المسلة السياحية
تقرير آثري
القاهرة – رصدت دراسة أثرية للباحث المتخصص في الآثار اليونانية والرومانية الدكتور حسين دقيل حقيقة استيلاء الرومان على المسلة المصرية الموجودة حاليًا بميدان السلطان أحمد بإسطنبول وتهريبها إلى القسطنطينية .
ويؤكد الدكتور حسين دقيل أن المسلة المصرية المقامة بميدان السلطان أحمد بإسطنبول حاليًا، ترجع إلى عصر الملك تحتمس الثالث (1481-1425 ق.م)، وقد ظلّت في مكانها بمعبد الكرنك لعدة قرون حتى نقلها قسطنطين الثاني (337-316 م) ملك روما إلى الإسكندرية تخليدًا للذكرى العشرين لجلوسه على العرش.. ثم نُقلت من الإسكندرية إلى القسطنطينية في عهد الإمبراطور البيزنطي ثيودوسيوس الأول عام 390 من الميلاد.
الجرانيت الأحمر
وهى مسلة من الجرانيت الأحمر كان يبلغ طولها الحقيقي 30 م، غير أنها تعرضت للضرر أثناء نقلها من مصر فأصبح طولها الحالي 18.45 م، وكان وزنها الفعلي في البداية 380 طن ولا تزال سليمة حتى اليوم رغم مرور أكثر من 3500 عام على إنشائها .
ويلقى خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان الضوء على معالم هذه المسلة المهمة ، التي تحمل جوانبها الأربعة نقوشًا هيروغليفية واضحة تبدأ باسم الملك تحتمس الثالث وتتحدث عن انتصاراته في معركة الفرات بسوريا، كما يظهر على جوانبها أيضا المعبود آمون وهو يقدم علامة الحياة (عنخ) للملك تحتمس الثالث، في حين نري الملك يقدم القرابين للمعبود آمون.
قاعدة بيزنطية
أما قاعدة المسلة، فهي بيزنطية أنشئت في عصر ثيودوسيوس الأول؛ وقد نُقشت بمناظر تحمل صورة الإمبراطور وعائلته وجنوده؛ وهو يراقب الأنشطة الرياضية كسباق الخيل والمصارعة، وظلت ” المسلة ” بالرغم من كل الزلازل والاضطرابات التي تعرضت لها مدينة إسطنبول على مدى 16 قرنًا من الزمان-ثابتة لم تتحرك من مكانها، ويلتف حولها العازفين والمغنين من الاتراك ليقدموا عروضهم أمام جموع السائحين الذين يقبلون عليها من شتى بقاع الأرض.
تحتمس الثالث
وينوه الدكتور ريحان إلى أن الملك تحتمس الثالث مُنشئ المسلة هو سادس حكام الأسرة الثامنة عشر، ويُعد من أعظم الملوك المحاربين خلال عصر الدولة الحديثة، فهو مؤسس أول إمبراطورية يشهدها العالم وقد اشتهر بشخصيته القوية، وعبقرتيه العسكرية الفذة فاهتم بالجيش وزوده بالفرسان والعربات الحربية، وقد غير تحتمس الثالث سياسة حتشبسوت عقب اعتلائه العرش، وأصر على أن يعيد السيطرة لمصر على المناطق المتمردة؛ فقام بنحو ست عشرة حملة عسكرية على فلسطين وسوريا واستطاع خلالها أن يدعم نفوذه هناك، كما دعمه جنوبا في بلاد النوبة.
30 مسلة
ويتابع الدكتور ريحان أن تحتمس الثالث، أنشأ ست مسلات أخرى، معظمها موزع الآن بين عواصم عالمية عدة، فقد كانت مصر تضم ما يقرب من 30 مسلة مصرية قديمة، لم يتبقَ منها الآن سوى ثمان والباقي تم الاستيلاء عليها ونقلها إلى العديد من الدول الأجنبية، من خلال الرومان والفرنسيين الذين نهبوها عند مجيئهم إلى مصر.
كما أن أسرة محمد علي أهدت عددًا منها لكسب ولاء تلك الدول؛ وأهم تلك المسلات ما يوجد الآن في بريطانيا وفرنسا وأمريكا وإيطاليا، كالمسلة التي أهداها محمد علي لبريطانيا عام 1831، أو تلك الموجودة بباريس والتي أهداها محمد على لملك فرنسا وهي من عصر رمسيس الثاني.
و ” مسلة كليوباترا ” بحديقة سنترال باراك بنيويورك والتي أهدتها ابنة الخديوي إسماعيل لأمريكا بعد افتتاح قناة السويس.
ساحة الفاتيكان
أما في روما فتوجد حاليا ثماني مسلات تعود إلى عصور تحتمس الثالث ، وتحتمس الرابع ، ورمسيس الثاني ، وبسماتيك الأول وغيرهم، ومنها ما يرجع لعصر أمنحتب الثاني كتلك التي تنتصب الآن بساحة الفاتيكان .
ويطالب الدكتور ريحان بعودة هذه المسلة الهامة من إسطنبول ، وكذلك كل المسلات المصرية بالخارج والتي تحقق رواجًا سياحيًا لهذه الدول .
دون أي حقوق ملكية فكرية للدولة صاحبة هذه الحضارة العظيمة التي علمت العالم مبادئ وأسس الحضارة الإنسانية .