بوابة السياحة العربية
تقرير آثري
©©أكد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان عضو المجلس الأعلى للثقافة لجنة التاريخ والآثار ، أن الاكتشاف الأثري الجديد بأم القعاب بمنطقة أبيدوس محافظة سوهاج يلقى الضوء على أهمية المنطقة كمزار مقدس في عصر مصر القديمة يجب أن يخضع لأعمال الترميم وإعادة التأهيل وتمهيد الطريق إليه وتأمينه ، وتزويده بالخدمات والأنشطة السياحية المختلفة من قرى سياحية ومطاعم و كافتيريات وبازارات لبيع المنتجات التراثية المصرية المرتبطة بطبيعة وتاريخ المنطقة لوضعها على خارطة السياحة المحلية خاصة للمدارس والجامعات، والسياحة الدولية .
ماهية أم القعاب
وأوضح الدكتور ريحان ” أن أم القعاب أو أم الجعاب بالمصرية القديمة “بيقر” هي تسمية حديثة لجبانة مصرية قديمة كانت تسمى بيقر كانت بشرق مقابر الملوك في أبيدوس بمحافظة سوهاج، وعثر بها على 650 مقبرة لقدماء المصريين، اسمها الحديث الحالي يعني “أم القدور” إذ تمتلئ المنطقة بشظايا قدور خزفية للقرابين مصنوعة في أزمنة مبكرة، المنطقة كانت موقع للتقديس والعبادة في مصر القديمة.
وبحلول عهد المملكة الوسطى، حـُفِرت واحدة من المقابر الملكية وأعيد بناؤها لكهنة أوزوريس ، المقابر ترجع إلى عصر ما قبل الأسرات وعهدي الأسرة الأولى والثانية، نحو 3000 – 2700 قبل الميلاد، تنتمي جبانة أم القعاب إلى جبانة ديدو وفيلة ومنديس «مقابر أوزوريس».
الفرعون العقرب الأول
وأضاف ” ريحان ” أن صفة جبانة أم الجعاب تغيرت من جبانة بسيطة كانت يدفن فيها مصريون قدماء من عصر نقادة 3000 سنة قبل الميلاد، لتشمل قبور أمراء وأعيان من عهدي نقادة 2 ، وكان أهم المدفونين فيها خلال عصر نقادة 3 هو الفرعون العقرب الأول (مقبرة يو- يي)، وكان ذلك بدء استخدام منطقة أم الجعاب كمنطقة لدفن ملوك وأمراء عصر ما قبل الأسرات حتى انتهت خلال الأسرة الثالثة.
وكانت منطقة المقابر خلال عصور مصر القديمة تحت حماية معبود يسمى «خونتامنتي»، ولكن تغير ذلك خلال الأسرة الخامسة بشيوع أسطورة إيزيس وأوزوريس وكذلك عبادة رع، كما اقترن اسم أوزوريس خلال العهود المتأخرة باسم خونتامنتي، وخلال الدولة الوسطى وجدت صور على بعض اللوحات لأعيان الدولة وعليها تقديس أوزوريس، وخلال العصور المتأخرة كانت الناس تحج إلى منطقة أم الجعاب.
المعهد الأثري الألماني
وأول من قام بالحفائر بها (إميل أميلينو) عام 1890 ثم الآثاري البريطاني فلندرز پتري بين عامي 1899 و 1901 ثم المعهد الأثري الألماني منذ عام 1970 وحتى الآن .
4000 لتر من النبيذ
ويشير” إلى ان الاكتشافات السابقة بالمنطقة ومنها مقبرة الملك العقرب الأول وتتكون من 12 حجرة ، تشمل 9 غرف مخازن شرقا من حجرة التابوت موزعة في ثلاثة صفوف ووجدت في حجرات المخازن قوارير نبيذ تتسع ل 4000 لتر من النبيذ.. وكانت على القوارير كتابات “مزرعة الملك العقرب“, كما عثر على نحو 160 من شرائح سن الفيل وشرائح حجرية، مكتوب عليها حروف وكلمات تـشير إليه.. وهي تعتبر أقدم ما عثر عليه في مصر من كتابة .. و إكتشف “فلندرز بتري” مقبرة من حجرتين منفصلتين حجرة التابوت والحجرة الصغيرة كمكان للتخزين.
الملكة ميريت نيث
كما تم اكتشاف مجمع دفن الملكة ميريت نيث من حجرة دفن طول 9م، عرض 6.3م وعدد 41 مقبرة جانبية تقع حول حجرة الدفن، حجرة الدفن محاطة من الجوانب الأربعة بغرفتي تخزين، والملكة ميريت نيث هي والدة هور دن الذي حكم المملكة لعدد من السنوات منذ أن كان طفلًا عندما توفي والده.
أول ملكة
مريت نيث هى ملكة مصرية قد تكون أول ملكة تحكم في تاريخ العالم إذ حكمت مصر وهي من الأسرة الأولى، واختلفت الأراء في ما إذا كانت هي التي قد حكمت البلاد أو أنها كانت زوجة الملك جت لا غير..
يعتبرها علماء الآثار مفتاحًا لحكم ملوك مصر القديمة لمصر في عصر الأسرات، وتشير بعض المخطوطات بأنها ربما حكمت البلاد بمفردها خلال فترة من الزمان .
مركز عبادة نيث
اقترن اسم مريت نيث بالإلهة المصرية القديمة (نيث) معبودة هامة خلال الأسرة الأولى.. معنى اسمها «محبوبة نيث».. كانت مركز عبادة نيث في سايس (حاليًا صان الحجر).. وتجد بعض الآثار وأدوات من عهدها تحمل أسماء أخرى، مثل (نيث حتب) أي نيث راضية و(نخت نيث) ومعناها نيث القوية.
رحلة سياحية دينية مُقدسة
وينوه الدكتور ريحان إلى أن رحلة أبيدوس هى رحلة سياحية دينية مُقدسة كان يقوم بها النبلاء و الأشراف الأوزوريون مُتجهين إلى أبيدوس (إبجو) كما أطلق عليها المصريون القدماء ، أما الاسم الحالي لهذه البلدة فهو العرابة المدفونة بمحافظة سوهاج, حيث يوجد بها مقبرة أوزوريس المعروف بأسم الأوزوريون وكذلك مقابر ملوك الأسرتين الأولى و الثانية وفيها دُفنت رأس أوزيريس.
قوانين الماعت
وكان لهذه الرحلة أهمية بالغة في العقيدة المصرية القديمة لأنها لم تقتصر على الزيارة الدنيوية فقط ، ولكنها امتدت إلى العالم الآخر العالم الأبدي الذي يفوز بها المؤمنون الذين لم يخالفوا قوانين الماعت ، ويقوم الزائرون بالطواف حول المعبد (ما بين السورين) وهذه الزيارة يقوم بها المصري لكي يبرئ نفسه من الذنوب.
حورس سيد الأرض
ومن جانبها تشير الباحثة زينب محمد عبد الرحيم الباحثة في الفولكلور والثقافة الشعبية إلى تعويذة دخول أبيدوس ، والانضمام إلى معية أوزوريس من كتاب الموتى الفصل 138 نصها (يا أيها الآلهة ساكني أبيدوس، المجتمعة بالكامل أقبلوا لمقابلتي مُهللين، وانظروا إلى أبي أوزوريس و أنا في سياقه، أنا المولود منه أنا هذا الحورس سيد الأرض السوداء والصحراء الحمراء) .
كتاب الموتى
وفى الفصل 183 نجد التعبد إلى أوزوريس و تقديم التحية له وتقبيل الأرض أمام (أون نفر) ولمس الأرض أمام سيد البلد المقدس ، حيث يقول الزائر و يردد (لقد أتيت إليك يا ابن نوت أوزوريس الذي يحكم الأبدية أنا من حاشية جحوتي أبتهج من كل ما تقوم به، لقد أحضر إليك النسمة الهادئة من أجل وجهك الجميل ورياح الشمال التي خرجت من آتوم هي من أجلك يا سيد البلد المقدس).
طقوس زيارة أبيدوس
وتضيف ” عبد الرحيم ” أن أهم طقوس زيارة أبيدوس والاحتفال بأوزوريس هي أن يزرع كل مصري شجرة من أجله يأكل من خيرها في العالم الآخر الأبدي ، وتظهر لنا النقوش على جدران المقابر منذ الدولي الوسطى والحديثة بعض الإشارات عن هذه الرحلة المقدسة .
الحج الرمزي
كما يظهر في مقبرة حور محب و باشدو نجد منظر لرحلة ذهاب المتوفىَّ مع زوجته إلى الحج الرمزي في مركب جالسين فيما يشبه المقصورة وأمامهما مائدة قرابين ، ويتقدم مركبهم مركب أخر به عددًا من المجدفين و له شراع كبير ثم رحلة العودة في مركب أخر يتقدمه كاهن يقوم بتقديم الماء الطهور من الآنية و البخور.