المسلة السياحية•
المحرر الثقافي
•• أكد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان، أن مصر بوركت بأنبياء الله إبراهيم ويوسف الصديق ومناجاة نبي الله موسى ، وباركتها العائلة المقدسة مدة ثلاث سنوات و11 شهر في مسافة 2000كم ذهابًا وإيابًا شهدت معجزات السيد المسيح في المحطات التي مرت بها ••
ويبدأ الدكتور ريحان ببشارة السيدة مريم حين بلغت مبلغ النساء وأثناء خلوتها جاءها الملاك جبريل بالبشارة بالسيد المسيح في صورة فتى ، ففزعت منه وأخذها العجب كيف يكون لها ولد وهى لم تتزوج وهى مثال للعفة والطهارة وأخبرها الملاك جبريل باسم المولود يسمى المسيح عيسى بن مريم وصفاته ، وحملت السيدة مريم بالسيد المسيح عليه السلام ومرت بجميع أطوار الحمل الطبيعية إلى أن ولدت .
جذع النخلة
يثم ينتقل الدكتور ريحان إلى الولادة حيث لجأت السيدة مريم إلى جذع نخلة عندما آتاها المخاض في بيت لحم وكان في زمن الشتاء والنخلة يابسة وقد جاءتها لتستتر بها أو تستند عليها، وجاءها صوت قيل أنه الملاك جبريل وقيل صوت السيد المسيح يطلب منها أن تهز جذع النخلة اليابس فتتساقط عليها رطبًا جنيًا ، وهى الطاهرة الذى كان يرزقها المولى برزق دون تعب بمعجزات إلهية ، وهناك مكان بكنيسة بيت لحم بالقدس موضع ولادة السيد المسيح قد قور البلاط فيه ، ويقولون أن موضع هذه التقوير كانت النخلة التي ولدت عندها السيدة العذراء .
فرار العائلة المقدسة
ويتابع الدكتور ريحان بأنه في أول يونيو اليوم التي تحتفل به مصر بقدوم العائلة المقدسة ، قررت العائلة المقدسة الفرار من حاكم القدس الطاغي “الملك هيرودس” الذى تخوف من أن يزاحمه السيد المسيح في المُلك فأراد قتله عن طريق المجوس فحينما فشل قرر قتل جميع أطفال بيت لحم من دون السنتين ، ولكنّ وحيًا كان قد جاء للقديس يوسف في السلم يخبره بأن يأخذ الطفل وأمّه إلى مصر، فهربوا وأقاموا بها حتى وفاة هيرودس قبل أن يعودوا إلى الناصرة.
الربوة مصر
وأوضح ” أن المقصود بالربوة التي أوت إليها العائلة المقدسة والمذكورة في سورة المؤمنون آية 50 }وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَي رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ{ هي أرض مصر التي لجأت إليها العائلة المقدسة وهى أرض بها نبات وربى، وقد جاء السيد المسيح طفلًا أقل من عام وعاد صبيًا وشملت البركة مواقع بها اليوم آثار وآبار وأشجار ومغارات ونقوش صخرية.
محطات الرحلة
ولفت ” ريحان ” إلى أن العائلة المقدسة جاءت من فلسطين على دابة وشملت السيدة العذراء تحمل السيد المسيح طفلُا والقديس يوسف النجار عن طريق شمال سيناء ، ثم اتجهت إلى الدلتا ثم إلى وادى النطرون فمنطقة حصن بابليون لتأخذ طريقها في نهر النيل إلى نهاية الرحلة بدير المحرق بالقوصية محافظة أسيوط ،وشملت المحطات بمسمياتها الحالية وكانت لها مسميات قديمة أثناء الرحلة، رفح، الشيخ زويد، العريش، الفلوسيات، القلس، الفرما، تل بسطة، مسطرد، بلبيس، منية سمنود، سمنود، سخا، بلقاس، وادي النطرون، المطرية وعين شمس، الزيتون..
وسط القاهرة حارة زويلة وكلوت بك، مصر القديمة وحصن بابليون، المعادي، منف، دير الجرنوس، البهنسا، جبل الطير، أنصنا، الأشمونين، ديروط، ملوي، كوم ماريا، تل العمارنة، القوصية، ميرة، الدير المحرّق وفى طريق العودة مرت العائلة المقدسة على جبل أسيوط الغربي “درنكة” إلى مصر القديمة ثم المطرية فالمحمة ومنها إلى سيناء.
ويشير الخبير الآثاري ” إلى نماذج من معجزات السيد المسيح فى المواقع الذى باركها بمصر فبعد عبور العائلة المقدسة سيناء اتجهوا إلى “تل بسطة” بالقرب من الزقازيق، ولم تقبلهُم المدينة وأهلها ورفضوا إقامة العائلة المُقدسة فى وسطهم، فأرشدهم أحد أهالى المدينة إلى موقع وجدوا فيه شجرة حيث مكثوا عندها وأنبع الطفل نبع ماء، فأحمته العذراء وغسلت ملابسه وسمى هذا المكان “المحمة” أى مكان الإستحمام، وتسمى الآن مُسطرد وقد بُنيت في هذا المكان كنيسة على اسم القديسة العذراء عام 901م.
وأشار الدكتور ريحان إلى مرور العائلة المقدسة فى بلبيس حيث أستظلوا بشجرة عرفت فيما بعد بــ “شجرة مريم” وحتى الآن يدفن المسلمون حولها أمواتهم تبركًا بها. ويروى أنه أثناء الحملة الفرنسية على مصر مر عليها جنود نابليون وأرادوا أن يقتطعوا من هذه الشجرة خشبًا لطهى طعامهم فلما ضربوها بالفأس أول ضربة بدأت تدمي فأرتعب العسكر ولم يجرؤوا بعد ذلك أن يمسوها، وتباركوا بها وكتبوا أسمائهم على فروعها ومنهم من شفى من مرض الرمد.
ونوه الدكتور ريحان إلى سمنود و معجزة الماجور الحجرى حين رحب أهلها بقدوم العائلة المقدسة ويقال إنها أقامت فى المدينة ما بين ١٤ و١٧ يوما وقد أهدى أهالى البلدة السيدة العذراء ماجورًا حجريًا لتعجن فيه، فى الوقت الذى أنبع السيد المسيح عين ماء فى المكان الذى أقاموا به، ويوجد بالكنيسة الحالية “كنيسة السيدة العذراء والشهيد أبانوب بسمنود” ماجور كبير من حجر الجرانيت يوضع فيه ماء مصلى عليه.
وفى سخا بكفر الشيخ معجزة ماء كعب يسوع حيث أوقفت السيدة العذراء مريم ابنها على قاعدة عمود، فغاصت مشطا قدميه فى الحجر وانطبعت قدميه، وقد تفجّر نبع ماء وسمى هذا المكان “كعب يسوع”، وأصبح الموقع بركة للناس حيث يأتون ويضعون فى مكان القدم زيتًا ويحملونه إلى بلادهم وينتفعون ببركة هذا الزيت فى الشفاء.
ويشير الدكتور ريحان إلى عطش السيد المسيح بوادي النطرون، ولم تجد السيدة العذراء مصدرًا للماء سوى بحيرة شديدة الملوحة، فخاضت داخلها لأمتار، وأخذت بعض الماء منها لتروي طفلها، ليتحول الماء المالح إلى عذب، ويتفجر في نفس الوقت ينبوع مياه عذبة بارتفاع 1.5 متر عن سطح المياه العادية، والتدفق لازال حتى اليوم وهى معجزة “نبع الحمراء” في التراث المسيحي وهذه المياه مباركة ولها معجزات سواءً المالحة منها أو النبع العذب، فهي تشفي أمراض الروماتويد والروماتيزم، وجميع أمراض الحساسية بأنواعها.
ويتابع الدكتور ريحان بأن سبب شهرة المطرية هي جلوس العائلة المقدسة تحت شجرة بها وكانوا في احتياج للماء، وبدأ الطفل يلعب بقدميه في الأرض، فنبع عين ماء، شربوا منه، ثم غسلت العذراء ملابس الطفل، ثم صبت ماء الغسيل على الأرض، فأنبتت في تلك البقعة نباتًا عطريًا ذو رائحة جميلة، ويُعرف هذا النبات باسم البلسم أو البلسان، وللآن هذه الشجرة موجودة بالمطرية وتعرف باسم شجرة مريم، و مكثت العائلة المقدسة في مغارة شهيرة قرب حصن بابليون ” كنيسة أبى سرجة حاليًا” وبالكنيسة بئر ماء قديمة شرب منها السيد المسيح يغطيها باب زجاجي يكشف عن البئر .
ويتابع الدكتور ريحان بأن العائلة المقدسة مكثت في مغارة بجبل الطير بسمالوط، وفى هذا المكان المبارك أنشأت القديسة هيلانة أم الإمبراطور قسطنطين كنيسة منحوتة في الصخر عام 328 م عرفت بكنيسة الكف لمعجزة السيد المسيح حين منع سقوط صخرة عليهم عندما سند الصخرة الكبيرة بكفه الصغير فانطبع كفه على الصخرة، وصار الجبل يُعرف باسم “جبل الكف” .
ويضم دير المحرّق بأسيوط البيت التي عاشت فيه العائلة المقدسة في نهاية الرحلة وبقى على مساحته ثم تحول في العصر المسيحي المبكر إلى كنيسة، وتميز هيكلها بمذبح حجري والمعروف لدى علماء الآثار باستخدامه منذ عصر مبكر، وهو الحجر الذى جلس عليه السيد المسيح طبقًا للتقليد، أما صحن الكنيسة فقد تغير في القرن 19م.
الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمي بجنوب سيناء بوزارة السياحة والآثار