فك شفرة الترويج السياحى المصرى بأقالة رئيس هيئتها
بقلم : اشرف الجداوى
جاهدا اسعى دوما لمشاهدة الصورة عن قرب .. ولم احاول يوما من الايام ان اخذ مواقف مسبقة من مصدر ما فى عملى الصحفى او اصدر احكاما دون قراءة متأنية للمشهد .. فالضرورة تقتضى دائما ان اقف على مسافة واحدة من الجميع، والا انحاز لرأى بعينه او ادلى برأى فى قضية ما او موقف قبل دراسة وتمحيص لكافة جوانب المشهد حتى تكتمل اركان الصورة .. وهى ابجديات عملنا الصحفى.
ومن ثم فقد استغرقنى الهم العام والخاص ايضا بصناعة السياحة المصرية كمتخصص فى الكتابة فى شأنها، خلال الفترة الماضية وتحديدا الستة شهور الماضية منذ تولى وزير السياحة الجديد يحيى راشد مهمام منصبه خلفا لهشام زعزوع، والذى احسب انه كان شخصية مثيرة للجدل لم تشهد الوزارة فى بر مصر منذ انشاءها مثله .. جاء مع حكم الاخوان الذى ذهب بلارجعة، وتمسك به محلب فى وزارته الاولى ولاسباب غيرمعلنة قرر تسريحه سراحا غير كريم، وبعد ما لايزيد عن 6 شهور رجع الى الكرسى مرة اخرى، وذهب محلب ووزارته، وبقى زعزوع فى وزارة شريف اسماعيل، واذ فجاءة ولاسباب غير معلنة ايضا يتم تسريحه للمرة الاخيرة، بعد احتدام الجدل حوله على صفحات الفيس بوك بلا وقائع مقنعة على ارض الواقع ..!
ويأتى الوزير الجديد دون سابق خبرة بالقطاع او حتى معرفة من بعيد، ويعلن عن خطته التى تعتمد على محاور ستة سوف ينفذها خلال ال 6 شهور الاولى من قيادته للقطاع المنكوب بعد ان توالت عليه المحن والكوارث واحدة تلو الاخرى، وانهكته السياسة الدولية قبل ان تضربه مؤامرات الارهاب الدولى والمحلى، ولتلتهم البقية الباقية من الحركة السياحية نيران الحظر الروسى والانجليزى على مصر وكأنها الصيحة الواحدة وباتت مقاصدنا السياحية المختلفة كشهيم المحتظر ..!
واستبشر بعض منا الخير بظهر الغيب، ورأى البعض الاخر ان الوافد الجديد بلا استحقاقات للغير ولجماعات المصالح بالقطاع ومن ثم نجاحه مرهون بحركته الجادة والسريعة فالظرف ضاغط والازمة محتدمة والاخطار تدفع بالسفينة للغرق فى دوامة الركود السياحى .. وليحشد "راشد" جهوده بمحاوره ال 6 التى اعلنها عساه ان يحرك الساكن من الرياح لتعاود صوارى السفينة حركتها مرة اخرى جهة الانعاش والانتعاش لعموم مناطقنا السياحية جديد من.
ولكن الصورة الكاملة للمشهد السياحى المصرى وواقع الاحوال اجمالا بعد ستة شهور من توليه قيادة القطاع تشى بما لا يسر العدو قبل الصديق .. تراجع كارثى فى اعداد الحركة الوافدة لم تعرفه السياحة المصرية من قبل حتى فى احلك ايام عام الفوضى الشاملة 2011 وانحدار فى الايرادات قياسى، حالة شبه تجميد للحملات الترويجية والتسويقية والتنشيطية كاملة فى معظم الاسواق الرئيسية نتيجة لحالة التوتر الحكومى وانعدام الرؤية وعدم الاستقرار، وفقدان البوصلة لاولويات العمل الاقتصادى والقطاعات الاكثر احتياجا بالرعاية القومية، وكان نتائج هذا الهذيان الحكومى الرسمى كما شاهدنا وزير يخلع واخر يعين بدون مناسبة،
ومن ثم انجرفت هيئة تنشيط السياحة المصرية قسريا الى دوامة امواج عميقة كمثلث برمودا الشهير فى الاطلنطى ما ان تعقد النية لبدء الحملات التنشيطية والترويجية لتحسين صورة مصر فى الخارج .. بعد دراسات وابحاث سوق تستغرق الكثير من الوقت والجهد والمال، الا انها تعود مرة اخرى للمربع رقم صفر نتيجة لتغيير الوزير مما يعنى تغيير الرؤى والافكار، ففى النهاية المسئولية تقع على الوزير امام الحكومة والبرلمان، وما من بد ان يحاول ان يفرض رؤيته على خطط الوزارة ومرؤسيه ولاعزاء لجهودهم التى تذهب ادراج الرياح ليعاودوا الكرة من جديد، وخلال 6 شهور باتت الحيرة سيدة الموقف داخل اروقة الهيئة قرارات تأخذ ويتم الرجوع فيها دون مناقشة وقرارات اخرى ترجئ لاجل غير مسمى لاسباب مجهولة .. ووزيرا لم يسعى الى دخول الهيئة والاجتماع بالمسئولين هناك الا بعد 4 شهور بالتمام والكمال من توليه مسئولية الوزراة .. ونسى او تناسى ان جل مسئولياته فى الظرف الضاغط الحالى هو التنشيط والترويج للسياحة المصرية المأزومة عبر ادوات اهمها تلك الهيئة المنوط بها تلك المهمة ومكاتبها الخارجية التى بات مدراءها يحرثون فى البحر ..!
وفى النهاية وبعد ان اوشك الموعد المحدد الذى ضربه "راشد" لاستعادة الحركة السياحية الى مصر على الانتهاء فترة ال 6 شهور بات كالمنبت لا ارضا قطع ولاظهرا ابقى" كما يقول الحديث الشريف ، وقرر دون سابق انذار وبدون مقدمات ان يخلع رئيس الهيئة ويأتى بصديق له "مستشاره مؤخرا "وكأن القصة برمتها تتمحور فى اقالة رئيس الهيئة المنكوبة .. لعل هذا القرار الصدمة يشغل الوسط السياحى لفترة ما والصحافة والاعلام المصرى عنه وعن محاوره لإعادة السياحة إلى كامل طاقتها مرة أخرى.. بدلا من انتظارهم لنتائج افكار ورؤى ووعوده بعد انقضاء ال 6 شهور المزعومة من توليه المسئولية كوزيرا للسياحة لم يثبت عليه فى يوم من الايام انشغاله بالعمل العام السياحى او التنشيط والترويج لمصر لاسمح الله …
هل كانت المشكلة فى عموم احوال مصر السياحية "رئيس هيئتها للتنشيط" فيتم اقالته بطريقة غير لائقة بين ليلة وضحاها! وهل بأقالة رئيس الهيئة تم فك شفرة استعادة الرواج السياحى والانتعاش مرة اخرى الى السياحة المصرية!
من الواضح ان السياحة المصرية وهمومها فى واد والوزير ومحاوره ال 6 فى واد اخر .. نحن الحقيقية معالى الوزير "محلك سر"!