بوابة السياحة العربية
بقلم : أشرف الجداوي
في مصر، يغيب عن دوائر الحكم وأهل الحل والعقد و الرأي والحكمة أن نموذج دمج الوزارات الذي ينجح في دول أخرى ليس بالضرورة صالح للتطبيق لدينا في بر مصر .. اذ ان نجاح الوزارات المدمجة يعتمد بشكل كبير على التعاون الاستراتيجي العميق والرؤية الواضحة بين القطاعات المختلفة، ومدى التنسيق بينها لتحقيق الأهداف المشتركة، دون وجود عقبات روتينية غبية تعرقل الجهود المبذولة للمستقبل.. وأيضا علي مدي أهمية كلا القطاعين في النهاية وأيهما اجدر ان يستوعب الأخر للمصلحة العليا للبلاد .. اما لو كان هذا ” الدمج الجائر ” بين قطاعين عملاقين كالسياحة و الآثار في مصر لا يجوز بالمنطق والعقل يا سادة ، فكلاهما من ضخامة الأعباء بمكان ان تنداح واحدة في الأخرى …
فالسياحة باتت صناعة رئيسية يعول عليها في الدخل القومي للوطن ولها إرادة مستقلة ، والآثار المصرية العظيمة لا يغيب عن الأذهان انها تمثل ثلث آثار العالم ” هبة الله لنا ” و من ثم تحتاج لكيان منفرد متخصص ،و علي رأس هذا الكيان عالما لا تنقصه الحكمة والرؤية الإبداعية للتعريف العالمي بآثارنا الفريدة والمتنوعة عبر سردية ثقافية مغايرة ، لا يمتلك مفاتيحها سوي باحث آثري يلهب بها مشاعر الناس ليسعوا ” فرادي و زرافات ” الي تلك البقعة الساحرة الملهمة من العالم .. هي مصر وكفي يا سادة .
في 2011، خرجت الآثار من عباءة الثقافة وتم تأسيس وزارة للآثار تحت قيادة الدكتور زاهي حواس، أشهر علماء الآثار عالميًا.. وكان وجود وزارة منفردة مطلب عام لجموع الآثاريين ” بح صوت ” العديد منهم في الحقب الماضية لأهمية ان تدار الآثار المصرية برؤية علمية ، نظرا لحجم وضخامة آرث الأجداد و أهميته في تاريخ العالم القديم والحديث ، تبع ذلك تعيين عددا من الوزراء من أبناء المجلس الأعلى للآثار، وهو أمر منطقي نظرًا للطبيعة التخصصية للآثار كعلوم تستلزم خبرات خاصة..
ومن ثم، تولى الدكتور خالد العناني ” عالم المصريات ” الحقيبة الوزارية في مارس 2016 حكومة المهندس ” شريف إسماعيل ، وحقق إنجازات ملموسة في مجالات الاكتشافات الأثرية والترميم وتجديد الصورة الذهنية للآثار المصرية محليًا ودوليًا.
&&&&&&&&&&
رغم تلك الإنجازات المتنوعة في وزارة الاثار بمفردها وتحققها علي أرض الواقع ككيان يستحق الدعم اللامحدود من الدولة ، جاء قرار دمج وزارتي السياحة والآثار دون حوار مجتمعي أو مناقشة بين المختصين والخبراء في كلا القطاعين.
هذا القرار الغريب والمريب في آن واحد أثار تساؤلات حول الفوائد والأضرار الناتجة عن الدمج، وأثره على كفاءة العمل وجودته في كلا الوزارتين. فهل كانت المكاسب في تنشيط السياحة تستحق عناء دمج قطاعين مختلفين تمامًا ؟!
وهل كانت المنجزات من اكتشافات اثرية و عمليات ترميم و البحوث العلمية وخلافه بطول مصر وعرضها بواسطة علماء وخبراء الآثار لا تستحق ان تستمر الوزارة كيان مستقل قراره و خططه بيده لصالح الآثار المصرية وحمايتها و الحفاظ عليها دون تهوين وعبث العابثين بتراث البشرية جمعاء ..سؤال مطروح للمناقشة ؟!
و لا جدال ان علماء وباحثو المجلس الأعلى للآثار يمتلكون خبرات نادرة في إدارة المعارض الخارجية والمشاركة في المحاضرات والندوات العلمية حول العالم. إشادة الزوار من السياح والمتخصصين أيضا بأدائهم تثبت قدرتهم على إدارة شؤون وزارتهم بكفاءة واقتدار. فهم يمتلكون مواهب فريدة في الإبهار وفن السرد، مما يجعلهم الأجدر بالحفاظ على التراث المصري وإبرازه للعالم..
وعلي سبيل المثال لا الحصر كان الدكتور على رضوان ، و الدكتور عبد الحليم نور الدين ، و الدكتور سليم حسن ، و الدكتور أحمد فخري ، و الدكتور مصطفي وزيري .. مع الأخذ في الاعتبار ان هؤلاء القمم من أجيال متفرقة .
يا سادة في النهاية ” إن استمرار دمج وزارتي السياحة والآثار تحت قيادة غير متخصصة في مجال الآثار يخلق حالة من الإحباط بين الأثريين المصريين. ويقلل من كفاءة العمل وجودته و هو العبث بعينه متجردا من المنطق .
لذا، يبدو أن فصل الوزارتين هو الخيار الأفضل ، مع الاستفادة من الكفاءات المتخصصة في كل قطاع على حدة لضمان تحقيق الأهداف بشكل أفضل لصالح البلاد أولا و السياحة ثانيا و الآثار ثالثا .. الا قد بلغت اللهم فاشهد …
#فصل_الوزارات #وزارة_الآثار #وزارة_السياحة #تخصص_الأثريين #كفاءة_العمل #التراث_المصري #السياحة_في_مصر #الحفاظ_على_الآثار #السياحة_والآثار #التنمية_المستدامة #تطوير_القطاعين #الإدارة_العلمية