
المسلة – بوابة السياحة العربية
اليمن – إب
دراسة وثائقية يكتبها للتاريخ – د . عبد الغني اليوسفي
مستشار سياحي
اولا ً: الوحدة اليمنية: من أعماق التاريخ إلى آفاق المستقبل
®® في عمق التاريخ، حيث تتجلى الحضارات وتتآلف الشعوب، تقف اليمن شامخة كشاهد على وحدة متجذرة، لم تكن مجرد حدث سياسي، بل كانت حكاية نسجتها يد الطبيعة وخطتها أقدار الزمان. من آلاف السنين، وقبل أن تُسطر الحروف على الألواح، كانت اليمن تُروى قصتها، قصة أرض توحدت تضاريسها، وتآلفت مياهها، وتمازجت ديمغرافيتها. إنها قصة أمة استمدت قوتها من تفاعلها العميق مع أرضها، فكل وادٍ يروي حكايتها، وكل جبل يحكي أسرارها، وكل نسمة هواء تحمل عبق تاريخها. وفي هذه السطور، سنبحر في أعماق هذه الوحدة، لنكتشف أبعادها الدينية والفكرية والاقتصادية والاجتماعية، ولنرى كيف أن اليمن، بكيانها الواحد، هي تجسيد حي لمعنى الأصالة والترابط.
٢-المصطلحات والتسميات والتعارف :التاريخية والجغرافية والتاريخية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية والدينية للوحدة اليمنية
الوحدة السياسية والإدارية: في الثاني والعشرين من مايو عام 1990م، تجسدت إرادة يمنية راسخة في تحقيق الوحدة التاريخية، لحظة فارقة جمعت شطري الوطن في كيان واحد. هذه اللحظة لم تكن وليدة الصدفة، بل كانت تتويجًا لعوامل عميقة الجذور تمتد في ثنايا التاريخ والجغرافيا والطبيعة اليمنية .
الوحدة المائية
قبل آلاف السنين، ومنذ 10 آلاف عام مضت تحديدًا، شهدت اليمن تقلبات مناخية تركت بصماتها على طبيعتها. وبينما يستشرف العالم مناخًا جديدًا بعد عشرة آلاف عام أخرى بحلول الثاني والعشرين من مايو عام 2025م، تبرز حقيقة أزلية، نظام جريان المياه في اليمن ليس مجرد ظاهرة طبيعية، بل هو آية من آيات الوحدة اليمنية. هذا النظام المائي الفريد يربط أرجاء البلاد، شاهدًا على وحدة الأرض وتاريخية وثقافية وسكان متجذرة.
الوحدة الجغرافية والطبيعية
تتجلى الوحدة اليمنية في أبهى صورها في التنوع التضاريسي الفريد. فالجبال الشاهقة التي تحتضن قممها السماء، تتكامل مع المصبات المائية لتشكل وحدة طبيعية متكاملة. هذه الوحدة التضاريسية والجريان المائي هي الوحدة الطبيعية اليمنية الأولى، قوانين إلهية تؤكد أزلية هذا الكيان الواحد.
الوحدة الديمغرافية
يمتد عمق الوحدة اليمنية ليشمل البعد البشري. فاليمن، بحسب بعض الروايات، كانت مهدًا لأول وجود للجنس البشري على وجه الأرض. وفي منطقة الشرق الأوسط، حيث بدأ العصر الحجري الحديث قبل حوالي 9000 سنة قبل الميلاد، شهدت اليمن بداياته قبل حوالي 7000 سنة قبل الميلاد، مما يشير إلى عمق تاريخي مشترك ووحدة ديمغرافية ضاربة في القدم.
الوحدة الدينية لليمن
تتجسد الوحدة الدينية في اليمن من خلال تمسك أهلها بالإسلام، حيث أن اليمن كانت من أوائل البلدان التي اعتنقت الإسلام . وقد وردت العديد من الأحاديث النبوية الشريفة التي تتحدث عن أهل اليمن وفضلهم . منها قول الرسول صلى الله عليه وسلم: “الإيمان يمانٍ والحكمة يمانية”، هذه الأحاديث النبوية تعكس مكانة اليمن وأهلها في الإسلام . وتؤكد على عمق الارتباط الديني الذي يوحد قلوبهم .
الوحدة الفكرية والثقافية
تتجسد الوحدة الفكرية والثقافية في اليمن في نسيج غني من التراث المشترك الذي يربط أبناء الوطن . اللغة العربية هي العمود الفقري لهذه الوحدة، فاللهجات اليمنية المختلفة تتآلف لتشكل لغة واحدة مفهومة للجميع . والأدب اليمني، سواء كان شعرًا أو نثرًا، يعكس آمال وطموحات وآلام اليمنيين على مر العصور، ويشكل مرآة لوحدتهم الفكرية .
الوحدة الاقتصادية
تاريخيًا، قامت الوحدة الاقتصادية في اليمن على أسس متينة، حيث كان الموقع الجغرافي لليمن على طريق التجارة القديم يربطها بالعديد من الحضارات . مما أثرى اقتصادها وجعلها مركزًا تجاريًا مهمًا، وكانت الزراعة المعتمدة على نظام الري الفريد، وخاصة زراعة البن، ركيزة أساسية للاقتصاد اليمني ووحدته . كما أن التنوع الجغرافي في اليمن، من السواحل إلى الجبال، أوجد تكاملاً اقتصاديًا بين المناطق المختلفة . فالمناطق الزراعية تنتج الغذاء، والمناطق الساحلية توفر الموارد البحرية، مما يعزز تبادل السلع والخدمات ويوحد المصالح الاقتصادية لأبناء اليمن .
الوحدة الاجتماعية
تتجلى الوحدة الاجتماعية في اليمن في النسيج الاجتماعي المتماسك، حيث تتداخل القبائل والأسر والألقاب والقرى لتشكل مجتمعًا واحدًا تربطه عادات وتقاليد مشتركة . التكافل الاجتماعي والروابط الأسرية القوية هي سمة أساسية في المجتمع اليمني . فاليمنيون يدعمون بعضهم البعض في أوقات الشدة والرخاء، ويتقاسمون الأفراح والأحزان . هذه الروابط الاجتماعية المتينة تعزز الانتماء للوطن ، وتؤكد على عمق الوحدة بين أبنائه . وتجعل من اليمن مجتمعًا متماسكًا على الرغم من التحديات .
الثقافة اليمنية
أما الشعر والغناء في اليمن فهما ركنان أساسيان في الثقافة اليمنية، حيث تنتشر الألوان الغنائية المتنوعة من شمالها إلى جنوبها . وتُعرف ألوان غنائية وموسيقية خاصة مثل الدان الحضرمي والملالات (في عدن تعز إب )والبلبلة في مناطق أخرى . ورغم اختلاف أنماطها، إلا أنها جميعًا تعبر عن وجدان واحد ومشاعر مشتركة، وتساهم في تعزيز الترابط الثقافي بين أبناء اليمن.
الذكرى الخامسة والثلاثين للوحدة
في الذكرى الخامسة والثلاثين للوحدة اليمنية، في الثاني والعشرين من مايو عام 2025م. لا نستذكر فقط لحظة تاريخية، بل نستحضر وحدة متأصلة في الجغرافيا والمناخ والنظام المائي والتضاريس والبشر. إنها دراسة حالة فريدة تؤكد أن الوحدة اليمنية ليست مجرد قرار سياسي، بل هي تجسيد لتفاعل عميق بين الإنسان والأرض عبر ملايين السنين!!
ثانياً:-الوحدة السياسية والتاريخية اليمنية :امتداد للوحدة الجغرافيا والطبيعية والمائية(٢)
اليمن وحدة تاريخية وجغرافية
تُعد اليمن كيانًا جغرافيًا وتاريخيًا موحدًا بامتياز، حيث تتشابك تضاريسها الطبيعية ومواردها المائية لتشكل نسيجًا واحدًا يربط بين أبناء شعبها. هذه الوحدة الجغرافية والطبيعية هي امتداد طبيعي لوحدتها التاريخية والسياسية التي صمدت عبر العصور.
لقد أثبتت التجارب أن تجزئة اليمن إلى كيانات شمالية وجنوبية، أو شرقية وغربية، لم تكن يومًا حلًا لمشكلاته، بل زادتها تعقيدًا وأوغلت بها في دوامة الصراعات.
لماذا إذًا ظهرت فكرة تقسيم اليمن؟ وما هي أبعادها التاريخية و مخاطرها المستقبلية التي تهدد استقراره وازدهاره؟
هذا النص يستعرض جذور فكرة تقسيم اليمن التاريخية، ومراحلها، ومخاطر استمرارها، مؤكدًا على الحاجة الملحة للوحدة.
٣-السؤال المركزي أو المشكلة:
س. لماذا ظهرت فكرة تقسيم اليمن؟ وما هي أبعادها التاريخية ومخاطرها المستقبلية؟
أسباب ومخاطر تقسيم اليمن
ا)-السياق التاريخي: جذور التقسيم
قبل التدخلات الأجنبية، استقرت الإمامة الزيدية كقوة مهيمنة في المرتفعات الشمالية لليمن بعد طرد العثمانيين عام 1635م، مما عكس نوعًا من التماسك الذاتي في تلك المناطق. لكن مع دخول القوى الأجنبية، بدأت ملامح التقسيم تتضح:
• الحقبة العثمانية الأولى (1538-1635م): دخل العثمانيون عدن عام 1538م، وبسطوا نفوذهم على عدن وتهامة، مما أوجد تواجدًا تركيًا في أجزاء من اليمن.
• الاستعمار البريطاني في الجنوب (بدءًا من 1839م): احتلت بريطانيا عدن عام 1839م، وامتد نفوذها تدريجيًا على المناطق الجنوبية الأخرى.
شهدت هذه الفترة تخطيطًا بريطانيًا منهجيًا لتقسيم اليمن بدأ في مطلع القرن العشرين (1900-1905).
هدف هذا التخطيط إلى ترسيخ النفوذ البريطاني وتقويض أي محاولة لتوحيد اليمن، من خلال بروتوكولات واتفاقيات مع الزعامات المحلية في الجنوب.
• ترسيم الحدود والاتفاقيات الدولية:
–في عام 1914، تم التوقيع على “الاتفاقية الإنجليزية التركية بشأن حدود عدن” لترسيم الحدود بين ولاية اليمن العثمانية ومقاطعات عدن التسع الخاضعة للنفوذ البريطاني. عُرف هذا الخط باسم “الخط البنفسجي”.
–في 11 فبراير 1934م، تم التوقيع على “صلح الصداقة والتعاون المتبادل بين اليمن وبريطانيا” في صنعاء. نصت المعاهدة على اعتراف بريطانيا باستقلال ملك اليمن، الإمام، استقلالًا كاملًا، لكنها أجلت البت في مسألة الحدود اليمنية، مما أبقى الباب مفتوحًا لتعقيدات مستقبلية.
ب)-أسباب ومراحل تقسيم اليمن
أسهمت فكرة تقسيم اليمن، التي بدأت تتجلى بوضوح مع الاحتلال البريطاني والتخطيط المسبق للتقسيم، في نشأة كيانين منفصلين. لقد توزعت اليمن في عهد الإمامة الزيدية والاحتلال العثماني في الشمال، والاحتلال البريطاني في الجنوب. هذا التوزع الجغرافي والسياسي قاد إلى تشكيل دولتين منفصلتين: دولة شمالية وأخرى جنوبية، مما رسخ الانقسام بين أبناء البلد الواحد.
جـ)- مخاطر التجزئة المستمرة
إن محاولة فصل الجنوب عن الشمال، على سبيل المثال، أفرزت تقسيمات داخلية جديدة؛ حيث يطالب أبناء حضرموت بدولة مستقلة خاصة بهم، رافضين الانضواء تحت لواء “الجنوب” الموحد. ولن يتوقف الأمر عند هذا الحد؛ فمن المتوقع أن تتوالى المطالبات بالانفصال، لتشمل المهرة و سقطرى، بل وقد يطالب سكان سقطرى بدولة مستقلة خاصة بهم.
هذا التفتيت يُنذر بعودة “سلطنات الجنوب” و”ممالك الشمال”، وظهور دويلات قائمة على أسس مذهبية كالدولة الشافعية والزيدية.
إن ترسيم الحدود في هذه الحالة سيكون محفوفًا بالصعوبات، وقد تشهد اليمن صراعات داخلية لعقود، على غرار ما حدث قبل الوحدة بين شطري اليمن لأكثر من عشرين عامًا.
د)-أهمية الوحدة: ضمان الاستقرار والازدهار
إن اليمن، بتاريخه العريق ونسيجه الاجتماعي المتماسك، يجب أن يظل بلدًا واحدًا موحدًا. إن محاولات تقسيمه لن تؤدي إلا إلى تفتيت هذا النسيج، وتحويله إلى “شظايا” يصعب لملمتها.
فالتاريخ الحديث، وتحديدًا ما بين عامي 1900 و2000، يشهد على أن التجزئة لم تجلب سوى الحروب والصراعات.
إن الحفاظ على يمن موحد وقوي، شمالًا وجنوبًا، شرقًا وغربًا، هو الضمان الوحيد لاستقراره وازدهاره.
إن تقسيم هذه “الصخرة” يعني تحطيمها إلى أجزاء صغيرة لا يمكن التعرف على شكلها النهائي. لذا، يجب علينا جميعًا رفض أي دعوات للتقسيم، والعمل على تعزيز الوحدة الوطنية، ليبقى اليمن شامخًا وموحدًا.
٥- توصيه لكل يمن يحب اليمن :- #الجميع يعرف من قسم اليمن ؟ #الجميع يعرف تماماً من باع اليمن ودفع الثمن،#ويعرف من حمل للشعب الكفن ؟ #ومنأفواههم تعرف قادم الزمن .#قلبصدق ياشعب {اليمن } #لا الاستعمار وأذياله؟نعم لوحدة وطن ..!
٦-خاتمة: اليمن: وحدة واحدة باقية على مر العصور
في الذكرى الخامسة والثلاثين للوحدة اليمنية، في الثاني والعشرين من مايو عام 2025م، لا نقف عند مجرد استعادة لحظة تاريخية، بل نحتفي بوحدة خالدة، راسخة في صميم الأرض والإنسان.
إنها شهادة حية على أن اليمن ليست مجرد رقعة جغرافية، بل هي كائن حي يتنفس الوحدة عبر مسام تاريخه الطويل.
من جريان مياهها التي تربط أطرافها، إلى جبالها الشاهقة التي تحتضن قممها السماء، مرورًا بعمقها الديمغرافي وأصالتها الدينية، وصولًا إلى نسيجها الثقافي المتنوع ووشائجها الاجتماعية المتينة، تتجلى الوحدة اليمنية كدرس بليغ في التماسك والأصالة.
فاليمن، بوحدتها، ليست نهاية مطاف، بل هي نقطة انطلاق نحو مستقبلٍ مشرق، مبنيٍ على أسسٍ عميقة من التراث والتلاحم.
إنها دعوة للتأمل في قوة الاندماج، وتأكيد على أن المصير المشترك هو خيط يربط الأجيال، ويصوغ لوحة اليمن الخالدة، وحدةً أزليةً لا تزول مع تقلبات الدهور.
*ملاحق تاريخية :
تواريخ واحداث مهمة :
1517 م – 2014 م: الفترة الزمنية التي يغطيها الفصل الثالث من النص.
1538 م: دخول العثمانيين إلى عدن بقيادة خادم سليمان باشا .1538 – 1635 م: الحقبة العثمانية الأولى في اليمن.
1547 م: سيطرة القوات العثمانية على صنعاء.
1564 م: تولي رضوان باشا إيالة اليمن
1567 م: اجتياح المطهر لصنعاء ومقتل مراد باشا.
1572 م: وفاة الإمام المطهر.
1583 م: اقتحام العثمانيين لصنعاء وصعدة ونجران.
1585 م: اعتقال الإمام الحسن ونفيه إلى تركيا.
سبتمبر 1597 م: بدأ الإمام المنصور بالله القاسم بحشد الأنصار لقتال العثمانيين.
فبراير 1620 م: وفاة الإمام المنصور بالله القاسم.1627 م: معظم اليمن (باستثناء الموانئ) تخلص من حكم العثمانيين.
مارس 1632 م: أرسل الإمام المؤيد بالله جيشًا للسيطرة على مكة.
1634 م: استعادة الإمام المؤيد لزبيد.
1635 م: طرد العثمانيين من معظم أنحاء اليمن.1635 – 1839 م: فترة حكم الإمامة الزيدية (الدولة القاسمية).من اهم الأسباب .
1839 م: احتلال بريطانيا لعدن.
• 1900 – 1905: بداية رسم بريطانيا لبروتوكولات الحدود مع عملائها المحليين.
1914: توقيع “الاتفاقية الإنجليزية التركية بشأن حدود عدن
#اليمن #الوحدة_اليمنية #22مايو #اليمن_واحدة #التاريخ_اليمني #وحدة_اليمن #وثائقي_الوحدة #عبدالغني_اليوسفي #اليمن_تاريخ_وحضارة #لا_لتقسيم_اليمن #الإيمان_يمان #الحكمة_يمانية #الوحدة_مصير_شعب #اليمن_أرض_واحدة #الهوية_اليمنية #السيسي #دراما_رمضان #الاهلي #الزمالك #مصر #العراق #السعودية #الوطن_العربي