبة إلى الخليفة الآمر بأحكام الله الذى بنى هذا الجامع وثلاثة جوامع أخرى أحدهم فوق جبل موسى والآخران بوادى فيران كشفت عنهم الحفائر بسيناء والدليل الثانى وهو نص محفور على واجهة منبر الجامع بالخط الكوفى يؤكد أن بناء الجامع كان فى عهد الآمر بأحكام الله الموجود اسمه بهذا النص وتاريخ الإنشاء واسم منشئ هذا المنبر المخصص للجامع وهو الأفضل بن بدر الجمالى عام 500هـ .
وعن أسباب بناء الجامع داخل الدير يؤكد الدكتور ريحان أنه بنى ثمرة العلاقات الطيبة بين المسلمين والمسيحيين التى بلغت ذروتها فى العصر الفاطمى ليصلى فيه قبائل سيناء الذين يقومون بخدمة الدير من قبائل الجبالية نسبة لجبل موسى وكذلك القبائل خارج الدير وكان يمر به الحجاج المسلمون فى طريقهم إلى مكة المكرمة وتركوا كتابات تذكارية عديدة ما زالت على محراب الجامع إلى الآن .
ويوضح الدكتور ريحان أن الجامع يقع فى الجزء الشمالى الغربى داخل الدير ويواجه الكنيسة الرئيسية حيث تتعانق مئذنته مع برج الكنيسة وتخطيطه مستطيل جداره الجنوبى 9.88م ، الشمالى 10.28م ، الشرقى 7.37م ، الغربى 7.06م ارتفاعه من الداخل 5.66م ينقسم لستة أجزاء بواسطة عقود نصف دائرية من الحجر الجرانيتى المنحوت، ثلاثة عقود موازية لجدار القبلة وأربعة متعامدة عليه وله ثلاثة محاريب الرئيسى متوج بعقد ذو أربعة مراكز كالموجود فى الجزء القديم من الجامع الأزهر وله منبر خشبى آية فى الجمال يعد أحد ثلاثة منابر خشبية كاملة من العصر الفاطمى الأول منبر جامع الحسن بن صالح بالبهنسا ببنى سويف والثانى منبر الجامع العمرى بقوص كما يشبه المنبر الخشبى بمسجد بدر الدين الجمالى الذى يعود تاريخه إلى 484هـ ، 1091م المنقول من عسقلان إلى الحرم الإبراهيمى بفلسطين وللجامع مئذنة جميلة من الحجر الجرانيتى تتكون من دورتين قطاعهما مربع فى منظر لا يتكرر ولن يتكرر إلا فى مصر هذا التعانق والوحدة التى تجمع الأديان فى بوتقة واحدة .
مساجد داخل قلاع
وينوه الدكتور ريحان إلى مساجد أثرية أخرى أنشئت داخل قلاع إسلامية بسيناء أحدهم يقع داخل قلعة صلاح الدين بجزيرة فرعون بطابا كشفت عنه منطقة آثار جنوب سيناء للآثار الإسلامية حيث عثر على اللوحة التأسيسية باسم منشئ الجامع وهو الأمير حسام الدين باجل بن حمدان كما تحوى القلعة مصلى مكشوف وكان للقلعة دور هام فى صد غارات الصليبيين عام 1182م.
ويوضح أن قلعة الجندى الذى بناها صلاح الدين من عام 1183 حتى 1187م على الطريق الحربى الخاص به بسيناء وتبعد 230كم عن القاهرة تضم مسجدان منهم مسجد جامع ومصلى والمسجد الجامع له محراب آية فى الجمال كتب فى صدره بالخط الكوفى “بسم الله الرحمن الرحيم اللهم صلى على محمد” ويمثل المحراب كتلة معمارية ذات زخارف من إشعاعات، كما يحوى حصن رأس راية بطور سيناء 420كم من القاهرة التى تعود إلى العصر العباسى وأعيد استخدامها فى العصر الفاطمى جامع شهير مبنى بالطوب اللبن والحجر المرجانى وهو حجر أكثر صلابة ومقاومة للأملاح دخل فى بناء معظم المواقع الساحلية بسيناء مثل ميناء دهب وميناء الطور.
مساجد أخرى
ويشير الدكتور ريحان إلى مساجد أثرية أخرى بسيناء ومنها مسجد حصن الطينة بشمال سيناء 35كم شرق مدينة القنطرة شرق له ثلاثة محاريب والقلعة بناها السلطان الغورى 914هـ 1158م وظلت عامرة حتى 1140هـ وبنيت بالطوب الأحمر، وجامع بقرية قاطية بشمال سيناء وكانت قاطية مركزًا للجمارك بمدخل مصر الشرقى أواخر العصر الأيوبى والجامع مبنى بالطوب الأحمر وله مئذنة وأماكن للوضوء كما بنيت المساجد أعلى الجبال مثل المسجد الفاطمى على جبل موسى 2242م فوق مستوى سطح البحر والمسجد الفاطمى على قمة جبل الطاحونة بوادى فيران 868م فوق مستوى سطح البحر.