المسلة السياحية
يحكي أن أسداً ضارياً كان يعيش وحيداً في غابة كثيفة الأشجار ، بعيداً عن جماعة الأسود .. وكان يقيم مع الأسد حيوان وحيد هو ابن آوى ، فكان يخدمه ، ويأكل من فضلات طعامه، ومضى على ذلك وقت طويل … حتى كان ذات يوم ، فأصاب الأسد ضعف وهزال شديدان ، فلم يعد قادرا على الخروج للصيد ، ومطاردة الفرائس وقنصها ، كما كان يحدث من قبل … وبسبب ذلك ازدادت حالة الأسد سوءا وضعفا ، وكاد يهلك من الجوع ، و كاد ابن آوى أيضا يهلك من الجوع.
فقال للأسد : ما بالك يا سيد الوحوش وزعيم السباع قد تغيرت أحوالك ، وهزل جسمك .. أليس لهذا المرض الذي أصابك من علاج ولا دواء ؟!
فقال الأسد: هذا المرض الذي أجهدني وهدني ليس له إلا دواء واحد.. فقال ابن آوى : صف لي ذلك الدواء ، وأنا أحضره لك في الحال يا سيد السباع ..
فقال الأسد : ليس لمرضي إلا دواء واحد ، وهو أن آكل قلب حمار و أذنيه.. فقال ابن آوى : هذا دواء سهل الحصول عليه يا سيد السباع … أنا أعرف حماراً يملكه طحان ، ويقيم في مكان قريب من هنا .. سوف أذهب لأحتال عليه ، ثم أتيك به إلى هنا ..
فدعا له الأسد بالتوفيق في مهمته ، وشكره على هذا الاهتمام من أجله ..
وانطلق ابن آوی بادئاً رحلته إلى المكان الذي يقيم فيه الحمار مع صاحبه الطحان ، وهو يفكر في حيلة يحتال بها على الحمار ، حتى يستدرجه إلى عرين الأسد ، فيصيده ويأكل هو ما تبقى من الأسد ..
وعندما اقترب ابن آوى من الطاحونة رأى الحمار واقفاً أمامها ينتظر خروج صاحبه ليحمله بالأحمال الثقيلة ، فحيّاه وقال له : مالي أراك أيها الحمار ضعيفاً مهزولاً ، كأنك لم تاكل منذ سنة ؟!
فقال الحمار : إن صاحبي يحملني بالأحمال الثقيلة ، كل يوم من الصباح حتى المساء ، ولا يطعمني إلا أقل القليل .. فقال ابن آوى : وكيف ترضى الإقامة معه على هذا الذل ؟!
فقال الحمار : ليس لي حيلة في الهرب ، ثم إن الإقامة مع هذا الطحان أفضل من غيره ، لم يشترني إنسان إلا أضر بي أشد الضرر ، وحملتي فوق طاقتي …
فقال ابن آوى : أستطيع أن أدلك على مكان معزول عن الناس ، لا يمر به إنسان .. مكان ملئ بالمرعى الخصب ، يعيش فيه قطيع من الحمير ، لم أر مثلها سمناً ولا شبعاً في حياتي …
فقال الحمار: إذا فعلت ذلك سأكون شاكراً لك ما حييت .. فقال ابن آوى : لا شكر بين الإخوان يا أخي.. هيا بنا ..
وانطلق ابن آوى مع الحمار ، حتى وصلا إلى الغابة ، التي يقيم فيها الأسد ، وأخذ الحمار يرعى ، بينما تقدم ابن آوى إلى مخبأ الأسد ، فأخبره بمكان الحمار …
وخرج الأسد إلى الحمار ، فأراد أن يثب عليه ليقتله ، لكن ضعفه الشديد منعه ، وأسرع الحمار يجرى هلعاً ، فقال ابن آوى للأسد : هل عجزت عن صيد الحمار يا سيد السباع ؟! فقال الأسد : إن أحضرته مرة أخرى ، فلن ينجو مني ..
فذهب ابن آوى إلى الحمار وقال له : ما الذي جرى لك ؟! إن أحد الحمير قد راك غريبا عن المكان، فخرج يستقبلك ويرحب بك ، لوثبت له لأخذك ومضى بك إلى أصحابه من الحمير…
ولم يكن الحمار قد رأي أسدا قبل ذلك ، فصدق ابن آوى ، وعاد معه إلى الأسد مرة أخرى .
وفي هذه المرة استجمع الأسد كل قوته ، فوثب على الحمار بشدة وقتله .. ثم قال لابن آوى : احرس هذا الحمار ، حتى أغسل يدي وأعود لأكل قلبه وأذنيه ، فإنني أرجو الشفاء فيهما ..
فلما ذهب الأسد ليغتسل ، أكل ابن آوى قلب الحمار وأذنيه ، رجاء أن يتشاءم الأسد ، ويترك له الحمار كله ليأكله هو وحدة ..
وعندما عاد الأسد قال لابن آوى : أين قلب الحمار وأذناه ؟!
فقال ابن آوى : ألم تعلم يا سيد السباع أن هذا الحمار لو كان له قلب يفقه به وأذنان يسمع بهما ، لم يكن يرجع إليك لتفترسه بعدما أفلت منك وكتبت له النجاة في المرة؟!
#قلب_الحمار #قصص_كليلة_و_دمنة – #الأسد_والحمار
#الصداقة_والخيانة – #قصص_الأساطير – #السباع_والوحوش
#الصراع_على_البقاء – #الإيثار_والتضحية – #الصبر_والاستمرارية
#التدبير_والمكر – #الثقة_والخداع – #الحكمة_في_الاختيار
#دروس_الحياة – #الوفاء_والغدر – #التعاون_والتآمر
#الصداقة_الحقيقية – #الصراع_من_أجل_البقاء – #التضحية_من_أجل_الآخرين
#قصص_الحيوانات – #العبرة_من_القصص – #المكر_والحيلة