كتب : د. عبد الرحيم ريحان
القاهرة “المسلة السياحية” …. بعد واقعة بصق أحد السائحين على مومياء الملك “سقنن رع” داخل قاعة المومياوات بالمتحف المصرى تخيلت ملك مصر يخط لى رسالة باللغة المصرية القديمة هذه ترجمتها.
يقول الملك “سقنن رع تاعا الثانى” حكم 1560 أو 1558 ق. م أننى من أعظم ملوك مصر حيث أننى أول من بدأ القتال الفعلى لطرد الهكسوس من مصر، تزوجت الملكة إياح حتب وأنجبت منها كامس أخر ملوك الأسرة السابعة عشر وأحمس الأول أول ملوك الأسرة الثامنة عشر الذى طرد الهكسوس نهائيًا من مصر.
يقولون عن وفاتى أننى قتلت فى معركة مع الهكسوس ويقولون أننى قتلت بينما كنت نائما حين تعرضت للهجوم وقد تم تحنيط جثتى بتعجل فى مكان المعركة للحفاظ علي الجثة حتى نقلت إلى طيبة وتمت هناك محاولة ثانية لتحنيطى.
أنا الذى اكتشفت مقبرتى فى خبيئة دراع أبو النجا عام 1881 م وقد كشفت المومياء لاحقا فى 9 يونيه عام 1886 بواسطة جاستون ماسبيرو وأنا من يرقد بين ملوك مصر العظام بالمتحف المصرى .
ويأتى فى آخر الزمان من يهيننى ويبصق على وجهى وأنا بينكم فى حمايتكم فإذا قبلت فأنتم لا تستحقون أن تكونوا أحفاد لى وإذا رفضتم إهانتى وحاسبتم من بصق على وجهى فإنى فخور بكم حراس الحضارة بالنسبة لى فلا أقبل بأقل من اعتذار هذا المذنب لى أمام العالم أما أنتم فحاسبوه على قدر جريمته وكرر عبارة قبل أن يختم رسالته ” كرامتى أمانة فى أعناقكم “.
محدثكم ملك مصر “سقنن رع تاعا الثانى”
ولنا حق التعقيب على رسالة ملك مصر بأن إهانة ” سقنن رع تاعا الثانى”هى إهانة لكل مصرى تستوجب العقاب الرادع لمن اقترف هذه الجريمة الكبرى مع الاعتذار لكل شعب مصر فى كل وسائل الإعلام وأن مومياء أى ملك من ملوك مصر القديمة حين تسافر للخارج فى معارض الآثار تستقبل استقبالًا رسميًا وكأنها زيارة لملك حاليًا لأن الحضارة المصرية هى حضارة حياة وخلود لأصحابها.
وقد كنت فى أحد معارض الآثار ببرشلونة مرافقًا لأيقونة سانت كاترين وكانت بارشلونة بأكملها تتزين من أجل وجود الأيقونة فى أحد متاحفها وهناك لافتات ترشدك إلى مكان المتحف منذ نزولك إلى المطار وكانت بعض البلدان تشارك فى هذا المعرض ومنهم تركيا التى كانت تشارك بأربعين قطعة أثرية ومصر شاركت بأيقونة سانت كاترين فقط ولكن قيمة الأثر المصرى تفوق قيمة أى أثر فى العالم وهكذا تعامل آثار مصر حين نعرضها بمعارض خارجية وهكذا يستقبل ملوك مصر القديمة حين سفرهم .
وتعود بنا الذاكرة إلى 43 عامًا مضت حين سافرت مومياء الفرعون الشهير رمسيس الثانى وقد اكتشفت عام 1881م بواسطة جاستون ماسبيرو ونقلت إلى المتحف المصرى بالقاهرة بعد خمس سنوات من اكتشافها وإجراء الدراسات عليها ولكن فى عام 1976 لاحظ علماء الآثار ظهور فطريات على مومياء الفرعون ما استدعى إرسالها الى فرنسا لمعالجتها من التلف الحاصل.
ولأن القوانين الفرنسية تحتم على كل من يدخل أراضيها حيًا كان أم ميتًا أن يدخل عبر جواز سفر وتأشيرة أصدرت السلطات المصرية آنذاك جواز سفر للفرعون الراحل باسمه المتفق عليه “رمسيس الثاني” وهو مواطن مصرى من الدرجة الأولى والصفة “ملك مصرى سابق” وأطلق عليه اسم رمسيس الأكبر، وهو ثالث فرعون من حكام الأسرة التاسعة عشرة.
وكما يستقبل الملوك، حطت طائرة الفرعون المصرى “العظيم” فى مطار “لوبرجيه” الفرنسى فى سبتمبر 1976 ليتم استقباله بالطريقة الرسمية النظامية وفقا للبروتوكول المتبع فى استقبال الملوك والرؤساء، وعزف الجنود الفرنسيون فى المطار النشيد الوطنى المصرى بحضور الرئيس الفرنسي آنذاك فرنسوا ميتيران.
وهذا الاستقبال كان بحسب البروتوكول الرسمى الفرنسى الخاص بالكبار والزعماء ولو تصرف الفرنسيون عكس ذلك لكانت إهانة مباشرة للدولة المصرية.
فما بالك لو أهين ملك مصر فى أرضه من أى شخص مهما كان فهذا الشخص يجب أن تطبق عليه عقوبة الخيانة العظمى ويعتذر لكل شعب مصر فى وسائل الإعلام ويقف أمام هذا الملك فى المتحف المصرى ليقدم له الاعتذار أمام العالم ولا نقبل بأقل من ذلك .
ومن جهة أخرى نوضح أمر هام حتى لا يجرفنا التيار لإهانة شعب معين ينتمى إليه هذا المارق فنحن نحاكم فرد ولا نحاكم شعوب ولا نعرف جنسية مقترف هذه الجريمة حتى الآن وحتى لو تم التعرف على جنسيته فهذا تصرف فردى يجب أن يحاسب عليه الشخص بأقصى العقوبة التى تصل إلى الخيانة العظمى لأنه أهان شعبًا بأكمله هم أحفاد من صنعوا هذه الحضارة.
ومن هذا المنطلق أطالب بأن توضع الأمور فى نصابها ولا تؤثر حادثة فرد اقترف جريمة شنعاء على علاقة الشعوب وأن لا تستغل وسائل الإعلام جنسية مقترف هذه الجريمة لتوجيه إهانة إلى شعب معين كما ننصح كل مستخدمى وسائل التواصل الاجتماعى بالتركيز على محاسبة شخص أذنب فى حق شعب وليست شعب أذنب فى حق شعب.