القطاع السياحي في مرحلة متقدّمة من التدهور
بيروت "المسلة" …. لم تعد الصرخات التحذيرية التي تطلقها النقابات السياحية حالياً أمراً غريباً بالنسبة إلى المسؤولين، فالمراحل العصيبة التي مرّ ويمر فيها القطاع لم تثنِ القيمين عليه عن إطلاق مبادرات لإنقاذه. وقد قرّرت هذه النقابات القيام بجولة على المعنيين لحثّهم على اتخاذ الإجراءات الكفيلة بتسهيل الأمور السياحية، ريثما تتحرّك عجلتها مجدداً.
لا تزال قنوات التواصل بين المعنيين في القطاع السياحي ووزارة السياحة مفتوحة على مصراعيها، إذ ترى هذه الأخيرة أنَّ المطالب التي تقدّمها النقابات يجب أن تكون واضحة، مفصّلة وهادفة، فيغدو التعاون بينها وبين هذه الاطراف عملياً، وتالياً أكثر جدوى. وفي وقت تُظهر فيه الوزارة استعدادها للتجاوب مع الأصوات المطالبة بحلول ولو آنية للقطاع، يبدو أنَّ النقابات ستضعها أمام تحدّ جديد ستظهر فاعليته في المدى المنظور.
الارقام مقبولة نسبياً
يشير وزير السياحة ميشال فرعون لـ "النهار"، أن "الأزمة التي مسّت القطاع بدأت في أيلول الماضي، مصحوبة بأزمة النفايات بعدما اضيفت اليها الأزمة السياسية، مما ساهم في تقييد نموّه، علماً أنَّ الأرقام المسجّلة هذه السّنة كانت مقبولة نسبياً، بدليل أنَّ المصروف السياحي ارتفع في تموز الفائت 48%".
ويلفت الى أن التدهور عاد إلى الواجهة مع ظهور أزمة النفايات بدءاً من تموز المنصرم، ما أدى الى تعاظم المسؤولية الملقاة على عاتق الوزارة. وإذ يرى أنَّ الإمساك بالوضع الأمني وضع حداً للعمليات الإرهابية، يؤكد أن حلّ أزمة النفايات من العوامل القادرة على حل مشكلة مهمة من مشاكل القطاع ويؤدي تالياً الى تعزيز وضعه، علماً أنَّ أبواب الوزارة مفتوحة دائماً أمام المبادرات الإصلاحية.
تعتزم النقابات السياحية القيام بجولة على المعنيين، بهدف حضّهم على تسهيل أمور القطاع حيال التأشيرات وتوفير رزم سياحية تجذب السياح إلى لبنان بأسعار معقولة جداً. وكانت هذه النقابات قد عقدت في وقت سابق مؤتمراً صحافياً، أطلقت من خلاله صرخة مدوّية، وشرحت الخطة الإنقاذية التي وضعتها، والتي لم تعد تتطلّب إلاّ قيام السلطات بتنفيذها.
ويقول الأمين العام لاتحاد النقابات السياحية جان بيروتي لـ"النهار"، "إنَّ عدم توفير أسواق سياحية نحو لبنان سيؤدّي إلى تدمير القطاع"، مستشهداً بالدولة التركية التي تدعم السياحة، فتستقطب بذلك أعداداً هائلة من السياح إلى ربوعها. ويلفت الى أن لبنان كان يستقطب في السابق نحو 10000-15000 سائح أردني شهرياً، لكن هذا الرقم ما لبث أن هبط حالياً إلى زهاء 3 آلاف، بفعل تعذّر وصول هؤلاء من سوريا عبر البر وارتفاع أسعار التذاكر.
وفيما أظهرت دراسة أعدّتها إحدى جامعات مونتريال في كندا، أنَّ أهم مقوّمات السياحة تكمن في تسهيل إعطاء التأشيرات واسعار تذاكر السفر، يلفت بيروتي إلى أنَّ المشكلة في هذا المجال لا تتعلّق بالتأشيرات، بل بتخصيص طائرات تتوجه مثلاً من المغرب، تونس، مصر أو الأردن مثلاً، تتيح للسياح إمضاء عطلة نهاية الأسبوع في لبنان بأسعار مخفضة. ويشير إلى انعدام السياحة الأوروبية، التي تحصل عادة خلال فصلي الربيع والخريف، مؤكداً أنَّ النجاح في زيادة أعداج الوافدين إلى لبنان قد يساهم أيضاً في زيادة الإستهلاك الداخلي، فتعمد الأسواق اللبنانية إلى شراء المنتجات المحلية بدلاً من إيجاد أو ابتكار طرق لتصديرها إلى الخارج.
وختم بيروتي بأنَّ القضاء على القطاع ستكون له تبعات في المدى البعيد، خصوصاً أنَّ الخروج من دائرة الهزيمة سيتطلّب وقتاً طويلاً قد يصل إلى 10 سنوات.
من جهته، يؤكد نقيب أصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي والباتيسري طوني رامي لـ"النهار"، أن السياحة "وصلت إلى مرحلة باتت تشبه فيها خراناً فارغاً بحاجة ماسّة إلى الهواء"، معتبراً أنَّها المرة الأولى التي يصل فيها القطاع إلى هذه المرحلة المتقدّمة من التدهور، لذا "من المهم جداً وضع المعنيين أمام مسؤولياتهم في هذا المجال".
ومع غياب اللبنانيين المغتربين، الخليجيين والأوروبيين، وارتفاع أسعار تذاكر السفر إلى لبنان، لا يخفي الرامي أنَّه غير متفائل، "خصوصاً أنَّ الاقتصاد لم يعد يشكّل أولوية… ربما".