لندن “المسلة السياحية” …. تتعرض سلامة المسافرين جوّاً للخطر، لأن المنظّمين يتنازلون عن الكثير من الطاقة لشركة بوينج وإيرباص، وقد أبلغت مجموعات تمثل الطيارين والمهندسين ومراقبي الحركة الجوية صحيفة “ذا تايمز” البريطانية هذا التهديد.
وشبّه أحد كبار الطيارين الافتقار إلى الحماية في مجال الطيران التجاري، بحالة البنوك قبل الانهيار المالي عام 2008. ووصفها آخر بأنها “أزمة عالمية” تستخدم فيها شركات مثل بوينج، بموافقة الجهات التنظيمية، موظفيها لتوثيق المعدات.
بدوره قال أحد كبار الطيارين، إن هذه العلاقات المريحة، قد تعني أن تحطم طائرة بوينج 737 ماكس في إثيوبيا وإندونيسيا كان يمكن أن يحدث بسهولة في بريطانيا.
ويدّعي المهندسون أن هناك ألواحاً على جسم الطائرات، ومكونات أخرى لم تكن مجهزة بشكل جيد، ما أدّى إلى سقوطها في الجوّ خلال الرحلات الأوروبية، لأن آلاف الطائرات قد تم تجهيزها بشكل غير صحيح للطيران بعد أعمال الصيانة.
وفي حادثة واحدة، تم استخدام مضخّتين هيدروليكيتين تعملان إلكترونياً، كدعم احتياطي للسيطرة على معدات الهبوط وغيرها من الأنظمة في الجوّ، بعد أن تم استبدالهما على أيدي مهندسين غير مرخّصين، ما أجبر الطائرة على العودة والهبوط.
وفي حالة منفصلة، تعثّرت طائرة ألمانية وواجهت صعوبة في الهبوط في مطار أوروبي، لأنّه لم يجر التحقق من أي اختبارات السلامة الإلزامية، قبل أن تطير إلى دوسلدورف حاملة الركاب على متنها.
وتعتبر هذه النتائج جزءاً من تحقيق أجرته صحيفة “ذا تايمز”، في العلاقات بين وكالة سلامة الطيران في الاتحاد الأوروبي إيسا (EASA) وإدارة الطيران الفيدرالية (FAA)، وبوينغ، وإيرباص.
لا يزال أسطول طائرات 737 ماكس متوقفاً في جميع أنحاء العالم، بعد تعرّضه لحادثتين في غضون ستة أشهر. وفي أكتوبر/ تشرين الأوّل من العام الماضي، تحطمت طائرة تابعة لشركة ليون إير، وهي شركة إندونيسية، ما أسفر عن مقتل 189 شخصاً كانوا على متنها. ووقع الحادث الثاني في مارس/ آذار من هذا العام، حيث تحطّمت طائرة 737 ماكس تابعة لشركة الخطوط الجوية الإثيوبية، وتوفي على متنها 157 راكباً والطاقم.
ولا يزال التحقيق مستمراً، لكن يُعتقد أن هناك خطأً في نظام التحكم يُعرف باسم Mcas، الذي دفع مراراً وتكراراً هبوط الطائرات ضد إرادة الطيارين، أو تسبب في حوادث التحطم. ومع ذلك، فقد أثيرت مخاوف من أن بوينغ كانت متورّطة بشكل وثيق مع عملية شهادة السلامة لوكالة الطيران الفيدرالية، المتعلّقة بطائرات 737 ماكس.
وفي السياق يقول نيكولاس كلوتون، وهو طيار سابق في الخطوط الجوية الإثيوبية كان قد طار مع يارد غيتاشيو، قائد طائرة 737 ماكس التي تحطمت: “تشير جميع الأدلة إلى نقص الرقابة من قبل إدارة الطيران الفيدرالية، والإخفاقات الثقافية والمنهجية من قبل بوينج.
ويضيف أنّه “من دون أدنى شك، كان يمكن للطائرة طراز 737 ماكس الهبوط بسهولة في بريطانيا”. لافتاً إلى أنّه تم تسجيل وتشغيل خمس طائرات طراز 737 ماكس في بريطانيا يوم تحطم الطائرة في 10 مارس/ آذار.
وتستعدّ مجموعة الخطوط الجوية الدولية، مالكة الخطوط الجوية البريطانية، لشراء 200 طائرة بوينغ 737 ماكس. بموجب اتفاق تعاون بين إيسا وإدارة الطيران الفيدرالية، حيث يمكن للطائرة المعتمدة والمصدق على سلامتها من قبل وكالة واحدة، في الواقع، ختمها من قبل وكالة أخرى. وتصادق إيسا على السلامة نيابة عن هيئة الطيران المدني في المملكة المتحدة، ويتوقع أن تستمر في القيام بذلك بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
من جهته يقول جون هورن، رئيس رابطة قمرة القيادة الأوروبية، التي تمثل 40 ألف طيار من شركات الطيران التجارية: “إذا تم الاستيلاء على إيسا وإدارة الطيران الفيدرالية من قبل الصناعة، فلن يقوموا بتطبيق اختبارات الضغط المناسبة. ويبدو أنّ مجال الطيران بات مثل القطاع المصرفي قبل الانهيار المالي”.
أمّا دينيس تاغر، وهو طيار يقود طراز بوينج 737 ومتحدث باسم رابطة الطيارين الحلفاء، التي تمثل 15 ألف طيار من الخطوط الجوية الأميركية، فيقول: “هذه أزمة عالمية. يستخدم مصنعون مثل بوينغ موظفيهم للمصادقة على أن معداتهم آمنة”.
في المقابل قالت شركة بوينغ: “السلامة هي الأولوية الأولى بالنسبة لنا، لقد كانت دائماً وستظل كذلك. سوف نستمر في العمل مع إدارة الطيران الفيدرالية وغيرها لتعزيز التركيز على السلامة. ونظام الممثلين المفوضين – السلطة المفوضة – هو وسيلة قوية وفعّالة لإدارة الطيران الفيدرالية لتنفيذ الرقابة على السلامة”.
وقالت شركة إيرباص: “الشهادة هي نتيجة لعملية شاملة بين إيرباص وإيسا. ويجب على شركة إيرباص أن تثبت أن الطائرة تلبي جميع المتطلبات التنظيمية”.
أمّا شركة إيسا، فقالت: “إيسا لا تستعين بأي مصادر خارجية في مهام التصديق. وفي أوروبا، تقع مسؤولية صلاحية الطائرات على عاتق السلطات المختصة في الدول الأعضاء، التي تتم مراجعتها بعد ذلك في سياق عمليات التفتيش العادية التي تجريها شركة إيسا وتتخذ هذه الشركة جميع الخطوات اللازمة لضمان سلامة الطيران”.
وقالت إدارة الطيران الفيدرالية: “في العقد الماضي، نقل أكثر من سبعة مليارات شخص على 90 مليون رحلة تجارية مع وفاة واحدة فقط. لقد حققنا ذلك لأن وكالة الطيران الفيدرالية، تطورت باستمرار في الطريقة التي تتبعها في السلامة سواء في الكشف عن المخاطر أو في الاستجابة لها. ومفتاح ذلك هو الالتزام بمشاركة البيانات من خلال ثقافة أمان مفتوحة وتعاونية”.