من باب الافتراء
المسلة السياحية
بقلم : أشرف الجداوي
يبدو للعبد لله ان الجميع تقريبا فى مصر اصبح من أهل ” بنها العسل ” حقيقة كشفتها أزمة الخطوط الجوية البريطانية مع القاهرة .. عندما ” حرنت “.. وللعلم ( حَرَنَتِ الدَّابَّةُ : اِمْتَنَعَتْ عَنِ السَّيْرِ فى معجم المعانى الجامع ) الاخيرة على خلفية احراءات احترازية وتدابير أمنية حفاظا على رعاياها من مجهولا ما قد يحدث فى سماء القاهرة وقررت تعليق رحلاتها فترة أسبوع ، اذ ان ثمة ما يهدد سلامة طائراتها والمسافرين على متنها لعاصمة المعز .. حفظها الله من كل سوء
ومن منطلق هذه الحجة اخذت القرار الكارثى بتعليق تسيير طائراتها لفترة اسبوع ، و هو ما أشعل نار القلق والخوف فى قلب الاخري الخطوط الالمانية ” لوفتهانزا ” وقررت على عجل بعد البريطانية بدقائق معدودة بوقف رحلاتها أيضا ، وبعد تدقيق وفحص وتمحيص ودراسة للعملاق الالماني فى أمور أمن مصر ومؤانيها الجوية ومنافذها وضوابطها المحكمة ،والشهادات الدولية التى أنصفت مصر خلال السنوات القليلة الماضية عقب “أزمة الطائرة الروسية ” وأشادة المنظمات الدولية والامريكية المختصة بجودة مستوى المؤانى الجوية واجراءا تها الامنية .. تم ذلك خلال ساعة او ساعتين على أقصى تقدير من قرار تعليق الرحلات ،واعلنت فى سياق خبر لاحق لوسائل الاعلام العالمية ان توقف تسيير طائراتها للقاهرة لن يتجاوز ال 24 ساعة ،وهو ما تم بالفعل..!
اما السيدة العجوز الانجليزية درة التاج البريطاني فأبت النكوص عن موقفها المخزى وقرار تعليق رحلاتها لفترة أسبوع باعتبار انها لديها من المعلومات الخطيرة والسرية عن آمننا القومى ومنافذنا الجوية ما لاتعرفه آجهزتنا المسؤولة عن أمن مصر القومي .. وهو الوهم السخيف الذى مازال يسيطر على العقل الانجليزى ويتوهم حتي اللحظة ان دولة بحجم مصر مازالت خاضعة للتاج وجزء من أملاك الأمبراطورية التى لاتغيب عنها الشمس .
وكان ما كان وتصور البعض منا من المعنيين بهموم قطاع الطيران والسياحة أصحاب النوايا الحسنة … ان اجهزتنا المسؤولة عن الطيران ” الوزارة وسلطة الطيران المدني ” والاخرى المعنية بالسياحة “الوزارة وهيئة التنشيط السياحي الموقرة ” سوف يقومون الدنيا ولن يقعدوها ازاء هذا الموقف غير المبرر من قبل الخطوط البريطانية … وانعكاس قرار تعليق رحلاتها فترة اسبوع على قطاع الطيران الدولى باختلاف مستوياته تجاه مقصد مهم مثل مصر وتحديدا عاصمتها” القاهرة ” مركز السياسة والمال والاعمال بالشرق الاوسط ، وتأثيرذلك على خطط خطوط الطيران المختلفة الحالية والمستقبلية تجاه عاصمة كبري مثل القاهرة ، وحجم الفرص الضائعة على بلدنا من استثمار أجنبي ومال وأعمال نتيجة لقرار السيدة العجوز البريطانية الغامض..!
ولكن بكل أسف فاجأنا رئيس سلطة الطيران فى تصريحه له لاحدي الفضائيات المصرية مفاده” ان قرار التعليق هذا قرارا منفردا من قبل الناقلة البريطانية ،والاهم انه قرارا فرديا وليس قرار دولة … وتابع أيضا ان السفير الانجليزى ابدي اعتذره للوزير والمعنى هنا “وزير الطيران المصري ” عن ما قامت به السيدة العجوز ..هذا ما أفاض به الله عليه من كرامات وتجليات نورانية سماوية لرئيس السلطة ..!
وأعجب أشد العجب من عدم اتخاذه قرارا لاحقا بعد ما قررت البريطانية استئناف رحلاتها بعد اسبوع من تاريخ التعليق بتعليق سلطة الطيران المصرية لسالفة الذكر رحلاتها لفترة أسبوع اخر مماثل على أقل تقدير لما خلفه قرارها من آثار سلبية على سمعة مصر وآمنها وسمعة السياحة المصرية التى بدأت فى التعافي هذه الايام بعد سنوات وطول انتظار وكوراث أتت على الاخضر واليابس فى بر مصر .. وليكون القرار المصري بمثابة وسيلة ردع لكل ناقلة جوية تفكر فى اتخاذ مثل هذا القرار الكارثي بتعليق رحلاتها الى القاهرة دون أسباب حقيقية ومعلومات موثقة عن ثغرة ما فى اجراءاتنا الامنية بالمطارات والمنافذ الجوية تستدعى اجراء سريع حفاظا على ركابها ومسافريها ،وبالضرورة اخطار سلطات الطيران بذلك كما صرح رئيس السلطة ..!
أما عن وزارة السياحة وهيئتها للتنشيط السياحي الموقرة وموقفها من ازمة السيدة العجوز البريطانية فحدث ولا حرج، اسبوع كامل بالتمام والكمال فى صمت تام حيال الأزمة ، ولم يفكر مسؤول واحد او يسعي لطمأنة وكلاء السياحة الذين يسعون بجهد وعمل دؤوب وسفر دائم يواصلون الليل بالنهار لاستعادة الحركة من كافة الاسواق الخارجية المصدرة للسياح .. بعد ما استتب الأمن واستقرت الاوضاع فى بر مصر ، ونجحت جهود البعض منهم ان يعوض جزء من ارقام سوق السياحة الروسي الذى ” ذهب مع الريح ” من اسواق اخري بديلة من أوروبا ،والشرق الأقصي ، ولكن القائمين على مقدرات السياحة لم يتفاعلوا مع الأزمة لا من قريب او بعيد ..!
لا أدري الحقيقة بالضبط هل هى طريقة جديدة للتعامل مع الأزمات حديثة جدا علينا لم نألفها من قبل بحاجة الي شبكة الجيل الخامس للانترنت لنستوعبها ربما ..؟! أم هو جهل وعدم دراية ووعي بتأثير مثل هذا التعليق غير المبرر لخطوط السيدة العجوز البريطانية المباشر على صناعة السياحة المصرية وسمعتها ،واثر ذلك على حجوزات الصيف والموسم الشتوي القادم من أوروبا تحديدا وعموم دول العالم المصدرة للسياح ..؟
حتى غرفة شركات السياحة والاتحاد المصري للغرف السياحية انشغالا تماما عن الحدث المهم والابرز خلال الاسبوع الماضى بأشياء أخري لاتغنى ولاتسمن من جوع … والصدفة وحدها فقط ان يعقدا مؤتمرين صحفيين خلال عشرة أيام تزامنا مع أزمة البريطانية وتعليق رحلاتها .. وتتجاوز المنصة فى كليهما الأزمة … فالجميع من ” بنها مع الاعتذار لاهالي بنها الكرام ” ،واما ادارة الأزمات فى حكومة مصر فهى بحاجة الى فريق ادارة أزمة …!