بوابة السياحة العربية
©© صدر مؤخرا عن دار اضاءات للنشر والتوزيع أحدث كتب الناقد والكاتب الصحفي محمد رفعت بعنوان – في أدب الأظافر الطويلة ” شذرات من بوح الروائية السعودية” .. يرصد الكتاب رحلة كفاح الروائيات السعوديات .
والعقبات المجتمعية الكثيرة التي استطعن مواجهتها بصبر وإصرار وعزيمة.. حتى ينلن حرياتهن ويعبرن بجرأة وصراحة عن أدق المشاعر الإنسانية، ويخضن بجسارة في حقول الأشواك من خلال تحدي المحظورات وتناول القصص المسكوت عنها، حتى وصلن الى قمة الابداع الأدبي، وحصدن أرفع الجوائز العربية والدولية، ونجحت رواياتهن البديعة في خطف الأنظار، وحظيت باحترام النقاد واعجاب القراء، وحطمت الأرقام القياسية في التوزيع والمبيعات.
ويقول “رفعت” في مقدمة كتابه: “خاضت الأديبات السعوديات معارك شرسة لإجبار الجميع على الاستماع لأناتهن المكبوتة وانتزاع حقوقهن المسلوبة والسير في حقول الأشواك بقصص وروايات تكشف الخبايا والأمور المسكوت عنها”.
ويشير الكاتب فترة الثمانينات من القرن الماضي، ويعتبرها الظهور الحقيقي للرواية السعودية النسوية كنتاج للتعليم الذي انتشر بشكل كبير في البلاد ، وكحتمية منطقية للتحول الاجتماعي والعلمي في المملكة.
ومع بداية حقبة التسعينيات، بدأت تتشكل ملامح شديدة الوهج والخصوصية للرواية النسائية في السعودية، حيث برزت مغامرات روائية أسست لمرحلة جديدة في السرد الروائي السعودي، بما حاولته من تجديد في تقنيات السرد وأساليبه وما سعت إليه من محاورة للواقع، ورصد تناقضاته، وكشف ازدواجية معاييره وفضح مستوره.
ويضيف أنه مع بداية الألفية الثالثة، ظهرت الطفرة الأدبية للرواية السعودية بما فيها الرواية النسوية ، وأصبحت مساحة الطرح الجريء أكثر رحابة ، وفازت الروائية رجاء عالم بجائزة بوكر العالمية ليس بسبب مضمون روايتها (طوق الحمام) بل بسبب مساحة الحرية غير المألوفة في الطرح الأدبي المحلي، فضلاً عن الانتشار الواسع والمبيعات غير المسبوقة التي حققتها بعض الروايات السعودية خلال تلك الفترة.
ويستحق عام 2006م بكل جدارة أن يكون هو عام الطفرة بالنسبة للرواية السعودية النسائية، حيث صدرت خلاله 48 رواية منها 23 رواية كتبتها امرأة سعودية، ومن بينها روايات مؤثرة أثارت الجدل ولا تزال أصدائها تتردد حتى الآن، مثل “بنات الرياض” ل رجاء الصانع ، و”البحريات” أميمة الخميس، و”الآخرون ” ل صبا الحرز ، و”ملامح” ل زينب الحفني ، و”الأوبة” ل وردة عبد الملك ، و”سعوديات” ل سارة العليوي.
واستمرت هذه الطفرة خلال العقد الأول من الألفية الجديدة، حيث صدر في العام 2011 م حوالي 37 رواية منها 24 رواية كتبتها روائيات سعوديات .
نضوج الرواية النسوية
واستمرت الرواية السعودية تطرق موضوعات لم تكن مطروقة من قبل متماشية مع التحولات الكثيرة التي صاحب المجتمع السعودي ، وباتت الرواية أكثر نضجاً في ظل الاهتمام المتصاعد من قبل الجمهور ومن قبل الصحافة التي أفردت الصفحات النقدية والثقافية لهذا الفن الذي بدأ يأخذ بعداً ثقافياً ينحى به بعيداً عن مجرد التأريخ الزمني إلى التأريخ الثقافي ضمن النسق المنطقي لتطور الثقافة النسوية في المملكة العربية السعودية.
اختيار النمط البكائي
ويرى الناقد والكاتب محمد رفعت أنه رغم المكانة الكبيرة التي حققتها الكاتبات السعوديات وخاصة في مجال الرواية والقصة القصيرة، إلا أنهن لم يستطعن حتى الآن التخلص من بعض السمات السلبية التي سيطرت على ما يروينه من حكايات، وأبرزها ذلك التحامل الملحوظ على الرجل وشيطنته، ونزوعهن الدائم نحو محاكمة مجتمع جائر وقعت المرأة ضحيته، وهو ما فرض على الكثيرات منهن اختيار النمط البكائي في استعراض الأحداث وندب الحال الذي تعيشه الشخصية المحورية.
ويلفت النظر الى انه يمكن ملاحظة ذلك التوجه بوضوح شديد في أعمال روائيات ظهرن في حقبة زمانية ما بين الستينات والسبعينات، تعكس أزمة المرأة مثل أعمال “قماشة العليان“، التي تعكس حتى عناوينها ذلك النسق، مثل «بكاء تحت المطر» و«عيون قذرة» و«دموع في ليلة زفاف».
ضياع أحلام المرأة
ويمكن ملاحظة نفس المشاهد والأجواء في روايات الجيل التالي، فهي تحمل ذات الاتهامات للرجل «الغارق في العصبية القبلية أو الدينية، والمتسبب بألم أو ضياع أحلام المرأة»، كما في رواية «هند والعسكر» ل بدرية البشر، حيث تعيش الشخصيات الأنثوية حبيسة حاضرها، بالإضافة إلى تعرضها للاعتداء والتعسف والضرب، بينما تجسد الأم النسيج الاجتماعي المتشدد الذي يحاكم الأفكار التي تغرّد خارج السرب التقليدي.
وظهرت المرأة أيضاً في رواية بدرية البشر «زائرات الخميس»، ضحية التسلط الذكوري إثر الزواج المبكر ، أما في رواية «الفردوس اليباب» ل ليلى الجهني، فنشهد فيها محاكمة شخصية «صبا» التي عانت من مجتمع ذكوري موجع في حدته، وفي رواية «وجهة البوصلة» جسدت نورة الغامدي شخصية «فضة» باعتبارها رمزاً للمرأة الضحية.
روائيات سعوديات حملن هموماً مغايرة
وعلى النقيض من ذلك الاتجاه السائد ، ظهرت روائيات سعوديات حملن هموماً مغايرة، وخاصة الروائية “رجاء عالم“، والتي حرصت على توثيق البيئة المكية أو الحجازية بشكل عام بسردية سحرية تستلهم الماضي، فيما كرست أميمة الخميس نفسها كصوت نسائي يكشف عن عوالم البيوت النجدية في زمن وقعت فيه المرأة ضحية التعسف والتقليد مثل «البحريات» و«الوارفة».