المسلة السياحية
بقلم : صلاح عطية
قبل موعده بأكثر من أربعة أشهر ألغت إدارة بورصة برلين الدولية للسياحة انعقاد هذا المعرض الدولى للمرة الثانية..وكان موعده شهر مارس القادم وسيتحول الى استخدام أسلوب الفيديو كونفرانس..وبورصة برلين هى أهم معرض ومؤتمر دولى للسياحة، ويحضره عادة ما لايقل عن مائة وزير للسياحة من أنحاء العالم من بين أكثر من مائه وثمانين دولة تشارك فيه وتعقد خلاله أكبر قمة سياحية عالمية لوزراء السياحة.
وكان الغاء هذه البورصة فى مطلع عام 2020، والاعلان عن ذلك فى نهاية فبراير 2020 ، قبل انعقادها بأيام قليله، بداية العد التنازلى للاغلاق الذى دخل فيه العالم كله فى مواجهة فيروس الكورونا..ومصر أغلقت مطاراتها وأوقفت الرحلات الجوية المسافرة والقادمة منذ 19 مارس ،2020 وبالتالى يمكن أن ننظر الى الغاء بورصة برلين قبل نحو أربعة شهور من انعقادها المقرر فى مارس 2021 كمؤشر جديد على أن العالم لن يخرج من قبضة الفيروس قبل هذا التاريخ.
وأن الأنباء التى تتوالى عن التوصل الى لقاح مضاد لهذا الفيروس لم تغير من الأوضاع الحالية شيئا..وان كانت تمنح العالم بعض الأمل.. ولكنه أمل مازال بعيداً عن تغيير الأوضاع التى فرضها فيروس كورونا فألغى الأنشطة أو معظمها وعلى رأسها كل اللقاءات والاجتماعات.
حتى الأمم المتحدة احتفلت بعيدها الخامس والسبعين باستخدام الفيديو كونفرانس ثم أخيرا رأينا قمة العشرين (G20) التى كان مفروضاً أن تنظمها المملكة السعودية على أرضها، نظمت أيضاً بنفس الوسيلة..
ولكن ليس كل شىء ممكن تنفيذه بالفيديو كونفرانس..على سبيل المثال، كان من المقرر أن يعقد فى مصر فى يونيو الماضى مؤتمر تشهده وفود 54 دولة من الصحفيين والكتاب السياحيين أعضاء الاتحادين الدولى والعربى للصحفيين والكتاب السياحيين، وكان الهدف ليس مجرد الاجتماع وانما تعريف هؤلاء الصحفيين بالبلد الذى يعقد فيه مؤتمرهم، واتاحة الفرصة لهم ليخرجوا من مؤتمرهم بمادة صحفية تلقى الضوء على مصر وتسهم فى الترويج السياحى لها، وهذا لايتحقق الا من خلال الزيارات للمواقع السياحية والأثرية.
ولايتحقق باستخدام الفيديو كونفرانس..فاضطررنا إلى تأجيل هذا المؤتمر الذى يشرف عليه كاتب هذه السطور بحكم موقعه فى الاتحادين، نائبا لرئيس الاتحاد الدولى ورئيساً للاتحاد العربى..وحتى الآن لم نستطع تحديد موعد آخر لهذا المؤتمر.
ومنذ أيام أعلنت وزيرة الثقافة الدكتورة ايناس عبد الدايم تأجيل معرض القاهرة الدولى للكتاب الى نهاية شهر يونيو القادم.. فموعده فى يناير 2021، لم يكن يسمح بمشاركة الكثير من الناشرين الأجانب فى ظل صعوبة الانتقال مع فيروس كورونا..وصعوبة التحكم فى أربعة ملايين أو أكثر يزورون هذا المعرض.
ولكن التأجيل فى حد ذاته حمل معه مشكلة للناشرين المصريين وزاد من أعبائهم ومعاناتهم،. وبعد أيام وفى النصف الثانى من ديسمبر الحالى سيكون الاجتماع السنوى لوزراء السياحة العرب، وهذ هو الاجتماع الثانى للوزراء فى عام 2020، وكان الاجتماع الأول طارئاً وعقد فى يونيو .2020 ، وقد سبق أن طالبنا هنا بعقد هذا الاجتماع الطارئ بعد أن رأينا وزراء سياحة أوروبا يجتمعون أكثر من مرة لمناقشة أساليب واقتراحات تعافى صناعة السياحة.
وقد عقد الاجتماع باستخدام الفيديو كونفرانس، وكانت حصيلته مجموعة من الكلمات أدلى بها كل وزير من المشاركين، ثم مجموعة من التوصيات لم نر أثراً لها فى الواقع..
وسيأتى الاجتماع القادم فى الاسكندرية وكلنا أمل أن يخرج الاجتماع بقرارات عمليه تسهم فى مواجهة أزمة السياحة التى يعيشها العالم العربى ..وسوف يكون الاجتماع حضورياً وأيضاً باستخدام الفيديو كونفرانس لمن لاتسمح ظروفه بالحضور الى الاسكندرية، حيث تستضيف هذا الاجتماع أكاديمية النقل البحرى والتكنولوجيا.
وهكذا يتغير العالم مع الكورونا..ولااعتقد، وغيرى كثيرون، فى مجال صناعة السياحة، أن العالم سيعود الى ما كان عليه قبل الجائحة..فقد أصبحت الاجتماعات تجرى بواسطة الفيديو كونفرانس، وكل المشاركين فيها فى مكاتبهم..بلا سفر وبلا انتقال..وبلا استخدام لطائرات.. أو حجز فنادق أو حجز وسائل انتقال..وكل هذه الوسائل التى تأثرت فى ظل الجائحة ستظل متأثرة بنسبة لانستطيع أن نحددها بعد الجائحة.
فسوف يكون من السهل أن تعقد بهذا الأسلوب..فهى أسرع..ولاتكلف..ولن يكون ممكنا بطبيعة الحال الاستغناء عن اللقاءات المباشرة..ولكن التغيير حدث..وسوف يستمر..بشكل أو بآخر.
وسوف تتأثر سلبياً كل الوسائل التى كانت تستخدم فى هذه الاجتماعات بداية من الطائرات..والفنادق ووسائل الانتقال الداخلية..فضلاً عما كان يحدثه أى مؤتمر أو لقاء من رواج تجارى من خلال مشتروات الوفود المشاركين فيه..
وسيكون هذا جزءاً من تغييرات كثيرة أحدثتها الجائحة..ولن يعود العالم بعدها كما كان قبلها.
ويبقى السؤال ومتى اذن تنقضى هذه الجائحة..ولا أحد يستطيع أن يعطى اجابة قاطعة فى هذا الشأن..فالسباق العالمى فى الوصول الى لقاح فعال متواصل..وهناك تفاوت فيما أعلن عنه من لقاحات فى نسبة الفاعلية، وأيضا فى سعره وفى طريقة نقله أو تصديره.
ولكن قبل أن يتاح اللقاح لابد أن يحرص الجميع على اتخاذ كل الاجراءات الاحترازية لحماية أنفسهم وحماية غيرهم..وفى مقدمتها استخدام القناع الطبى (الكمامة)
..وفى هذا الشأن تحدث الرئيس عبد الفتاح السيسى الى المواطنين فى الأسبوع الماضى بشأن مواجهة هذا الوباء والحرص على سلامتهم.
وقال الرئيس السيسى أن اللقاح الحقيقى لفيروس كورونا هو وعى المواطنين فى التعامل مع الوباء..وهو مايؤكد عليه الرئيس دائما وتؤكد عليه الحكومة..
ويبقى على المواطنين واجب الالتزام بالتدابير الاحترازية وعلى رأسها الكمامة..حماية لأنفسهم..ولغيرهم..وعلينا فى هذا كله أن ندعو الله أن يجنب بلدنا كل شر..مع أخذنا بالأسباب.