تحرير الجمعيات العلمية من قبضة السلطة بقلم : د. خالد عزب
بقلم : د. خالد عزب
يمثل ما حدث معي بعد انتخابي لعضوية مجلس أدارة الجمعية المصرية للدراسات التاريخية من طلب الأمن الوطني عن طريق وزارة التضامن الاجتماعي استبعادي من عضوية مجلس إدارة الجمعية علي الرغم من كوني عضوا منتخبا وعلي الرغم من عدم قانونية الطلب ، تساؤلات مثيرا للدهشة ، اذ ما هو الخطر الذي لشكله علي الأمن الوطني لمصر كعضو في مجلس إدارة الجمعية المصرية للدراسات التاريخية ؟ في حقيقة الامر القضية هنا ليست قضية شخصية بقدر ما هي قضية وطنية تتطلب حتمية مراجعة تبعية الجمعيات العلمية لوزارة التضامن الاجتماعي ، الامر الذي بدا مع الحقبة الناصرية ، التي اتجهت الي تأميم الحياة العامة في مصر ، وظل الامر قائما الي الان ، واثبت فشله عاما بعد عام ، فشلا ذريعا ، اذ جمد هذا الجمعيات وأعاقها عن التفاعل مع مثيلاتها علي المستوي الدولي والاقليمي ، بل وأعاقب برامج البحث العلمي بها ، وأعاقب بناء موارد لها ، فالجمعيات العلمية تساوي لدي الدولة جمعيات دفن الموتى ورعاية الأرامل والمطلقات والجمعيات الأخرى في حين ان طبيعة العمل والأهداف مختلفة والعمل مختلفة ، في وقت كانت اسرة محمد علي تضع هذه الجمعيات تحت المسؤولية المباشرة لها ، حتي راس الامير احمد فؤاد الملك فؤاد لاحقا ، الجمعية الجغرافية ، وقدم السلطان حسين كامل دعما للجمعية الزراعية وكذلك الامير عمر طوسون والأمير يوسف كمال ، حتي غدت في عصرهم قطرة من قاطرات البحث العلمي في مصر ورعاية الباحثين من الشباب والكبار ، وكانت ساحة لتبادل الخبرات ونقلها .
اذا ارادت مصر نقله نوعية لابد من استصدار قانون خاص ينقل تبعية الجمعيات العلمية من وزارة التضمن الاجتماعي الي وزارتي الثقافة في مجال الدراسات الإنسانية والبحث العلمي في مجال الدراسات التطبيقية ،علي ان يكون القانون الجديد كأفلا بمرونة اكبر لهذه الجمعيات في حركتها ،سواءفي الدعم المالي او في تلقي المنح والهبات او التبرعات او المشاركة في مشروعات بحثية دولية او أقنى شراكات دولية وغير ذلك ، حتي تستفيد مصر من نقل تكنولوجيا المعلومات والجديد في كافة مجالات المعرفة ، ان الكارثة التي كانت تحدث في مصر كانت هي تهديد الاتحاد الدولي للرياضيات بطرد الجمعية المصرية للرياضيات من عضوية الاتحاد لولا تدخل مسؤول رفيع المستوي في اخر لحظة .
بل انه لولا الشيخ الدكتور سلطان القاسمي لكانت الجمعية المصرية للدراسات التاريخية بلا مقر بعد ان صدر قرار ازالة بمقرها الاول في وسط القاهرة ،وحتي موظفي وزارة التضامن الاجتماعي لديهم روح عدائية تجاه الجمعيات العلمية ، والا لماذا يمنعون الدعم المقدم من إدارة الجمعيات في هيئة قصور الثقافة للجمعية التاريخية .
بل ان الامر وصل الي درجة الاعتداء من قبل بعض الاشخاص علي وقف الجمعية الجغرافية بتواطؤ من بعض موظفي وزارة التضامن وهيئة الأوقاف الا ان الجمعية استردت الوقف بعد معركة طويلة في ساحات القضاء الذي أنصفها من هذا العدوان
.
ان حراك هذه الجمعيات امر حيوي لمستقبل مصر ،فهل يدرك الأمن الوطني ذلك ، وهل يدرك الفرق بين الجمعيات الاجتماعية التي تستغل من قبل قوي الارهاب والتطرف ،والجمعيات العلمية التي دورها بحثي علمي لا شك ان الدولة في حاجة الي إدارة نقاش تشرح من خلاله ويشرح من خلاله العلماء ما هي الجمعيات العلمية وما هي أهميتها بالنسبة لمصر حتي لا نفاجأ في يوم بكارثة تسئًالي سمعة مصر دوليا سوي اوهام ينسجها او تتخيلها بعض. اجهزة الدولة فلا سلطان علي العلم الا العلم ولا علاقة بإنعام الأمن بالعلم والا اصبحنا في مصر كحال العلم والعلماء في الصين في عهد ماو تسي في الصين وعلي وزراء الثقافة والبحث العلمي والتعليم العالي قيادة مشروع قانون لتحرير الجمعيات العلمية من قبضة الجمود والتخلف.