المسلة السياحية
تقرير يكتبه – آمال عبيدي/ أحمد البوتلي
دبي – على موعد مع فنون التراث الإماراتي من خلال مهرجان “دبي وتراثنا الحي” يحيا زوار القرية العالمية أجواء ممتعة ولحظات لا تنسى عبر فعاليات المهرجان الذي تنظمه هيئة الثقافة والفنون “دبي للثقافة” في القرية تحت شعار “عبقرية الحرف التقليدية الإماراتية”.
تاريخ الأجداد
ويفتح المهرجان – الذي يقام خلال الفترة من 25 أكتوبر 2020 إلى 16 أبريل 2021 – أمام مرتادي القرية العالمية نافذة على تاريخ الأجداد وعاداتهم وتقاليدهم ليتعرفوا إلى مكنوناته ويشاركون في معايشة الحياة الاجتماعية والمهنية القديمة لدولة الإمارات، فيستلهموا العبر من حياة الأولين، و تترسخ لديهم مشاعر الفخر بالهوية الوطنية الأصيلة والتراث الإماراتي الغني.
رسالة التراث
وتحرص “دبي للثقافة” على إيصال رسالة التراث الملهمة عبر ورش عمل تثقيفية تركز على الحرف والمهن التقليدية، ما يساهم في حفظ وتعزيز الصناعات التقليدية الإماراتية ومنظومة القيم التي تقدمها للأجيال .
ورشة المطوعة
ومن بين تلك الورش ورشة “المطوعة” وهي المرأة التي اعتادت فيما مضى استقبال الأطفال في بيتها لتعلمهم قراءة القرآن الكريم، وذلك بتخصيص غرفة في موسم الشتاء لتعليمهم فيها.
أما في الفترة الصيفية فكانوا ينتقلون لفناء المنزل ” الحوي ” تحت المظلة لتلقي الدروس، وفي نهاية كل أسبوع كان يقدم كل طالب شيئا من المؤونة أو المال للمطوعة مقابل الدروس.
والتي كان يطلق عليها لقب ” الخميسية”، وأولئك الذين يختمون القرآن، فقد كانوا يحظون باحتفال يسمى التومينة؛ عبارة عن دعوات شكر لله بما منه عليهم من هداية وحفظ للقرآن”.
ورشة السعفيات
وفي ركن من أركان القرية العالمية تعرض ” دبي للثقافة” مشغولات من السعفيات، أبدعتها أيادي الحرفيات الإماراتيات وصبغتها بألوان زاهية وجميلة من الأصباغ الطبيعية، وتفننن كذلك في نقش الخوص وطرق تجديله “سف الخوص”.
وتجتذب هذه المنصة الزوار الذين يقبلون عليها للتعرف إلى هذه الحرفة اليدوية الأصيلة في مجتمع الإمارات.
وتستحضر هذه الورشة ذكريات السعفيات التي امتهنها الرجال والنساء قديما كحرفة يدوية لإنتاج الكثير من مستلزمات المنزل وأثاثه.
وكذلك أدوات الزراعة وتخزين ونقل التمور.
مطرزات التلى
وتتواصل عروض ورش العمل لتأخذنا تاليا إلى حرفة ” التلى ” حيث تعتبر صناعة التلى من الحرف النسائية المنتشرة في دولة الإمارات، وتستخدم في تزيين الملابس النسائية .
” التلى” هو عبارة عن شريط من الخيوط الحريرية الملونة المتداخلة بعضها ببعض وتوسطها الخوصة، وهي شريط فضي يستخدم للثوب و الكندورة .
وتستخدم ” الكجوجة ” في عمل التلى، وهي الأداة الرئيسة للتطريز، وتتكون من قاعدة معدنية على شكل قمعين ملتصقين من الرأس. وبها حلقتان على إحدى القواعد لتثبيت وسادة دائرية تلف عليها خيوط الذهب والفضة للقيام بعملية التطريز.
صناعة القهوة الإماراتية
وفي ركن آخر من القرية، يعرض صناع القهوة العربية طريقة عملها والأدوات المستخدمة فيها، وأدبيات تقديمها وشربها .
وتعد القهوة العربية من الأدبيات التي لا تتجزأ من الثقافة التراثية لمجتمع دولة الإمارات التي امتزجت بقيم كرم الضيافة العربية الأصيلة التي يتميز بها سكان الجزيرة العربية عموما.
وتحظى العادات الخاصة في تقديم القهوة العربية والتمر للضيوف بأهمية خاصة كونها أولى لفتات الضيافة وأكثرها رمزية.
مصورة كرم العربي تجاه الزوار الذين لا يتشاركوا الطعام والشراب وحسب، بل يتبادلون كذلك الأخبار والقصص والقصائد.
التقاليد والثقافة الإماراتية
وتتاح لزوار القرية العالمية فرصة ثمينة لاستكشاف التقاليد والثقافة الإماراتية بخصوصيتها المميزة، ومعايشة حضارة مجتمع تفاعل مع محيطه بابتكار ومهارة .
لتوفير المتطلبات الحياتية اليومية من خلال عرض متكامل للغرفة التقليدية الإماراتية أو المجلس.
ففي المجلس، يلقى الزائر نظرة على عنصر أساسي من عناصر البيت الإماراتي شكل جزءا مهما من حياة الإماراتيين الاجتماعية. إذ كان بمثابة المنتدى الذي يجمع أفراد المجتمع لمناقشة القضايا المتنوعة والشؤون اليومية والمكان الذي يعقد فيه التجارة والقضاة والخبراء مجالسهم الخاصة.
ضمن أجواء تتسم بالبساطة وكرم الضيافة والتلاحم المجتمعي.
خصوصية المجلس
يقع المجلس عادة عند المدخل الرئيسي للمنزل ويطل على الخارج لمراعاة خصوصية الأسرة وعاداتها الإسلامية.
وهو معزول تماما عن بقية الأجزاء الداخلية للمنزل، ولا يربطه بها إلا باب صغير خصص لخدمة الضيوف.
و تم تجهيز المجلس بالسجاد الفارسي الفاخر، والمطارح والمساند المزخرفة ” التكى “، فيما خصص ركن منه أدوات القهوة وتحضيرها.
وزينت جدرانه بلوحات قرآنية وانواع مختلفة من الأسلحة كالبنادق والسيوف والخناجر .
الطواش و اللؤلؤ
ومن مفردات التراث الإماراتي التي تحتفي به “دبي للثقافة” في ساحات القرية العالمية، يتعرف الزائر على مهنة “الطواش” أو “تاجر اللؤلؤ” الذي كان يتنقل بين سفن الغوص في مواقع صيد الأسماك لاستخراج اللؤلؤ من أعماق البحار.
أو بين نواخذة الغوص بعد عودتهم، ويمدهم بكل الاحتياجات الخاصة خلال رحلة الغوص، فهو من يمول رحلات الغوص ويتحمل جميع مصاريف السفن . و البحارة، والغواصين، أي أنه مقاول غوص اللؤلؤ وصيده.
ويقوم ” الطواش ” بعد شرائه للآلئ التي يصطادها الغواصون بفرزه حسب الحجم والشكل واللون، ثم يقوم بعرضها لغرض تسويقها لتجار الذهب وتجار الأحجار الثمينة.
ويعرض هذا الركن اللؤلؤ الطبيعي، والدستة /الأوزان/، والصندوق /عدة الطواش/، والحجر .
والصور الخاصة بمهنة الطواش والبحر والمراكب واللؤلؤ، وملابس الغواصين والنواخذة .
تراث وإبداع
رحلة إلى تراث الماضي البديع توفرها “دبي للثقافة” في ساحات القرية العالمية، متيحة لجمهورها فرصة الاطلاع على كنوز التراث وإبداعات الأجداد.
وذلك انسجاما مع الدور الفاعل والخلاق الذي تلعبه في الاحتفاء بتراث دولة الإمارات الغني وصونه .
والحفاظ على الهوية الوطنية وتعزيز الانتماء لدى الأجيال، وفرصة للشغوفين من الشباب للتعرف إلى الحرف التقليدية وتعلمها وحمايتها من الاندثار.