المسلة السياحية
القسم الثقافي
القاهرة – أصدر الآثارى خالد عليان مدير عام مناطق آثار جنوب سيناء تعليماته برفع العلم المصرى على قلعة صلاح الدين بجزيرة فرعون بطابا إحياءً للذكرى 32 لعودة الجزء المتنازع عليه فى طابا .
ولم يتضمن قلعة صلاح الدين بالطبع ، والتى قامت هيئة الآثار المصرية فى ذلك الوقت ببدء أعمال الحفائر والترميم بها منذ عام 1986 وعلم مصر يرفرف عليها منذ ذلك الوقت .
أعلى القلعة
وقام صباح اليوم الأربعاء 17 مارس الآثارى سامى جودة مدير منطقة آثار طابا ومفتشي الآثار بطابا برفع العلم المصرى على أعلى برج القلعة، الذي يقع بالمنطقة الوسطى من التحصين الشمالى .
طابا قضية العصر
وفى هذا الصدد يرصد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بجنوب سيناء بوزارة السياحة والآثار ، قصة التجربة المصرية الرائدة منذ إحالة قضية طابا إلى التحكيم إلى رفع العلم المصرى على طابا .
وهي تجربة وظفت فيها الوثائق التاريخية والخرائط والمجسمات الطبيعية،و كتابات المعاصرين والزيارات الميدانية وشهادة الشهود .
وأشرطة الفيديو والصبر والمثابرة فى استرداد الحق بشكل غير مسبوق من خلال قراءة في كتاب المؤرخ يونان لبيب رزق (طابا قضية العصر).
حياة أو موت
ويوضح الدكتور ريحان أن المنطقة المتنازع عليها فى طابا كانت تمثل شرفة صغيرة من الأرض المطلة على رأس خليج العقبة، والممتدة على شاطئ طابا بين سلسلة الجبال الشرقية ،وربوة جرانيتية قليلة الارتفاع ملاصقة لمياه الخليج ،والتى تبلغ مساحتها 1020م 2.
ورغم صغر مساحتها فكانت مسألة حياة أو موت بالنسبة لإسرائيل، عبر عنها وكيل حكومة إسرائيل روبى سيبل فى المرافعات الإسرائيلية فى قضية طابا .
ذاكراً أنها ذات أهمية بالغة لمدينة إيلات وهى فى حقيقتها ضاحية لها ، لذلك أقاموا استثمارات سياحية بها وبنية مدنية ليؤكدوا استحالة عودتها للسيادة المصرية .
تغيير المعالم الجغرافية
ويشير الدكتور ريحان إلى أن الجانب الآخر عمد إلى التضليل والتزييف للحقائق ، فمن خلال سيطرتهم على المنطقة من 1967 إلى 1982 قاموا بتغيير معالمها الجغرافية لإزالة علامات الحدود المصرية قبل حرب يونيو.
فقاموا بإزالة أنف الجبل الذى كان يصل إلى مياه خليج العقبة ، وبناء طريق مكانه يربط بين إيلات وطابا، وكان على المصريين أن يبحثوا عن هذه العلامة التى لم يعد لمكانها وجود، ولم يعثروا إلا على موقع العلامة قبل الأخيرة التي اعتقدوا لفترة أنها الأخيرة.
هيئة الدفاع فى قضية طابا
ويتابع بأنه في يوم 13 مايو 1985 صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 641 بتشكيل (اللجنة القومية العليا لطابا) ، من أبرز الكفاءات القانونية والتاريخية والجغرافية.
وهى اللجنة التى تحولت بعد ذلك إلى هيئة الدفاع المصرية فى قضية طابا ، والتى أخذت على عاتقها إدارة الصراع فى هذه القضية من الألف إلى الياء.
مستخدمة كل الحجج لإثبات الحق ، ومن أهمها الوثائق التاريخية التي مثلت نسبة 61% من إجمالي الأدلة المادية التى جاءت من ثمانية مصادر.
علامات الحدود
وقد نصت مشارطة التحكيم على أن المطلوب من المحكمة تقرير مواضع علامات الحدود الدولية المعترف بها بين مصر وفلسطين تحت الانتداب أى فى الفترة بين عامي 1922 و 1948.
وبالرغم من ذلك فإن البحث فى الوثائق ذهب إلى ثلاثينيات القرن التاسع عشر ، والوثائق فى الفترة اللاحقة على عام 1948 حتى حرب يونيو ونتائجها .
وقد جرى البحث عن هذه الوثائق فى دار الوثائق القومية بالقلعة، الخارجية البريطانية، دار المحفوظات العامة فى لندن ، دار الوثائق بالخرطوم ، دار الوثائق باستنبول، محفوظات الأمم المتحدة بنيويورك .
القاعدة الحجرية
ويؤكد الدكتور ريحان أن الوفد المصرى لم يقبل الموقع الذي حدده الجانب الآخر للعلامة 91، وأصروا على الصعود لأعلى وهناك وجد المصريون بقايا القاعدة الحجرية للعلامة القديمة.
ولكنهم لم يجدوا العمود الحديدى المغروس فى القاعدة والذى كان يحمل فى العادة رقم العلامة ، وقد اندهش الإسرائيليون عندما عثروا على القاعدة الحجرية.
وكانت الصدمة الكبرى لهم حين نجح أحد الضباط المصريين فى العثور على العمود الحديدى على منحدر شديد الوعورة ،حيث نزل وحمله لأعلى.
وطول هذا العمود 2م وعرضه 15سم ووزنه بين 60 إلى 70كجم ، وكان موجودًا عليه رقم 91 .
وأمام هذا الموقف لم يملك أحد أعضاء الوفد الإسرائيلى نفسه قائلًا أن الطبيعة لا تكذب أبدًا ، واتضح فنيًا أن العمود والقاعدة قد أزيلا حديثًا .
ورغم ذلك فقد رفضت إسرائيل الاعتراف بهذه العلامة حتى موافقتها على التحكيم فى 13 يناير 1986.
حكم تاريخى
وينتهى بنا الدكتور ريحان إلى اللحظة الحاسمة ففى يوم الخميس 29 سبتمبر 1988 فى قاعة مجلس مقاطعة جنيف حيث كانت تعقد جلسات المحكمة .
دخلت هيئة المحكمة يتقدمها رئيسها القاضي السويدي جونار لاجرجرين لتنطق بالحق وعودة الأرض لأصحابها فى حكم تاريخى بأغلبية أربعة أصوات، والاعتراض الوحيد من القاضية الإسرائيلية بالطبع .
ويقع الحكم في 230 صفحة وانقسمت حيثيات الحكم لثلاثة أقسام، الأول إجراءات التحكيم ويتضمن مشارطة التحكيم ،وخلفية النزاع والحجج المقدمة من الطرفين.
والثانى أسباب الحكم يتضمن القبول بالمطلب المصرى للعلامة 91، والحكم لمصر بمواضع العلامات الأربعة ، والثالث منطوق الحكم فى صفحتين .
جاء في الفقرة رقم 245 ” النتيجة – على أساس الاعتبارات السابقة تقرر المحكمة أن علامة الحدود 91 هى فى الوضع المقدم من جانب مصر .
والمعلم على الأرض حسب ما هو مسجل فى المرفق (أ) لمشارطة التحكيم ” .
وتم رفع العلم المصرى على الجزء الذي تم استرداده من طابا في 19 مارس 1989 .