Al Masalla-News- Official Tourism Travel Portal News At Middle East

باحثة تكشف عن جماليات التصوير الجدارى بدير السريان بوادى النطرون

باحثة تكشف عن جماليات التصوير الجدارى بدير السريان بوادى النطرون

 

 

 

 

كتب د. عبد الرحيم ريحان

القاهرة – المسلة – يقع دير السريان مع دير الأنبا بيشوى فى المنطقة الواقعة بين دير البراموس ودير الأنبا مقار ويبعد عن الرست هاوس مسافة 12 كيلومتر ويعد هذا الدير من أصغر أديرة وادى النطرون من حيث المساحة إذ تبلغ مساحته فدانا وثلاث عشر قيراطا ويعتبر دير السريان ذات أهمية أثرية وفنية كبيرة لما يحتويه من كنوز أثرية وفنية متمثلة فى أيقونات وتصوير جداري بالكنائس الأثرية ومشغولات خشبية وغيرها.. وقد قامت الباحثة سلفانا جورج عطاالله مفتشة آثار بمنطقة آثار الإسكندرية بدراسة آثارية ترصد جماليات اللوحات الجدارية بالدير تحت عنوان "التصوير الجداري للخورس الأول بالكنيسة الآثرية بدير السريان بوادى النطرون."

 

وتشير الباحثة سلفانا جورج إلى رؤية الباحثين لدير السريان على أنه على شكل فلك نوح حيث استندوا فى ذلك الرأى إلى النسبة بين طول الدير وعرضه مثل النسبة بين طول السفينة وعرضها هذا بالإضافة إلى أن مقدمة الدير من الناحية الشرقية تشبه مقدمة المركب وأيضا ارتفاع الحصن يعطى للدير رمز الفلك ويحتوى هذا الدير بداخله على ثلاث كنائس أثرية وهم كنيسة السيدة العذراء السريان وهى الكنيسة الرئيسية التى سمى الدير باسمها وكنيسة الأربعين شهيدا وكنيسة المغارة للسيدة العذراء.

 

 

 

 

 

 

 


وهو دير خاص بالأقباط الآرثوذكس ويقع بوادى النطرون بمحافظة البحيرة 500 م من الشمال الغربى لدير الأنبا بيشوى، وقد كرس للسيدة العذراء مريم ويحمل إسمها كشاهد عملى على موقف الرهبان من مجمع خليقدونية، أو يكون تخليدا لتقليد متوارث بأن العائلة المقدسة قد زارت برية شيهيت أثناء إقامتها فى مصر ، إلا أنه حاليا يعرف بدير السريان لأنه كان يستخدم بشكل رئيسي من قبل الرهبان السريان ويعود نشآته إلى القرن السادس الميلادى.

 

كنيسة السيدة العذراء


يذكر الرحالة ألفريد بتلر أن الكنائس المصرية على طول وادى النيل عرفت تزيين الكنائس بصور القديسيين والملائكة بل كان هذا الأمر شائعا أيضا فى كنائس الأديرة بالصحارى وأنه شاهد أمثلة لتلك الصور الجدارية فى أديرة السريان والأنبا بيشوى والبراموس.

 

 

 

 

 

 

 

 


وتصف الباحثة سلفانا جورج كنيسة السيدة العذراء بالدير التى تقع فى الجانب الجنوبي الشرقي للحصن وتعتبر من أقدم وأروع كنائس الأديرة لما تحتويه من أيقونات ورسومات فريدة وأبواب أثرية وفرسكات موضوع البحث ويرجع تاريخ بنائها إلى منتصف القرن السابع الميلادى ،وتتميز فريسكات الكنيسة بألوانها الإبداعية والمتميزة وهى على الطراز البازيلكي مكونة من صحن الكنيسة وجناحين، بالإضافة إلى رواق مستعرض في نهاية الكنيسة ،وحتى عام 1988 كشف عن ثلاث رسوم جدارية بالكنيسة مرسومة فى أنصاف قباب اثنين بالخورس الآمامى ،والثالث فى نهاية صحن الكنيسة ويعودوا إلى القرن الثالث عشر الميلادى.

 

البشارة


تصف الباحثة سلفانا جورج رسم جداري بنصف القبة الجنوبى يمثل بشارة الملاك غبريال للعذراء مريم بالحبل المقدس والميلاد ذاته للسيد المسيح وأسلوب صناعتها مسبوكة بالشمع القرن 13 م مقسم إلى قسمين الأول من يسار الرسم ،ويظهر موضوع البشارة من خلال وقوف رئيس الملائكة غبريال بصورة جانبية وهو ملاك مجنح أحد يديه ليشير بالتحية والسلام تجاه السيدة العذراء ،ويظهر من ملامح الوجه التأثر بالفن البيزنطى ويحيط بالرأس هالة ويرتدى الملاك جلبابا فضفاضا باللون الأصفر ويعلوه العباءة باللون الأحمر وفي مقابل رئيس الملائكة تجلس السيدة العذراء بشكل أمامى ويظهر خضوعها للبشارة من خلال ملامحها واندهاشها من أمر البشارة وهى رافعة أحد يديها تجاه ذقنها ،وتظهر السيدة العذراء برداء فضفاض باللون الاخضر وفوقه برنس أحمر مفتوحا بثنيات بسيطة ويعلو رأسها غطاء أحمر اللون والهالة تحيط برأسها ، ويظهر خلف السيدة العذراء مبنى الهيكل التى كانت تصلي فيه وهو عبارة عن مبنى بقبة صغيرة ومدخل مقوس.

 

 

 

 

 

 

 

 

الميلاد

تشير الباحثة للمشهد الثانى بالجدارية وهو مشهد الميلاد للسيد المسيح عليه السلام ويتوسط المشهد السيدة العذراء وتحيط الهالة برأسها وتضع يدها اليسرى على ركبتها والآخرى علي صدرها فى حين يظهر طفلها ملفوفا بقطع من القماط وموضوع على مزود فوق تلة صخرية، ونجد الملائكة تعلن الخبر السار من خلال ظهور الملائكة فى أعلى الجدارية وخلفية الأرضية وراءهم زرقاء اللون لترمز إلى السماء، ونقرا كتابات سريانية "المجد لله فى الأعالى وعلى أرض السلام وبالناس المسرة"، وبالقرب من السيدة العذراء نجد القديس يوسف النجار وإن كان هذا غير واضح فى الرسم الجداري نتيجة لتساقط إجزاء من الرسم الجداري، وفى أقصى يمين الرسم يظهر المجوس الثلاثة وعلى رؤوسهم تيجان ذهبية ويقدمون هداياهم ،أما الزاوية اليسرى فيظهر الرعاة وأحدهما يلعب بآلة الفلوت الموسيقية وعلى حسب التقليد القديم للأيقونة الكنسية تعكس هذا الرسم تنوع الأعمار فى الحياة فيمثل الشيخوخة فى القديس يوسف والشباب فى الرعاة ،والنضج فى المجوس.

 

 

 

 

 

 

 

 

القديس مرقوريوس


تشير الباحثة سلفانا جورج إلى تصوير جداري بالحائط الشرقى الجنوبى بالكنيسة الآثرية يمثل القديس مرقوريوس بوسيفين وهو يطعن برمحه الإمبراطور يوليانوس بأسلوب الفريسكو ،ويظهر القديس مرقوريوس في التصوير فارسا يمتطى جوادا أبيض وحول رأسه الهالة النورانية ،وعلى جانبي الهالة حروف بالقبطية ويرتدى ملابس بيضاء فضفاضة تظهر الكثير من ثنياياتها، وحول وسطه حزاما أحمر اللون ويمسك بيده رمحا في نهايته صليب، ويظهر وهو يطعن شخصا راكعا تحت قدم الحصان ورافعا يديه بوضع الاستسلام ،وعلى رأسه تاج وهالة بيضاء ويرتدى رداءا ابيض وفوقه الشملة ،وقد أظهرالفنان دقة التفاصيل فى الجواد من حيث حركة قدميه والسرج وملامح الوجه، كما نرى من خلال الشعر القصير لكل من القديس والإمبراطور التأثير اليونانى الرومانى.

 


 القديس الطبيب


 تصف الباحثة سلفانا جورج تصوير جدارى للقديس مارقلته الطبيب وهو يقوم بإجراء عملية جراحية على الجزء الأوسط للحائط القبلى للكنيسة الأثرية بالفريسكو نويظهر القديس مارقلته جالسا على كرس صغير مصنوع من الخشب يتوسط جنبه الأكامى صليب من الخشب ويتخلله أرابيسك باللون الأبيض ،ونرى القديس حول رأسه الهالة النورانية وذا شعر قصير وذقن متوسطة مما يعكس تأثير فن بيزنطى ويرتدى رداءا أحمر اللون وفوقه الشملة بيضاء اللون رافعا إحدى يديه بآلة طبية ليفحص بها عين شخص آخر واضعا يده الأخرى على كتف المريض الماثل أمامه بوضع جانبى، وينحنى أمام الطبيب ويرتدى رداءا فضفاض أحمر اللون وفوقه وشاح ذهبى ،ويقف شخص ثالث بعيدا قليلا يبدو أنه مريض منتظر الفحص ،وقد صور بشكل أمامى ذو شعر قصير ويرتدى تونك أحمر وفوقه شملة ذهبية اللون.

 

 

 

 

 

 

 

 


كما يظهر بمنتصف أعلى الصورة دولاب مفتوح مكون من رفين بهما زجاجات ذات ألوان مختلفة، ربما تشير إلى الأدوية التى يستخدمها الطبيب فى علاج مرضاه ويعلو هذا الدولاب فرنتون مثلث مغلق..ويحيط التصوير من أعلى إفريز من الزخارف النباتية ومن أسفل إطار من خطين أحمر اللون بداخله صف من المثلثات البيضاء وبداخل كل مثلث زخارف نباتية.

 


القديسيين الأطباء قزمان ودميان


تشير الباحثة سلفانا جورج للقديسين الأطباء قزمان ودميان بالفرسكو وتصور القديسيين واقفين بشكل أمامى وحول يرتدون الرداء والشملة بألوان بيضاء وحمراء ،وتظهر بها الكثير من الثنايات على الرغم من أنها ملابس فضفاضة وكل من القدسيين ذا شعر قصير وذقن قصيرة مهذبة ،ويحيط برأس كل منهما حروف يونانية تدل على إسميهما ويحمل كل قديس في يديه وعاءا إسطوانيا أحدهما أبيض والآخر أحمر اللون يشير إلى خزانة الأدوية ،ويمسكان أيضا بآلة طبية على شكل معلقة تستخدم فى التشخيص الطبى.

 

الفن القبطى


من خلال دراسة الرسوم الجدارية بالكنيسة التى تم عرضها بالبحث استنتجت الباحثة سلفانا جورج أن الفنان القبطى منذ القرن السابع الميلادى كان يجسد موضوعات دينية مرتبطة بحوادث تاريخية بالعهد الجديد مرتبطة بالسيد المسيح والسيدة العذراء، أو تصوير القديسيين باعتبارها موضوعات يجب تصويرها بداخل الكنائس والأديرة للتذكير بتلك الأحداث التاريخية المهمة ،وكذلك من خلال تصوير القديسيين وحياتهم يوضح درس تعليمى هام للأقباط ..كما اهتم الفنان القبطى بتصوير فرسان يمتطون جيادهم وهو تأثير مصرى قديم حاول من خلالها الفنان تذكير الناظر لتلك الرسوم بحياة هؤلاء القديسيين، وما فيها من معاناة كما يشير لانتصار المسيحية على الوثنية فى فترات الاضطهاد الرومانى.

 

وكان لاستقرار دعائم الديانة المسيحية فى العالم الرومانى منذ القرن الرابع الميلادى أكبر الآثر على الفن القبطى، حيث أن انتشار المسيحية بين طبقات الشعب كان عاملا رئيسيا فى انهيار الفن الإمبراطورى وظهور فن شعبى ينتمى لقوميات متنوعة ،وكان الفن القبطى أحد تلك الفنون القومية التى بدأت تظهر فى الإمبراطورية الرومانية مع نهاية القرن الثانى الميلادى، واستمر حتى يومنا هذا حيث سيطر عليه التفكير الشعبى والتأثير الدينى للديانة الجديدة من حيث الموضوع أو الأساليب الفنية ،وقد تأثر فى القرون الأولى بالفنون السابقة ولكن عقب الاعتراف بالمسيحية بدأ الفنان المصرى يبتكر موضوعات جديدة ،واستقر على أسلوب الواقعية واتضح ذلك جليا فى التصوير الجدارى خاصة بدير السريان حيث عكس فترات زمنية متفاوتة وموضوعات متعددة.

 

 

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله