Al Masalla-News- Official Tourism Travel Portal News At Middle East

جانبى طويل

شكوك حول دور المديرين التنفيذيين في انهيار “توماس كوك” أيقونة السياحة العالمية

 

 

 

 

 

 

 

لندن ….. زادت التساؤلات بشأن انهيار شركة توماس كوك، التي تعد واحدة من أيقونات عالم السياحة والترفيه.

 

 

 

هل يمكن لشركة بتاريخ وحجم شركة توماس كوك أن تنهار بين ليلة وضحاها؟ هل يمكن لشركة بهذا التاريخ الطويل والعريق الذي يصل إلى 178 عاما، ألا تكون راكمت من خبرات العمل التجاري ما يقيها شر الإفلاس؟

 

 

 

 

وتساؤل آخر: لماذا يمكن أن تفشل شركة تبلغ عوائدها السنوية ما يزيد على تسعة مليارات جنيه استرليني ولديها 19 مليون عميل سنويا، ويعمل لديها 22 ألف موظف حول العالم، في الحصول على قرض بقيمة 200 مليون استرليني لإنقاذها من الزوال؟ فما الذي حدث لتنهار؟

 

 

 

 

بالطبع لا يمكن إلقاء المسؤولية على عامل واحد فقط، وتحميله أسباب انهيار شركة توماس كوك. فلا شك أن هناك مجموعة من العوامل التي تضافرت في لحظة ما، أو تفاعلت على مدى طويل لتلقى الشركة حتفها في نهاية المطاف.

 

 

 

مع هذا يمكن الجزم بأن هناك عاملا ربما لا يكون الأوحد ولكنه الأكثر تأثيرا في عملية الانهيار.

 

 

 

الدكتور ستيوارت كيفين أستاذ إدارة الشركات في جامعة لندن يقول لـ “الاقتصادية”، إن السبب الرئيس لانهيار شركة توماس كوك يقع عاتقه على سوء الإدارة، وفشلها في امتلاك رؤية مستقبلية تساعد الشركة على مواجهة التحديات التي واجهتها لأعوام، وتمكنها أيضا من التغلب عليها أو تذليلها على أقل تقدير، مؤكدا أن هذا العجز الإداري يعد العامل الأول وراء انهيار توماس كوك.

 

 

 

 

ويضيف “من الواضح للغاية أن هناك شكوكا حكومية في الوقت الحالي، بأن سوء الإدارة أدى لانهيار الشركة، حيث طلبت أندريا ليدسوم وزيرة الأعمال التي ستشرف على عمليات التصفية، بالنظر فيما إذا كانت تصرفات المسؤولين قد تسببت في إلحاق الضرر بالدائنين أو بخطط الإحالة إلى المعاش.

 

 

 

 

وفي الواقع فإن هذا الطلب جاء وسط انتقادات بشأن رواتب كبار المسؤولين التنفيذيين في الشركة، إذ حصلوا على 20 مليون جنيه استرليني رواتب ومكافآت منذ عام 2014 على الرغم من الوضع المتراجع للشركة، بل ووقف توزيع الأرباح على المساهمين.

 

 

 

 

ويبدو أن الشكوك التي تحوم حول دور المديرين التنفيذين للشركة في انهيارها، دفع برئيس الوزراء بوريس جونسون إلى التساؤل عما إذا كان من الضروري أن يدفع المديرون مبالغ مالية ضخمة باعتبار أن شركتهم انهارت، وتضغط المعارضة البريطانية ممثلة في حزب العمال في أن يسدد مديرو توماس كوك المكافآت المالية التي تلقوها.

 

 

 

 

في نظر البعض يعد الفشل الإداري العامل الأساس وراء انهيار توماس كوك، التي دخلت مرحلة التصفية تحت وطأة كومة من الديون تقدر بـ1.7 مليار جنيه استرليني. وتركت مصير نحو 22 ألف موظف في جميع أنحاء العالم معرضين للخطر من بينهم تسعة آلاف موظف في المملكة المتحدة.

 

 

 

 

وقال لـ”الاقتصادية”، جونستون داو المستشار القانوني السابق في وزارة العدل البريطانية، “الغضب العام من الانهيار السريع للشركة، وما صاحبه من فوضى يدفع إلى التحقيق في سلوك أعضاء مجلس الإدارة قبل الإعسار مباشرة، فيجب أن نعرف متى علم المديرون بأنهم في حاجة إلى العثور على 200 مليون جنيه استرليني إضافي لإنقاذ الشركة”.

 

 

 

 

وذكر أن الإدارة فشلت في إدراك شدة التحديات التي تواجه نشاطها التجاري، ولم تمتلك رؤية حقيقية للتعامل مع الأخطار بطبيعة الحال، مثلت من الناحية الاقتصادية المحضة العامل أو العوامل المباشرة للفشل.

 

 

 

 

من جهته، اعتبر إيدج مايرز الخبير السياحي أن انهيار توماس كوك يقدم نموذجا مباشرا لعدم القدرة على التكيف مع المعطيات الجديدة في الأسواق، مبينا أن تلك التجربة مثال حي على فشل مفاهيم الإدارة التقليدية في مواجهة الاقتصاد الرقمي.

 

 

 

 

وقال لـ”الاقتصادية”، إن مشكلات الشركة تعود إلى عملية الاندماج الكارثي في عام 2007، ما أسفر عن تضخم ديون الشركة، إضافة إلى ثورة الإنترنت في مجال حجز العطلات، وكذلك عدم اليقين بشأن الخروج من الاتحاد الأوروبي.

 

 

 

 

 

وأوضح أن الشركة لم تستوعب بشكل ناضج التغيرات في الأسواق، حيث إن الشعب البريطاني لم يتوقف عن قضاء العطلات، إذ إن 60 في المائة من السكان أخذوا إجازة في الخارج عام 2018 بزيادة 57 في المائة عن العام السابق، لكن طريقة حجز الإجازات تغيرت، فالعملاء يقومون بالحجز عبر الإنترنت، والخاسر في هذا النموذج، الشركات التي تقيد نفسها بفكرة تقديم حزمة متكاملة للعطلات، فواحد من كل سبعة مواطنين بريطانيين يخططون لقضاء عطلة يلجأون إلى وكالات السفريات في منافذ البيع لشراء عطلة.

 

 

 

 

ويعتقد البعض أن شركة توماس كوك ربما تدخل التاريخ باعتبارها أول شركة تخسر نشاطها التجاري بسبب التغيرات المناخية، فقد أدت موجة الحر التي ضربت جميع أنحاء أوروبا في مايو من العام الماضي إلى انخفاض حاد في الطلب على العطلات، وقام العملاء بتأخير اتخاذ القرارات المتعلقة بالإجازات.

 

 

 

 

وهذا العام دفعت حالة عدم الاستقرار السياسي في بريطانيا بشركة توماس كوك، إلى الإعلان عن أن العملاء البريطانيين كانوا يؤجلون خطط السفر للصيف، بسبب تفاقم حالة عدم اليقين حول الخروج من الاتحاد الأوروبي، كما أن تراجع قيمة الاسترليني أثرت أيضا سلبا في معدلات شراء العطلات الصيفية.

 

 

 

 

يضاف إلى ذلك، أن “توماس كوك” لديها أصول مادية محدودة من الطائرات أو الفنادق، ولذلك عندما غادر العملاء إلى الإنترنت لحجز رحلاتهم الجوية أو الفنادق، انخفضت قيمة الشركة، وتراجعت أسهمها إلى الحد الذي وصف فيه المحللون في سيتي جروب أسهم الشركة في وقت سابق من هذا العام بأنها بلا قيمة.

 

 

 

 

الخبير الاستثماري أندرو وايلد، ذكر أن الشركة منحت فرصا لتحسين أوضاعها في الماضي، لكنها أخفقت بشدة ولم تستفد من خبرتها الماضية.

 

 

 

 

وقال “نجت الشركة بفارق ضئيل من تجربة الموت إفلاسا في عام 2011، فقد بلغت كومة ديونها في ذلك الوقت 1.1 مليار جنيه استرليني، وبقيت الشركة منتصبة على أقدامها بعد ضخ نقدي إضافي طارئ، إلا أن ذلك كان يعني مزيدا من الديون المستحقة، ومنذ عام 2011 دفعت توماس كوك 1.2 مليار جنيه استرليني فوائد، أي أن أكثر من ربع الأموال التي حصلت عليها من بيع 11 مليون يوم عطلة سنويا ذهبت إلى المقرضين”.

 

 

 

 

ولكن يظل التساؤل قائما: لماذا لم تتدخل الحكومة البريطانية لإنقاذ “توماس كوك” التي تعد جزءا من نسيج الحياة البريطانية؟ فتكلفة عودة 150 ألف بريطاني عالقين في الخارج ستتجاوز مبلغ 200 مليون استرليني، اللازمة لإنقاذ الشركة.

 

 

 

يقول لـ”الاقتصادية” الدكتور مارتن باركر أستاذ الاقتصاد البريطاني في جامعة بروملي، “الحكومة رفضت التدخل بحجة أن شركة توماس كوك مثل شركات الطيران الفاشلة، وفشلهم مسألة تجارية بحتة، والعملاء المتضررون ستتم حمايتهم من خلال نظم الحماية والتأمين”.

 

 

 

 

ويضيف ” لكن من المرجح أن الحكومة لجأت إلى تلك الخطوة، في ظل إدراكها أن إعادة الهيكلة جاءت متأخرة وبعد فوات الأوان، في ظل توقعات بأن يشهد الاقتصاد البريطاني حالات مشابهة بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي، وسيكون من الصعب أو شبه المستحيل أن تقوم الحكومة البريطانية بإنقاذ الجميع”.

 

 

 

 

وفي الواقع أن انهيارتوماس كوك” لا يبدو مسألة بريطانية داخلية، إذ بدأت أصداء الانهيار تصل إلى بعض البلدان الأوروبية وبلدان العالم الثالث.

 

 

 

 

يعلق خبير الطيران كلايف ويلمر قائلا، “أول المتضررين ربما تكون شركات الطيران الألمانية، فالحكومة الألمانية تدرس الآن تقديم مساعدة مالية لشركة طيران كوندور، فتوماس كوك تمتلك 49 في المائة منها، وقد تقدمت الشركة الألمانية بطلب قرض من الحكومة الفيدرالية بقيمة 200 مليون يورو”.

 

 

 

وفي الوقت الراهن يوجد قلق في بعض البلدان مثل مصر حيث تعد “توماس كوك” منظما رئيسا لرحلات الطيران من المملكة المتحدة إلى شرم الشيخ، وفي قبرص حيث قدرت الخسائر بـ50 مليون يورو، وتركيا حيث تعمل بعض الفنادق مع “توماس كوك” فقط ويمكن أن تفلس نتيجة لذلك.

 

 

 

وفي تونس قال وزير السياحة إن الفنادق مدينة بنحو 60 مليون يورو من “توماس كوك” للإقامة في شهري يوليو وأغسطس، وكذلك الوضع في اليونان وكريت والهند أيضا. أما في جامبيا فقد عقدت الحكومة اجتماعا طارئا لمناقشة تأثير إفلاس توماس كوك على السياحة في البلاد، حيث تمثل السياحة 30 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله