المسلة السياحية
مسقط – تشارك سلطنة عمان ممثلة في وزارة التراث والسياحة بقية دول العالم الاحتفال باليوم العالمي للتراث والذي يحتفى به سنوياً في الثامن عشر من أبريل من كل عام باقتراح تقدم به المجلس الدولي للمعالم والمواقع(ICOMOS) في عام 1982م، ووافقت عليه الجمعية العامة لمنظمة اليونسكو في عام 1983م، وذلك بهدف تعزيز الوعي بأهمية التراث الثقافي للبشرية، ومضاعفة جهودها اللازمة لحماية التراث والمحافظة عليه.
وفي كل عام وبمناسبة هذا اليوم، يقترح المجلس الدولي للمعالم والمواقع موضوعًا لتسليط الضوء عليه، وتأتي احتفالية هذ العام تحت عنوان” الماضي الغني: مستقبل متنوع” استجابةً للدعوات العالمية للحفاظ على التراث الثقافي، ومن هذا المنطلق فإن هذا اليوم هو دعوة للجميع للمشاركة وإبراز العديد من جوانب التراث الثقافي المختلفة والغنية.
عمان ونموذج في العناية بالتراث
وتضم ” سلطنة عمان ” العديد من المعالم والاثار والمواقع التاريخية والتي كانت محط إشادة دولية واسعة وأدرج بعضها ضمن قائمة التراث المادي وغير المادي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونيسكو)، وتقدم السلطنة نموذجا مهماً في العناية بالتراث والمحافظة على موروثها، وذلك إدراكاً منها لأهمية حماية الهوية الثقافية والتاريخية للشعوب في عالم يتغير بشكل متسارع.
البيوت التراثية
قامت وزارة التراث والسياحة بمشروع مسح وتوثيق البيوت التراثية ذات القيمة المعمارية الاستثنائية كمرحلة أولى، والهدف منه الحفاظ عليها، وفتح المجال للدراسات المعمارية مستقبلا.
وتعتبر البيوت التراثية التقليدية في عمان إرثا معماريا هاما ومميزا في عناصره المعمارية، ويختلف هذا البناء التقليدي في كثير من الأحيان من منطقة إلى أخرى.
مسجد العوينة
كما أطلقت الوزارة أعمال أشغال المحافظة والصيانة وإعادة البناء تطبيقاً لتوجيهات السلطان هيثم بن طارق ، لمسجد العوينة في ولاية وادي بني خالد في محافظة شمال الشرقية، والذي يعد أحد المساجد العمانية المميزة بمحاريبها التراثية المنقوشة.
والتي انتشر نمط بناءها في عدد من محافظات السلطنة، فتم نقل المحراب بكل مكوناته وتفاصيله عبر عملية معقدة ودقيقة ليتم عرضه في المتحف الوطني، كأحد أهم القطع الأثرية التي تحدثنا عن القيمة التاريخية لمسجد العوينة، وتؤكد جمالية زخارف محراب هذا المسجد الذي سيحظى بتقديمه وعرضه بالمتحف الوطني، كأحد أجمل الأمثلة الدالة على معرفة وحرفية الفنان العماني في مجال النقش والحفر على الجبس.
كما وجه السلطان في مرحلة ثانية بالعمل على مباشرة أعمال الترميم وإعادة بناء المسجد ،واعتماد الطرق المثلى للمحافظة وحماية هذا الأثر عبر تطبيق أعمال إعادة البناء للأجزاء المنهارة والمفقودة من المعلم، مع التوجيه كذلك بإنجاز نسخة مطابقة للأصل من المحراب الأصلي ، وقد استغرقت مراحل إعادة بناء المسجد وقتاً امتد على مدى سنتين ونصف.
المواقع الأثرية
ومن أهم الإنجازات التي قامت بها السلطنة ممثلة بوزارة التراث والسياحة، الكشف عن موقع عقير الشموس بولاية ينقل وهو أول موقع أثري مرتبط بتعدين وإنتاج الحجر الأملس (الصابوني) على مستوى السلطنة والخليج العربي، حيث تم الكشف عنه من قبل فريق من المختصين الأثريين العمانيين، وبعثة من جامعة جون هوبكنز الأمريكية ويعود الموقع الى الألف الأول قبل الميلاد.
عقير الشموس
والموقع عبارة عن محجر لقطع الحجر الصابوني الاملس ومستوطنة تحوي ورش لإنتاجه، وقد وثقت المسوحات الأثرية الكثير من كسر أواني الحجر الاملس التالفة من عملية التصنيع حيث عثر على حوالي 800 قطعة تم جمعها من على السطح.
وأكدت الدراسات الأولية على أن هذا الموقع يعود الى العصر الحديدي مع احتمالية استمراره الى العصر الإسلامي.
3 مواقع أثرية مهمة
كما كشفت المسوحات الأثرية التي قامت بها الوزارة ، وبالتعاون مع جامعة وارسو البولندية عن 3 مواقع أثرية مهمة منطقة قميرا بولاية ضنك يمتد تاريخها من العصر الحجري الحديث الى العصر الإسلامي.
وأهم هذه المواقع هي قميرا (3)، وقميرا (1) العائدة للعصر البرونزي أو الالفية الثالثة قبل الميلاد.
حيث ضم موقع قميرا (3) مستوطنة تمثلت شواهدها في بقايا أساسات مباني سكنية ذات تقسيمات معقدة، الى جانب 3 أبراج حجرية إحداها يشبه برج الرجوم بموقع بات الأثري والذي يتميز بجداره الدائري المتعرج.
وقد أستمر استيطان هذين الموقعين وخاصة موقع قميرا (3) في العصر الحديدي والعصر الإسلامي ، وهو ما دلت عليه المكتشفات الاثرية.
كما حوى موقع قميرا (1) على قبور الالفية الثالثة وهي على غرار مقابر بات.
وما كشف يظهر على انها قبور ذات غرف متعددة وضمت رفات العديد من الموتى مصحوبة بالعديد من اللقى الجنائزية والتي شملت أواني فخارية وحجرية وخرز وسهام.
وتعود أهمية هذه المواقع إلى وقوعها على مفترق الطرق التجارية المرتبطة بتجارة النحاس، بالإضافة إلى توفر المياه التي كانت دافعا للاستيطان واستمراره لفترة طويلة تمتد من الألف الثالث إلى الأول قبل الميلاد والفترة الإسلامية.
التراث الثقافي المغمور بالمياه
وتجسيدا لأهمية التراث الثقافي المغمور تولي وزارة التراث والسياحة بأداء مهامها الحيوية في تعزيز واستكمال وتوسيع نطاق المعرفة والفهم للتراث البحري المغمور ، والمحافظة على الاثار الغارقة من النهب والدمار ويتمثل هذا الاهتمام من خلال مواصلة البحث والتوثيق لمواقع التراث الثقافي المياه الإقليمية من خلال تنفيذ مسوحات بحرية في مواقع مختلفة.
حيث أن الوزارة بصدد تنفيذ مجموعة مشاريع أولية للمسح والتنقيب والتي من شأنها أن ترفد تراث السلطنة المغمور.
كما أكد النظام الأساسي للدولة الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 6/2021 على حماية التراث الثقافي المغمور ، واعتبار الاعتداء عليه او الإتجار فيه جريمة يعاقب عليها القانون” ، وقد جاء ذلك تجسيداً لاتفاقية اليونيسكو والتي تقتضي بحماية التراث الوطني ، بغية تعزيز قدرة الدول على حماية تراثها المغمور ودراسته بما يكفل صونه واستدامته لمنفعة الأجيال والمستقبلية.
ما في مجال الإصدارات، فالوزارة بصدد اصدار كتاب علمي عن مسح السواحل البحرية العمانية لتوثيق مواقع السفن الغارقة في سواحل السلطنة.
جهود الوزارة في الاهتمام بالتراث الجيولوجي العُماني
و تعد المواقع والظواهر الجيولوجية متحفاً طبيعياً مفتوحاً يستقطب العديد من العلماء والباحثين والهواة بعلوم الأرض ومحبين رياضة المغامرات.
وتتميز السلطنة بطبيعة جيولوجية فريدة من نوعها ومتنوّعة لفترات جيولوجية مختلفة تضم قيمة استثنائية عالمية.
لذلك تسعى السلطنة ممثلة في وزارة التراث والسياحة إلى حماية هذه المواقع وضمان استدامتها.
وفي هذا الإطار وقّعت الوزارة مذكرة تعاون مع شركة تنمية نفط عُمان للقيام بتنفيذ أعمال الحماية اللازمة لمواقع التراث الجيولوجي العُمانية.
وسيتم تنفيذ أعمال الحماية والتطوير لهذه المواقع عبر مراحل بحسب الأهمية العلمية والسياحية والاقتصادية .
ومدى احتمالية تعرض الموقع للخطر ضمن دراسة أعدتها الجمعية الجيولوجية العُمانية.