المسلة السياحية
جولة بالصور بقلم : د.عبدالرحيم ريحان
القاهرة – أكد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بمناطق آثار جنوب سيناء، أن العائلة المقدسة مكثت فى مصر 3 سنوات و11 شهر وقطعت 2000كم ذهاب وإياب، وبدأت رحلتها من رفح بشمال سيناء إلى دير المحرق بالقوصية، وقد أصدر دير المحرق كتاب ” دير جبل قسقام قدس – تراث” تقديم الأنبا ساويرس أسقف ورئيس الدير ، يشمل الرهبنة فى المسيحية وتاريخ الدير عبر العصور والدير والتراث والمعالم القديمة والحديثة بالدير، ويتجول بنا الدكتور عبد الرحيم ريحان فى معالم الدير و كنيسة السيدة العذراء.
يشير الدكتور ريحان فى البداية إلى الكنيسة القديمة بالدير وهى كنيسة السيدة العذراء هى البيت المهجور الذى عاشت فيه العائلة المقدسة وبقى على مساحته ، كما هو حتى الآن وعندما تحول هذا البيت فى العصر المسيحى المبكر إلى كنيسة تم عمل التقاسيم والحواجز المناسبة لطقس الكنيسة فتم عمل الشرقية وعلى جانبيها حجرتان الشمالية لملابس الكهنة بدون باب يفتح على صحن الكنيسة والجنوبية لخدمة الشماسة ، وتميز هيكل الكنيسة بمذبح حجرى والمعروف لدى علماء الآثار باستخدامه منذ عصر مبكر وهو الحجر الذى جلس عليه السيد المسيح طبقًا للتقليد.
ويوضح أن المذبح على شكل مكعب غير متساوى الأضلاع على سطحه رخامة لها حافة على شكل نصف دائرة وتاريخه 11 ديسمبر 746م ،وتعتبر الرخامة النصف دائرية من الأشكال النادرة التى تنفرد بها المذابح القبطية الأثرية فى مصر، وفكرة النصف دائرة هى تقليد قبطى قديم ظهر فى الأيقونات التى تمثل العشاء الربانى وفيها المائدة على شكل نصف دائرة ،ويعتبر الهيكل بحجرتيه والمذبح أقدم ما يوجد حالياً بالكنيسة الأثرية ومع تعدد الترميمات أصبحت حوائطه سميكة .
ويضيف الدكتور ريحان أن صحن الكنيسة تغير فى القرن 19م ولم يتبق من القديم إلا الحائط القبلى الممتد فى الخورسين الأول والثانى فقط ، أما بقية الحوائط فقد أنشئت فى القرن 19م كما يلاحظ أن أبواب الكنيسة قديمة وخاصة الباب الأوسط وذلك من طريقة صناعتها
ترميمات الكنيسة.
وينوه الدكتور ريحان إلى أن الكنيسة شهدت ترميمات فى القرن 16م شمل بناء القباب الثلاث أعلى الهيكل ، وفى القرن 19م تم توسيع الصحن قليلاً وبناء القباب السبع أعلى صحن الكنيسة والمحمولة على حنيات ركنية وأصبح لصحن الكنيسة ثلاثة خوارس وهو نفس التقسيم للكنائس فى القرون الأولى، وهو خورس السامعين أى الموعظين قبل العماد وخورس الباكين أو التائبين وخورس المؤمنين ، وهم المشتركين فى سر الإفخارستيا وتعنى الشكر، كما أنشئت الصالة الخارجية يتوسطها عامودان ويغطيها سقف خشبى وفى الثلاثينيات من القرن العشرين وضعت طبقة المصيص الموجودة حالياً داخل الكنيسة وخارجها وبلطت أرضيتها .
حامل الأيقونات
وينوه الدكتور ريحان إلى حاملان للأيقونات بالكنيسة ” إيكونستاسس ” الأول امام الهيكل مباشرة يحجز بينه وبين صحن الكنيسة ويرجع للقرن 16 ، 17م ، وكما ذكر المؤرخ الكنسى الأنبا يوساب أسقف فوه فى تاريخ البطاركة (1131 – 1145م) هو أول من أوجد فكرة المقاطع الخشبية على الهياكل لأنه لم يكن ثمة مقطع إلا على كنيسة أبى سرجة فقط، وهذا الحامل مكون من قطع صغيرة من الخشب هندسية الشكل ومجمعة بطريقة التعشيق فى شكل وحدات زخرفية على هيئة صليب محفور ومطعم بالعاج، وأما الحامل الثانى فيقع بجوار الأول ومنقول من كنيسة الأحباش .
ومن أقدم الأيقونات بالدير والتى تعود للقرن 18م أيقونة هروب العائلة المقدسة والمرسومة على النسيج ورسمها يوحنا الأرمنى وأيقونة الشهيد مارجرجس الفلسطينى 1794م ،والأيقونات المركبة على حامل الأيقونات ” إيكونستاسس ” وهى أيقونة السيدة العذراء وأيقونة الصعود وتعودا للقرن 19م وأيقونة السيدة العذراء القروية وأيقونة القمص ميخائيل البحيرى .
كنيسة السيدة العذراء الجديدة
ويشير الدكتور ريحان إلى كنيسة السيدة العذراء الجديدة الذى أنشأها القمص عبد الملاك الأسيوطى رئيس الدير فى أواخر القرن 18م ،وفى سنة 1878م بدأ القمص ميخائيل الأبوتيجى رئيس الدير فى إنشاء كنيسة جديدة باسم السيدة العذراء على أنقاض كنيسة مارجرجس وانتهى منها سنة 1880م، وأطلق على المذبح البحرى اسم يوحنا المعمدان وعلى القبلى مارجرجس على أساس أن المذبح الأوسط هو بالاسم الجديد للكنيسة وهو اسم السيدة العذراء ،ولكن اسم مارجرجس هو الذى كان سائداً على الألسن والدير كله باسم السيدة العذراء .
وأيقونات هذه الكنيسة المثبتة على الإيكونستاسس من الفن البيزنطى الأصيل رسمها فنانان مشهوران فى مدينة أورشليم أواخر القرن 19م وهما نقولا تاودورى الأورشليمى ودمترى جرجس الأورشليمى، وهناك أيقونة السيدة العذراء داخل المقصورة من رسم أنسطاسى الرومى القدسى فى القرن 19م .
الحصن الأثرى القديم
ويؤكد الدكتور ريحان وجود حصن أثرى بالدير يعود إلى القرن السادس أو السابع الميلادى ،وهو من أصغر الحصون فى الأديرة العامرة الآن وبنيت الحصون داخل الأديرة لحمايتها وكان أولها فى دير أبى مقار وهو أكبرها حجماً بنى فى أواخر القرن الخامس الميلادى فى عهد الملك زينو الذى توفى 491م، والحصن هنا قوى البناء له مدخل واحد يؤدى لقنطرة خشبية متحركة ويحوى غرف لإيواء الرهبان وكنيسة باسم الملاك ميخائيل وغرفة للدفن موجودة بين سقف الكنيسة وسطح الحصن ومخابئ للطوارئ وأهمها الموجود أسفل مذبح الكنيسة بالحصن .
وارتفاع الحصن 16.57م وقاعدته 10.53م طولاً 10.10م عرضًا والدور الأول على مستوى 5.43م ويحتوى على ممر موضوع على المحور ومغطى بعقود مستعرضة، وفى نهايته فجوة وضعت بها الاسطوانة الخشبية التى تستعمل فى إدارة السقالة المتحركة مواجهة للباب وهذا الممر يفتح عليه أربعة أبواب والدور العلوى به كنيسة وغرفة جانبية ، وأمام باب الكنيسة يستمر السلم لنهاية الحصن وفى أرضية سطح الحصن توجد فتحتان تؤديان للمدفن .
ويوضح الدكتور ريحان أن كنيسة الحصن لها مذبح واحد والصحن مقسم إلى قسمين بواسطة عامودين يتوسطهما حاجز خشبى ، وهما عامودين منقولين من معابد قديمة وبالكنيسة منجلية وهى حامل خشب يوضع عليه كتاب القطمارس الخاص بالقراءات الكنسية تعود للقرن 12م، وباب كنيسة الحصن وأبواب الغرف على نفس تصميم أبوب كنيسة السيدة العذراء الأثرية…
وقد قام بترميم الحصن الشيخ أبو ذكرى بن بو نصر عامل الأشمونين أى الوالى فى عهد الخليفة الفاطمى الحافظ لدين الله 1130 – 1149م ، والبابا غبريال السابع 1525- 1568م والمعلم إبراهيم الجوهرى أواخر القرن 18م، والقمص عبد الملاك الهورى رئيس الدير فى منتصف القرن 19م وتم عمل ترميمات قليلة فى القرن العشرين.
أسوار الدير
ويشير الدكتور ريحان إلى أسوار الدير القديمة من القرن 19م حيث توجد أسوار حجرية أقدمها يرجع للعشرينيات من القرن العشرين وقد صممت على شكل أسوار أورشليم ، وهناك أسوار من الطوب الأحمر والخرسانة المسلحة أنشأها نيافة الأنبا ساويرس عام 1978م بدلا من السور من الطوب اللبن الذى بناه القمص فليمون وكيل الدير فى الخمسينات .
كلية إكليريكية
ويتابع بأن الدير يضم كلية إكليريكية ومعهد ديديموس للمرتلين وقصر الضيافة أنشئ عام 1910 فى رئاسة الأنبا باخوميوس الأول أسقف الدير ، وهو مكان لإقامة رئيس الدير وكبار الزوار وبه مكتبة للمخطوطات علاوة على أربعة مبانى بالدير مخصصة لإقامة الزوار وهى مبنى الديوان ، وكان مخصصاً لإدارة شئون الدير وأنشئ فى رئاسة القمص تادرس أسعد 1930 – 1936 والمبنى الملاصق لبوابة الدير الثانية وعمارتان جديدتان لاستضافة الزوار .
وينوه الدكتور ريحان إلى مدافن الرهبان وكانوا يدفنون موتاهم بالجبل شمال وغرب الدير حتى القرن العشرين حين أنشأ القمص تادرس أسعد مدفنًا للرهبان، ثم صار دفن الرهبان المتنيحين بعد ذلك فى المدفن الذى يقع خلف كنيسة السيدة العذراء الجديدة ،ويضم خدمات مثل صهريج للمياه العذبة وماكينة رفع مياه وتوليد كهرباء وفرن بلدى ومخزن للغلال وحظيرة للحيوانات وورش نجارة وحدادة ولحام ومكتبة لبيع الكتب والأيقونات والصور وحديقة وساحة للاحتفالات الدينية وقاعة فيديو.