المسلة السياحية
تقرير بقلم : د. عبد الرحيم ريحان
خبير الآثار عضو المجلس الأعلى للثقافة لجنة التاريخ والآثار
©© قام وفد روماني من أصحاب شركات السياحة برومانيا بزيارة دير سانت كاترين أمس الأول الجمعة 26 نوفمبر وذلك للترويج لمشروع التجلي الأعظم الجاري حاليًا بمدينة سانت كاترين ورافقهم في الزيارة الآثاري حسام صبحى مدير منطقة آثار سانت كاترين ، وشرح لهم معالم الدير وقاعة العرض المتحفي بمنطقة الوادي المقدس داخل الدير .
وهناك العديد من الجهات داخل مصر وخارجها تقوم بزيارة الدير وجبل موسى للترويج للمشروع القومي بالمدينة المسجلة تراث عالمي منذ عام 2002 منذ بداية المشروع ، والذى يحظى باهتمام القيادة السياسية في مصر ويتابع الرئيس عبد الفتاح السيسي مستجدات العمل في مشروع “التجلي الأعظم فوق أرض السلام” بسيناء بكافة مكوناته الفندقية والسياحية والخدمية والطرق والمحاور المؤدية الى الموقع ، ويصدر توجيهاته بالاستمرار في بذل كافة الجهود لتقديم تلك البقعة المقدسة من أرض مصر للإنسانية ولجميع الزائرين من أنحاء العالم على النحو الأمثل..
تقديرًا لقيمتها الروحية الفريدة التي تنبع من كونها حاضنة للأديان السماوية الثلاثة مع مراعاة أن تكون المباني والإنشاءات والمرافق متناغمة مع الطبيعة البيئية للمكان ، وكذا زيادة الاعتماد على الطاقة الجديدة والمتجددة حفاظًا على البيئة .
خامات طبيعية
يسير المشروع وفق هذه التوجيهات منذ اطلاقه في يوليو 2020 ، حيث يتم إنشاء فنادق بيئية أو إيكولوجية وهى منشآت سياحية تم تخطيطها و تنسيقها و تصميمها و بناءها لتنسجم مع السياق الطبيعي والثقافي للمنطقة المحيطة أي تستخدم خامات طبيعية من البيئية من أحجار وأخشاب وغيرها ، و لا تزيد الارتفاعات حتى تحافظ على بانوراما الموقع وتكون بنفس شكل الجبل والبيئة حولها للمحافظة على الرؤية البصرية وجلال وجمال ورهبة المنطقة ، وتعمل كل الجهات المعنية تحت إشراف الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء ، واللواء خالد فودة محافظ جنوب سيناء.
تراث استثنائي
وتسير كل الأعمال وفق اشتراطات اليونسكو باعتبار منطقة سانت كاترين تراث عالمي استثنائي باليونسكو منذ عام 2002 ، وقد رشحت لأربعة معايير الأول والثالث والرابع والسادس ، والاستثناء يكمن في موقعها الجغرافي لسيناء والدور الذى لعبته في تاريخ الإنسانية حيث مر بها العديد من الشخصيات والجيوش ، وارتباطها بنبي الله موسى مما أثّر في ظهور دور التعبد فيها في بقاع متفرقة وتضم قصص تخص الأديان الثلاثة ، كما أن تشكيلات جبالها وتغطيتها بالثلوج في فصل الشتاء تعطيها أهمية عالمية استثنائية .
الإنسان والبيئة
وتعتبر كل المباني الأثرية بسيناء عامة وسانت كاترين خاصة نتاج التفاعل بين الإنسان والبيئة واستخدام مواد بناء محلية ، حيث أن بناء دير سانت كاترين نفسه كان من أحجار صخرية قائمة الزوايا من الجرانيت الصلد أخذت حجارته من جبل الدير الجنوبي والمونة من الغرين المتخلف عن السيول بالمنطقة ، بل وبنى الدير باتجاه شمال شرق وجنوب غرب موازى لمجرى السيل حتى لا يجرفه السيل، مع عمل فتحات سفلية قريبة من مدخل الحجاج بالجدار الشمالي الشرقي لتجميع مياه السيول …
وكان من نتيجته مقاومة الدير منذ القرن السادس الميلادي لأخطار سيول مستمرة بسيناء ، ويتم حاليًا ضمن مشروع التجلي الأعظم تنفيذ مشاريع لدرء أخطار السيول بمحيط مدينة سانت كاترين وتحويل مساراتها للاستفادة منها كمصادر مياه عذبة .
حماية التراث الثقافي والطبيعي
ويتضمن مشروع التجلي الأعظم حماية صحراء سانت كاترين والتنوع البيولوجي وعمل بنك جينات للفصائل النادرة والتراث الثقافي للبدو وإدراجه في مخططات التنمية والإدارة ، وهناك برنامج واضح للحفاظ على المنطقة كتراث معماري، ومن الجانب الاجتماعي فإن المشروع يتضمن تحويل التراث الثقافي والطبيعي ليؤدي وظيفة في حياة المجتمع المحيط وتشجيع المجتمع باستثمار موارد في التراث ومشاركة القيادات المحلية والأهالي في كل مراحل المشروع .
ممشى سياحي
يتضمن المشروع تمهيد وتأمين الطريق المؤدى إلى جبل موسى وجبل التجلي ودير سانت كاترين ومنها عمل ممشى سياحي يحاكى المسار التاريخي لسيدنا موسى عبر وادى الراحة وصولًا إلى جبل التجلي، وقد تجلى سبحانه وتعالى للجبل حين طلب نبى الله موسى رؤية ربه حين ذهابه لتلقى ألواح الشريعة في رحلته الثانية فدك الجبل “فَلَمَّا تجلى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ موسى صَعِقًا ” الأعراف 143 كما يتم تطوير طريق وادى حبران – دير سانت كاترين ، وهو طريق تاريخي عبره نبى الله موسى إلى جبل الشريعة بالوادي المقدس ليتلقى ألواح الشريعة واستخدم بعد ذلك لعبور الحجاج المسيحيون والمسلمون من ميناء الطور إلى جبل موسى ودير سانت كاترين .
مخطوطات الدير
حرص الوفد الروماني على زيارة قاعة العرض المتحفي بالدير التي أنشئت عام 2001 ، وتضم عدة نسخ من صورة العهدة النبوية المعتمدة وهو العهد الذى يؤمّن فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم المسيحيين على أموالهم وأنفسهم ومقدساتهم وممتلكاتهم ، كما يحوى أشهر مخطوطات الدير والتحف الفنية المختلفة المهداة للدير عبر العصور من تحف معدنية وخشبية رائعة …
ويقع المتحف في أجمل موقع بالدير بالوادي المقدس مواجهًا لكنيسة التجلي الكنيسة الرئيسية بالدير ، وشجرة العليقة الملتهبة الذى ناجى عندها نبى الله موسى ربه ، وتعانق برج كنيسة التجلي مع مئذنة الجامع الفاطمي داخل الدير لتتعانق الأديان في بقعة واحدة لا مثيل لها في العالم .
التوراة اليونانية
كما تشمل محتوياته مخطوط التوراة اليونانية المعروفة باسم “كودكس سيناتيكوس، وهى نسخة خطية غير تامة من التوراة اليونانية كتبها “أسبيوس” أسقف قيصرية عام 331 تنفيذًا لأمر الإمبراطور قسطنطين، ويشمل عدة قاعات، منها قاعات للأيقونات وذخائر ومخطوطات الدير والملابس الكهنوتية، ومن أشهر أيقونات الدير أيقونة السيدة العذراء تحمل السيد المسيح القرن 6م، أيقونة القديس بطرس القرن 6م، ، أيقونة النبي موسى يخلع نعليه أمام العليقة المقدسة القرن13 م، أيقونة النبي موسى يتسلم الألواح القرن 13م..
الإنجيل السرياني
ويضم قاعات للمخطوطات تضم الإنجيل السرياني القرن 4م، قانون الرهبان بالسريانية مكتوب على رق غزال ينظم حياة الرهبنة القرن 11م، وقاعة للتحف المعدنية من مقتنياتها مجموعة من الأواني المقدسة تشمل 17 إناء .
